تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الدكتور عبد الوهاب المسيري.. وتبقى مسيرته



وسيم أحمد الفلو
18-07-2008, 01:22 PM
بقلم: فواز شوك
(...) لقد امضى الدكتور عبد الوهاب المسيري عمره كله في الدراسات والتأليف والمحاضرات والمؤتمرات والندوات والمقالات والنشاطات السياسية والاجتماعية، ورغم معاناته الشديدة مع المرض الا ان عزيمته وصبره كانا كفيلين بجعله اكثر نشاطاً وغزارة في الانتاج اثمرت عدة مؤلفات اضافة الى المحاضرات والمؤتمرات والندوات، ولم يغفل لحظة واحدة عن هموم المواطن المصري، بل شاركه هذه الهموم ونزل معه الى الشارع ليكون في طليعة المتظاهرين ضد الجبروت متألماً لآلام 80 مليون مصري، وقد احتجزته السلطات المصرية مع زوجته لبضع ساعات في 17/1/2008 خلال مشاركته في مظاهرة نظمتها حركة «كفاية» مع العديد من القوى السياسية الاخرى.

اما علاقته مع الادب فكان «حبه الاول» كما يقول، فقد قدم حوالى 15 عملاً ادبياً، ونشر عدة دواوين شعر، وقدم تسع قصص للاطفال، وله العديد من الدراسات والمؤلفات والترجمات في مواضيع متعددة مثل «حقيقة الحضارة الاميركية، والانسان والحضارة، والجمعيات السرية في العالم...»، وتعمق في موضوعات فكرية عن العلمانية وفكرة الاستنارة، وموضوعات فلسفية ولغوية، وترجمت الكثير من كتبه وابحاثه الى عدة لغات، وقد عقد المجلس الاعلى للثقافة بالقاهرة مؤتمراً في شباط 2008 عن المسيري بعنوان «مؤتمر المسيري..الرؤية والمنهج» حضره اكثر من ستين عالماً، وصدرت ابحاث المؤتمر على شكل كتاب عنوانه «الاستاذ الدكتور عبد الوهاب المسيري في عيون اصدقائه ونقاده»، ضمن سلسلة «علماء مكرمون» حيث تم تكريمه بمناسبة الكتاب العالمي باعتباره مؤلف العام على مستوى العالم العربي.

ان اكثر ما يميز المسيري عن غيره من المفكرين هو دراسته للظاهرة الصهيونية والدخول الى اغوارها، حيث اسهمت هذه الدراسة في تغيير الكثير من المفاهيم، ودفعت العديد من الباحثين على مراجعة افكارهم التي كانت بمثابة مسلمات راسخة في العقول، واصبحت نظرة المسيري لتلك الظاهرة من الأساسات المهمة للخطاب الاسلامي المعاصر بعد أن امضى أكثر من ربع قرن في دراستها، حيث اصدر عشرات الدراسات والمقالات عن اسرائيل والحركة الصهيونية، وكان اهم عمل قام به هو «موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية» التي تصنف من اهم الموسوعات العربية في القرن العشرين، فهي عمل ضخم يضم سبعة مجلدات، صفحات المجلد الواحد حوالى 450 صفحة، وتتناول الاحوال الاجتماعية والسياسية التي رافقت الجماعات اليهودية من قديم الزمن حتى وقتنا الحاضر، وتتضمن الموسوعة دراسة الشخصيات التي كان لها دور مؤثر في التاريخ اليهودي مثل نابليون وهتلر. وتتميز بأنها تقوم على اسس علمية. وقد خلص المسيري الى رفض فكرة «المؤامرة الصهيونية على العالم» واعتبر في احدى المقابلات ان هذه الفكرة مجرد اكذوبة «تلائم معظم الاطراف، فإسرائيل تستفيد كثيراً من هذا الفكر التآمري، لانه يضفي عليها من القوة ما ليس لها». واعتبر ان ما يسمى وثيقة «بروتوكولات حكماء صهيون» التي تؤكد ان اليهود خططوا للهيمنة على العالم هي وثيقة مزيفة وليست يهودية، و ان اصرارنا على نسبتها لليهود يأتي في اطار «فكرة المؤامرة» التي تسيطر علينا.

واعتبر المسيري أن الإيمان بالبروتوكولات يجعلنا نؤسس عقيدة الجهاد على أساس كره اليهود، ويرى أن الواجب أن نؤسس عقيدة الجهاد على أساس مواجهة الظلم، «فمن يظلمنا نجاهده»، موضحاً أن تأسيس الجهاد على أساس الكره «سيجعلنا نكرة اليهود اليوم والمسيحيين غداً ونكره من لا يتفق معنا بعد غد».

واعتبر أنه لا فرق بين الزعيم النازي الألماني «أدولف هتلر» الذي أراد أن يتخلص من اليهود و«أرثر بلفور» وزير الخارجية البريطاني الذي أصدر وعداً عام 1917 تتعهد فيه بريطانيا بتأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، قائلاً: «كلاهما كان يريد تخليص أوروبا من اليهود، ولكن هتلر لم يكن لديه مستعمرات خارجية؛ فأحرقهم، بينما بلفور كان لدية مستعمرات فأرسلهم إليها (فلسطين)».

وكان د المسيري دائماً يتحدث عن امكانية انهيار اسرائيل في مدة لا تتعدى خمسين سنة. وقد حدد عشر علامات تؤشر على أن زوال إسرائيل بات «وشيكا». ونفى المسيري لأحد المواقع الالكترونية «أن يكون لهذا التوقع علاقة بالتشاؤم أو التفاؤل، مشدداً على أنه يقرأ معطيات وحقائق يستقيها من الكتب والصحف الإسرائيلية. والعلامات العشر التي حددها المسيري هي: تآكل المنظومة المجتمعية للدولة العبرية، والفشل في تغيير السياسات الحاكمة، وزيادة عدد النازحين لخارج إسرائيل، وانهيار نظرية الإجماع الوطني، وفشل تحديد ماهية الدولة اليهودية. بالإضافة إلى عدم اليقين من المستقبل، والعزوف عن الحياة العسكرية، وعدم القضاء على السكان الأصليين، وتحول إسرائيل إلى عبء على الاستراتجية الأمريكية، نهاية باستمرار المقاومة الفلسطينية».

وقد تحدث عن موسوعته قائلاً: «بدأت كتابة الموسوعة وأنا في الخامسة والثلاثين من عمري، وكنت أعمل فيها ليل نهار.. أبدأ أحياناً في السادسة صباحاً ولا أنتهي إلا في الثانية عشرة مساء، وأستمر لمدة أسبوعين دون توقف، وعلى الرغم من تقدمي في السن، فإن حصتي من النشاط والصحة كانت آخذة في الازدياد بحيث كنت أكثر نشاطاً في الثامنة والخمسين مني في الخامسة والثلاثين».

هذا هو عبد الوهاب المسيري لقد ذهب وفي نفسه غصة لأنه كان يحضر لموسوعة جديدة عن «اسرائيل من الداخل» فعاجلته المنية ولم تتحق امنيته، كما انه رحل ولا تزال ارض الكنانة تتشوق لطعم الحرية، لقد رحل المفكر وبقيت افكاره، رحل العالم لتبقى أعماله، لقد رحل المسيري وتبقى المسيرة.

الفلسطينية
25-09-2008, 05:56 PM
ان للدكتور فضلا كبيرا علينا فهو الذي اهتم كل الاهتمام بالقضية الفلسطينية ونا قش امور الصهيونية