نور
24-07-2008, 11:50 AM
أسرار جديدة في حياة الشهيد صلاح شحادة
http://www.ikhwanonline.com/Data/2008/7/22/ikh15.jpgالشهيد صلاح شحادة
حوار- إيمان يس:
اغتالته القوات الصهيونية في 23 يوليو 2002 بقصفٍ جوي للمبنى الذي كان فيه، وقتلت معه زوجته وإحدى بناته مع عددٍ آخر من المدنيين معظمهم من الأطفال، وعُرفت هذه الحادثة بمجزرة "حي الدرج" وهو أحد أحياء غزة المكتظة بالسكان.
إنه القائد صلاح الدين مصطفى علي شحادة، المولود في مخيم الشاطئ يوم 24 فبراير 1952م وهو الأخ الأصغر لست بنات، نزحت أسرته إلى قطاع غزة من مدينة يافا بعد أن احتلتها العصابات الصهيونية عام 1948، وأقامت الأسرة في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين.
وفي عام 1958 دخل صلاح المدرسة الابتدائية التابعة لوكالة الغوث وهو في سن الخامسة، درس في بيت حانون المرحلة الإعدادية، ونال شهادة الثانوية العامة بتفوق من مدرسة فلسطين في غزة.
ولم تسمح له ظروفه المادية بالسفر إلى الخارج لإكمال دراسته العليا، وكان حصل على قبولٍ لدراسة الطب والهندسة في جامعات تركيا وروسيا.
والتحق بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية في الإسكندرية، وفي السنة الثالثة بدأ التزامه بالإسلام يأخذ طابعًا أوضح، تزوَّج عام 1976م، وهو أب لست بنات.
وفي الذكرى السادسة لاستشهاده يلتقي (إخوان أون لاين) أبو عبد الله البغدادي الذي رافق جميع قادة حماس، وكان مرافق الشيخ صلاح شحادة، وعايشه في محطات حياته جميعًا.
* كيف تعرفتَ على الشيخ صلاح شحادة؟
** تعرفت عليه تقريبًا عام 1984م عندما بدأتُ أعمل حارسًا في الجامعة الإسلامية وتقاربت القلوب وتوثَّقت العلاقة الأخوية.
ولكن الشيخ اعتُقل لأول مرة في 20 يونيو 1984م عندما أسس جهازًا عسكريًّا مع الشيخ أحمد ياسين، والدكتور إبراهيم المقادمة وأبو ماهر تمراز والدكتور أحمد شهاب وبعض الإخوة، وتم كشف هذا الجهاز وتم اعتقالهم لدى القوات الصهيونية.
ووجَّه العدو التهمةَ إليهم بالقيام بعمل جهازٍ عسكري إسلامي هدفه إزالة الكيان وإقامة دولة إسلامية، وحُكِمَ على الشيخ شحادة في هذا الوقت بسنتين ونصف السنة وعلى باقي إخوانه لمددٍ تتراوح ما بين عشرة أعوام إلى ثلاثة عشر عامًا.
http://www.ikhwanonline.com/Data/2008/3/22/ikh24.jpg
الشيخ الشهيد أحمد ياسين
* ماذا بعد خروجه من السجن؟ ** الشيخ شحادة بقي في السجن سنتين ونصف السنة، وخرج في آخر شهر ديسمبر عام 1986م ولم يخرج ليستريح أو ليتريث إنما كان قد سبقه في الخروج الشيخ أحمد ياسين الذي حُكم عليه بالسجن ثلاثة عشر عامًا أمضى منها فقط أحد عشر شهرًا، وخرج في صفقة تبادل الأسرى في شهر مايو 1985م فعادا معًا ليعملا مع بعضهما البعض وكوَّنا جهازًا عسكريًّا جديدًا كان اسمه "مجد" كنتُ أنا أحد عناصر هذا الجهاز.
وكان هدف الجهاز متابعة العملاء وضرب بؤر القوات الصهيونية في قطاع غزة، واستمر هذا الجهاز حتى عام 1986م وهو يعمل سرًّا وأعطى نتائج طيبةً؛ حيث قام الجهاز بخطف الجندي الصهيوني آبس بورفس وإيلان سعدون، وبعض العمليات لمتابعة بعض العملاء، وإطلاق النار على بعض الدوريات الصهيونية.
* سنتان واعتقل الشيخ شحادة.. كيف تذكر هذه الأيام؟
** اعتقل الشيخ صلاح شحادة للمرة الثانية في نهاية شهر سبتمبر 1988م على تهمة تأسيس حركة المقاومة الإسلامية حماس؛ حيث كان له دورٌ بارزٌ في تأسيسها في شهر 8 عام 1987م مع إخوانه الشيخ ياسين والشيخ محمد أبو حسن والدكتور إبراهيم والأخ أبو أسامة والأخ أبو خالد والمهندس عيسى والدكتور عبد العزيز الرنتيسي وهم المكتب التأسيسي لحركة المقاومة حماس، وكان الشيخ شحادة نائبًا عن منطقة الشمال، وكان في السجن قد التقى مع يحيى السنوار الذي كان مسئولاً عن جهاز "مجد" عن منطقة الجنوب وروحي مشتهي الذي كان مسئولَ جهاز "مجد" في منطقة الشمال، والتقوا في السجن وأداروا الجهاز العسكري إداريًّا من داخل السجن، وكان يدير العمليات العسكرية التي كانت تُنفَّذ خارج السجن، وتم اكتشاف هذا الأمر في شهر مايو 1989م؛ حيث كانت الاعتقالات الكبرى لحركة المقاومة الإسلامية حماس، ووُجهت له تهمة أكبر مما كانت عليه في الأول وحُكِمَ عليه بالسجن لمدة عشر سنوات.
* كيف تلقَّى الحكم؟
** كان خلال السجن مثالاً للإنسان الصابر المحتسب الذي لم يثنه السجن عن مواصلة العمل والجهاد حتى داخل السجن فكان لإخوانه خيرَ معينٍ، وكان دائمًا يتسم بالرزانة والصمت والهدوء؛ فمَن ينظر إليه يتعجَّب كيف كل هذه الطاقة الجبارة تخرج من هذا الرجل الرزين الهادئ، فعلاً كان البركان الذي تحته نار.
هذا الرجل مكث في السجن عشر سنين، والتقيتُ به داخل السجن وكنتُ أساعده في بعض شئونه؛ لأنه خرج من التحقيق متعبًا ومريضًا فكنتُ أقوم على خدمته، وهذا مما شرَّفني الله عز وجل به.
وبعد أن أنهى عشر سنوات في السجن قامت القوات الصهيونية بتمديد الاعتقال له إداريًّا لمدة سنتين، ولكن كانت هناك جهود في الخارج من مؤتمراتٍ ومهرجاناتٍ واحتجاجاتٍ من أجل إخراجه، وفعلاً مَنَّ الله عز وجل عليه بالفرج في شهر مايو 2000م.
http://www.ikhwanonline.com/Data/2006/12/4/owqww579878852.jpg
مجموعة من مجاهدي كتائب القسام
* وماذا بعد الخروج؟
** خرج من جديدٍ مع أخيه الشيخ أحمد ياسين وبدءوا في إعادةِ تشكيل جهاز كتائب القسام الذي عانى كثيرًا على يد السلطة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات فأعادوا بناء الجهاز عسكريًّا وقيَّض الله انتفاضة الأقصى لشعب فلسطين فكانت كتائب الشهيد عز الدين القسام جاهزةً للانطلاق على يد هذا الرجل الذي أنقذ الله به كتائب القسام فقام بإعداد الجهاز وتمويله وترتيبه، وكانت الفترة التي مكثها في السجن أعطت هذا الرجل خبرةً واسعةً فتمت إعادة الجهاز وترميمه؛ حيث خرج إلى النور بقوةٍ كبيرةٍ وباشر عمله في انتفاضة الأقصى.
حب الجهاد
* كيف كانت العلاقة بين الشيخ صلاح شحادة والشيخ أحمد ياسين؟
** هناك علاقة بين شخصية الشيخ أحمد ياسين وشخصية الشيخ شحادة- رحمهما الله-؛ حيث إن كليهما كان يحب الجهاد ومفعمًا بالجهاد، هذه الخصلة جمعتهما مع بعضهما البعض من بداية الطريق منذ عام 1983م، وكان بينهما أيضًا الصمت والرزانة والهدوء، فكنت إذا نظرت إلى كلٍّ منهما وجدت أنهما يصمتان ولا يتحدثان كثيرًا؛ لأن أفعالهما هي التي تترجم ما بداخلهما، فالعلاقة بينهما في كثيرٍ من صفاتِ العمل بهدوءٍ وصمتٍ وحُبِّ الجهاد والإسلام والمسلمين.
* هلا ذكرت بعض المواقف للشيخ تميَّز فيها أثناء وجودكم بالمعتقل؟
** كانت السمة في الشخصية هي الصبر والاحتساب عند الله- عزَّ وجل- وكان لديه يقين أن هذا السجن لن يطول، وأن الله- عزَّ وجل- سيأتي بالفرج قريبًا، وكان خير عون لإخوانه في الصبر والسلوان وتثبيت الشباب على الحق، وأن هذه هي الطريق الصحيح التي يجب أن نسير عليها لكي نُحرر فلسطين.
* كيف تم تأسيس الجهاز؟ وما أهدافه؟ وما نشاطاته؟
** قام الشيخ شحادة بتأسيس الجهاز في نهاية 83 وبداية 84، وكان الجهاز العسكري الأول لكن هذا الجهاز لم يخرج إلى النور؛ حيث تم الاعتقال.
وأما هدف هذا الجهاز فكان متابعةَ العملاء وضرب مواقع الجيش الصهيوني في قطاع غزة، وأفراد الجهاز كانوا يُكوِّنون عشر خلايا، وفي كل خليةٍ من ثلاثة إلى أربعة أشخاص، وبذلك يكون عدد أفراد الجهاز تقريبًا أربعين شخصًا.
قام هذا الجهاز بخطف الجندي آبس بورفس في مارس 89 وبخطف الجندي إيلان سعدون في شهر مايو 89، وقام باعتقال وقتل أربعة عملاء من أكبر المتعاونين مع السلطات الصهيونية، وفي عام 88 أو نهاية عام 87 كانت هناك عملية إطلاق نار متفرقة على الحدود بين قطاع غزة والكيان.
وكان الجهاز يقوم أيضًا بجمع معلومات استخبارية حول مراكز الفساد في قطاع غزة، والتي كانت تنشر الفساد في ذلك الوقت من كاسيت أو أسطوانات مفسدة، وتم حرق ما يقرب من عشر محلات من هذه المحلات حرقًا تامًّا حتى تكون عبرةً لمَن يُريد أن ينشر الفسادَ والرذيلةَ بين الشباب.
http://www.ikhwanonline.com/Data/2006/4/16/R11.jpg
مجاهدات فلسطينيات يؤيدن كتائب القسام
* ماذا عن دور الأخت المسلمة في الجهاد والتدريبات العسكرية داخل كتائب القسام؟
** لم يكن في ذلك الوقت في البداية مكان للعمل سوى أن تكون المرأة بجانب الرجل تُسانده وتؤازره وتحفظ سره وتكون بجانبه تُطمئنه وتؤكد مواصلةَ الطريق، أما في عام 2002م فالفتيات المسلمات كن كثيراتِ الإلحاح لإدخالهن كتائب القسام فتمَّ استيعاب بعض منهن وتدريبهن على السلاح وبعض عمليات إطلاق النار والرماية، وكان أغلبهن زوجة شهيد أو أخت شهيد أو أم شهيد.
* يوم الشيخ في المعتقل كيف كان يقضيه؟
** حياة السجن روتينيةً منظمةً لا يخرج أحدٌ فيها عن البرنامج الذي كان؛ فالاستيقاظ في السادسة صباحًا ثم صلاة الفجر، ونعود للنوم ثم نستيقظ ونقوم بقراءةِ المأثورات وبعض القرآن، ونتناول طعام الإفطار، ثم يكون هناك حلقة علم كان يقوم عليها كبار الإخوة، وكان للشيخ صلاح شحادة دور في إبراز النواحي الأمنية؛ حيث كان قد أبدع بهذا، وفي التاسعة تكون فترة قراءة ومطالعة، وبعد ذلك نخرج للساحة للتشميس، وكنا نسميها "الفورة"، وكنا نقوم خلالها بالتمشية لكي تعطي لياقةً للجسم؛ لأن الجلوسَ في غرفة المعتقل مثقلةً على الإنسان، ومن ثم نعود لصلاة الظهر ثم فترة الغداء ثم درس علمي ثانٍ وقيلولة، ومن ثَمَّ صلاة العصر ودرس علمي ثالث وساعة مطالعة، وبعدها ساعة للنشاط الاجتماعي فكنا نزور بعضنا البعض.
* أطلقتم على المعتقل (جامعة يوسف) فمَن الذي أطلق على المعتقل هذا الاسم؟ وكيف أصبحت جامعة؟ وهل لها شهادات؟
** اسم (جامعة يوسف) أُطلق على سجن النقب الصحراوي، وكان صاحب هذه الفكرة الدكتور إبراهيم المقادمة عندما حضر من سجن عسقلان إلى سجن النقب الصحراوي فوجد الإخوةَ المجاهدين يقومون فقط بمحاضرتين أو درسين علميين في اليوم، فلم يكتفِ بذلك وقال إن هذه فرصة شباب مجتمعين في المعتقل، فلا بد أن يكون هناك الإعداد الجيد للقادة وتغذية العقول بالمعلومات الشرعية وبالإيمان، وأصبح في اليوم الواحد من خمسة إلى ستة دروس علم يوميًّا حتى أُطلق عليه (جامعة يوسف)، وكان هناك شهادات من الإخوة المجاهدين، وهي تُسهِّل لهم في الخارج.
* كيف كان الشيخ الشهيد مع أهله وأقاربه وجيرانه؟
** كان الشهيد رجلاً طيبًا وحسن السمعة والمعاملة مع كل مَن عاش معه وليس فقط مع أهله وزوجته، وكان مثالاً طيبًّا لرب الأسرة والأب الحنون، فكان يحلم على أولاده حتى عندما طرحنا عليه فكرة أن يتزوَّج لعلَّ الله يرزقه بمولودٍ ذكر فكان في البداية رافضًا وكيف يتزوج وزوجته صابرة وقد رافقته في دربه، ولكنه وافق في النهاية ولم يستمر الزواج إلا ستةَ أشهرٍ فقط؛ حيث إنه استُشهد بعدها.
* كيف كان يُنظِّم وقته ويوازن بين جميع هذه المسئوليات؟
** آخر ثلاث سنوات من حياته كانت في الخفاء؛ ولذلك كان أمره ليس يسيرًا، وبالنسبة لترتيب الوقت في أغلب الأحيان يكون بعيدًا عن العيون ويعيش في الخفاء، ، ولا أحد يستطيع أن يُدرك أو يعرف عنه شيئًا إلا مَن كان معه، وهؤلاء الناس- رحمهم الله-؛ كما أنه عندما استُشهد معه الأخ زاهر نصار "أبو حماس" كان في الفترة الأخيرة مجهولاً إلا ممن كان قريبًا جدًّا منه، وهذا الأمر لم يتيسر للجميع.
* ماذا تعلمت منه؟ ومتى كان يبكي الشيخ؟ ومتى كان يغضب؟
** تعلمتُ منه الصبر والرزانة والهدوء ولم أره غضبانَ ألبتة، ووجدته عونًا لمَن حوله، وكان يبكيه أحوال المسلمين المتردية، وكان يُبكيه تنطع المتنطعين الذين يسيئون إلى الإسلام والمسلمين ظانين منهم أنهم يحسنون إلى الإسلام، وكان يُبكيه أحوال الإسلام والتشرذم وبُعد المسلمين عن إسلامهم الحقيقي، وكان دائمًا يريد أن يرى المسلمين مُوحدين في جبهةٍ واحدةٍ يرمون الأعداء من قوسٍ واحدة.
* كيف تأثَّر الجهاز العسكري بغياب فترات اعتقال الشيخ شحادة؟
** هذه مسألة حقيقية، الجهاز العسكري جهاز كبير وقد حباه الله- عزَّ وجل- بكثيرٍ من القادة، فربنا عزَّ وجل أعزَّ الإسلام والمسلمين بكثيرٍ من الشباب الذين نذروا أنفسهم للجهاد في سبيل الله، وهذه الدعوة لا تتأثر بموت رجلٍ ولا بزوال قائد، وقد تُوفي المصطفى- صلى الله عليه وسلم- وبقي الإسلام قويًّا شامخًا، هكذا عندما استُشهد الشيخ شحادة حمل الرايةَ من بعده الدكتور إبراهيم المقادمة، وعندما استشهد الدكتور المقادمة حمل الراية بعده المجاهد محمد، وهكذا، والحمد لله لدينا الكثير من القادة، والذين عندهم العطاء لكي يواصلوا الطريقَ إلى آخره إن شاء الله.
* هل اغتيال القادة لا يؤثر في سير الحركة؟
** اغتيال القادة دائمًا يعطي الجنود دفعةً للمزيد من العطاء؛ إذ إنهم يريدون أن يلحقوا بقادتهم فليس هناك سبيل إلا المزيد من العطاء حتى يجمعهم الله- عزَّ وجل- في جناته.
موقع إخوان أون لاين
http://www.ikhwanonline.com/Data/2008/7/22/ikh15.jpgالشهيد صلاح شحادة
حوار- إيمان يس:
اغتالته القوات الصهيونية في 23 يوليو 2002 بقصفٍ جوي للمبنى الذي كان فيه، وقتلت معه زوجته وإحدى بناته مع عددٍ آخر من المدنيين معظمهم من الأطفال، وعُرفت هذه الحادثة بمجزرة "حي الدرج" وهو أحد أحياء غزة المكتظة بالسكان.
إنه القائد صلاح الدين مصطفى علي شحادة، المولود في مخيم الشاطئ يوم 24 فبراير 1952م وهو الأخ الأصغر لست بنات، نزحت أسرته إلى قطاع غزة من مدينة يافا بعد أن احتلتها العصابات الصهيونية عام 1948، وأقامت الأسرة في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين.
وفي عام 1958 دخل صلاح المدرسة الابتدائية التابعة لوكالة الغوث وهو في سن الخامسة، درس في بيت حانون المرحلة الإعدادية، ونال شهادة الثانوية العامة بتفوق من مدرسة فلسطين في غزة.
ولم تسمح له ظروفه المادية بالسفر إلى الخارج لإكمال دراسته العليا، وكان حصل على قبولٍ لدراسة الطب والهندسة في جامعات تركيا وروسيا.
والتحق بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية في الإسكندرية، وفي السنة الثالثة بدأ التزامه بالإسلام يأخذ طابعًا أوضح، تزوَّج عام 1976م، وهو أب لست بنات.
وفي الذكرى السادسة لاستشهاده يلتقي (إخوان أون لاين) أبو عبد الله البغدادي الذي رافق جميع قادة حماس، وكان مرافق الشيخ صلاح شحادة، وعايشه في محطات حياته جميعًا.
* كيف تعرفتَ على الشيخ صلاح شحادة؟
** تعرفت عليه تقريبًا عام 1984م عندما بدأتُ أعمل حارسًا في الجامعة الإسلامية وتقاربت القلوب وتوثَّقت العلاقة الأخوية.
ولكن الشيخ اعتُقل لأول مرة في 20 يونيو 1984م عندما أسس جهازًا عسكريًّا مع الشيخ أحمد ياسين، والدكتور إبراهيم المقادمة وأبو ماهر تمراز والدكتور أحمد شهاب وبعض الإخوة، وتم كشف هذا الجهاز وتم اعتقالهم لدى القوات الصهيونية.
ووجَّه العدو التهمةَ إليهم بالقيام بعمل جهازٍ عسكري إسلامي هدفه إزالة الكيان وإقامة دولة إسلامية، وحُكِمَ على الشيخ شحادة في هذا الوقت بسنتين ونصف السنة وعلى باقي إخوانه لمددٍ تتراوح ما بين عشرة أعوام إلى ثلاثة عشر عامًا.
http://www.ikhwanonline.com/Data/2008/3/22/ikh24.jpg
الشيخ الشهيد أحمد ياسين
* ماذا بعد خروجه من السجن؟ ** الشيخ شحادة بقي في السجن سنتين ونصف السنة، وخرج في آخر شهر ديسمبر عام 1986م ولم يخرج ليستريح أو ليتريث إنما كان قد سبقه في الخروج الشيخ أحمد ياسين الذي حُكم عليه بالسجن ثلاثة عشر عامًا أمضى منها فقط أحد عشر شهرًا، وخرج في صفقة تبادل الأسرى في شهر مايو 1985م فعادا معًا ليعملا مع بعضهما البعض وكوَّنا جهازًا عسكريًّا جديدًا كان اسمه "مجد" كنتُ أنا أحد عناصر هذا الجهاز.
وكان هدف الجهاز متابعة العملاء وضرب بؤر القوات الصهيونية في قطاع غزة، واستمر هذا الجهاز حتى عام 1986م وهو يعمل سرًّا وأعطى نتائج طيبةً؛ حيث قام الجهاز بخطف الجندي الصهيوني آبس بورفس وإيلان سعدون، وبعض العمليات لمتابعة بعض العملاء، وإطلاق النار على بعض الدوريات الصهيونية.
* سنتان واعتقل الشيخ شحادة.. كيف تذكر هذه الأيام؟
** اعتقل الشيخ صلاح شحادة للمرة الثانية في نهاية شهر سبتمبر 1988م على تهمة تأسيس حركة المقاومة الإسلامية حماس؛ حيث كان له دورٌ بارزٌ في تأسيسها في شهر 8 عام 1987م مع إخوانه الشيخ ياسين والشيخ محمد أبو حسن والدكتور إبراهيم والأخ أبو أسامة والأخ أبو خالد والمهندس عيسى والدكتور عبد العزيز الرنتيسي وهم المكتب التأسيسي لحركة المقاومة حماس، وكان الشيخ شحادة نائبًا عن منطقة الشمال، وكان في السجن قد التقى مع يحيى السنوار الذي كان مسئولاً عن جهاز "مجد" عن منطقة الجنوب وروحي مشتهي الذي كان مسئولَ جهاز "مجد" في منطقة الشمال، والتقوا في السجن وأداروا الجهاز العسكري إداريًّا من داخل السجن، وكان يدير العمليات العسكرية التي كانت تُنفَّذ خارج السجن، وتم اكتشاف هذا الأمر في شهر مايو 1989م؛ حيث كانت الاعتقالات الكبرى لحركة المقاومة الإسلامية حماس، ووُجهت له تهمة أكبر مما كانت عليه في الأول وحُكِمَ عليه بالسجن لمدة عشر سنوات.
* كيف تلقَّى الحكم؟
** كان خلال السجن مثالاً للإنسان الصابر المحتسب الذي لم يثنه السجن عن مواصلة العمل والجهاد حتى داخل السجن فكان لإخوانه خيرَ معينٍ، وكان دائمًا يتسم بالرزانة والصمت والهدوء؛ فمَن ينظر إليه يتعجَّب كيف كل هذه الطاقة الجبارة تخرج من هذا الرجل الرزين الهادئ، فعلاً كان البركان الذي تحته نار.
هذا الرجل مكث في السجن عشر سنين، والتقيتُ به داخل السجن وكنتُ أساعده في بعض شئونه؛ لأنه خرج من التحقيق متعبًا ومريضًا فكنتُ أقوم على خدمته، وهذا مما شرَّفني الله عز وجل به.
وبعد أن أنهى عشر سنوات في السجن قامت القوات الصهيونية بتمديد الاعتقال له إداريًّا لمدة سنتين، ولكن كانت هناك جهود في الخارج من مؤتمراتٍ ومهرجاناتٍ واحتجاجاتٍ من أجل إخراجه، وفعلاً مَنَّ الله عز وجل عليه بالفرج في شهر مايو 2000م.
http://www.ikhwanonline.com/Data/2006/12/4/owqww579878852.jpg
مجموعة من مجاهدي كتائب القسام
* وماذا بعد الخروج؟
** خرج من جديدٍ مع أخيه الشيخ أحمد ياسين وبدءوا في إعادةِ تشكيل جهاز كتائب القسام الذي عانى كثيرًا على يد السلطة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات فأعادوا بناء الجهاز عسكريًّا وقيَّض الله انتفاضة الأقصى لشعب فلسطين فكانت كتائب الشهيد عز الدين القسام جاهزةً للانطلاق على يد هذا الرجل الذي أنقذ الله به كتائب القسام فقام بإعداد الجهاز وتمويله وترتيبه، وكانت الفترة التي مكثها في السجن أعطت هذا الرجل خبرةً واسعةً فتمت إعادة الجهاز وترميمه؛ حيث خرج إلى النور بقوةٍ كبيرةٍ وباشر عمله في انتفاضة الأقصى.
حب الجهاد
* كيف كانت العلاقة بين الشيخ صلاح شحادة والشيخ أحمد ياسين؟
** هناك علاقة بين شخصية الشيخ أحمد ياسين وشخصية الشيخ شحادة- رحمهما الله-؛ حيث إن كليهما كان يحب الجهاد ومفعمًا بالجهاد، هذه الخصلة جمعتهما مع بعضهما البعض من بداية الطريق منذ عام 1983م، وكان بينهما أيضًا الصمت والرزانة والهدوء، فكنت إذا نظرت إلى كلٍّ منهما وجدت أنهما يصمتان ولا يتحدثان كثيرًا؛ لأن أفعالهما هي التي تترجم ما بداخلهما، فالعلاقة بينهما في كثيرٍ من صفاتِ العمل بهدوءٍ وصمتٍ وحُبِّ الجهاد والإسلام والمسلمين.
* هلا ذكرت بعض المواقف للشيخ تميَّز فيها أثناء وجودكم بالمعتقل؟
** كانت السمة في الشخصية هي الصبر والاحتساب عند الله- عزَّ وجل- وكان لديه يقين أن هذا السجن لن يطول، وأن الله- عزَّ وجل- سيأتي بالفرج قريبًا، وكان خير عون لإخوانه في الصبر والسلوان وتثبيت الشباب على الحق، وأن هذه هي الطريق الصحيح التي يجب أن نسير عليها لكي نُحرر فلسطين.
* كيف تم تأسيس الجهاز؟ وما أهدافه؟ وما نشاطاته؟
** قام الشيخ شحادة بتأسيس الجهاز في نهاية 83 وبداية 84، وكان الجهاز العسكري الأول لكن هذا الجهاز لم يخرج إلى النور؛ حيث تم الاعتقال.
وأما هدف هذا الجهاز فكان متابعةَ العملاء وضرب مواقع الجيش الصهيوني في قطاع غزة، وأفراد الجهاز كانوا يُكوِّنون عشر خلايا، وفي كل خليةٍ من ثلاثة إلى أربعة أشخاص، وبذلك يكون عدد أفراد الجهاز تقريبًا أربعين شخصًا.
قام هذا الجهاز بخطف الجندي آبس بورفس في مارس 89 وبخطف الجندي إيلان سعدون في شهر مايو 89، وقام باعتقال وقتل أربعة عملاء من أكبر المتعاونين مع السلطات الصهيونية، وفي عام 88 أو نهاية عام 87 كانت هناك عملية إطلاق نار متفرقة على الحدود بين قطاع غزة والكيان.
وكان الجهاز يقوم أيضًا بجمع معلومات استخبارية حول مراكز الفساد في قطاع غزة، والتي كانت تنشر الفساد في ذلك الوقت من كاسيت أو أسطوانات مفسدة، وتم حرق ما يقرب من عشر محلات من هذه المحلات حرقًا تامًّا حتى تكون عبرةً لمَن يُريد أن ينشر الفسادَ والرذيلةَ بين الشباب.
http://www.ikhwanonline.com/Data/2006/4/16/R11.jpg
مجاهدات فلسطينيات يؤيدن كتائب القسام
* ماذا عن دور الأخت المسلمة في الجهاد والتدريبات العسكرية داخل كتائب القسام؟
** لم يكن في ذلك الوقت في البداية مكان للعمل سوى أن تكون المرأة بجانب الرجل تُسانده وتؤازره وتحفظ سره وتكون بجانبه تُطمئنه وتؤكد مواصلةَ الطريق، أما في عام 2002م فالفتيات المسلمات كن كثيراتِ الإلحاح لإدخالهن كتائب القسام فتمَّ استيعاب بعض منهن وتدريبهن على السلاح وبعض عمليات إطلاق النار والرماية، وكان أغلبهن زوجة شهيد أو أخت شهيد أو أم شهيد.
* يوم الشيخ في المعتقل كيف كان يقضيه؟
** حياة السجن روتينيةً منظمةً لا يخرج أحدٌ فيها عن البرنامج الذي كان؛ فالاستيقاظ في السادسة صباحًا ثم صلاة الفجر، ونعود للنوم ثم نستيقظ ونقوم بقراءةِ المأثورات وبعض القرآن، ونتناول طعام الإفطار، ثم يكون هناك حلقة علم كان يقوم عليها كبار الإخوة، وكان للشيخ صلاح شحادة دور في إبراز النواحي الأمنية؛ حيث كان قد أبدع بهذا، وفي التاسعة تكون فترة قراءة ومطالعة، وبعد ذلك نخرج للساحة للتشميس، وكنا نسميها "الفورة"، وكنا نقوم خلالها بالتمشية لكي تعطي لياقةً للجسم؛ لأن الجلوسَ في غرفة المعتقل مثقلةً على الإنسان، ومن ثم نعود لصلاة الظهر ثم فترة الغداء ثم درس علمي ثانٍ وقيلولة، ومن ثَمَّ صلاة العصر ودرس علمي ثالث وساعة مطالعة، وبعدها ساعة للنشاط الاجتماعي فكنا نزور بعضنا البعض.
* أطلقتم على المعتقل (جامعة يوسف) فمَن الذي أطلق على المعتقل هذا الاسم؟ وكيف أصبحت جامعة؟ وهل لها شهادات؟
** اسم (جامعة يوسف) أُطلق على سجن النقب الصحراوي، وكان صاحب هذه الفكرة الدكتور إبراهيم المقادمة عندما حضر من سجن عسقلان إلى سجن النقب الصحراوي فوجد الإخوةَ المجاهدين يقومون فقط بمحاضرتين أو درسين علميين في اليوم، فلم يكتفِ بذلك وقال إن هذه فرصة شباب مجتمعين في المعتقل، فلا بد أن يكون هناك الإعداد الجيد للقادة وتغذية العقول بالمعلومات الشرعية وبالإيمان، وأصبح في اليوم الواحد من خمسة إلى ستة دروس علم يوميًّا حتى أُطلق عليه (جامعة يوسف)، وكان هناك شهادات من الإخوة المجاهدين، وهي تُسهِّل لهم في الخارج.
* كيف كان الشيخ الشهيد مع أهله وأقاربه وجيرانه؟
** كان الشهيد رجلاً طيبًا وحسن السمعة والمعاملة مع كل مَن عاش معه وليس فقط مع أهله وزوجته، وكان مثالاً طيبًّا لرب الأسرة والأب الحنون، فكان يحلم على أولاده حتى عندما طرحنا عليه فكرة أن يتزوَّج لعلَّ الله يرزقه بمولودٍ ذكر فكان في البداية رافضًا وكيف يتزوج وزوجته صابرة وقد رافقته في دربه، ولكنه وافق في النهاية ولم يستمر الزواج إلا ستةَ أشهرٍ فقط؛ حيث إنه استُشهد بعدها.
* كيف كان يُنظِّم وقته ويوازن بين جميع هذه المسئوليات؟
** آخر ثلاث سنوات من حياته كانت في الخفاء؛ ولذلك كان أمره ليس يسيرًا، وبالنسبة لترتيب الوقت في أغلب الأحيان يكون بعيدًا عن العيون ويعيش في الخفاء، ، ولا أحد يستطيع أن يُدرك أو يعرف عنه شيئًا إلا مَن كان معه، وهؤلاء الناس- رحمهم الله-؛ كما أنه عندما استُشهد معه الأخ زاهر نصار "أبو حماس" كان في الفترة الأخيرة مجهولاً إلا ممن كان قريبًا جدًّا منه، وهذا الأمر لم يتيسر للجميع.
* ماذا تعلمت منه؟ ومتى كان يبكي الشيخ؟ ومتى كان يغضب؟
** تعلمتُ منه الصبر والرزانة والهدوء ولم أره غضبانَ ألبتة، ووجدته عونًا لمَن حوله، وكان يبكيه أحوال المسلمين المتردية، وكان يُبكيه تنطع المتنطعين الذين يسيئون إلى الإسلام والمسلمين ظانين منهم أنهم يحسنون إلى الإسلام، وكان يُبكيه أحوال الإسلام والتشرذم وبُعد المسلمين عن إسلامهم الحقيقي، وكان دائمًا يريد أن يرى المسلمين مُوحدين في جبهةٍ واحدةٍ يرمون الأعداء من قوسٍ واحدة.
* كيف تأثَّر الجهاز العسكري بغياب فترات اعتقال الشيخ شحادة؟
** هذه مسألة حقيقية، الجهاز العسكري جهاز كبير وقد حباه الله- عزَّ وجل- بكثيرٍ من القادة، فربنا عزَّ وجل أعزَّ الإسلام والمسلمين بكثيرٍ من الشباب الذين نذروا أنفسهم للجهاد في سبيل الله، وهذه الدعوة لا تتأثر بموت رجلٍ ولا بزوال قائد، وقد تُوفي المصطفى- صلى الله عليه وسلم- وبقي الإسلام قويًّا شامخًا، هكذا عندما استُشهد الشيخ شحادة حمل الرايةَ من بعده الدكتور إبراهيم المقادمة، وعندما استشهد الدكتور المقادمة حمل الراية بعده المجاهد محمد، وهكذا، والحمد لله لدينا الكثير من القادة، والذين عندهم العطاء لكي يواصلوا الطريقَ إلى آخره إن شاء الله.
* هل اغتيال القادة لا يؤثر في سير الحركة؟
** اغتيال القادة دائمًا يعطي الجنود دفعةً للمزيد من العطاء؛ إذ إنهم يريدون أن يلحقوا بقادتهم فليس هناك سبيل إلا المزيد من العطاء حتى يجمعهم الله- عزَّ وجل- في جناته.
موقع إخوان أون لاين