المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال للدكتور ((عايض القرني ))عن رحلته العلاجية في باريس



محمد أحمد الفلو
18-05-2008, 01:55 AM
لا أعلم ان قرأ أحدكم هذه المقاله للشيخ عائض القرني منذ زمن عن رحلته العلاجيه الى باريس ... واليوم قرأت مقالا للشيخ محمد بن موسى الشريف (أحسب أنه الشيخ الذي يقدم حلقات عن تاريخ الدول الإسلاميه ) ...

يكثر الشيخ عائض من المديح للفرنسيين ... ويكثر الشيخ محمد بانتقادهم و ذمهم ... وقد أحببت أن أنقل المقالين لأقف على آراء أعضاء المنتدى وخصوصا أن أكثرهم قد عاش جزءا من حياته قي فرنسا

محمد أحمد الفلو
18-05-2008, 01:59 AM
د. عائض القرني

أكتب هذه المقالة من باريس في رحلة علاج الركبتين وأخشى أن أتهم

بميلي إلى الغرب وأنا أكتبُ عنهم شهادة حق وإنصاف ، ووالله إن غبار

حذاء محمد بن عبد الله ( صلى الله عليه وسلم ) أحبُ إليّ من أميركا

وأوروبا مجتمِعَتين . ولكن الاعتراف بحسنات الآخرين منهج قرآني ، يقول

تعالى: « ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة ».

وقد أقمت في باريس أراجع الأطباء وأدخل المكتبات وأشاهد الناس وأنظر

إلى تعاملهم فأجد رقة الحضارة ، وتهذيب الطباع ، ولطف المشاعر ،

وحفاوة اللقاء ، حسن التأدب مع الآخر ، أصوات هادئة ، حياة منظمة ،

التزام بالمواعيد ، ترتيب في شؤون الحياة ، أما نحن العرب فقد سبقني

ابن خلدون لوصفنا بالتوحش والغلظة ، وأنا أفخر بأني عربي؛ لأن القرآن

عربي والنبي عربي ، ولولا أن الوحي هذّب أتباعه لبقينا في مراتع هبل

واللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى . ولكننا لم نزل نحن العرب من الجفاء

والقسوة بقدر ابتعادنا عن الشرع المطهر.

نحن مجتمع غلظة وفظاظة إلا من رحم الله ، فبعض المشايخ وطلبة

العلم وأنا منهم جفاة في الخُلُق ، وتصحّر في النفوس ، حتى إن بعض

العلماء إذا سألته أكفهرَّ وعبس وبسر ، الجندي يمارس عمله بقسوة

ويختال ببدلته على الناس ، من الأزواج زوج شجاع مهيب وأسدٌ هصور

على زوجته وخارج البيت نعامة فتخاء ، من الزوجات زوجة عقرب تلدغ

وحيّة تسعى ، من المسؤولين من يحمل بين جنبيه نفس النمرود بن

كنعان كِبراً وخيلاء حتى إنه إذا سلّم على الناس يرى أن الجميل له ، وإذا

جلس معهم أدى ذلك تفضلاً وتكرماً منه ، الشرطي صاحب عبارات مؤذية

، الأستاذ جافٍ مع طلابه ، فنحن بحاجة لمعهد لتدريب الناس على حسن

الخُلُق وبحاجة لمؤسسة لتخريج مسؤولين يحملون الرقة والرحمة

والتواضع ، وبحاجة لمركز لتدريس العسكر اللياقة مع الناس ، وبحاجة

لكلية لتعليم الأزواج والزوجات فن الحياة الزوجية.

المجتمع عندنا يحتاج إلى تطبيق صارم وصادق للشريعة لنخرج من

القسوة والجفاء الذي ظهر على وجوهنا وتعاملنا . في البلاد العربية يلقاك

غالب العرب بوجوه عليها غبرة ترهقها قترة ، من حزن وكِبر وطفشٍ

وزهق ونزق وقلق ، ضقنا بأنفسنا وبالناس وبالحياة ، لذلك تجد في غالب

سياراتنا عُصي وهراوات لوقت الحاجة وساعة المنازلة والاختلاف مع

الآخرين ، وهذا الحكم وافقني عليه من رافقني من الدعاة ، وكلما قلت:

ما السبب ؟

قالوا: الحضارة ترقق الطباع ، نسأل الرجل الفرنسي عن الطريق ونحن

في سيارتنا فيوقف سيارته ويخرج الخارطة وينزل من سيارته ويصف لك

الطريق وأنت جالس في سيارتك ، نمشي في الشارع والأمطار تهطل

علينا فيرفع أحد المارة مظلته على رؤوسنا ، نزدحم عند دخول الفندق أو

المستشفى فيؤثرونك مع كلمة التأسف ، أجد كثيراً من الأحاديث النبوية

تُطبَّق هنا ، احترام متبادل ، عبارات راقية ، أساليب حضارية في التعامل

بينما تجد أبناء يعرب إذا غضبوا لعنوا وشتموا وأقذعوا وأفحشوا ، أين

منهج القرآن: « وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن » ، « وإذا خاطبهم

الجاهلون قالوا سلاما » ، « فاصفح الصفح الجميل » ، « ولا تصعّر خدّك

للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور ،

واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير »

. وفي الحديث: « الراحمون يرحمهم الرحمن » ، و « المسلم من سلم

المسلمون من لسانه ويده » ، و « لا تباغضوا ولا تقاطعوا ولا تحاسدوا »

. عندنا شريعة ربّانيّة مباركة لكن التطبيق ضعيف ، يقول عالم هندي:

( المرعى أخضر ولكن العنز مريضة ) .

محمد أحمد الفلو
18-05-2008, 02:01 AM
كتب الشيخ د. عايض القرني مقالاً في جريدة الشرق الأوسط بتاريخ الخميس 7 صفر 1429هـ عن رحلته العلاجية إلى باريس، وذكر فيه أنه وجد في الناس في باريس في أماكن ذكرها "رقة الحضارة، وتهذيب الطباع، ولطف المشاعر، وحفاوة اللقاء، وحسن التأدب مع الآخر" إلى آخر ما ذكره لكن "في البلاد العربية يلقاك غالب العرب بوجوهٍ عليها غبرة ترهقها قترة، من حزن وكبر وطفش (كذا) وزهق ونزق وقلق" إلى آخر ما قاله.

ولي وقفات مع ما قاله بإيجاز وفقه الله تعالى، ونفع به:

1. قد زرت فرنسا عشرات المرات منذ ربع قرن إلى الآن واختلطت بفرنسيين كثر في فرنسا وخارجها، فلم أجد في أكثر من خالطت ما ذكره الشيخ من "رقة الحضارة وتهذيب الطباع، ولطف في المشاعر، وحفاوة اللقاء، وحسن التأدب مع الآخر" بل وجدت عكس ذلك في مواقف كثيرة سطرتها في ذكرياتي، ومن المعروف عنهم في أوروبا أنهم ـ في الجملة ـ من أسوأ شعوبها تعاملاً مع الأجانب، وما أمر فرنسا في الجزائر وسائر مستعمراتها عنا ببعيد، حيث أذاقوا المسلمين الويلات، وساموهم سوء العذاب، وعاملوهم معاملة العبيد بل البهائم، وهذا ليس منذ قرون بل هو في النصف الثاني من القرن الفائت أي منذ أقل من خمسين سنة، وقبل ذلك بمئات السنين إلى التاريخ المشار إليه ذاق المسلمون من فرنسا الويلات ورأوا من "حضارتها" صوراً من الهول والعذاب الذي لا يحتمل، وهم إلى اليوم تأبى عليهم حضارتهم ورقتهم وتهذيبهم أن يعتذروا للمسلمين في الجزائر عما صنعوا بهم.

والعجيب الذي هو غير مفهوم أبداً من صنيع البرلمان الفرنسي ـ الذي هو ممثل للشعب "الحضاري والمهذب والرقيق واللطيف" ـ أنه أقر أن ما حدث للأرمن في تركيا أثناء الحرب العالمية الأولى إنما هو جرائم إبادة، ثم إنه لا يريد إلى الآن أن يعتذر ولا يعترف بجرائم الإبادة الهائلة التي صنعوها في الجزائر طوال قرن وثلث قرن!! نعم إن هناك من الفرنسيين من حاله كما ذكر الشيخ لكني أنكرت هذا التعميم، وأنكرت عدم ذكر الوجه الآخر القبيح، لأن في هذا تلبيساً على أجيال المسلمين الناشئة.

2. وقد فات الشيخ أن يذكر أن حضارة فرنسا ورقتها وتهذيبها إنما هي بارزة للزائر العجل، وللنازل ذي الحاجة السريعة والمار دون المقيم فيها، العارف بأحوال أهلها والمقيمين فيها، وما حال العرب المهاجرين الساكنين في ضواحي باريس منا ببعيد، وما حال أخواتنا في فرنسا التي أجبرتهم حضارة فرنسا ورقتها وتهذيبها على نزع حجابهن في المدارس، وصرن "متضايقات وقلقات وغير مبتسمات" بسبب القرار الفرنسي.

3. فرنسا مؤيدة لدولة المسخ اليهودية في المحافل الدولية، وهي التي لا يُسمع منها كلمة نكير واحدة لما يجري على إخواننا في غزة، ولو كان لها حضارة حقيقية ورقة في الطباع وتهذيب في الخلق لأنكرت ما يجري من مذابح على إخواننا في فلسطين وغير فلسطين، لكن أبت عليها حضارتها ورقتها وتهذيبها فعل ذلك، وساندت المحتل الغاصب منذ سرقته فلسطين إلى يوم الناس هذا، ولم تأبه بما لامس آذانها من صيحات إخواننا المنكوبين بالاغتصاب اليهودي، وهنالك أحد عشر ألف سجين فلسطيني لم تكترث فرنسا لهم، ولم تتحرك رقتها لأجلهم، وموقف فرنسا ورئيسها ميتران من البوسنة ومذابحها، وتآمرها على المسلمين هناك لا يخفى على المتابع.

ولئن قيل إن تلك هي مواقف الحكومة الفرنسية فأقول: وأين البرلمان الممثل للشعب؟ ولماذا لا نسمع منه أي صرخة نكير لما يجري على المسلمين على أيدي حكومة بلادهم وحكومات الغرب الأخرى. وأتمنى أن يرجع القارئ العربي والمسلم إلى مواقف مثقفي فرنسا من إرادة الجزائريين الاستقلال من الاستخراب الفرنسي البغيض، حيث ذهب كثير من كبار مثقفي فرنسا إلى وجوب عدم إعطاء الجزائريين حقوقهم، وهذا أمر معلوم، وإنما ذكرت الجزائر مثالاً وإلا فلفرنسا قبائح في بلاد إفريقية وآسيوية كثيرة ومواقف أكثر أفراد شعبها من تلك المآسي والقبائح هي مواقف سلبية.

4. قد ذكر الشيخ الفاضل أن غالب العرب يلقاك "بوجوه عليها غبرة ترهقها قترة من حزن وكبر ..." وأقول له ليتك ذكرت الأسباب، وأنا أذكر بعضها لأهميتها في هذا الباب:

أ. أغلب العرب لا يكاد يجد قوت يومه إلا بشق الأنفس، وهو مخير بين أن يكون مرتشياً سارقاً مختلساً أو أن يعمل قرابة ست عشرة ساعة في اليوم والليلة ليجد لقمة عيشه، فأنى له الابتسام ؟ وكيف يُطلب منه ذلك ؟ ولكن لأني والشيخ ومعنا بضعة ملايين قد أسبغ الله علينا من نعمه العظيمة في هذه البلاد فلربما لا ندري ماذا يحصل على إخواننا في أكثر البلاد العربية.

ب. كثير من العرب في الدول البوليسية التقدمية الثورية لا يستطيع أن يأمن على نفسه وأهله وأولاده، ولا يستطيع تطبيق كثير من جوانب الشرع المطهر في نفسه وأهله وأولاده، وينزع الحجاب في تونس من على رأس زوجه وبناته في الشارع، وتمنع بناته من الدراسة في المدارس والجامعات إلا بعد نزع الحجاب، ولو داوم على صلاة الجماعة هناك وفي بعض البلاد ينكب، فكيف نريد من مثل هذا الابتسام والرقة واللطف؟

جـ. كثير من العرب في فلسطين ولبنان وسورية مهددون باجتياح يهودي لئيم لبلادهم فكيف تريد منهم ألا يقلقوا أو يضيقوا بحياة الذل هذه؟ وإخواننا في العراق يعانون أشد المعاناة من أخت فرنسا في "الرقة والحضارة والتهذيب" أمريكا فكيف يفرحون؟!

د. كثير من العرب يعانون من حكام عسكريين أو أمثال العسكريين يسومونهم سوء العذاب، ويسرقون أقواتهم، ويضيقون على معايشهم وأرزاقهم، وينشرون فيهم الخوف والقلق، والسؤال الكبير: من فرض هؤلاء على رقاب كثير من العرب؟! لقد جاء على ظهر دبابة !! نعم، هذا صحيح، وأنا أعلم أن الشيخ عايضاً يعلم أن هؤلاء الحكام إنما وضعتهم في مناصبهم دول الغرب وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا وفرنسا "المهذبة الرقيقة الحضارية" وهذه الدول هي التي تمنع أكثر الشعوب العربية اليوم من نيل حقوقها الانتخابية، ومن ممارسة الديمقراطية الحقيقية التي تتغنى بها فرنسا وغير فرنسا كذباً وعدواناً وإيهاماً للشعوب وإذلالاً وإفقاراً، ومحاصرة للتيار الإسلامي في تلك البلاد المنكوبة بحكامها الظلمة، ولم نسمع من فرنسا حكومة وبرلماناً –وهو الممثل للشعب الحضاري ـ أي نكير في هذا الباب.

هـ . وهناك سؤال مهم بل مهم جداً: أليس فرنسا -وأمثال فرنسا- من الدول الاستخرابية الغربية التي تقف حجر عثرة ضد "سعادة" أكثر الشعوب العربية والإسلامية برفضها تطبيق الشريعة، ومعارضتها تولي الإسلاميين مقاليد الحكم في بلاد مثل مصر وتونس وفلسطين، وهل ننسى خطبة لساركوزي بعد أن تولى الحكم في بلاده عندما قال معلقاً على أحداث غزة وسيطرة أبطال حماس عليها ومعترضاً على تولي حماس مقاليد الحكم في غزة: هل تقبلون أن يحكم الإخوان مصر؟! وفي هذا القول من اللؤم والتحريض ما لا يخفى على أهل البصائر.

وخلاصة ما أردت قوله: إن هناك أسباب مهمة جداً جعلت أكثر العرب لا يعرفون الابتسامة أو ينسونها، وهناك أسباب مهمة جداً جعلت أكثر العرب يضيق ويقلق، وهناك أسباب مهمة جداً جعلت أكثر العرب تضجر وتمل، وعلى رأس تلك الأسباب مؤامرات الدول الاستخرابية الكبرى ضد شعوبنا العربية، ومن هذه الدول ذوات الكيد العظيم فرنسا، ولست ممن ينحاز دوماً لنظرية المؤامرة لكن وضح الصبح لكل ذي عينين، وظهر أن ديمقراطيتهم الزائفة، وحضارتهم المزعومة ورقتهم وتهذيبهم إنما كل ذلك سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاء لم يجده شيئاً، وفي أحسن الأحوال إنما ينصرف كل تلك "الحضارة والرقة والتهذيب"، إلى مواطنيهم وإلى بعض من نزل عندهم نزولاً عابراً، لكن ذلك لا يغير من الحقائق شيئاً.

وأخيراً أرجو ألا يغضب أخي الشيخ عايض -فمودتنا قديمة ثابتة- فإني قد أردت إكمال ما جاء في مقاله لا نقضه من أساسه، والله الموفق.

أبو حسن
18-05-2008, 09:18 AM
أزيدك هذه المقالة الثالثة


تنبيه الخائض في رحلة الشيخ عائض

بقلم عبد الرحيم الوهيبي

لمع اسم الشيخ / عايض القرني في التسعينات كداعية وخطيب أثر على جيل من شباب الصحوة، لما أوتي من فصاحة وبيان، وأسلوب مميز في الخطابة، بالإضافة لعوامل أخرى تمثلت بتزامن بروزه مع جيل علماء الصحوة آنذاك، ولا ريب أن جيلاً من شباب الصحوة يدينون بكثير من الفضل للشيخ عايض في التأثير عليهم والأخذ بأيديهم لطريق الاستقامة، وفي حقبة ما بعد الإيقاف الطويل عن الدعوة، والتي عانى فيها الشيخ عايض معاناة نفسية مريرة، انفتحت كوة الهامش الدعوي له ولزملائه للحاجة الماسة لشعبيتهم ووزنهم إزاء تيار العنف الذي دهمت أخطاره الأمنية والفكرية البلاد، خاصة بعد انحسار شعبية المؤسسات الدينية الرسمية برحيل العالمين الجليلين (ابن باز، العثيمين).

وتزامن هذا كله مع مراجعات علماء الصحوة لخطابهم الدعوي، وقد شملت هذا المراجعات الشيخ عايض، ولما عُرف به الشيخ من التلقائية، والارتجالية، مع عدم قراءة الواقع قراءة دقيقة مستفيضة، فقد سُهل على الكثيرين استثمار طيبة الشيخ وبساطته لخدمة أهدافهم، فنجح الخطيب المفوه أن يوظفه في حملة علاقات عامة لتطبيع الأوضاع الحالية، ثم رأينا تلك المخرجة التلفزيونية تستجر الشيخ لفتوى عن كشف الوجه وإجراء لقاء معه في منزله.

الأمر الذي استلزم أن يعاتبه رفاقه من شيوخ الصحوة ليعقب ذلك بالتراجع ثم الاعتزال مع قصيدة هجائية ثم أعقب ذلك قرار العودة بسبب إلحاح من لم يسع الشيخ عايض رد طلبه، وقد سبق هذا كله لقاءات تلفزيونية مع ليبراليين نجحوا بذكائهم، وتلقائية الشيخ في جره لمواقف، وأقوال، لصالح مشاريعهم وأهدافهم دون أن يلحظ الشيخ هذا الأمر أو يتفطن له.

وقبل أيام قليلة عاد الشيخ عايض القرني مع مجموعة من المشايخ من رحلة دعوية وعلاجية من فرنسا دامت لأكثر من ثلاثة أشهر، وقد سارع الشيخ في تدوين انطباعاته من هذه الرحلة عبر مقالة (شكراً فرنسا)، التي نشرت في صحيفة الشرق الأوسط، ولقاء تلفزيوني في قناة المجد وقد رصدت بعض النقاط التي تحدث عنها الشيخ، فأحببت مناقشة بعض ما جاء فيها عبر وقفات ثلاث:

أولاً: بالغ الشيخ عايض في الثناء على حكومة فرنسا التي سهلت إقامة محاضراته وخطبه ودروسه دون مضايقات، وليس ثمة محذور شرعي في الثناء على غير المسلمين بما فيهم من الصفات الإيجابية، ولكن الشيخ أطلق أوصاف الثناء دون احتراز وغاب عنه أن الحكومة الفرنسية ملزمة بتطبيق قوانينها التي لا تحظر أي نشاط ثقافي أو ديني "عادة" بغض النظر عن مضامينه والقائمين عليه، فالحفاوة التي صورها الشيخ عايض إن وجدت لم تكن بسبب تقبل الحكومة الفرنسية للدعوة الإسلامية وترحيبهم بها كما أوحت عبارات الشيخ عايض، كيف يكون هذا ؟؟، وقد ضاقت فرنسا قبل سنوات بقطعة قماس وضعتها الفتاة خديجة على رأسها ومنعت المسلمات من التعليم في مدارسها الحكومية إلا بشرط التخلي عن الحجاب، وقبل أيام منعت قناة فرنسية طفلاً جزائرياً عمره 9 سنوات أن يشارك في برنامج أطفال، بسبب أن اسمه ( إسلام) !! فأين فرنسا المتحضرة الوديعة التي تتهلف لسماع صوت الدعاة كما ذكر ذلك شيخنا الفاضل، لست أريد من ذكر هذا المثال أن اختزل ( كل فرنسا) في تصرفات بعض أحزابها اليمينية، وإن كانوا اليوم يحكمون فرنسا فعلا، وشعبيتهم في كل أوربا في تصاعد، ولكن ما قام به الشيخ عايض من تقديم صورة وردية لفرنسا فيه مجافاة لواقع ذلك البلد وأمثاله من البلاد الأوربية...

ما أقسى على النفوس الأبية أن ترى شيخاً فاضلاً قضى في مضمار الدعوة إلى الله أكثر من عشرين عاماً يغرد بمحاسن الحضارة الغربية كما يغرد أي شاب غرٍ عاد بالأمس من بعثته الدراسية، وأما احتجاج الشيخ وأمثاله من الفضلاء بالثناء القرآني والنبوي على إيجابيات الكفار فلاشك أن النصوص الشرعية جاءت بهذا ولكن في سياق خطاب عام يعزز هوية المسلم ودينه وثقافته، وينعى على "الآخر" انحرافه وضلاله وعقله الذي قصر عن سبب حياته ووجوده، ولهذا فانتزاع النصوص الشرعية التي جاءت بالثناء على بعض الكفار وجعلها "منهجاً عاماً" لخطاب الدعاة، تخاطب الأمة من خلاله يعد خللاً منهجياً خطيراً يقذف بعامة المسلمين في أتون التبعية الثقافية للحضارة الغربية، وإن كنت أجزم أن هؤلاء الدعاة الفضلاء لم يقصدوا من ذلك شيئاً.

ثانياً: قارن الشيخ عايض حفظه الله في معرض ثنائه على فرنسا وحريتها بذكر مآسي المسلمين في دول المغرب العربي وما يجده الناس هناك من التضييق والتنكيل، ولو كان المتحدث ليبرالياً لأمكننا أن نجيبه بأن عقد المقارنة لا محل لها معنا معاشر الإسلاميين لأن هذه الأنظمة لا تزعم أصلاً أنها تتبنى المنهج الإسلامي في الحكم، وأن عقد المقارنة مع إغفال المنهج الإسلامي سيفضي ولاشك بتفوق الأنموذج الغربي، ولكن ما دام المقارنة جاءت من شيخنا الفاضل فإن لنا أن نسأله:

ـ من الذي زرع أنظمة الاستبداد في المغرب العربي، وثبت وجودها، ودعمها ضد إرادة الشعوب...

ـ من الذي وقف داعماً قوياً لجنرالات الموت في الجزائرالذين صادروا خيار الشعب، وكفروا بالديمقراطية عندما جاءت بإخوانك يا شيخ عايض!!

إنها فرنسا بلد الحرية والحضارة، التي دعمت أنظمة أحاطت بكلكلها رقاب المسلمين حتى فر صفوة شبابها عبر البحار والمحيطات فراراً بدينهم وإعفافاً لأهليهم فلقي المئات مصيرهم المحتوم طعاماً لحيتان البحر، وبقي الملايين في السجن الكبير، ونفذت قلة منهم عبر كوة الديمقراطية الزائفة، مدافعة عن كرامتها وثقافتها .. ثم تأتي شيخنا لتسبغ المدائح لفرنسا وحريتها وحضارتها ..!!

ثالثاً: تساءل الشيخ عايض بلهجة ساخرة عن منجزات العرب الحضارية في عالم المادة، وعقد مقارنة ساخرة بين (مزاين الإبل) في بلاد الخليج، ومصانع السيارات في فرنسا ...!!

وعجبي والله لا ينقضي من هذه اللغة الهجائية التي لا تستغرب من مثقف مسلوب الهوية، ولكنها تستغرب من الشيخ وأمثاله لا سيما والشيخ لا ينفك من الثناء خيراً على الكثير من الوجهاء والمتنفذين ...

كم نحن بحاجة شيخنا الفاضل للنظرة الفاحصة في أسباب تخلفنا الحضاري في عالم المادة، وأحسب أن هذا لا يتأتى علاجه بهجاء عامة المسلمين والثناء على حضارة الآخرين دون تحرز، إن العلاج الحقيقي يكون بأن نصدق مع أنفسنا وأن نشخص الداء، ونحمّل مسؤولية تخلفنا لمن بيدهم القدرة على التغيير...وأما الاتكاء على أريكة التنظير بهجاء عامة الناس أو عموم المثقفين الذين لا حول لهم ولا طول فهذا أمر ميسور هين ...وقصارى هذه الدعاوي أنها توحي للعوام أن هذا الداعية يقدم خطاباً معاصراً، كما أنها تشكل وقوداً فكرياً لعربة العلمنة والتغريب في عالمنا العربي ...

وقبل الختام، فلا أشك أن الشيخ عائض حفظه الله ما أراد إلا خيراً بأقواله وأفعاله ـ أحسبه كذلك والله حسيبه ـ ولكني أتمنى من الشيخ عائض أن يبقى في الميدان الذي تميز فيه وأحبه الناس من خلاله وهو ميدان الوعظ، والقصص والأدب، والسير، بعيداً عن المعترك الفكري والفضاء السياسي، الذي يجمع محبوه قبل مبغضوه أنه لا يحسن الخوض فيه، والمأمول من شباب الصحوة أن يلزموا جانب التوسط والاعتدال في موقفهم من الشيخ عايض القرني وفقه الله، فلا يقبل منصف أن يُتهم الشيخ في نيته ودعوته فإن هذا من الظلم، والبغي، والحرام البين، وكذلك لا يقبل من محبي الشيخ "ترميزه"، فقد شبت الصحوة عن الطوق، وما عاد بالإمكان ترميز كل من امتطى صهوة المنابر أو ملأ المكتبة بمداد المحابر.

أبو حسن
18-05-2008, 09:42 AM
باختصار، وبما أنني ممن عاشوا في فرنسة عاما كاملا، أقول:

لا شك أن الشيخ عائض وفقه الله وغفر له ينطلق في مقالته من منطلقات غير تلك التي ينطلق منها منتقدوه ...

برأيي، هو لا يقيم مقارنة مع الغرب داعيا المسلمين للإقتداء بهم، وإنما يقيم مقارنته متحسرا على المسلمين الذين هم أولى من الغربيين بحسن الخلق وطيب العشرة نظرا لما يأمرهم به دينهم الحنيف ...

أظن رؤية الموضوع من هذه الزاوية تحسم الإشكالية، والله أعلم

وقد قرأت مقالة الشيخ عائض هذه في نفس اليوم الذي نشرها فيه، ثم قرأت الردود عليها فلم أجد أحدا أنصفه في ردّه، علما أنني في الأصل من منتقدي الشيخ عائض، رغم محبتي له، وممن لا يوافقونه في كثير من طروحاته ...

وأعتقد، ولا أدري إن كان الأخوة في فرنسة ومنهم حميطون يوافقونني الرأي، أن من التنطع بمكان، ومن مجافاة الحق، القول أن الفرنسيين غير مهذبين كما يقول صاحب الرد الأول أو أنهم سيئون في التعامل مع الآخر (إجتماعيا) والإستشهاد على ذلك بفترة الإستعمار، وهذا كمن يقول أن الشعب السوري سيء مستشهدا بفظاعات ارتكبها الجيش السوري أثناء وجوده في لبنان !!!

لا شك أن هناك استثناءات، وأنا من خلال السنة التي قضيتها في فرنسة، أقول وأنا مطمئن البال، أنهم في غالبيتهم شعب لطيف مهذب ...

أنتظر رأي بقية الأخوة

محمد أحمد الفلو
18-05-2008, 03:08 PM
وأعتقد، ولا أدري إن كان الأخوة في فرنسة ومنهم حميطون يوافقونني


الله يبارك فيك عالمشاركه أبو حسن...
في جميع الأحوال ... يجب تناول الموضوع من ناحيتين :

معاملة الفرنسيين فيما بينهم ومعاملة الفرنسيين للأجانب

أما بالنسبة لمعاملة الفرنسيين لبعضهم البعض ... فإنك تجد في كلامهم تهذيبا مبالغا فيه فيما بينهم ... ليس أدل على ذلك من خلال معايشتي لهم حسن تعامل أساتذة الجامعات مع طلابهم وهو ما نفتقده كثيرا في بلدنا ... أو تهذيب الشرطة مع المخالفين ( خصوصا ال controleur في حال المخالفه بوسائل النقل ...) أو ...
أما بالنسبة للباعة ... فإن تهذيب بائع في طرابلس ( معلمي , شيخي, صحتين , على راسي , الله معك , تلبسن بالعافيه الخ) ... يفيض بدرجات قولتهم الوحيده ( au revoir, bonne appetit) ...
وختاما في هذه الناحيه ... فإن تعاملهم مع أهلهم وإخوتهم وأقاربهم يهدم برأيي كل ما قد يجده أحدنا من حسن تعاملهم فيما بينهم

أما بالنسبة لتعاملهم مع الأجانب ... فكما قال الشيخ محمد الشريف ( وقد فات الشيخ أن يذكر أن حضارة فرنسا ورقتها وتهذيبها إنما هي بارزة للزائر العجل، وللنازل ذي الحاجة السريعة والمار دون المقيم فيها،) فإنهم يتعاملون معك بتهذيب على قاعدة أنهم يستفيدون منك - كما هي حالة الشيخ عائض- أما أن تقيم عندهم دائما , فإنهم يكرهون ذلك ... وخصوصا ان نافستهم على أي شيئ في بلدهم ...

ولكنهم مضطرون لتقبل الأجانب لأنهم يعلمون أنهم مضطرون لذلك حتى تستمر مصانعم و مؤسساتهم في العمل ... و قد حدثني أخ مغربي ولد في فرنسا أنه كان يعزل في مدرسته هو والأجانب أمثاله عن الفرنسيين ويعاملون بطريقة دونيه .... وكذلك الحال في تعامل الشرطة مع المهاجرين


برأيي أن الفرنسيين يتكلمون بطريقة لبقه في بعض الأحيان ... ولكن هل يعلم الشيخ عائض كم مرة تذكر كلمة (merde , pu..., chier ما كملت الكلمات حتى المشرف ما يحذفن ... مع اني ما بحس انن جعدنه لأنن بالفرنسي) في كلامهم حتى يعلم درجة التهذيب عندهم ...


ولكنك حين تجد منهم تهذيبا ...فإن هذا الخلق يكون غالبا مدفوعا بالمصلحة ... حتى مع أهلهم ... وقد حدثت معي قصة في هذا السياق

كان صديقي في المكتب يساعدني مرة في تصليح ال CV وقد أمضى وقتا يعاونني في تصليح اللغة فيها ... وحين انتهينا تشكرته كثيرا على جهده فما كان منه الا أن جاوبني (tout est payer) ....

وهذا هو الدافع لحسن خلقهم أو مساعدتهم لك في جميع الحالات

وعذرا على الإطاله