المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دمعة في عيني عمتي!



أبو محمد القلموني
01-07-2008, 09:23 PM
هذه الأيام أرجع كل يوم إلى المنزل مساء ، فأبدل ملابسي و أخلو إلى مكتبتي مثقلا بالاسئلة ! حتى إذا حانت جلسة الشاي مع الأقارب أسرعت تسابقني لهفتي . أضع يدي في يدها و أنظر في وجهها الحزين لعلي أعثر على جواب لأسئلتي اليومية.

أحرص على أن لا أباغتها بسؤال مباشر عنه لأعطي لها فرصة مداراة دمعها. أفشل في كل مرة ثم لا أجد غير دمعها جوابا على أسئلتي!

يقولون : وحدها الاسئلة ترى أما الأجوبة فعمياء!

هل هذا هو السبب؟!

متى تبصر الأجوبة طريقها إلى أسئلتي لتستر شيئا من مفاتنها ؟! إلى متى ستظل أسئلتي مولعة بارتداء القصير الفاضح؟!

متى أرى البسمة على وجهها ؟ متى تختفي الغصة من حلق أحزانها؟

هل يرجع حقا ؟ هل سأضمه كما لم أضمه من قبل؟ كيف سيكون طعم عناقه يا ترى؟

خمسة عشر سنة و أنا جالس إلى مقعد الذكرى في صالة النسيان ! فهل يفاجئني طيفه اليوم فيها؟!

ماذا أقول له بعد كل تلك السنين؟ هل سينطق لساني بالصمت الذي كان يثرثر أمامه طويلا ، فيما هو يفترش الأرض ويحدثني عن كوكب سحيق غائر ! على وقع نشيده المفضل الذي ما كنت أحسب يوما أنه سيكون نشيج أيامه و لياليه!

لا زلت أذكر جيدا كل تلك التفاصيل التي تزدحم بها أروقة النسيان! لم و لن أنس يوما كيف كنت أجلس إليه و بين يديه مبهورا بكل حركة مأسورا بكل كلمة . أكتفي في أغلب الأحيان بالصمت الذي كان يختزن أجمل ما كنت أقوله له يومها . فهل كنت بذلك أهيئ نفسي لحوار الخمسة عشر سنة القادمة؟!

خمسة عشر سنة و أنا أعيش مع الاسئلة المبصرة و اليوم ما سبب ارتباكي؟! هل هو إقتراب وصول الجواب الأعمى؟!

منذ أيام و أنا أسأل أحد الإخوة عن شريط فريد سرسك والذي هو بعنوان ( أيا ريح الصبا) ! ولقد بحث عنه طويلا فلم يجده! دائما أفاجئه بسؤالي عن أشرطة موغلة في القدم إلى الحد الذي تستدعي معه سؤالا مبصرا جوابه معلوم العمى !

قبل أيام سألته عن شريط آخر فأتاني به بعد مدة. ثم في اليوم التالي وصلني خبر اقتراب عودة حبيب مغترب لم أره منذ سنوات طويلة!

ألهذا أنا متمسك اليوم بالبحث عن ذاك الشريط ؟ لتزف إلي البشرى حين أعثر عليه!

اليوم عصرا والدنيا تزحف باتجاه الظلمة زرت مركز القمة ، ولقد كان مظلما موحشا لا نور فيه.

سألته عن الشريط فجعل يبحث عنه في الظلمة ! هل يكون مفتاح تلك الزنزانة شريطا تواطأت على ستره ظلمتا المساء و الكهرباء لفرط نوره الخادش لكبرياء الظلام؟!

ثم عدت قبيل المغرب فوضعت يدي في يدها و نظرت إليها نظرة تختصر سؤالا فأجابتني على الفور بدمعة صامتة! قمت لبعض شأني و رجعت أحدق في عينيها بنظرة أخرى تختصر السؤال عينه فأجابتني عينها كذلك!!

حوار النظرات مع العين الدامعة هذا ، متى ينتهي؟!

لوهلة رأيت في فعلي هذا شيئا من السادية! لولا أنني وجدت عينيها تتبعني و تلقي في وجهي أجوبة الدمع الأعمى ! فهل هي التي تلتذ بالألم على الطريقة المازوشية؟!

كنت كلما عدت من غربتي أزوره في المعتقل حيث الاسئلة الخرساء و الأجوبة الصامتة!

خلف قضبان الزمن يقبع جسد أنهكته تلك الأسئلة و تعب هو من أجوبة الصمت الدائمة ! يحسب صمته بلا صوت ولم يدر أن الواقف عند الطرف الآخر للذاكرة على مسافة جواب أعمى ، يسمع صوتا هادرا مدويا يزلزل الأنحاء! حتى أنني هممت أكثر من مرة أن أكسر صمتي وأطلب إليه أن يخفض صوته!

في ختام كل لقاء كان يكرر نفس الكلمات ! يخرجها من بئر وجدانه الذي يغذيه نهر الذكريات الغابرة ، و يرمي بها على مسامعي المتعطشة إلى كل حرف يلفظه! فتزيدني إحتراقا يلهبه صمتي المرتبك!

مرتبك أنا كلما زرته ، أنتظر بمرارة موعدا ضربه لي قبل خمسة عشر سنة ! هو الذي لم يتعود أن يخلف معي موعدا ، مضى إلى معتقله قبل الموعد المضروب بأيام قليلة! لكنني ذهبت إلى هناك و انتظرته طويلا حيث كنت ألتقيه ! ثم لم يأت ! فهل يأت اليوم؟!

بي شغف إلى حديث كان بدأه معي ذات ذكرى فوق السطح في مواجهة النجم . ثم انتظرته أنا و النجم طويلا إلى أن رأينا استئنافه في غيابه . فهو لأهميته لا يحتمل تركه طويلا في مساحة الإنتظار على شرفات الذاكرة. فخضنا فيه و أوغلنا في اتجاهات شتى ابتعدت بنا عن ما ابتدأه ! حتى لكأنه حديث آخر غير الذي أراد! لكن أينا المصيب؟! وهل ثمة احتمال أن يكون النجم قد أسر له ببعض ما وصلنا إليه؟!

متى ينعتق من أسره لأنهال على عينيه أسئلة صامتة ؟!

روعة
01-07-2008, 09:55 PM
اللهم أقر قلبها وعينها به

...
..
.

اشرف
02-07-2008, 02:14 AM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته...


أما والله انك أحرجت من سيكتب بعدك

من اين ابدأ و مقالك كله تتقافز كلماته روعة و أناقة ....

يعلم الله أني سعيد بما قرأت وسأ خبر الاصدقاء والاحباب لأني احب لأخواني ما أحبه

لنفسي ....

عندما فرغت من مقالك أحسست بمعنى العجز فأردت أن أكتب فلم تقوى يدي على

الحراك ... ولسان حالها يقول ... ويحك يا متطفل مالك ولهذا ...

أعذرني سأذهب لأقرأ مقالك مرة أخرى ......

شرشبيل
03-08-2008, 07:23 PM
أيا ريح الصبا
أيا ريح الصبا
خُذني لبيت المقدس
وأخبرني عن الأحباب
أخبرني عن الأحباب
في يافا.. وفي حيفا.. ونابُلسِ
.:.:.:.:.:.:.
سأقرأ سورة الإسراء
فوق شواطئ النهر
أحدق في عُيون الشمس
أبحث عن محار البحر
عن ياقوتة القدس
.:.:.:.:.:.:.
أيا ريح الصبا
خذني لبيت المقدس
وأخبرني عن الأحباب
أخبرني عن الأحباب
في يافا وفي حيفا ونابلس
.:.:.:.:.:.:.
خذيني يا رياح الوجد
ذُرِّي في الحمى رُوحي
وشُدّيني إلى نفسي
لأني كدّتُ أنأحيا
شريد الروح والنفس
.:.:.:.:.:.:.
أيا ريح الصبا
أيا ريح الصبا
خُذني لبيت المقدس
وأخبرني عن الأحباب
أخبرني عن الأحباب
في يافا.. وفي حيفا.. ونابُلسِ

أبو محمد القلموني
04-09-2008, 03:07 PM
زارني طيفه مساء باسما لي باستهزاء فاضح . نهضت من بين ركام الأوراق تبعته بخطى متعثرة بأسئلة صامتة. دخل زنزانته و أقفل عليه الباب و أومأ لي بطرفه أن أقف على الطرف الآخر محترما مسافة الجواب الأعمى!

أشار لي بكلتا عينيه إلى زاوية الأرقام ، مررت بلمحة على خمسة عشر خطا . في كل خط اثنتا عشرة مجموعة . في كل مجموعة تسعة و عشرون جوابا أعمى و سؤال مبصر واحد. لم أقرأ الأسئلة فأنا أعرفها جيدا و أحفظها عن ظهر قلب.

بعد الخط الخامس عشر فاصل طويل ثم مجموعة تواريخ و في مقابل كل منها علامة استفهام لا يتصدرها سؤال ، و ليس ثمة مساحة فارغة قبلها لكتابته لاحقا!

نظرت إليه و إذا بدمعة تقفز إلى وجنتيه صارخة هادرة ، هبت كريح عاتية اقتلعت كل ما قد علق بي من أوراق و رمتها بعيدا !

أطرقت رأسي و ثبتت في العاصفة متمسكا بقضبان الزنزانة و برائحة مطر لم يهطل! . حتى إذا هدأت العاصفة قليلا جعل بركان خامد في داخلي يتحرك شيئا فشيئا .

نهضت متمسكا بالقضبان . تفرست في وجهه و دمعته . رفعت رأسي ، خلعت رداء الصمت و ألقيت به في مهب الريح الآفلة. و أخذت أصرخ من أعماق فؤادي :

إسمع ! أنا لم أعد ذلك الخجول الذي يخنقه الضوء و تدفئه العتمة ! لقد آن الأوان لأحدثك فتصمت و أواعدك فأخلف و تقترب فأبتعد و تظهر فأتوارى!

كأني بك الآن تريد أن تشير إلى تلك الأرقام فتسلسل بها لساني و تخفت بها صوتي! و لكن هيهات! فقد ولى زمن كنت فيه الصامت المتلقي و جاء زمن سأصرخ فيه و ألقن. و لتسمع الدنيا كلها معك بمن فيهم أولئك الأقزام الذين يعرفون أنفسهم جيدا!

من أجل ابتسامة غصبوها من ثغرها لا من أجل ابتسامتك الهازئة بي ! من أجل دموع تجري من عينيها لا من أجل دموعك ! من أجل غصة أحرقوا بها حلقها لا من أجل غصصك! من أجل قلب أشعلوه بالحرائق لا من أجل زنزانتك!

لا تحدثني بعد اليوم عن تقصيري في حقك بل لن أسمح بغير الحديث عن حقها هي! ما ذنبها ؟ و بأي حق توأد ابتسامتها ؟ و يخنق صوتها و تقتل فرحتها؟! بأي منطق أرعن تسجن ضحكتها في زنزانة منفردة للإنتظار العبثي؟!

أي قانون أخرق مغتصب متسلط يبيح لنفسه حرق أنفاسها بلهيب الغصص المستمر؟!

من ذا الذي يدعي في العلم منزلة فيفتي بالتسلط و يشرع الإستعباد و يطلق أقزامه العبيد ليكتبوا له بأصابعهم المهترئة توسلا ، شهادات في الجهل المركب؟!

ألا فلتسمع الدنيا ومعها هؤلاء الأقزام القذرون :

ألا مهما اشتد ليل القذارة فلن نتوقف للحظة عن انتظار صبح الطاهرين. لن نعترف بحق أحد بالتسلط علينا . لا شرعية للغاصبين و لا مكانة للجهلة الأغبياء .

نحن بدين الحرية ندين ، فلن نتعبد في غير محرابه و لن يكرهنا أحد على أن نعتقد في الحقيقة غير ما هي عليه مطابقة. سيبقى إدراكنا الجازم مطابقا للواقع و لن تغيره أقلام العبيد الأقزام المهترئة ذلة و حقارا!

ألقيت كلماتي هذه بلا منبر أقف عليه. إذ متى كانت الزنازين تحتوي منابرا للكلمة ؟ وهل في الوطن كله اليوم منبر للكلمة حتى أبحث عنها في عنابر اللكم والركل؟!

قفلت راجعا إليها فإذا بها متمددة . اقتربت منها لأجد عينيها مفتوحتين محدقتين في المجهول الآتي و بين الفينة و الفينة دمعة تخرج من أسر حزنها إلى حرية الفناء. هل هي التي تشفق على تلك الدموع فتحررها واحدة بعد أخرى؟! أم أن تلك الدموع هي التي تخرج لتخفف و لو قليلا من لظى قلبها المستعر؟!

أنفاسها تخرج مسرعة و جمجمتها لا تهدأ شوقا إلى ذكريات معطرة بأنفاسه . ترى هل تستذكره الآن لما كان صغيرا في حجرها ، تحضن سريره بذراعيها و تستنشق عبير أنفاسه المتلاحقة و تتحسس نبضات قلبه الصغير؟!

أم تراها تكاد تقتلها اللهفة إليه يافعا يسعى بين يديها بحماقاته ثم يأوي إلى حضنها يستدر عطفا يتغذى به؟!

هل لازالت صور تلك اللحظات الأخيرة التي لم يودعها فيها ماثلة تؤرق جفن آمالها الساهرة؟!

متى يزورها النوم خلسة فيطبق جفنيها بهدوء و يرسم على وجهها ابتسامة هازئة؟!

محمد أحمد الفلو
06-11-2008, 06:25 PM
هل من مزيد ؟
وخصوصا أن الإنسان لا يستطيع تصور مرور الأخ بلال في شوارع لم يراها منذ 15 سنه !! ! هل تراه يصدق بأنه في القلمون و قد تغير فيها كل شيئ تقريبا ؟
أولادها صاروا شبابا و شبابها صاروا رجالا وشيبها ووروا في الثرى
ثبت الله قلبه وقلب محبيه في هذه اللحظات الصعبه

أبو محمد القلموني
09-11-2008, 04:39 PM
اقتربت مني في وسط الزحام ونحن نخرج من المسجد والتدافع على أشده ، الكل يتسابق عليه للسلام و المعانقة. قالت وهي تسدد ضربات كلامها إلى مرمى أذني : لماذا كل هذا؟ هل هو أهم من فلان؟ وذكرت إسم شخصية مرموقة في عالم السياسة اللبنانية. اتقيت حروفها بمهارة و ركلت لها كلمة كانت مباغتة و صاعقة إلى درجة أنني أحسستها و قد تشظت بها علامات تعجب و استفهام ، طغت على أصوات المفرقعات التي تشق الفضاء و تصم الآذان!

ثم مضيت دون أن ألتفت. فلم أقل ما قلته لأتابع الحديث. فثمة كلمات نقولها لنفتتح الحديث و ننهيه دفعة واحدة. فلا يكون في نيتنا حينها أن نفهم الآخر بل أن نصدمه.

نعم بلال هو أهم بلا شك. لأنه بنقائه و أصالته لا يزال أحد الشهود النادرين على حقبة مضت و زمن انقضى كان فيه التيار الإسلامي في القلمون متميزا و قويا و هادرا ، بصرف النظر عن قناعاتنا الخاصة بتفاصيل طرحه و أركان مشروعه الذي كان يقدمه للناس يومها! فقد نختلف معه في الكثير الكثير و نتفق معه في قليل قليل لكنه برغم ذلك كله يختزن جمالية معينة لا يزال لها سحرها الخاص و رونقها المتألق في نفوس الكثيرين. وقد ارتسمت اللوحة هذه المرة في شخص بلال من خلال حركته السريعة و لباسه الاسود و لحيته الممتدة و اندفاعه الساحر و عنفوانه الآسر ! لتعود مخيلتنا إلى ذلك التاريخ تستمطر وسمي ذكرياته العابقة ، فتهتز به قلوبنا و تربو و تنبت من كل زوج حنين بهيج!

فهل يحق لقريب أو بعيد أن ينكر علينا تذوقنا لجمالية هذه الصورة لمجرد أننا لا نتطابق مع ما تستبطنه من مفاهيم مجردة؟! ومتى كانت الذائقة شيئا يمكن فحصه و إخضاعه وتدقيقه بمجهر المنطق؟! أو ليس من حق المرء أن يعجب حتى ولو لم يقتنع؟! وهل ضربة الإعجاب لا تكون إلا بمطرقة المحاكمة العقلية وسندان المنطق الصارم؟!

في المسجد رأيت والدي يشق الصفوف بين المتزاحمين يعاونه أخي حتى إذا وصل إليه بكى ذلك البكاء الذي لم أشهده قبل اليوم سوى مرتين : مرة حين توفي جدي عليه رحمة الله و الثانية حين توفي عمي رحمه الله. فمكثت صورتا البكاء هاتين في أرجاء ذاكرتي طيلة فترة غربتي لا تبرحانها ، أتملى منهما و أتعلم و أعشق. و اليوم اكتسبت صورة ثالثة ملتهبة في شاعريتها إلى حد الجنون!

وفي منزل الأم كان اللقاء الأروع بكل مفرداته و بكل تداعياته ؛ في تفاصيله التي حدثت و في تلك التي لم تحدث بعد منتظرة دورها الذي حجز له القدر قبل سنوات طويلة مقعدا ، مستقبليا ضائعا ، على لائحة الإنتظار!

لقد مرت الدقائق مسرعة تضرب صفحة الزمن بعنف مولدة موجا يذهب في كل ناحية . فهل يضرب أحدها على صخرة في إحدى النواحي ليرتد إلينا زبده في المستقبل القريب!

ثم حان الوقت الذي كان يفترض أنه خصص للقاء أحبة تعودت لقاءهم كل أسبوع دون انقطاع. لقد كنت أريد أن اقول لهم شيئا فإذا بصوت بلال يقرع أذناي بما كنت سأتحدث به! لقد صعقتني كلماته لأنها كانت ستكون كلماتي! كيف استطاع أن يسرقها من ذهني؟! كيف امتدت يده في خفاء وخفة لتسحب من لساني ما كدت أفوه به ؟!
كلام في الصميم يختصر كل شيء ، يستلهمه بلال من عقيدة راسخة لا يزحزحها شيء ! لذلك كانت تخرج حية نابضة تهدم و تبني في ثوان قليلة ! أين منها كلماتي الميتة المتكلفة؟! بلال كان ينطق بشيء عاشه أما أنا فأنطق بما لا أريد أن أعيشه! وهذا هو الفارق الكبير!

ليت الإخوة كانوا معي ليستمعوا إلى كلماته! فلربما استطاع في تلك العجالة أن يبلغ في حديثه إليهم ما لم أستطع أن أبلغه طيلة تلك المدة الطويلة!

ثم في هذه الليلة كان الوفاء يكرم و يحتفى به في الزنزانة التي تركها بلال ! خمسة عشر سنة من البذل ثم إذا بالمكافأة شهر كامل يقضيه في نفس المكان الذي شهد آلام السجين طيلة كل تلك الفترة العصيبة!

هل دخل لأجل أن يعاين تلك الآلام؟! هل تعجل بلال في الخروج قبل أن يودعها فأناب أخاه عنه لهذه المهة العسيرة؟! هو الذي لم يرفض له طلبا واحدا قبل اليوم ، فلماذا يرفض اليوم طلبه الأخير؟!
أم لعل لهذه الزنزانة قدرا خاصا وهو أن لا تشغر للحظة واحدة؟! فإذا غادرها زيد حط فيها عبيد! و إذا جفاها بلال جبر كسرها خالد!

يا لله خمسة عشر سنة و هو يحلم بتلك الليلة التي يأتي فيها بأخيه ليسلمه إلى والدته فينظر ابتسامتها و يرتاح! خمسة عشر سنة قضاها بين سجن أخيه و دمع والدته . ثم في تلك الليلة يغادر دمعها إلى السجن و يخرج بلال من السجن إلى دمع الوالدة!

ولازلنا نرقب ذلك اليوم الذي يصيب فيه الجفاف بحر عينيها الزاخر! فهل يأتي؟! متى تضرب حواجز القدر و النسيان سدا منيعا بين بئر مقلتيها الغائر و نهر الزنزانة المتدفق؟!

وسيم أحمد الفلو
09-11-2008, 08:26 PM
للحقيقة مشاركة مميزة أخ أبو محمد

روعة
09-11-2008, 08:38 PM
ماذا يقول الأخ بلال عن الضيعة اليوم؟

هلا كتب للمنتدى؟

AbouRajaa
09-11-2008, 08:58 PM
قالوا في تعريف البلاغة
" البلاغة الإيجاز "
و قالوا
" ما كان القليل من الكلام كافياً لإيصاله ، فكثير الكلام فيه عَيّْ "
أخي أبو محمد لا فُضَّ فوك

Arsenic
17-12-2008, 01:03 AM
يا خيي والله تعبت.....