مشاهدة النسخة كاملة : جواب الإعتراض على سؤال (أين الله؟) وبيان منهج أئمة الإسلام في إثبات صفات الله
أبو حسن
26-09-2008, 03:04 PM
جواب الإعتراض على سؤال (أين الله) وبيان منهج أئمة الإسلام في باب صفات الله
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
هذه، بعون الله، كلمات يسيرة في الردّ على من اعترض على سؤال: (أين الله ؟) نبيّن فيها الحق بإذن الله في هذه المسألة، ومشروعية هذا السؤال، وما هو الجواب عليه، وكيف نفهمه، وكل ذلك من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلام العلماء الربانيين من سلف هذه الأمة.
وشرط هذه الكلمات تحرير العبارة وتيسيرها من غير إستطراد مملّ ولا اختصار مخلّ، مع الإكتفاء بذكر الشاهد من السنة النبوية أو كلام العلماء المتقدمين، أهل القرون الثلاثة الأولى، من رسائلهم ومصنفاتهم حتى لا نقع في إشكالية صحة الإسناد أو عدمه.
أسأل الله أن يتقبل هذه الكلمات مني ويجعلها خالصة لوجهه الكريم، وما كان فيها من صواب فمن توفيق الله، وما كان فيها من خطأ فمن نفسي والشيطان.
والله هو الهادي إلى سواء السبيل...
أبو حسن
26-09-2008, 03:06 PM
مشروعية السؤال "أين الله ؟"
قال معاوية بن الحكم السلمي:
كانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوانية. فاطلعت ذات يوم فإذا الذيب قد ذهب بشاة من غنمها. وأنا رجل من بني آدم. آسف كما يأسفون. لكني صككتها صكة. فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك علي.
قلت: يا رسول الله ! أفلا أعتقها ؟
قال: ائتني بها
فأتيته بها. فقال لها: أين الله ؟
قالت: في السماء.
قال: من أنا ؟
قالت: أنت رسول الله.
قال: أعتقها. فإنها مؤمنة
رواه مسلم في صحيحه واللفظ له وأبو داوود والنسائي في سننهما وأحمد في مسنده ومالك في موطئه والبيهقي في السنن الكبرى
وعن أبي رزين العقيلي قال:
قلت: يا رسول الله، أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه ؟
قال: كان في عماء، ما تحته هواء، وما فوقه هواء، وخلق عرشه على الماء
رواه الترمذي وابن ماجه في سننهما وأحمد في مسنده وصححه ابن جرير الطبري في تاريخه وحسنه الترمذي والذهبي وغيرهما وضعّفه الألباني
وقال الترمذي عقبه:
قال يزيد بن هارون: العماء أي ليس معه شيء.
ثم قال:
وهذا حديث حسن
أخرج البخاري في كتابه (خلق أفعال العباد):
قال ضمرة بن ربيعة عن صدقة، سمعت سليمان التيمي يقول : لو سئلت أين الله ؟ لقلت في السماء، فإن قال فأين كان عرشه قبل السماء؟ لقلت على الماء، فإن قال : فأين كان عرشه قبل الماء؟ لقلت : لا أعلم
فهذه الآثار وغيرها كافية في بيان مشروعية السؤال (أين الله ؟) ولو اكتفينا بذكر الحديث الأول حديث الجارية وحده لكان كافيا في الباب، فهو سؤال سأله أكرم الخلق صلى الله عليه وسلم والمؤمن وقاف عند قول رسول الله صلى الله عليه وسلم...
أبو حسن
26-09-2008, 03:09 PM
بيان دلالة هذا السؤال وتوجيهه
لا شك أنه حين يأتينا القول عن النبي صلى الله عليه وسلم صحيحا نقف عنده ولا نتعدّاه، فإن لم نفهم المراد منه ولم تعقله فهومنا، آمنا به وأمررناه كما هو حتى يفتح الله علينا فنعقله ونفهمه حق الفهم، فكيف يجرؤ أحدنا على الإعتراض على السؤال الذي سأله نبينا صلوات ربي وسلامه عليه بقوله:
كنت أتمنى أن تكون الأسئلة المطروحة، أسئلة هادفة ذات منفعة إيمانية و سلوكية و أنا أسأل هنا : أي منفعة إيمانية أو سلوكية يجنيها من عرف أين الله ؟ إنما ما يعنينا أن نعرف الله بقدرته التي توجب علينا الإذعان له، و صفاته التي توجب علينا محبته.
أيكون سؤال نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام بلا هدف ولا منفعة ؟ أهذا من الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أهذا من محبة النبي صلى الله عليه وسلم ؟
هل يجتمع إيمان بالله ورسوله مع استنكار شيء من كلام الله أو كلام نبيه ؟
الواجب على المؤمن إن وجد في قلبه استنكارا لشيء من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن ينظر في قلبه ويجدد إيمانه ويعالج ما يجده بكتاب الله وسنة رسول الله ودوام النظر فيهما وفي كلام العلماء الربانيين حتى يبرأ منه، أما أن يجهر بالإستنكار ويتبجح به !! فهل يستقيم هذا مع ادعاء محبة النبي صلى الله عليه وسلم والإيمان به ؟
أما توجيه هذا السؤال النبوي، فقد قال الخطابي في (معالم السنن) :
قوله: (أعتقها فإنها مؤمنة) ولم يكن ظهر له من إيمانها أكثر من قولها حين سألها: (أين الله؟) قالت: (في السماء)، وسألها: (من أنا) فقالت: (رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فإن هذا سؤال عن أمارة الإيمان وسمة أهله وليس بسؤال عن أصل الإيمان وحقيقته.
وقد حمل إمامنا الشافعي رضي الله عنه هذا الحديث على الأعجمية التي لا تفصح فيجزئها وصف الإسلام، فقال كما في (الأم) :
أن لا يعتق إلا بالغة مؤمنة فإن كانت أعجمية فوصفت الإسلام أجزأته، أخبرنا مالك عن هلال ابن أسامة عن عطاء بن يسار عن عمر بن الحكم أنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إن جارية لي كانت ترعى غنما لي فجئتها وفقدت شاة من الغنم فسألتها عنها فقالت: (أكلها الذئب) فأسفت عليها وكنت من بني آدم فلطمت وجهها وعلى رقبة أفأعتقها ؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أين الله ؟) فقالت: (في السماء) فقال (من أنا ؟) فقالت: (أنت رسول الله)
فانظر كيف استدل إمامنا الشافعي بهذا الحديث ورواه عن الإمام مالك بن أنس رضي الله عنهما، ولم يستشكله ولم يقل فيه: أي منفعة منه؟ بل أثبته واستنبط منه حكما فقهيا... فتأمل فقه هؤلاء الأئمة وأدبهم مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قارن بينهم وبين فعلك... واستغفر الله واسترجعه...
فهذا السؤال كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في (الإستقامة) والذهبي في (العلو) رحمهما الله، هو سؤال عن صحة الإيمان لمن في إيمانه شك لا عن أصل الإيمان...
أبو حسن
26-09-2008, 03:17 PM
الجهمية أول من نفى علو الله واستواءه على عرشه وردود العلماء عليهم
الجهمية، نسبة للجهم بن صفوان، هم أول من نفى صفات الله الواردة في القرآن والسنة بدعوى التنزيه، ومنها علو الله على عرشه وأنه في السماء، فردّ عليهم علماء الإسلام في كتبهم وأفردوا لهم مصنفات في الرد عليهم، وممن رد عليهم أصحاب السنن، ناقضين كلامهم بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وكلماته وألفاظه، فما أحوجنا إلى تأمل ردود هؤلاء العلماء، لأن فيها تدبرا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقوفا على سنته.
فكتاب التوحيد من صحيح البخاري مليء بالأحاديث والآثار في الرد على الجهمية وإثبات صفات الله كالذات والنفس والوجه واليدين والعينين وغيرها. ومن الصفات التي أثبتها علو الله على خلقه، إذ جعل بابا سماه:
باب (وكان عرشه على الماء) (وهو رب العرش العظيم)
وذكر فيه:
قال أبو العالية: (إستوى إلى السماء) ارتفع، (فسواهن) خلقهن.
وقال مجاهد: (إستوى) علا على العرش
وأفرد البخاري في كتابه (خلق أفعال العباد) بابا بعنوان: (باب ما ذكر أهل العلم للمعطلة الذين يريدون أن يبدلوا كلام الله)
ثم سرد أقاويل كثيرة بصيغة الجزم عن أئمة الإسلام من طبقة شيوخه وطبقة شيوخ شيوخه وغيرهم نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
قال علي -أي ابن المديني شيخ البخاري-: إحذر من المريسي وأصحابه فإن كلامهم يستجلب الزندقة وأنا كلمت أستاذهم جهما فلم يثبت لي أن في السماء إلها.
قال حماد بن زيد: القرآن كلام الله نزل به جبرائيل، ما يجادلون إلا أنه ليس في السماء إله.
قال ابن المبارك: لا نقول كما قالت الجهمية إنه في الأرض ههنا، بل على العرش استوى.
وقيل له: كيف تعرف ربنا ؟ قال: فوق سماواته على عرشه.
ثم ذكر الإمام البخاري قولا عن شيخ شيخه يزيد بن هارون يحذر فيه من الجهمية يقول فيه: من زعم أن الرحمن على العرش استوى على خلاف ما يقر في قلوب العامة فهو جهمي.
وهذا القول من شيخ الإسلام يزيد بن هارون قول نفيس، من تأمله وتدبره وفهمه حق الفهم زال لديه الكثير من الإشكالات في مسألة الأسماء والصفات، فهو ردّ على من يردّ ظاهر الآيات بتأويلات ما أنزل الله بها من سلطان... فيؤول الإستواء بالإستيلاء والقهر وغيرها... واليد بالقوة والنعمة... بل هذه الآيات على ظاهرها ونفهمها كما يفهمها عامة الناس مع تنزيه الله سبحانه عن مشابهة المخلوقين ومماثلتهم (ليس كمثله شيء وهو السميع العليم)... وسيأتي مزيد بيان لهذا إن شاء الله...
وفي سنن أبي داوود، كتاب السنة، باب في الجهمية. أورد لكم بعض الآثار التي ذكرها هذا الإمام في نقض نفي الجهمية لصفات الله تعالى:
عن العباس بن عبد المطلب قال:
كنت في البطحاء في عصابة فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرت بهم سحابة فنظر إليها فقال: ما تسمون هذه ؟
قالوا: السحاب.
قال: والمزن.
قالوا: والمزن.
قال:والعنان.
قالوا: والعنان. قال أبو داود لم أتقن العنان جيدا.
قال: هل تدرون ما بعد ما بين السماء والأرض ؟
قالوا لا ندري.
قال: إن بعد ما بينهما إما واحدة أو اثنتان أو ثلاث وسبعون سنة ثم السماء فوقها كذلك، حتى عد سبع سموات، ثم فوق السابعة بحر بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين أظلافهم وركبهم مثل ما بين سماء إلى سماء ثم على ظهورهم العرش بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ثم الله تبارك وتعالى فوق ذلك.
عن سليم بن جبير مولى أبي هريرة قال:
سمعت أبا هريرة، يقرأ هذه الآية (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) إلى قوله تعالى (سميعا بصيرا) قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه.
قال أبو هريرة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ويضع إصبعيه.
قال ابن يونس: قال المقرئ: يعني (إن الله سميع بصير) يعني أن لله سمعا وبصرا.
قال أبو داود وهذا رد على الجهمية.
وفي سنن أبي داوود، كتاب السنة، باب في الرد على الجهمية:
عن عبد الله بن عمر، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يطوي الله السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون ثم يطوي الأرضين ثم يأخذهن، قال ابن العلاء: بيده الأخرى، ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون.
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له.
وفي مقدمة سنن ابن ماجه، باب فيما أنكرت الجهمية، ذكر فيه أحاديث كثيرة في إثبات رؤية الله عز وجل يوم القيامة وفي إثبات صفاته كالعلو والضحك والكلام والسمع واليد والأصابع وغيرها، أذكر منها:
عن أبي رزين، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره".
قال: قلت يا رسول الله أو يضحك الرب ؟
قال: نعم.
قلت: لن نعدم من رب يضحك خيرا.
عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كتب ربكم على نفسه بيده قبل أن يخلق الخلق: رحمتي سبقت غضبي.
وروى حديث الأوعال الذي رواه أبو داوود (أنظره في الأعلى) عن العباس بن عبد المطلب قال:
كنت بالبطحاء في عصابة وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرت به سحابة...
إلى أن قال:
ثم على ظهورهن العرش بين أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء ثم الله فوق ذلك تبارك وتعالى.
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
يمين الله ملأى لا يغيضها شىء سحاء الليل والنهار وبيده الأخرى الميزان يرفع القسط ويخفضه. قال: أرأيت ما أنفق منذ خلق الله السموات والأرض فإنه لم ينقص مما في يديه شيئا.
عن عبد الله بن عمر أنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول:
يأخذ الجبار سمواته وأرضه بيده، وقبض بيده فجعل يقبضها ويبسطها، ثم يقول أنا الجبار أين الجبارون أين المتكبرون.
قال: ويتمايل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه وعن يساره حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه حتى إني أقول أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم
وهذا إمام الأئمة ابن خزيمة في كتاب (التوحيد) بوّب (باب ذكر الدليل على أن الإقرار بأن الله عز وجل في السماء من الإيمان) ثم ساق حديث الجارية، أول حديث في الباب
فهؤلاء هم أئمتنا، وعنهم أخذنا سنة رسولنا صلى الله عليه وسلم، فانظر كيف ردوا على الجهمية نفات الصفات ومن حذا حذوهم في نفيها أو تأويلها تأويلات فاسدة، وبماذا استدلوا عليهم، وتدبّرْ فعلهم في سننهم وأطل فيها النظر، تنجو بعون الله ويهديك الله سواء السبيل...
أبو حسن
26-09-2008, 03:24 PM
أقول أئمة الإسلام المتقدمين في إثبات علو الله على خلقه وكونه في السماء
قولنا (في السماء) أي (على السماء). قال الإمام الذهبي في كتابه (الأربعين في صفات رب العالمين) :
ورد أنه عز وجل في السماء، و (في) ترد كثيراً بمعنى (على)، كقوله تعالى: (فسيحوا في الأرض) أي على الأرض. (ولأصلبنكم في جذوع النخل) أي على جذوع النخل، فكذلك قوله (أأمنتم من في السماء) أي من على السماء.ا.هـ.
وقد مرّ معنا ما أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي العالية ومجاهد في تفسير الإستواء بالإرتفاع والعلو، وما نقله في كتابه (خلق أفعال العباد) عن أئمة الإسلام المتقدمين في إثبات علو الله واستوائه وأنه في السماء على عرشه.
وهنا يجب أن نتوقف عند تفسير مجاهد الإستواء بالعلو، فمجاهد لازم عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين حبر هذه الأمة الذي دعا له النبي بأن يعلمه الله التأويل ويفقهه في الدين، وأخذ عنه تفسير القرآن، حيث يقول: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها. ثم هو يفسر الإستواء بالعلو، فهو ولا بدّ أخذ هذا التفسير عن ابن عباس رضي الله عنهما.
كما أن في هذا دليل على أن الصحابة والتابعين، خير القرون بعد النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا يفسرون آيات الصفات ولم يكونوا يفوضونها أو يتأولونها كزعم متأخرة الأشاعرة، فكيف يجرؤ هؤلاء ومن تابعهم على فعلتهم ؟؟؟ كيف يجرؤون على تقرير قاعدة:
وكل وصف أوهم التشبيها * أوّله أو فوّض ورُم تنزيها
فيؤولون الإستواء بالقهر والغلبة والإستيلاء وسلفنا يثبتونه ويقررون أن معناه العلو والإرتفاع ؟
أيزعمون أن تفسيرهم أسلم وأحكم من تفسير السلف ؟ أيدّعون أنهم أعرف بالله من سلفنا ؟
جاء في سنن الترمذي، كتاب (تفسير القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم)، باب (ومن سورة الحديد)
عن أبي هريرة قال:
بينما نبي الله صلى الله عليه وسلم جالس وأصحابه إذ أتى عليهم سحاب، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: هل تدرون ما هذا؟
فقالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: هذا العنان هذه روايا الأرض يسوقه الله تبارك وتعالى إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه.
إلى آخر الحديث، ثم قال الترمذي عقبه:
علم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان وهو على العرش كما وصف في كتابه.
قال الإمام ابن قتيبة الدينوري في كتابه (تأويل مختلف الحديث) :
والأمم كلها عربيها وعجميها تقول إن الله تعالى في السماء ما تركت على فطرها ولم تنقل عن ذلك بالتعليم وفي الحديث أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمة أعجمية للعتق فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الله تعالى فقالت في السماء قال فمن أنا قالت أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام هي مؤمنة.
قال الإمام الحافظ ابن أبي شيبة في كتابه (العرش) :
فهو فوق السماوات وفوق العرش بذاته متخلصاً من خلقه بائناً منهم علمه في خلقه لا يخرجون من علمه.
قال الإمام الحافظ شيخ المفسرين محمد بن جرير الطبري في تفسيره:
في قوله تعالى (وهو معكم أينما كنتم)
وهو شاهد لكم أيها الناس أينما كنتم يعلمكم ويعلم أعمالكم ومتقلبكم ومثواكم، وهو على عرشه فوق سماواته السبع.
(يقول أبو حسن: هذا هو معنى الآية لا كما نّقل عن البوطي أنه يضرب بهذه الآية آيات العلو فيجعلها سواء !)
في قوله تعالى (ثم استوى إلى السماء)
وأولى المعاني بقول الله جل ثناؤه (ثم استوى إلى السماء فسواهن) علا عليهن وارتفع فدبرهن بقدرته وخلقهن سبع سموات.
وفي قوله تعالى (أم أمنتم من في السماء)
وهو الله.
وفي قوله تعالى (هو رابعهم)
بمعنى أنه مشاهدهم بعلمه وهو على عرشه.
وقال إمام الأئمة ابن خزيمة رحمه الله صاحب الصحيح في كتابه (التوحيد) :
من لم يقر بأن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سماواته فهو كافر بربه، يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه وألقي على بعض المزابل حيث لا يتأذى المسلمون والمعاهدون بالنتن ريحة جيفته، وكان ماله فيئاً لا يرثه أحد من المسلمين إذ المسلم لا يرث الكافر كما قال صلى الله عليه وسلم.
أبو حسن
26-09-2008, 03:29 PM
المنهج الأمثل في التعامل مع آيات وأحاديث الصفات
قال الترمذي في سننه، كتاب الزكاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في فضل الصدقة، بعد أن أورد حديثي أبي هريرة:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ما تصدق احد بصدقة من طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا أخذها الرحمن بيمينه وان كانت تمرة تربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله.
قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره حتى إن اللقمة لتصير مثل احد. وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ) ويأخذ الصدقات (يمحق الله الربا ويربي الصدقات).
هذا حديث حسن صحيح. وقد روي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا.
وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، قالوا: قد تثبت الروايات في هذا ويؤمن بها، ولا يتوهم ولا يقال كيف. هكذا روي عن مالك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أمروها بلا كيف. وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة.
وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه. وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا إن الله لم يخلق ادم بيده. وقالوا إن معنى اليد ها هنا القوة.
وقال إسحاق بن إبراهيم: إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد أو مثل يد أو سمع كسمع أو مثل سمع. فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه وأما إذا قال كما قال الله تعالى يد وسمع وبصر ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيها وهو كما قال الله تعالى في كتابه: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)
فهذا كلام نفيس من إمام جليل، من تأمله زال عنه الإشكال إن شاء الله وبان له المنهج الذي ينبغي اتباعه في فهم آيات وأحاديث الصفات. كما ظهر له جليا أن تأويلات الأشاعرة المتأخرين ليست إلا امتدادا لمذهب الجهمية في نفي الصفات وإن زعموا مخالفتهم.
فمنهج أهل السنة والجماعة، واعتقاد أهل الحديث، هو إثبات كل صفة يصف الله بها نفسه أو يصفه بها نبيه صلى الله عليه وسلم، مع تنزيه الله عز وجل عن مشابهة أو مماثلة المخلوقين (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) فهذه الآية تضمنت نفي المثيل والشبيه عن الله وأثبتت السمع والبصر له سبحانه. فكما أثبتنا السمع والبصر لله مع اعتقادنا أنه لا مثيل ولا شبيه له، نثبت له اليد والوجه والأصابع والإستواء والعلو وغيرها من الصفات مع اعتقادنا بأنه سبحانه لا مثيل له ولا شبيه.
وهنا نكتة لطيفة ينبغي التنبه لها، تزيل الإشكال بعون الله، ألا وهي أن صفات الله عز وجل هي للفهم وليست للتصور. وتفسير هذه القاعدة خارج عن شرط الموضوع لكونه من التعليلات اللغوية والعقلية، لكني أذكر بإذن الله لما فيه من فائدة.
فمن المعلوم أن كل مفهوم له وجود مطلق في الذهن، لكن لا يتصوّره العقل في الخارج إلا مقيّدا. فمثلا، الشجرة لها وجود مطلق في الذهن يُفهم به معنى شجرة، لكن إن تصورها العقل في الخارج قـيّدها بقيود شتى: شجرة وارفة أو مجردة من الأوراق، شجرة نخل أو أرز، شجرة قصيرة أو باسقة، خضراء أو صفراء، إلخ.
فإن قال لك أحد: أمام بيتي شجرة، تفهم مقصوده ولو لم يذكر ما هي هذه الشجرة، شجرة أرز أم تين أم زيتونة أم نخلة... لكنك إن أردت تصور الشجرة فلا بدّ لك من تصوّرها وتكييفها بكيفية ما.
ولو قال لك أحد: أتيت بشجرة من بلاد الواق واق، وأنت لم يكن قد سبق لك رؤية شجرة مثلها، فإن أردت تصوّرها، ستأتي بكيفيات خاطئة لهذه الشجرة، لكن هذا لا يعني أنك لم تفهم ماذا قصد الرجل بالشجرة !
فمن تأمل هذه النكتة اللطيفة، وأعاد النظر في كلام الإمام الترمذي الآنف وكلام من نقلنا من أئمة الإسلام، بانت له ملامح المنهج الصحيح في التعامل مع صفات الله عز وجل وكيفية فهمها وإثباتها وتنزيهها عن مماثلة المخلوقين ومشابهتهم، فهو منهج وسط في الإثبات دون تشبيه والتنزيه دون تعطيل.
والله هو الهادي إلى سواء السبيل... وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين...
أبو حسن
26-09-2008, 03:34 PM
هذا المبحث مستفاد من المراجع التالية:
- أطروحة دكتوراة في الرد على الأحباش في مجلدين للشيخ الدكتور سعد بن علي الشهراني
- رسالة في الدفاع عن حديث الجارية للشيخ عبدالله بن فهد الخليفي
- رسالة في إبطال مذهب التفويض للشيخ عبدالرحمن دمشقية
إضافة إلى كتب السنن وبعض مواقع الشبكة العنكبوتية
ALRifai
27-09-2008, 02:43 PM
سلام
مشكور أخي على المجهود الطيب !
بس أنا بدي إسأل إنو نحنا ليش منتعب حالنا بهالقصص ؟
إنو إذا أنا عرفت إنو الله شايفني وين ما كنت ! و إنو الله يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور ! و ... إلخ
إذا عرفت كل هول ، شو بيزيد عندي إذا عرفت " أين الله " , و شو بينقص إذا ما فتت بهالقضية كلها ؟
يعني القصة أخي مش إعتراض على السؤال كونه سؤال و إنما على نهج مُتَّبَع !
كيف يعني إعتراض على نهج مُتََّبَع ؟
هللأ بقللك
يعني أخي بتلاقي ناس تركوا الدين كله و متعبين حالن بالمتشابهات يللي فيها خلاف بين الأئمة و بدن يحكوا فيها بين العوام !!!
يا عمي ما معقول هيك !
لأ و الأنكى من هيك إنو بلاقي آخد رأي شي واحد من العلماء و خلص هيدا هوي كل الدين بتلاقي عنده و شو ما حكى مظبوط و أي واحد بيحكي غير يللي هوي قايلوا غلط و منو مظبوط !
و منصير نعادي بعضنا و ما منحكي مع بعضنا ! ليش ؟ لأنو كل واحد فينا آخد برأي عالم و الحلو إنو العالم لي أنا آخد برأيو ميت و عند الطرف التاني نفس الشي !
هني ماتوا و نحنا منعادي بعضنا من ورى خلاف بالآراء بيناتن
عرفت كيف أخي !؟
يعني خلونا نحكي بالأمور يللي منا مختلفين فيها ! و الأمور يللي فيها خلاف تركوا النقاش فيها للعلماء !
نا مني عم قول إنو ممنوع نقرب على هالأمور ! أبداً ! لازم كل واحد منا يعرف و يسأل و .. ! بس خللي الرأي يلي اقتنعت في بهالأمور إلك !
ليش حتى نحنا نجيب هالموضوع يللي علماء مختلفين في و بدنا نحسموا نحنا بيناتنا ؟
ليش حتى تقول أنا صح و غيري لأ ؟
الله يرحم الإمام الشافعي لما قال " رأيي صواب يحتمل الخطأ ! و رأي غيري خطأ يحتمل الصواب " !
هيدا حكي عالم بيفهم ! مش أنا صح و غيري كله غلط !!!
بتمنى ما تكونوا فهمتوني غلط !
بس عتبي على إبن العم ليش ما حكي هوي هالحكي ؟ هوي أفهم مني بهيك قصص
ماشي يا أبو رجاء
شاطر بس علينا بالجامع يابن العم .
AbouRajaa
27-09-2008, 04:15 PM
السلام عليكم ،
أخي " ابن العم "
انا تريثت بالدخول في الحوار ، منتظراً سيره ، لأعرف كيف التوجه في الكلام ثم أنظر إن كنت أدخل أو لا ،
هذا من ناحية ، أما من ناحية أخرى فإن الكلام هنا محفوفٌ بالمخاطر ، في ببنين عندما " بشوف حالي عليكن " لا حرج في ذلك فكلنا من نفس المشرب ، و كلنا نعتقد بالتأويل في هذه المسائل !! و هذا ما ليس مقبولاً هنا !
سيكون لي رد مفصل إن شاء الله .
أبو حسن
27-09-2008, 10:07 PM
ربّ هيء لي من أمري رشدا ...
هذا الموضوع مفتوح لكل الأعضاء، سواء من أراد الإستفسار أو الحوار، لكني أنبه الذين يريدون الحوار إلى مراعاة الآتي:
هذا الموضوع أخذ مني جهدا لجمعه وإخراجه بهذه الصورة، لذا، ومن موقعي كمشرف، لن أسمح أن يكون هناك ردود هدفها التشغيب على الموضوع، فمن أراد أن يحاور فليتكلم بعلم أو فليسكت بحلم. لا نريد كلام عواطف هنا، بل كلام علمي...
ثم إني قد التزمت شروطا لهذا الموضوع، فمن أراد حوارا مثمرا بنّاء، فعليه التزام نفس الشروط، ومنها:
- أن يكون النقل عن العلماء المتقدمين أهل القرون الثلاثة الأولى، فهؤلاء هم من التزمتُ النقل عنهم وآخرهم وفاة هو إمام الأئمة ابن خزيمة المتوفي عام 311 هجرية، فأنا لم أنقل عن ابن قدامة أو الصابوني أو اللالكائي أو ابن تيمية أو ابن القيم أو غيرهم من أئمة أهل السنة الأجلاء، وهذا شرط أساسي حتى ينضبط الحوار ولا يتشعب، فليس مقبولا أن يأتي المحاور بردود من كلام الغزالي والرازي وابن فورك والسبكي وغيرهم... فالإلتزام بهذا الشرط مهم.
- أن يكون النقل مباشرة من كتب العلماء لا إسنادا عنهم حتى لا ندخل في مشكلة صحة الإسناد أو عدمه، فإمامنا الشافعي رضي الله عنه له أقوال مهمة جدا في مسائل الإعتقاد وباب الأسماء والصفات، وهي منقولة عنه بأسانيد صحيحة، لكني لم أذكرها مراعاة لشرط الموضوع.
وقد يقول قائل: لكنك نقلت أقاويل من كتاب (خلق أفعال العباد) للبخاري يحكي فيها كلام غيره من الأئمة وليس كلامه هو، فأجيبه: أنا لم أستشهد بقول القائل وإنما باستدلال البخاري نفسه بهذا القول، فالبخاري جعل في كتابه (باب ما ذكر أهل العلم للمعطلة الذين يريدون أن يبدلوا كلام الله) ثم استدل بأقوالهام حاكيا لها مقرا بها. وهذا ما استشهدت به...
وأي ردّ فيه خروج على هذين الشرطين أنا في حلّ من التعقيب عليه، بل لا أضمن عدم حذفه، وإن كنت سأحمل نفسي على عدم الحذف قدر الإمكان.
وهذين الشرطين برأيي ضروريّان لحصر الحوار وجعله مثمرا يؤدي إلى نتيجة.
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل...
الزاهر
27-09-2008, 11:09 PM
:)
عندما كنت اسمع بهكذا حوارات كان أول ما يجول في خاطري:
ما دمت تؤمن بأنه العليم ... والحكيم ... وبأن له المعرفة المطلقة ... وبما أنك مسلم فأنت تؤمن بأن كل كلامه سبحانه صحيح لا يقبل الشك ... وأخبرك سبحانه بأن له يد ... فكيف تقول لا .. هي ليست يد بل هي مقدرة ... سبحانه يخبر بأن له يد ... هو أعلم منك ويخبرك عن نفسه .... وهو أعلم بنفسه منك وأعلم بنفسك منك ... وأين التعارض في أن يكون سبحانه له يد ومقدرة ...وليستا كأي شيء من معلوماتنا ومدركاتنا !!!
لو أن القرآن نزل للعلماء والحكماء والعباقرة والفلاسفة واللغويين فقط ... لكنا قلنا أنه سبحانه بما أنه يخاطب هؤلاء فقط فلا ضير من تعقيد الأمور ومن تبطين المعاني وتحميلها روابط معقدة وووو ... أما والقرآن (دليل حياتنا ومعاشنا وما قبلهما وما بعدهما) نزل للبشرية بكل أطيافها فلا بد أن يكون متاحا فهمه للجميع .... تخيل (مع بعد التشبيه) مهندس صنع آداة لتكسير اللوز وجائك بدليل الإستخدام مخزن على قرص بتقنيه لم تصل إليها بعد وبلغة لا تتقنها وبتعقيد لا تستطيع ادراكه!!! ... فما فائدته؟!
ومن يحرف في الشرق ... هان عليه التحريف في الغرب !!!
بس طلعت الأصة أعقد من هيك بكثيـــــــــــــــــــــــــر ... :) ...
ثم أشكرك على التشبيه أو ما سميته نكتة أخي أبو حسن ... الذي ختمت به الموضوع .... لفتة جميلة!!!
وسؤال للأخ أبو حسن ... متى بدأت هذه التأويلات والتحويلات في المعاني وما كان سبب ذلك ؟؟
أبو حسن
28-09-2008, 09:23 AM
وسؤال للأخ أبو حسن ... متى بدأت هذه التأويلات والتحويلات في المعاني وما كان سبب ذلك ؟؟
تحليل الموضوع تاريخيا غير متيسر لي لقلة المراجع بين يدي، لكن إليك التالي، وهو من إملاء الفؤاد كما يقولون:
البدع في الإعتقاد بشكل عام كما يظهر لي بدأت مع الخوارج الذين كانوا يكفرون بالكبيرة.
ثم جاء القدرية الذين نفوا القدر ونفوا علم الله بما يكون ، ثم أثبتوا العلم بعد أن أفحمهم أهل السنة وبقوا على نفي القدر. وخرج في مقابل القدرية الجبرية.
ثم كانت فتنة المعتزلة التي بدأت كرد فعل على موقف الخوارج من الإيمان، على يدي واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد. وقد تطورت فتنتهم إلى القول بخلق القرآن.
أما مسألة نفي الصفات وتأويلها، فالجهمية هم أول من قال بها، وقد بدأ الأمر عند الجعد بن درهم الذي كان أول من قال أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسيى تكليما. فأخذ عنه الجهم بن صفوان بدعته، فأثبت أسماء الله ونفى صفاته. والأول عُرف عنه التأثر بعقائد الصابئة الحرانيين، والثاني التأثر بالسُمنية من فلاسفة الهنود.
ثم جاء بشر المريسي الذي أخذ بدعة التجهم عن الجهم ودمجها مع بدعة الإعتزال حتى صار من رؤوس المعتزلة.
فسبب هذا الإنحراف برأيي هو أمران أساسيان:
- أولا: التأويل الفاسد لآيات القرآن، كما حصل مع الخوارج، وقد ناظرهم الصحابة كابن عباس وبينوا لهم خطأهم. وهنا يظهر لنا أهمية التنبه في مسألة تفسير القرآن وبأنه يجب العودة فيه إلى قول السلف الصالح وليس إلى الهوى والرأي الفاسد.
- ثانيا: التأثر بالعقائدة الفاسدة والفلسفات الغريبة. وهنا يظهر لنا أهمية نبذ الفلسفة والإعتماد على القرآن والسنة لتشكيل العقل الإسلامي الصحيح.
هذا ما عندي باختصار، وكما أسلفت من إملاء الفؤاد، فأسأل الله أن يتجاوز عما فيه من زلل وخطأ.
وأنصحك أخي زاهر باستثمار ما بقي من إجازة الشيخ عمر في القلمون لتستفسر منه عما يشكل عليك فهو أكثر من يفيدك في هذا الباب.
AbouRajaa
28-09-2008, 01:36 PM
إن شاء الله سأتقيد بالشروط التي ذكرت أخي أبو حسن ،
أدعو الله أن يُوَفِّقنا لما يُحِبُّ و يرضى .
Nader 3:16
28-09-2008, 01:42 PM
السلام عليكم.
أولاً أشكر الاخ أبو حسن على هذا الموضوع .
و في السنوات الماضية عندما كان يدرسنا الشيخ عمر كتاب العقيدة الواسطية, تطرأ الى هذه الاشياء و تبحرنا فيها قليلاً بسبب اسئلة الحضور الذين احسوا ان بعض الاشياء و المسائل غريبة بعض الشيئ و انه ما المعنى منها , فقام الشيخ بارك الله فيه بتوضوح ما كان ملتبساً على الاخوة.
وما زلت حتى الآن لا احب النقاش في هذه المسائل,كوني ما زلت لم المس اي فائدة عملية من التفكير بهكذا مسائل.
نحن نؤمن بكل ما جاء بالعقيدة الواسطية من مسائل تتعلق بالاسماء و الصفات و بيان العلوّ و غيرها.ولكن بصراحة يا اخ ابو حسن لم اجد فوائد عملية من ذلك او ربما يوجد و انا لم اقتنع فيها.
و اليوم سأكلم الشيخ عمر بهذه المسألة عسى ان أستفيد و أفيدكم.(و الشيخ عمر بحب يحكي كتييييير بهالشغلات:))
و بارك الله بكم.
AbouRajaa
28-09-2008, 02:02 PM
في الحقيقة أخي نادر أنا مقتنعُ مثلك تماماً أن الخوض في هذه المسائل ليس له فائدة إيمانية أو عملية ، لأنَّهُ و كما أسلف أخي " الرفاعي " إذا عرفت أن الله شاهدي و أن الله ناظري و أن الله مُطَّلِعٌ عليّ و أنَّهُ سبحانَهُ يَعْلَمُ خائنة الأعيُن و ما تُخفي الصدور و ...إلخ
إذا ما كانت هذه الأمور جلية حاضرة في ذهني ، فأيُّ فائدة تتأتّى من معرفة " أين الله " ؟ و أيُّ خطرٍ يتأتى إن لم أخُضْ هذا البحر الهائج ؟؟
لكن المسألة كما تقدم الأخ " الرفاعي "
ليست مسألة سؤال و جواب ! بل المسألة مسألة نهج مُتَّبَع فعلاً ، حيث ترى من لا يهتَمُّ من الدين إلا بالمتشابهات ، و يُكَفِّرُ من لا يقول مثل قوله و ..
و المسألة فيها خلافٌ و تعقبات و مؤاخذات بين فحول العلماء ، فإذ بمن يريد الخير للأمة يريد حسم هذا الخلاف بين العوام فيطرح هذه المسائل بينهم ....إلخ
فهذا مشرك و ذاك مبتدع و ذلك ضال و ...إلخ
اللهم ردَّ المسلمين إليك مردّاً جميلاً .
لكن خطورة المسألة كما بين الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي حفظه الله ، في أنك تجد بين الخائضين في هذه المسائل ، من يأخذ آية أو بعض آيات و يترك كل ما وراء ذلك ، أو يقول أن لا التأويل مثلاً فإذا ما أتيته بدليل أوَّله ..... و هذا كما قال البوطي حفظه الله " عبثٌ بالقرآن "
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا عيى دينك .
الزاهر
28-09-2008, 03:34 PM
كلما عرفتَ الله تقربت منه ... عرفتَه بالرحمة فأحببتَه ... وعرفتَه بالكرم فشكرتَه ... وعرفتَه بالشدة فخشيتَه ....وعرفته بالعلو فرفعت يديك ودعوتَه.... هذه الفائدة العملية برأيي : لن تكون نتيجةُ مزيدِ معرفةٍ إلاّ مزيدَ تقربٍ إن شاء الله !!!
AbouRajaa
28-09-2008, 03:55 PM
لا أوافقك أخي الزاهر أبداً ، فهذا الذي سميته فائدة عملية ، ليس نتيجة يُخلصُ إليها عبر هذه المسائل !!
Nader 3:16
28-09-2008, 04:15 PM
لقد سبقتني بالرد يا اخ ابو رجاء...
فكل ما ذكرته امر مفروغ منه و ليس نتيجة لما دار عليه النقاش...
و أنا برأيي العلماء لم يتكلوا بهذه المسائل الا لما خرج من ابناء الامة من يريد الفتنة بطرحه شبهة اين الله و هل لله يد و اسئلة كثيرة...
ولكن هل ورد عن الصحابة اي خلاف نشأ في هذه المسائل؟؟؟؟؟؟؟
انا منذ فترة شهر تقريباً قرأت كتاباً كاملاً بعنوان(الكلمات الحسان في بيان علو الرحمن).و رأيت ان البعض يطرح شبهات لا ادري كيف خطرت على باله.
فأرجو منك التوضيح لإقناعنا يا اخ ابو حسن ...و انا مستعد للتراجع عن كل كلمة قلتها قد تكون عبارة عن خطأ كبير في التفكير.
AbouRajaa
28-09-2008, 04:29 PM
و هنا أذكرك أخي الزاهر أنه في زمن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ، خرج رجلُ اسمهُ "صُبَيْع " أو " صُبَيْغ " و بدأ يتكلم بالآيات المتشابهات بين الناس ، فوصل خبره الفارقَ عمر رضي الله عنه ، فبعث في طلبه ، و لما حضر ، سأله الفاروق " من أنت ؟" فقال " عبد الله صبيع ( أو صبيغ) " فقال الفاروق : و أنا عبد الله عمر " و أخذ عصاً و ظلَّ يضربه على رأسه حتى وقع مغشياً عليه ...
ثمّ في الثانية ، قال الفاروق " من أنت ؟" فقال " عبد الله صبيع ( أو صبيغ) " فقال الفاروق " و أنا عبد الله عمر " و أخذ عصاً و ظلّ يضربه على رأسه حتى و قع مغشياً عليه ،
و في الثالثة ، قال الفاروق " من أنت ؟" فقال " عبد الله صبيع ( أو صبيغ)" فقال الفاروق " و أنا عبد الله عمر " و أخذ عصاً يريد أن ينهال عليه ضرباً فقال " يا أمير المؤمنين إن أردت أن يخرج الشيطان من رأسي فقد خرج "
فتركه الفاروق رضي الله عنه ، و حذره من العودة لمثلها ، و حذر الناس منه و من الخوض بمثل الذي خاض فيه ...
و أترك الكلام الآن للأخ الفاضل أبو حسن .
أبو حسن
28-09-2008, 04:49 PM
كلمات في ثمرة معرفة الله بأسمائه وصفاته
إن هذا الدين هو دين الفطرة (فأقم وجهك للدين حنيفا، فطرة الله التي فطر الناس عليها). كل الناس فطرهم الله على الحنيفية، على التوحيد، عالمهم وجاهلهم، مؤمنهم وكافرهم، شريفهم ووضيعهم، فإما أن يغير الوالدان هذه الفطرة لدى الولد وهو صغير، وإما أن يعبث هو بفطرته فيلوثها بالفلسفة والسفسطة...
وخاطب الله عز وجل الناس بكلامه وعبر رسله بخطاب يتوافق وفطرتهم التي فطرهم عليها، خاطبهم جميعهم، عالمهم وجاهلهم، بهذا الخطاب، فكيف يكون في خطابه لهم ما لا ثمرة فيه أو فائدة، وقد طالبهم يتدبره وعقله وفهمه والعمل به؟
إن عقيدة أهل السنة والجماعة، خصوصا في باب الأسماء والصفات، ليست سوى إعادة الناس إلى فطرتهم التي فطرهم الله عليها وإزالة التشويه الذي أصابها، ليفهموا الخطاب الإلهي لهم فيعرفوا ربهم حق المعرفة، فإن حجب عنهم ذاته، عرفوه بأسماء وصفاته ونعوت جلاله، فيتعلق قلبهم به ويفهموا خطابه لهم فهما صحيحا، ويتبعوا أمره...
وما تفصيلهم في هذه المسألة إلا ردودا ألجأتهم إليها تحريفات المبطلين وتأويلات المتفلسفين الذين لا ثمرة لكلامهم إلا طمس الفطرة السليمة السوية في قلوب المؤمنين والمسلمين.
أخي نادر، تأمل معي ما يلي:
- رجل يرفع يديه بالدعاء إلى السماء، موقنا أن ربه في السماء فوق عرشه، يمدّ يديه إلى ربه متضرعا خاشعا خائفا أن يردهما ربه صفرا خائبتين، ورجل يعتقد أن لا إله فوق العرش، وما مدّ يديه إلى السماء إلا لاعتقاده أنها قبلة الدعاء... هل يستويان مثلا؟ وقل لي بربك: عامة المسلمين من الصنف الأول أم الثاني؟؟؟
- رجل يقرأ كتاب ربه، موقنا أن كل ما فيه هو كلام ربه على الحقيقة، كلام ربه الذي تكلم بكل حرف فيه، وسمعه جبريل منه، ثم نزل به على محمد غضا طريا كما سمعه من ربه جل وعلا، ورجل يقول أن الله لا يتكلم، ويقول كلام الله هو كلام نفسي، وما في هذا المصحف ليس سوى عبارة عن كلام الله... هل يستويان مثلا؟ وقل لي بربك: عامة المسلمين من الصنف الأول أم الثاني؟؟؟
- رجل يقوم الليل موقنا أن ربه ينزل آخر كل ليلة إلى السماء الدنيا بنفسه نزولا يليق بعظمته وجلاله، فيسأل: هل ما داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأعطيه؟ ورجل ينفي نزول الله ويقول أن هذا ملك يرسله الله إلى السماء... هل يستويان مثلا؟ وقل لي بربك: عامة المسلمين من الصنف الأول أم الثاني؟؟؟
إن كنت منصفا في تأمل الأمثال الثلاثة آنفا، أدركت ثمرة معرفة الله بأسمائه وصفاته...
نحن نوقن أن هذه المعرفة هي في فطرة كل إنسان، لا حاجة لتجادل إنسانا عاميا بسيطا لتقنعه أن الله في السماء فوق العرش أو أن القرآن هو كلام الله حقيقة، فهذه أمور بديهية لدى العامة إلا من تلوثت فطرتهم بعلم الكلام والمنطق السفسطائي... ومجرد ذكرها أمام أي عامي تجده يسلّم بها...
لكن لتقنع عاميا أن الله بلا مكان وأن ليس فوق العرش إله، ومن قال أنه فوق العرش يكفر لأنه حدّه... وأن الله لا يتكلم حقيقة، بل كلامه نفسي، ومن قال أنه يتكلم بحرف وصوت يكفر... هذا ما تحتاج إلى جهد لتثبته في فطرة العامي أو أي مسلم... وإن فعلت، فإنك لا تستطيع أن تمنحه الطمأنينة بهذا الإعتقاد لأنه مخالف للفطرة التي فطره الله عليها...
فالإيمان الحق بالله ومعرفته بأسمائه وصفاته يورث القلب طمأنينة وبردا وسلاما، لأنه يتوافق مع الفطرة، ويتوافق مع كلام الله في كتابه، ومع كلام نبيّه، أما من تأثر بكلام المتكلمين والفلاسفة فهو في حيرة إلى مماته، ولعلك تسأل الشيخ عمر ليحكي لك كيف مات الغزالي والرازي وما كانت آخر كلامتهم وكيف كانت حيرتهم وكيف تمنوا لو ماتوا على دين العجائز ! وهذا يعيدنا إلى كلام شيخ البخاري يزيد بن هارون، أن فهم الصفات هو كما يقرّ في قلب أي عامي... لا يحتاج إلى فلسفة ولا سفسطة ولا تأويل... هكذا وبكل بساطة...
وأساطين الأشاعرة الذين يعتبرون فهم الصفات على ظاهرها تجسيم وتشبيه، تجدهم يقفون عاجزين أمام العوام الذين لا يقدرون على مجاراتهم في تأويلهم وسفسطتهم، مما يؤدي بهم إلى الكفر أو الإستهزاء بالدين، فخلصوا إلى أنه لا تثريب على العوام إن اعتقدوا إثبات هذه الصفات، قال ابن الجوزي الأشعري في (صيد الخاطر) :
فأما إذا ابتدأ العامي الفارغ القلب من فهم الإثبات، فقيل له: ليس في السماء، ولا على العرش، ولا يوصف بيد، وكلامه إنما هو الصفة القائمة بذاته، وليس عندنا منه شيء، ولا يتصور نزوله، انمحى من قلبه تعظيم المصحف الذي الاستخفاف به كفر، ولم ينقش في سره إثبات إله، وهذه جناية عظيمة على الأنبياء توجب نقض ما تعبوا في إثباته. ا.هـ. وذكر كلاما طويلا فليراجع في مكانه.
وقد ذكر قريبا من هذا الغزالي وابن عقيل وغيرهم، وهذا دليل على أن عقيدة الأشاعرة أو المؤولة هي مناقضة ومتعارضة مع فطرة العوام بإقرار الأشاعرة أنفسهم... فتأملوا...
في الختام أذكّر أن منهجنا هو أن ندعو الناس إلى قراءة كتاب ربهم وتدبره وفهمه، ليس من منهجنا أن نخوض في آيات الصفات، من ترك الناس يقرؤون في القرآن (الرحمن على العرش استوى) أو (أأمنتم من في السماء) أو (يد الله فوق أيديهم) أو غيرها من الآيات، وذكرهم أن الله (ليس كمثله شيء) هو لا يخوض في آيات الصفات ولا يخوض فيما فيه خلاف، لكن من قال للناس، ليس فوق العرش إله، والله ليس فوقكم، وأول اليد بالقوة والنعمة، وغير ذلك من السفسطات، هو من يخوض في الكتاب بغير علم.
وما تبياننا لهذه المسائل إلا تصديا لتحريف دين الله وحجب الناس عن فهم كلام ربهم حق الفهم، لا استجرارا للخلاف ولا إيقاظا لفتنة، بل من يحرف كتاب الله هو من يبغي الفتنة في الأرض وهو من يسعر الخلاف. وما منهجنا إلا اتباع لمنهج السلف رضي الله عنهم، فالسلف لم يمنعوا السؤال عن معاني آيات الصفات، كيف وهم فسروا الإستواء والتجلي، وأثبتوا اليد والوجه وغيرها من الصفات، وهو في كتبهم وقد نقلت بعضه في موضوعي، لكنهم منعوا تكييف هذه الصفات.
فالرجل الذي جاء الإمام مالك لم يسأله: ما معنى استوى؟ فلو سأله لقال له مالك: علا وارتفع، وهو تفسير التابعين مجاهد وأبي العالية كما في صحيح البخاري، وإنما سأله كيف استوى؟ وهنا المشكلة...
وصبيغ التميمي الذي جاء عمر بن الخطاب، وقصته مشهورة(1)، لم يضربه عمر لأنه سأل عن المعنى، فعمر كان في كل مرة يسأله صبيغ عن معنى آية يجبه، وإنما ضربه لأنه فهم من سؤالاته الإعتراض على الآيات...
وهذان المثالان فيهما فائدة، فمن أوّل الآية، إنما أوّلها لاعتراضه على معناها الظاهر، فهذا شابه صبيغا، أو أوّلها لأن عقله لم يستطع تنزيه الله فشبهه فخلقه وكيّفه فاضطر إلى تأويلها، وهذا شابه الرجل الذي أتى الإمام مالك، فتأمل هذه الفائدة، فهي عزيزة...
فهذه كلمات كتبتها في عجالة، أسأل الله أن أكون قد وفقت فيها للصواب وجانبت فيها هوى النفس والزلل.
وأطلب من أخي نادر لو يتيسر له طباعة الموضوع والذهاب به إلى الشيخ عمر ويقرأه عليه ويسأله عما استشكل فيه لتعمّ الفائدة بإذن الله وتنجلي عنه الشبه بعون الله.
(1) عن سعيد بن المسيب أن صبيغًا التميمي أتى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن قوله: (وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا) قال: هي الرياح، ولولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول ما قلته، قال: فأخبرني عن (فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا) قال: هي السحاب، ولولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن (فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا) قال: الملائكة ولولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن (فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا) قال: هي السفن، ولولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوله ما قلته.
قال: ثم أَمَرَ به فضُرب مائة سوط، ثم جعله في بيت، حتى إذا برأ دعا به، ثم ضربه مائة سوط أخرى، ثم حمله على قتب، وكتب إلى أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-: أن حَرِّمْ عليه مجالسة الناس، فلم يزل كذلك حتى أتى أبا موسى الأشعري -رضي الله عنه- فحلف بالأيمان المغلظة ما يجد في نفسه مما كان يجده شيئا، فكتب إلى عمر يخبره، فكتب إليه ما إخاله إلا قد صدق، خَلِّ بينه وبين مجالسة الناس.
AbouRajaa
28-09-2008, 05:04 PM
ولعلك تسأل الشيخ عمر ليحكي لك كيف مات الغزالي والرازي
رحمهما الله ، و هل ماتا إلا على خير حالة ؟
و لمن يريد أن يعرف على أي حالة مات الغزالي ، فليس أكثر من أن يقرأ في " إحياء علوم الدين " ليعرف أيَّ قلبٍ أكرمه الله به .....
- رجل يرفع يديه بالدعاء إلى السماء، موقنا أن ربه في السماء فوق عرشه، يمدّ يديه إلى ربه متضرعا خاشعا خائفا أن يردهما ربه صفرا خائبتين، ورجل يعتقد أن لا إله فوق العرش، وما مدّ يديه إلى السماء إلا لاعتقاده أنها قبلة الدعاء... هل يستويان مثلا؟ وقل لي بربك: عامة المسلمين من الصنف الأول أم الثاني؟؟؟
أظُنُّ عامتهم على أن السماء هي قبلة الدعاء !
لأن المسألة نسبية !!
فالذي هو فوق بالنسبة لك ، هو بالنسبة لغيرك في الطرف الآخر تحت !
و كلاهما يتوجه بالدعاء إلى الله ، خاشعاً خاضعاً ، و ليس كونه في السماء فوق عرشه ، كما بينت في الصنف الأول !!
رجل يقوم الليل موقنا أن ربه ينزل آخر كل ليلة إلى السماء الدنيا بنفسه نزولا يليق بعظمته وجلاله، فيسأل: هل ما داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأعطيه؟ ورجل ينفي نزول الله ويقول أن هذا ملك يرسله الله إلى السماء... هل يستويان مثلا؟ وقل لي بربك: عامة المسلمين من الصنف الأول أم الثاني؟؟؟
بل الثاني رجل يقول كما قال العلماء الذين أولوا هذا المعنى فقالوا ينزل " أي يتجلى برحمته " كذا قال الإمام مالك ، كما أثبت ابن حجر في الفتح ، و النووي في شرح صحيح مسلم .
أبو حسن
28-09-2008, 05:12 PM
اسمح لي أخي أبو رجاء، من الآن فصاعدا لن أتسامح مع أي ردّ مخالف لشرط الموضوع، أما الإستفسار فمسموح به للجميع
ثم إن أردت أن ترد، فاجعل ردودك في مشاركة واحدة لا في مشاركات عدة فيضيع ردك ويضيع القارئ وأضيع أنا أيضا !
أبو حسن
29-09-2008, 12:59 PM
ملاحظة:
تم دمج المشاركات المتعددة ذات السياق الواحد لأبي رجاء وابن عمه الرفاعي في مشاركة واحدة لتسهيل قراءة الموضوع من قبل الأعضاء، وأتمنى عليهم في مشاركاتهم القادمة تجميع أفكارهم قبل كتابة الرد...
Nader 3:16
29-09-2008, 02:58 PM
السلام عليكم.
للأسف لم نلحق الشيخ عمر فقد سافر البارحة و كالعادة بدون ان يخبر أحد.
المهم يا أخ ابو حسن تستطيع القول انني شبه اقتنعت معك بما يخص الامثلة التي ضربتها.
و الاخ ابو رجاء دخل بكلام فلسفي بما يخص الجهة.
وانا بإعتقادي الكلام في هذه المسائل لم ينتج الا عندما بدأ المبتدعة بتأويل و تشبيه او تعطيل الصفات و لذلك وجب الرد عليهم كي لا يقوموا بإفساد عقيدة العباد و لذلك لم نرى من بين الصحابة من كان يتكلم بهذه المسائل.
و لنا عودة. ان شاء الله
الرجل المعتدل
30-09-2008, 06:42 PM
السلام عليكم ،
كنت بداية قد قررت عدم الدخول في الحوار ، لكن كلام الأخ نادر الأخير و بعد ما قدم به الأخ أبو حسن رأيت أن أدخل ،
أولاً أرى الإخوة قد اختلط عليهم مفهوم التأويل و مفهوم التفويض !
أما التأويل فليس كما يقول المانعون من أنه تعطيلُ للصفات و الآيات ، بل هو صرف المعنى الظاهر بقولٍ مقبولٍ عقلاً و لا يخالف الأصول ، من باب التنزيه و الحرص على عقيدة العامة ، و مثالُ على ذلك : الآية الكريمة :" و قالت اليهود يد الله مغلولة ، غُلَّتْ أيديهم و لعنوا بما قالوا ، بل يداهُ مبسوطتان يُنفقُ كيف يشاء .." هذه الآية تأويل لفظ اليد فيها عند من قال بالتأويل " البخل في قول اليهود " و " الكرم في ردِّ رب العالمين على افترائهم " و هذا تأويلٌ يقبله العقل و ليس فيه ما يخالف الثوابت والأصول .
و هذا هو دأب من قال بالتأويل في التأويل ، هو صرف الكلام عن المعنى الظاهر إلى معنى مقبول عقلاً و شرعاً و ليس كما صوَّرهُ المانعون من أنه فلسفة و نفي لصريح المعنى و .....
أما التفويض عند من قال بالتفويض فهو كما قال الإمام أحمد " أمرّوها بلا كيف و لا معنى " أي الإيمان بها من دون الدخول في المعنى فلا نُفَسِّرُ الكلامَ لغةً و ننفي الكيفية " كأن نثبت لله يداً و ننفي كيفيتها !! فليس هذا هو التفويض الذي عناه الأئمة الذين قالوا بالتفويض ، فترى من يقول اليوم بالتفويض يُثْبِتُ اليد و الرجل و العين و ... و ينفي الكيفية و هذا ليس تفويضاً بل هو عين التجسيم !!! "
فالذي يقول بالتفويض لا يُفَسِّر الكلامَ لفةً و ينفي الكيفية !!!
فإذا تبينت هذه الحقيقة ، ظهر جلياً أن من يقول اليوم بالتفويض و ينكر على من قال بالتأويل ، إنما هو قد اختلطت عليه الحقائق و بالغ في معاداة غيره عن جهل و ليس دفاعاً عن العقيدة كما يدعي !!
لا أريد أن أزيد على ذلك إلا أمراً و هو طلب من الأخ أبو حسن " طلب من أخ مٌحِبٍّ في الله : بأن لا ينال من أحد من الأئمة كما فعل حيث قال " سل الشيخ عمر عن الغزالي و الرازي على أي حالة ماتا ، لأنَّ هذا لا يدعم رأيهٌ في شيء فنحن نتحاور بالذي قالوه فننقده إن أردنا ، أما ما عدا ذلك فأمرهم فيه إلى الله ، هو مولانا و مولاهم ".
و السلامُ عليكم و رحمة الله و بركاتُه .
AbouRajaa
30-09-2008, 07:34 PM
بارك الله بك أخي الرجل المعتدل ، و جزاك خيراً على هذا الرد المُوَفَّق الذي ما كنت لأزيد عليه حرفاً واحداً، إذ كنت قد رأيت أنه لا بد من العودة إلى تعريف المفاهيم قبل الخوض في أي نقاش ، لأن ذلك لن يصل بنا إلى أي نتيجة ، قبل الإتفاق على تعريف المفاهيم أصلاً .
أخوكم أبو رجاء.
أبو حسن
30-09-2008, 09:47 PM
أخي المعتدل،
أعيد وأكرّر... فالتكرار يعلم الشطار...
هذا الموضوع له شروط، بغض النظر عن "إعجابي" بردّك كونك نقلت عن الإمام أحمد رحمه الله دون غيره، لكن رجاء احترام الشروط، ومنها أن ننقل عن العلماء من كتبهم. فلو أردتُ مثلا أن أنقل عن إمامنا الشافعي رضي الله عنه من أقواله في مسائل الإعتقاد التي رُويت عنه بالسند الصحيح عندنا، لحبّرت لك صفحات المنتدى. لكننا نريد نقاشا علميا يصل إلى نتيجة، لذا شدّدنا في الشروط حتى يكون النقاش علميا وهادفا.
وضّح ما شئت وحدّد ما شئت من مفاهيم ومصطلحات لكن مع الإلتزام بشروط الموضوع:
أن يكون النقل عن أهل القرون الثلاثة الأولى وأن يكون من كتبهم.
وهذه ليست شروطا تعجيزية، فالمسائل التي نتكلم بها حصلت في زمنهم وقد سبقونا في الكلام عليها كما نقلتُ عنهم آنفا.
وإلى المعتدل أقول، ليتك تقرأ ما كتبتُه كاملا خصوصا ما نقلته عن البخاري والترمذي رحمهما الله.
الرجل المعتدل
01-10-2008, 04:32 PM
أخي الفاضل أبو حسن ،
عذراً إن لم ألتزم بالشروط التي وضعتها ، لكن كما قلتُ سابقاً أنا لم أكن أنوي الدخول في هذا الحوار، غير أني رأيتُ لزاماً عليَّ المشاركة ( ربما تكون الأخيرة) ، إذ تذكرتُ الحوار السابق في التوسل كيفَ كنتَ تقول عن شيء سميتهُ التوسل بالذات أنهُ شرك، و الأخ أبورجاء يسميه " استغاثةً" و يقصدُ بالتوسل بالذات غير ما تقصد أنت ! فأنى لهكذا حوار أن يصل إلى نتيجة !
فقررتُ المداخلة ، بشيء من مخزون الذاكرة فتعذر إيراد المراجع !
فاعذرني.
و الختام سلام.
ALRifai
02-10-2008, 05:12 PM
أخي أبو حسن ، سلام و بعد :
أنت قلت أن أي استفسار أو استيضاح مسموحٌ به .
أخي إن الذي جعلني أوافق الأشاعرة في هذا الباب هو الآتي:
هو أني أرى الذي يقول إن الله في السماء و يٌنكر على من قال خلافَ ذلك ، مستدلاً بآيات من الكتاب كنحو قوله تبارك و تعالى :" أأمنتم من في السماء ..."
أراهُ قد غَفَلَ أو تغافلَ عن آياتٍ أُخِر، كنحو قوله " و هو معكم أينما كنتم" و " و نحن أقرب إليه من حبل الوريد" و .........إلخ
أخي إن هذه المسألة عقدية، لذا فإن الخوض فيها بالاستناد إلى آياتٍ من الكتاب و ترك آياتٍ أخر تتناقضُ و المعنى الذي يُخْلَصُ إليه من غير إيرادها ، هو كما قال البوطي حفظه الله " عبث بالقرآن".
" أفتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض ؟؟"
لعلك توضح لنا هذه المسألة و جزاك الله خيرا.
ملاحظة : الأخ أبو رجاء لن يدخل في الحوار قبل أن يستكمل البحث الذي بدأ به.
أبو حسن
02-10-2008, 08:50 PM
أخي أبو حسن ، سلام و بعد :
أنت قلت أن أي استفسار أو استيضاح مسموحٌ به .
أخي إن الذي جعلني أوافق الأشاعرة في هذا الباب هو الآتي:
هو أني أرى الذي يقول إن الله في السماء و يٌنكر على من قال خلافَ ذلك ، مستدلاً بآيات من الكتاب كنحو قوله تبارك و تعالى :" أأمنتم من في السماء ..."
أراهُ قد غَفَلَ أو تغافلَ عن آياتٍ أُخِر، كنحو قوله " و هو معكم أينما كنتم" و " و نحن أقرب إليه من حبل الوريد" و .........إلخ
أخي إن هذه المسألة عقدية، لذا فإن الخوض فيها بالاستناد إلى آياتٍ من الكتاب و ترك آياتٍ أخر تتناقضُ و المعنى الذي يُخْلَصُ إليه من غير إيرادها ، هو كما قال البوطي حفظه الله " عبث بالقرآن".
" أفتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض ؟؟"
لعلك توضح لنا هذه المسألة و جزاك الله خيرا.
ملاحظة : الأخ أبو رجاء لن يدخل في الحوار قبل أن يستكمل البحث الذي بدأ به.
بل نؤمن بالكتاب كله على أنه الحق من ربنا؛ ونرى أن هذه الآية تصحّ على من ينفي صفات الله ومن يتأولها لا من يثبتها ويؤمن بها ويمرّها كما جاءت...
أما جواب سؤالك، فقد أجبت عليه في كلامي الآنف، وهذا يُثبت أنك لم تقرأ ما كتبته آنفا... على كل حال، أعيد الجواب عليه بالتفصيل بعون الله وعلى شرط الموضوع لا أخرج عنه !
آيات القرآن يفسّر بعضها بعضا، كما أن أقوال السلف تفسّرها لنا.
تأمل معي هذه الآيات التي فيها ذكر المعية:
قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.
قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
قال تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً}
فالنظر في هذه الآيات يدلّ، بما لا يدع مجالا للشك، بأن المقصود هنا معية العلم، أي أن الله معنا بعلمه، وليس معية اختلاط أو أنه في كل مكان كما يقول بعض الزنادقة من المتصوفة والحلولية وغيرهم.
ويعزز هذا النظر، تفسير السلف لهذه الآية، والنقول عنهم كثيرة متوافرة، لكني ألتزم شرط الموضوع ولا أنقل عنهم بالسند، إنما أنقل ما كان من كلامهم في كتبهم:
- أخرج البخاري في (خلق أفعال العباد) عن معدان قال:
سألت سفيان الثوري عن قول الله عز وجل: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} قال: "علمه" (وأذكّر أنني هنا لا أستدل بقول سفيان وإنما باستدلال البخاري به، حتى لا يُقال أني خالفت شرط الموضوع)
- قال بن قتيبة في كتابه (تأويل مختلف الحديث) وتأمل قوله فهو قول نفيس في بيان الجمع بين آيات العلو والإستواء من جهة وآيات المعية من جهة أخرى:
"نحن نقول في قوله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} إنه معهم يعلم ما هم عليه، كما تقول للرجل وجّهته إلى بلد شاسع، احذر التقصير فإني معك، تريد أنه لا يخفى عليَّ تقصيرك، وكيف يسوغ لأحد أن يقول: إنه سبحانه بكل مكان على الحلول فيه مع قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ومع قوله {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} كيف يصعد إليه شيء هو معه، وكيف تعرج الملائكة إليه وهي معه، ولولا أن هؤلاء رجعوا إلى فطرهم، وما ركبت عليه خِلَقُهم من معرفة الخالق لعلموا أن الله هو العلي وهو الأعلى، وأن الأيدي ترتفع بالدعاء إليه، والأمم كلها عجميها وعربيها، تقول: إن الله في السماء. ما تركت على فطرها".
- افتتح المزني رحمه الله، وهو تلميذ إمامنا الشافعي رضي الله عنه، رسالته (شرح السنة) بقوله :
"الحمد لله أحق من ذكر وأولى من شكر" إلى أن قال: "علا على عرشه في مجده بذاته، وهو دان بعلمه من خلقه، أحاط علمه بالأمور".
- قال الإمام الدارمي رحمه الله في كتابه (الرد على الجهمية) باب (استواء الرب تبارك وتعالى على العرش، وارتفاعه إلى السماء وبينونته من الخلق) :
"فاحتج بعضهم فيه بكلمة زندقة استوحش من ذكرها وتستر آخر من زندقة صاحبه فقال: قال تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} قلنا: هذه الآية لنا عليكم لا لكم، إنما يعني أنه حاضر كل نجوى، ومع كل أحد من فوق العرش بعلمه، لأن علمه بهم محيط، وبصره فيهم نافذ، لا يحجبه شيء عن علمه وبصره، ولا يتوارون منه بشيء، وهو بكماله فوق العرش بائن من خلقه {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}، أقرب إلى أحدهم من فوق العرش من حبل الوريد، قادر على أن يكون له ذلك، لأنه لا يبعد عن شيء ولا يخفى عليه خافية في السموات ولا في الأرض، فهو كذلك رابعهم، وخامسهم، وسادسهم، لا أنه معهم بنفسه في الأرض كما ادعيتم، وكذلك فسرته العلماء".
- قال الإمام الدارمي في كتابه (النقض على بشر المريسي) :
"وقال أهل السنة: إن الله بكماله فوق عرشه، يعلم ويسمع من فوق العرش، لا يخفى عليه خافية من خلقه، ولا يحجبهم عنه شيء"
- قال ابن أبي شيبة في كتابه (العرش) :
"ذكروا أن الجهمية يقولون: إن ليس بين الله وبين خلقه حجاب، وأنكروا العرش، وأن يكون الله فوقه، وقالوا إنه في كل مكان" وذكر أشياء إلى أن قال: "فسرت العلماء {وَهُوَ مَعَكُمْ} يعني بعلمه، توافرت الأخبار أن الله خلق العرش فاستوى عليه بذاته فهو فوق العرش بذاته، متخلصا من خلقه بائنا منهم"
- قال ابن جرير الطبري رحمه الله تفسيره، وقد نقلته آنفا لكني أعيده لعل من يقرأ ردي هذا لم يطلع على مشاركتي أعلاه :
في تفسير قوله تعالى {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}: "يقول: هو شاهد لكم أيها الناس أينما كنتم، يعلمكم ويعلم أعمالكم ومتقلبكم ومثواكم، وهو على عرشه فوق سبع سمواته" .
وقال في تفسير قوله تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ...} الآية: "وعنى بقوله {هُوَ رَابِعُهُمْ} بمعنى مشاهدهم بعلمه وهو على عرشه".
أقول: فهذه أقوال أئمة الإسلام في بيان معنى "المعية"، ولو أردت الخروج عن شرط الموضوع في نقل أقوالهم لطال بي المقام، سواء أقوال من هم بعد المائة الثالثة من كتبهم أو ما نُقل بالسند عن أهل القرون الثلاثة الأولى..
ومن تأمل الآيات ثم تامل أقوال السلف في تفسيرها، وجد أنه لا تعارض بين القول بعلو الله على العرش وبمعيته لخلقه بعلمه، وأننا هنا نجمع الآيات لتفسّر بعضها البعض، لا أننا نثبت حينا ونؤول حينا كما يزعم من يُثبتون بعض الصفات كالحياة والإرادة والسمع والبصر وينفون ويتأولون اليد والوجه وغيرها، وظهر له جليا بُطلان قول البوطي ومن ذهب مذهبه...
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل...
ALRifai
04-10-2008, 01:03 PM
أخي الفاضل أبو حسن أرجو أن لا تتثاقل من كثرة أسئلتي، بيد أن هذا الموضوع موضوع عقدي، وصل البعض إلى رمي البعض بالكفر لأجله، لذا فأنا حريص على إزالة كل التباس، لذا قد أثقل عليك بكثرة الأسئلة، فإن لم تكن على استعداد للإجابة لضيق الوقت أو الإنشغال أو ... فلا بأس بذلك، لكن ليتك تخبرني بذلك.
أخوكم الرفاعي.
الرجل المعتدل
04-10-2008, 08:17 PM
.أخي الفاضل أبو حسن، في كل مرة أقرأ فيها ردودك أقف حائراً ،
فاسمح لي بسؤال: هل تجد في ردك الأخير جواباً للتفسير الذي طلبه الأخ الرفاعي ؟
بصراحة أنا لم أرَ ذلك، و إنما رأيتك تؤكد فكرته التي تجعلهُ يتمسك برأي الأشاعرة، حيث رأيتكَ تقول بالتأويل في هذه الآيات و ترفضهُ في غيرها !؟ فتأمل !
و يحضرني كلام لأبي حنيفة أعتقد أنه قاله في كتابه " الإعتقاد" حيث قال: إن من سئل أين الله فقال لا أعرف أفي السماء هو أم في الأرض فقد كفر أو أشرك ....."
هذا الكلام إن من يقول قولك ينقله عن الإمام أبي حنيفة هكذا من غير أن يورد التعليل الذي قاله أبو حنيفة و الذي قرأته في كتابه المذكور ، حيث قال الإمام بعد قوله " فقد كفر أو أشرك" قال رحمه الله " لأنه أثبت لله مكاناً " .
و نقل هذا الكلام و من دون ذكر هذا التعليل ، هو حجة لمن قال بعدم جواز التأويل في هذا الباب !!! أما مع هذا التعليل فهو حجة عليه !!!!!
و غير ذلك الكثير مما يستشهد به من أنكر على من قال بالتأويل ، تراه ينقل كلاماً مجتزءاً فيحملهً معنىً غير معناه الذي أراده العالم الراحل ..........
هذا ما أردت قوله، و للحديث تتمة إن شاء الله.
و عذراً على أني مشاركتي متقطعة، لكن لسبب أجهله في كل مرة أجمعها في مشاركة واحدة لا أتمكن من رفع المشاركة !!! لا أعرف ما السبب .
و الختام سلام.
- ملاحظة من المشرف: تم دمج المشاركات الست سوية في مشاركة واحدة
أبو حسن
04-10-2008, 09:54 PM
أخي الفاضل أبو حسن أرجو أن لا تتثاقل من كثرة أسئلتي، بيد أن هذا الموضوع موضوع عقدي، وصل البعض إلى رمي البعض بالكفر لأجله، لذا فأنا حريص على إزالة كل التباس، لذا قد أثقل عليك بكثرة الأسئلة، فإن لم تكن على استعداد للإجابة لضيق الوقت أو الإنشغال أو ... فلا بأس بذلك، لكن ليتك تخبرني بذلك.
أخوكم الرفاعي.
أخي الرفاعي،
أهلا بك وبأسئلتك، مهمتي هي الإشراف والبيان حين يلزم الأمر، فإن كنت لا أدري أقول "لا أدري"، وإن وجدت في نفسي نفرة أو استثقالا لأسئلة معينة، أقول لك مباشرة: "لن أجيب"
لكن ليتك تخبرني بتعليقك على جوابي عن سؤالك السابق...
أبو حسن
04-10-2008, 10:51 PM
.أخي الفاضل أبو حسن، في كل مرة أقرأ فيها ردودك أقف حائراً ،
فاسمح لي بسؤال: هل تجد في ردك الأخير جواباً للتفسير الذي طلبه الأخ الرفاعي ؟
بصراحة أنا لم أرَ ذلك، و إنما رأيتك تؤكد فكرته التي تجعلهُ يتمسك برأي الأشاعرة، حيث رأيتكَ تقول بالتأويل في هذه الآيات و ترفضهُ في غيرها !؟ فتأمل !
و يحضرني كلام لأبي حنيفة أعتقد أنه قاله في كتابه " الإعتقاد" حيث قال: إن من سئل أين الله فقال لا أعرف أفي السماء هو أم في الأرض فقد كفر أو أشرك ....."
هذا الكلام إن من يقول قولك ينقله عن الإمام أبي حنيفة هكذا من غير أن يورد التعليل الذي قاله أبو حنيفة و الذي قرأته في كتابه المذكور ، حيث قال الإمام بعد قوله " فقد كفر أو أشرك" قال رحمه الله " لأنه أثبت لله مكاناً " .
و نقل هذا الكلام و من دون ذكر هذا التعليل ، هو حجة لمن قال بعدم جواز التأويل في هذا الباب !!! أما مع هذا التعليل فهو حجة عليه !!!!!
و غير ذلك الكثير مما يستشهد به من أنكر على من قال بالتأويل ، تراه ينقل كلاماً مجتزءاً فيحملهً معنىً غير معناه الذي أراده العالم الراحل ..........
هذا ما أردت قوله، و للحديث تتمة إن شاء الله.
و عذراً على أني مشاركتي متقطعة، لكن لسبب أجهله في كل مرة أجمعها في مشاركة واحدة لا أتمكن من رفع المشاركة !!! لا أعرف ما السبب .
و الختام سلام.
- ملاحظة من المشرف: تم دمج المشاركات الست سوية في مشاركة واحدة
أخي المعتدل (جعلك الله إسما على مسمى)
تريد الدخول في الموضوع، أهلا وسهلا بك، لكن حدّد في أي موقع تريد أن تكون... السائل أم المحاور...
تزعم انك تريد متابعة الحوار دون تدخل ثم تتدخل فيه بطريقة فيها شيء من التشغيب... ترمي الشبهة وتمشي... ثم تقول أنا لا أتدخل في النقاش...
الأخ الرفاعي سأل، وأنا أجبته، فدعه يحدّد هو إن كان مقتنعا بجوابي أم لا...
إن كان لديك استفسار حول جوابي له، فلك كل الحق بطرحه...
وإن كنت تريد مناقشتي حول جوابي له، فأيضا لك كل الحق في النقاش لكن مع التزام شروط الموضوع
أما أن ترمي شبهك وتمشي، فهذا هو التشغيب بعينه وهو يؤدي إلى تشتيت الموضوع...
مع ذلك سأجيبك عن الشبهة التي طرحتها لأن في الجواب عليها فائدة بإذن الله لمن يتابع هذا الموضوع...
أبو حنيفة رحمه الله ما قال ما افتريته عليه، وما أظنك إلا ناقلا لهذا الكلام من إذاعة الأحباش أو مجلتهم أو أحد منشوراتهم...
قال أبو حنيفة رحمه الله في كتابه "الفقه الأبسط":
من قال لا اعرف ربي في السماء او في الأرض فقد كفر وكذا من قال إنه على العرش ولا ادري العرش أفي السماء او في الأرض والله تعالى يدعى من اعلى لا من أسفل ليس من وصف الربوبية والألوهية في شيء وعليه ما روى في الحديث ان رجلا اتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأمة سوداء فقال وجب علي عتق رقبة أفتجزىء هذه فقال لها النبي e أمؤمنة أنت فقالت نعم فقال أين الله فأشارت إلى السماء فقال اعتقها فإنها مؤمنة. ا.هـ.
وبما أن كتاب الفقه الأبسط ليس متوفرا بين يدي الآن، تفضل رابط كلام أبي حنيفة أنقله لك من موقع "ابن عربي"، وهو موقع محايد، بل قل معادي، حتى لا تتهمني بأني أحرّف كلامه:
www.ibnalarabi.com/ebooks/ebook.asp?bkid=6837&page=135&part=1
هل أدركت الآن لم أتهمك بأن ردك الأخير هو تشغيب على الموضوع؟
لأنك أتيت بكلام مشوّه محرّف لأبي حنيفة، لا من موقع السائل المستفسر، ولا من موقع المحاور المناقش، رميت شبهتك ومشيت.
أما الفائدة في هذا الرد، فهي الإشارة إلى أني تركت الإقتباس من كتابي (الفقه الأكبر) و (الفقه الأبسط) لأبي حنيفة، ومن كتاب (الرد على الجهمية) لأحمد بن حنبل، حتى أخرج من الخلاف حول إثبات هذه الكتب لأصحابها، والخلاف فيها مشهور، وإن كانت نسبة كتاب أحمد بن حنبل إليه أرجح بكثير من نسبة كتابي أبي حنيفة إليه، والله تعالى أعلم...
AbouRajaa
04-10-2008, 11:22 PM
أخي الفاضل أبو حسن ، لعلك تسمح لي بتوضيح بسيط نيابةً عن أخي الرجل المعتدل ، فأقول :
المسألة ليست نقلاً عنهم بل هي مغَبَّةُ التحريف و التصحيف التي ملأت الأرض مشارقاً و مغارباً و فيها ما فيها من الخبث
، و الكتاب الذي يتكلم عنه أخي الرجل المعتدل ، كنت قد اطلعت عليه ، و أخبرتُهُ أنَّ فيه ما لم أقرأه عندما قرأت نسخة من الكتاب سابقاً ، و لعل مسألة التحريف التي طالت المكتبة الإسلامية لا تخفى عليك !
أخوكم أبو رجاء.
عذراً على المشاركة المتقطعة ، لكن منذ الصباح و كل مشاركة أكتبها تزيد عن الأربع أو الخمسة أسطر لا أتمكن من رفعها !!
لكن حتى أكون منصفاً فإن القول الذي نسبه أخي الرجل المعتدل لأبي حنيفة ، قد قرأتُهُ في أكثر من بحث لكن لم أقرأه في الكتاب الذي ذكره !!!
" كنت فقط أريد أن أوضح أنه لا ينقل عن الأحباش !"
- ملاحظة من المشرف: تم دمج المشاركات سوية في مشاركة واحدة
Nader 3:16
05-10-2008, 06:12 AM
نحن نتابع الموضوع يا شباب و نرجو ان يكون هادفاً.
و انا بصراحة شفت انو وءت عم ؤول (هل معرفة اين الله ستزيد من ايماني و ما شاكلها) حسيت انو فيها سوء ادب مع المولى عز وجلّ لأنو هذه عقيدة...و الايمان اصلاً مبني عالعقيدة الصحيحة.
و السلام عليكم
أبو حسن
05-10-2008, 07:52 AM
أهلا بك أخي نادر، ويسرني أنك مازلت متابعا للموضوع وأتمنى أن يكون الزاهر مازال متابعا له أيضا
ورجاء ألا تبخلوا عليّ بملاحظاتكم أو استفساراتكم حتى يحقق الموضوع هدفه... فبالنسبة لي، الموضوع ليس مطروحا لاستعراض العضلات أو للجدل العقيم، وإنما لتوضيح مسائل الإعتقاد وبيان منهج السلف وأئمة الإسلام المتقدمين في هذا الباب
الزاهر
05-10-2008, 09:10 AM
أهلا بك أخي نادر، ويسرني أنك مازلت متابعا للموضوع وأتمنى أن يكون الزاهر مازال متابعا له أيضا
ورجاء ألا تبخلوا عليّ بملاحظاتكم أو استفساراتكم حتى يحقق الموضوع هدفه... فبالنسبة لي، الموضوع ليس مطروحا لاستعراض العضلات أو للجدل العقيم، وإنما لتوضيح مسائل الإعتقاد وبيان منهج السلف وأئمة الإسلام المتقدمين في هذا الباب
ولو ... :) ... متابعين لحظة بلحظة وفِتر بفِتر كمان !!
لكن القصة بأن القضية شبه واضحة ولا تحتاج تعقيد كما أراها وتتطلب فقط قليل إعمال عقل وقليل متابعة وتدقيق في السنة والحديث والآيات الكريمات.
وسبحان الله ... منذ لحظات مرت معي هذه الآيات من سورة الرعد :
المر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ ۗ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِّنَ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿١﴾
اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ۚ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ﴿٢﴾
على كل ... أشكر جميع المشاركين في الموضوع على جديتهم وعلى المستوى الرفيع نوعا ما من الحوار الذي نتمنى أن يعم أرجاء المنتدى.
ALRifai
05-10-2008, 04:57 PM
أخي أبو حسن ، بعد جزيل شكري على ردك ، أقول : صراحةً ، إنَّ ردَّكَ زادني اقتناعاً برأيي ، قد يكون لأنه صواب، أو لأنني لم أدرك تماماً مقاصد ردك !
كيف ذلك ؟؟؟؟
ذلك أنك في ردك الأخير، أخذت بقو ل القائلين بالتأويل ، فأولت هذه الآيات كلها !!
و أنت عندما ذكرت آيات أخر في بداية الموضوع كنحو قوله:"أأمنتم من في السماء .." أخذتها على المعنى الظاهر و لم تَقُل بالتأويل !
AbouRajaa
05-10-2008, 05:39 PM
أخي أبوحسن،
الخلاف في هذه المسألة ينقسم إلى قسمين:
1- مشروعية السؤال " أين الله ؟ " ( و هذا سأعود للدخول فيه لاحقاً إن شاء الله )
2- التأويل و التفويض ، و حتى يستقيم الحوار أطلب منك أن تُعَرِّفَ لنا التأويل و التفويض، كيما نتفق على المفاهيم أولاً.
أخوكم أبو رجاء.
أبو حسن
05-10-2008, 09:04 PM
أخي أبوحسن،
الخلاف في هذه المسألة ينقسم إلى قسمين:
1- مشروعية السؤال " أين الله ؟ " ( و هذا سأعود للدخول فيه لاحقاً إن شاء الله )
2- التأويل و التفويض ، و حتى يستقيم الحوار أطلب منك أن تُعَرِّفَ لنا التأويل و التفويض، كيما نتفق على المفاهيم أولاً.
أخوكم أبو رجاء.
التأويل لغة هو تفسير الكلام وبيان معناه.
أما التأويل الإصطلاحي عند المتأخرين، فهو صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى معنى مرجوح لدليل يقترن به. قال ابن حزم ر حمه الله في كتابه (الإحكام في أصول الأحكام) :
التأويل نقل اللفظ عما اقتضاه ظاهره، وعما وضع له في اللغة إلى معنى آخر.
فإن كان نقله قد صح ببرهان، وكان ناقِلُه واجبَ الطاعة فهو حق.
وإن كان نقله بخلاف ذلك، اطُّرح ولم يلتفت إليه، وحُكم لذلك النقل بأنه باطل. إ.هـ.
التفويض لغة: مصدر فوّض، يقال فوضت إلى فلان الأمر أي صيرته إليه وجعلته الحاكم فيه.
أما التفويض اصطلاحا فهو:
صرف اللفظ عن ظاهره مع عدم التعرض لبيان المعنى المراد منه بل يترك ويفوض علمه إلى الله (النظام الفريد بتحقيق جوهرة التوحيد. حاشية على إتحاف المريد بجوهرة التوحيد).
والتفويض في الأصل هو فرع من مذهب المعتزلة الذين كانوا يعتبرون أسماء الله أعلاماً محضة، فكانوا يقولون (سميع بلا سمع، بصير بلا بصر، رحيم بلا رحمة) بينما يعتبر المفوض الصفات أعلاماً محضة. والنتيجة لكليهما التعطيل، وحينئذ لا فرق بين المعتزلة الذين جعلوا أسماء الله أعلاماً محضة وبين الأشاعرة المفوضة الذين جعلوا صفات الله أعلاماً محضة. فإنه لو كانت أسماء الله وصفاته أعلاماً محضة لم تكن حسنى.
وصدق من قال:
المؤولة (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ) [النّساء 46].
والمفوضة (لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاّ أَمَانِيّ) [البقرة 78]، أي إلا تلاوة للفظ، لا يفهمونه ولا يتدبرونه. مع أن ثمرة التلاوة يجب أن تكون التفكر وتدبر المعاني.
تعريف التفويض منقول بتصرف بسيط من رسالة (إبطال مذهب التفويض) للشيخ عبدالرحمن دمشقية
أبو حسن
05-10-2008, 09:44 PM
أخي أبو حسن ، بعد جزيل شكري على ردك ، أقول : صراحةً ، إنَّ ردَّكَ زادني اقتناعاً برأيي ، قد يكون لأنه صواب، أو لأنني لم أدرك تماماً مقاصد ردك !
كيف ذلك ؟؟؟؟
ذلك أنك في ردك الأخير، أخذت بقو ل القائلين بالتأويل ، فأولت هذه الآيات كلها !!
و أنت عندما ذكرت آيات أخر في بداية الموضوع كنحو قوله:"أأمنتم من في السماء .." أخذتها على المعنى الظاهر و لم تَقُل بالتأويل !
أخي الفاضل الرفاعي،
أولا، راجع تعريف التأويل في مشاركتي السابقة
ثانيا، وفقا للتعريف أعلاه، أنا لم أقم بعملية تأويل لآيات المعية أي صرف اللفظ عن معناه الصحيح لغة، للأسباب التالية:
- المعية لغة لا تستلزم المخالطة بالذات، قال تعالى (إني معكما أسمع وأرى)، والشواهد في هذا كثيرة لا تخفى على مثلكم. لذا فأنا لم أصرف اللفظ عن معناه الظاهر بل فسرته بأحد معانيه اللغوية الجائزة ومنها العلم والنصرة والتأييد وغيرها...
- سياق الآيات كما بينته لا يقتضي المخالطة بالذات لورود هذه الآيات إجمالا ضمن سياق يفيد العلم أو يشير إلى العلم ووردود بعضها الآخر ضمن سياق يفيد التأييد أو النصرة، إلخ. فأنا لم أصرف الآيات عن معناها اللغوي الجائز لها.
- ورود التفسير عن السلف رضي الله عنهم لهذه الآيات بما قد بيّنته في مشاركتي الآنفة.
فلهذه الأسباب جميعا أنا لم أقم بعملية تأويل (إصطلاحا) بل تفسير.
ثالثا، أعطيك مثالا (contre exemple) لتوضيح فكرتي.
من فسر الإستواء بالإستيلاء فقد قام بعملية تأويل، للأسباب التالية:
- صرف اللفظ عن معناه اللغوي الراجح إلى معنى مرجوح غير جائز لغة.
قال الذهبي في كتابه (العلو) :
أنبأنا الأزهري أنبأنا محمد بن العباس أنبأنا نفطويه حدثنا داود بن علي قال كان عند ابن الأعرابي فأتاه رجل فقال يا أبا عبد الله ما معنى قوله تعالى (الرحمن على العرش استوى) قال هو على عرشه كما أخبر فقال الرجل ليس كذاك إنما معناه إستولى فقال اسكت ما يدريك ما هذا العرب لا تقول للرجل إستولى على الشيء حتى يكون له فيه مضاد فأيهما غلب قيل إستولى والله تعالى لا مضاد له وهو على عرشه كما أخبر. ثم قال: الإستيلاء بعد المغالبة. إ.هـ.
يقول أبو حسن: وإسناد هذه الرواية مسلسل بأئمة اللغة !!!
وهذه القصة رواها غيرما واحد من الأئمة والعلماء وتجدها في لسان العرب، وقد رويت قصة شبيهة بها عن الخليل.
وليس لمن أوّل الإستواء بالإستيلاء مستند سوى بيت للشاعر الأموي النصراني الأخطل قال فيه الحافظ ابن كثير في (البداية و النهاية) :
وكان الاخطل من نصارى العرب المتنصرة قبحه الله وابعد مثواه وهو الذي انشد بشر ين مروان قصيدته التي يقول فيها:
قد استوى بشر على العراق * من غير سيف ودم مهراق
وهذا البيت تستدل به الجهمية على أن الاستواء على العرش بمعنى الاستيلاء وهذا من تحريف الكلم عن مواضعه وليس في بيت هذا النصراني حجة ولا دليل على ذلك ولا أراد الله عز وجل باستوائه على عرشه استيلاءه عليه تعالى الله عن قول الجهمية علوا كبيرا فانه إنما يقال استوى على الشيء إذا كان ذلك الشيء عاصيا عليه قبل استيلائه عليه كاستيلاء بشر على العراق واستيلاء الملك على المدينة بعد عصيانها عليه وعرش الرب لم يكن ممتنعا عليه نفسا واحدا حتى يقال استوى عليه آو معنى الاستواء الاستيلاء ولاتجد اضعف من حجج الجهمية حتى أداهم الإفلاس من الحجج إلى بيت هذا النصراني المقبوح وليس فيه حجة والله اعلم. إ.هـ.
- سياق آيات الإستواء لا يساعد على تفسيرها بالإستيلاء، فليس في سياقها شيء يدل على المغالبة أو القهر.
- لم يرد عن أحد من السلف أنه فسّر الإستواء بالإستيلاء، بل صح عن جمع منهم أنهم فسروه بالعلو والإرتفاع، وقد سبق ذكر شيء من أقوالهم في موضوعنا هذا.
فهذا هو الفرق بيني وبين من يؤوّل، أتمنى أن أكون قد وفقت لتوضيحه وتجليته لك وللأخوة المتابعين للموضوع.
ALRifai
06-10-2008, 03:41 PM
أخي أبو حسن
لعلك كونت تصوراً عن الحالة التي أنا فيها، و لعلك أدركت شيئاً مما أنا أفكر به ، لذلك اسمح لي أن آخذ من وقتك في كشف ما التبس عليّ.
أنا في الحقيقة في مسائل العقيدة لم أقرأ على أحد من العلماء بعد"لأسباب عائلية" و إنما كان لي جهد متواضع
، و الذي كنت أقرأه دائماً في كل كتابٍ أقرأه هو التالي :
أنَّ التعاطي مع الآيات المتشابهات لا يمكن أن يكون إلا بإحدى الطريقتين : إما التأويل و إما التفويض ، وكنت أقرأ أن تعريف التفويض هو : أمروها بلا كيف و لا معنى ! أي نؤمن به كلٌّ من عند ربنا دون الدخول في التفسير ، اللغوي أو الاصطلاحي ...
أما التأويل فهو صرف الكلام عن المعنى الظاهر إلى معنى آخر يقبله العقل و لا يخالف الأصول !!!و أن المذهبان إنما هما مذهب سلف الأمة الصالح من عهد الصحابة ، و إنما اصطلاحاً سًمِّيَ من قال بالتفويض بالسلف و سمي من قال بالتأويل بالخلف !
و كنت أرى أن هذا الكلام صحيح إذ لا يمكن الخوض في هذه الآيات بسبيل أخرى " تأويل أو تفويض"
و كنت أقرأ دائماً في هذا الباب قولهم : ..... أوِّلهُ أو فَوِّضْ و رُمْ تَنزيها !!!
لكنما تعريفك الأخير بكل صراحة : أدخلني في حيرة !؟؟ إذ ما عاد التأويل هو التأويل الذي أعرف و لا التفويض !
أبو حسن
07-10-2008, 12:38 PM
أخي الفاضل الرفاعي،
ردكم الأخير وضح الكثير من الأمور لي كما أنه أثلج صدري بأن ما كتبتُه إلى الآن لم يذهب سدى وإنما آتى شيئا من ثماره بحمد الله.
أخي الكريم، إن ما تجده في صدرك قد وجدته أنا قبلك، والتخلص منه بعون الله يسير، يحتاج إلى جهد المُقلّ مع تصحيح النية واللجوء إلى الله طلبا للهداية وسلوك الطريق الصحيح في مثل هذه المسائل. وأول الطريق ما سلكتُه هنا حيث اقتصرت في نقلي على كلام أئمة الإسلام المتقدمين من أهل القرون الثلاثة الأولى الذين مدحهم النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه وشهد لهم بالخيرية، وسيأتي مزيد بيان حول هذه المسألة.
وإني مرشدك إلى أمور فيها توجيه ما ورد في ردّك الأخير، إن تأملتها بعون الله جلا الله عنك الحيرة واستطعت تمييز ما أنت فيه وما يجب أن تكون عليه.
أولا:
أراك أخذت عقيدتك من المتون وكتب المتأخرين. لذا ما إن تقرأ شيئا من كلام السلف حتى تقع في الحيرة، لأنه وقع في قلبك مما قرأت أن مذهب السلف التفويض (وسيأتيك الرد على هذا لاحقا) فكيف التوفيق بين ما قرأته وبين أقوال السلف؟
أخي الفاضل، المسألة بسيطة. المتأخرون إنما كتبوا ما كتبوا متأثرين بعلم الكلام ومباحث الفلاسفة وما أدخلوه على دين الإسلام من اصطلاحات وأقوال الدين منها براء.
سبيل تلقي العقيدة هو كتاب الله، وسنة نبيّه الذي أمره الله بتبليغ وبيان كتابه، ثم أقوال الصحابة وتابعيهم وتابعي تابعيهم والأئمة المتقدمين الذين حفظوا هذه الأقوال ونقلوها لنا في كتبهم.
هل طالعت يوما كتب السنن؟ هل طالعت صحيحي البخاري ومسلم أو سنن الترمذي وأبي داوود والنسائي وابن ماجه؟
هل طالعت كتب العلم والإيمان والتفسير والرد على الجهمية في كتب السنن المذكورة أعلاه؟
هل طالعت كتب العقيدة التي كتبها الأئمة الأوائل في التوحيد والإيمان والإعتقاد والردّ على الجهمية؟
هل قرأت (خلق أفعال العباد) للبخاري؟
هل قرأت (تأويل مشكل الحديث) لابن قتيبة؟
هل قرأت (التوحيد) لإمام الأئمة ابن خزيمة؟
هل قرأت (السنة) لأبي بكر الخلال، وابن أبي عاصم، والبربهاري وغيرهم ؟
هل قرأت (الإيمان) لابن منده والبغوي والقاسم بن سلام وغيرهم؟
هل قرأت في (اعتقاد أهل السنة) للالكائي والصابوني والإسماعيلي وأبو الحسن الكرجي والآجري وقوام السنة الأصبهاني وغيرهم؟
هذه كلها كتب ألفها أئمة أجلاء بينوا فيها مسائل الإعتقاد لا على طريقة المتأخرين ممن مزجوا العقيدة بعلم الكلام والفلسفة، وإنما على طريقة المتقدمين (قال، حدثنا)، يذكرون المسألة ويذكرون أقوال السلف فيها. فمن أراد معرفة طريقة السلف في مسائل الإعتقاد، فلا سبيل له إلا قراءة هذا الكتب والنظر فيها.
ثانيا:
هناك شبهة قوية تتمكن في قلوب المتأثرين بمذهب الأشاعرة، ألا وهي: كيف أخالف هذا المذهب ويه يقول أئمة كبار كالغزالي والرازي والباقلاني وابن فورك والنووي وابن حجر (والأخيران ليسا أشاعرة وإنما وافقوهم في مسائل وخالفوهم في أخرى) وابن دقيق العيد والسبكي وابن عساكر وغيرهم...
وجواب هذه الشبهة يسير بعون الله، ففي مقابل هؤلاء الأئمة هناك أئمة أجل منهم قدرا وأعلا رتبة، كالبخاري والترمذي وأحمد بن حنبل والشافعي وابن قتيبة وابن خزيمة وأبو عبيد القاسم بن سلام والآجري وقوام السنة الأصبهاني وشيخ الإسلام الصابوني والبغوي وعبدالغني وابن قدامة المقدسيين، وغيرهم كثير. فعقيدة هؤلاء جميعم مخالفة لما كان عليه الأشاعرة من التأويل والتفويض (الذي جاء به الأشاعرة المتأخرون كما سيأتي بيانه)
فالمسألة مسألة دين وعقيدة، وكل إمام يؤخذ من قوله ويردّ، ولا ينبغي لمن وجد في نفسه الأهلية في مطالعة كلام العلماء أن يقلّدهم تقليدا أعمى خصوصا في مسائل التوحيد والإعتقاد:
فكل من قلّد في التوحيد * إيمانه لا يخلو من ترديد
فمن تجرّد للحق نظر في كلام الفئتين، ورأى أيهما أقرب لمنهج السلف وطريقتهم في مسائل الإعتقاد.
ثالثا:
قولك أن مذهب السلف هو التأويل أو التفويض.
والرد على هذه المسألة يحتاج لاستفاضة، فاسمح لي بها.
لكن بداية، أشير إلى أمرين:
- يبدو أنك لم تضبط المذهب الأشعري جيدا في هذه المسألة، فقد استقر قول متأخري الأشاعرة على أن مذهب السلف هو تفويض المعنى وأن مذهب المتأخرين في تأويل المعنى أحكم، لذا يكثر في كلامهم (مذهب السلف أسلم، وطريقة الخلف أحكم وأعلم). على كل حال، هذا ليس بحثنا حاليا.
- يبدو كذلك أنك لم تضبط معنى المحكم والمتشابه، وهذا بحث طويل ليس هنا مكانه، لكن ما ظهر لي بعد تمحيص، أن آيات الصفات ليس من المتشابه وأن هذا الزعم أنها من المتشابه ليس عليه أي دليل من كلام السلف.
وفي المشاركة القادمة بإذن الله، بيان منهج السلف في إثبات الصفات وتفويض الكيف لا تفويض المعنى.
أبو حسن
07-10-2008, 12:51 PM
منهج السلف هو تفويض الكيف لا تفويض المعنى
التفويض، كما يعرّفه الأشاعرة ليس مذهبا للسلف، بل مذهب السلف إثبات الصفة وإثبات معناها وتفويض كيفيتها. وقد أوردت في أوّل هذا الموضوع نصوصا كثيرة على شرط الموضوع تثبت أن السلف فسروا الصفات فراجعها، فالسلف إنما فوضوا كيفية الصفة. لذلك حين جاء الرجل إلى الإمام مالك، لم يسأله عن معنى الإستواء، والسلف فسروه كما في صحيح البخاري، وإنما سأله عن الكيفية، فكان جواب مالك: الإستواء معلوم (تأمل قوله معلوم)، والكيف مجهول (وفي رواية غير معقول وفي أخرى مرفوع).
وهذا أوضح ردّ على من زعم أن السلف فوضوا المعنى، بل أثبتوا المعنى وفوضوا الكيف، وهذا هو معنى قول السلف الذي ورد عن غير ما شخص منهم إلى حدّ يبلغ معه التواتر المعنوي: (أمروها كما جاءت بلا كيف). كما جاءت أي أثبتوها على ظاهرها، لا تتعرضوا لها بتأويل، وإنما لا تكيّفوها ولا تقولوا كيف. وكل قول آخر للسلف، مندرج تحت هذا القول. وسيأتي بيان هذا المعنى بجلاء فلا تتعجل الإعتراض عليه.
فمن زعم أن السلف فوضوا الصفات ولم يفسروها، جانب الصواب، فالسلف فسروا الكثير من الصفات وأثبتوها. وارجع إلى تفسير آيات الصفات في تفسير الطبري، تجده ينقل عن السلف إثباتها والكلام عليها لا تفويضها كما يدعي متأخرو الأشاعرة.
وتأمل قول الترمذي الذي نقلته لك آنفا بعد إيراده حديث الصدقة، حيث قال:
وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، قالوا: قد تثبت الروايات في هذا ويؤمن بها، ولا يتوهم ولا يقال كيف. هكذا روي عن مالك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أمروها بلا كيف. وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة.
(يقول أبو حسن: هذا الإمام الترمذي ينقل أن السلف أثبتوا الصفات، لم يقولوا اليد ليست صفة ولا ندري ما هي كما يقول المفوضة، بل أثبتوا الصفة وفوضوا كيفيتها)
وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه. وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا إن الله لم يخلق ادم بيده. وقالوا إن معنى اليد ها هنا القوة.
(يقول أبو حسن: تأمل مقالته في الجهمية ثم قارن بينهم وبين الأشاعرة وقل لي بربك ما الفرق بينهم؟
كلاهما قالوا إثبات الصفات تشبيه، وتأولوها بمعاني غير المعاني التي أثبتها السلف)
وقال إسحاق بن إبراهيم: إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد أو مثل يد أو سمع كسمع أو مثل سمع. فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه وأما إذا قال كما قال الله تعالى يد وسمع وبصر ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيها وهو كما قال الله تعالى في كتابه: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)
(يقول أبو حسن: فمن أثبت اليد وقال ليست كيد أحد من المخلوقات ولا مثلها، فقد جانب التشبيه، وهذا منهج السلف، فهل الأشاعرة على هذا المنهج؟)
الآن ننتقل إلى نقطة مشكلة، أوردتها في كلامك، وأنت محق في استشكالها، فقد استشكلتُها أنا نفسي فترة طويلة ووقفت عندها حائرا حتى جلاها الله لي بفضله ورحمته؛ ألا وهي ما ثبت عن السلف أنهم قالوا : أمروها كما جاءت بلا تفسير، وفي بعض الروايات بلا معنى (وأنا غير أكيد من ثبوت اللفظ الثاني، بينما اللفظ الأول ثابت)
فالإشكال عندي كان: أن السلف أثبتوا الصفات وفسروها، والترمذي في النص السابق قال عن الجهمية: (فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم) فهذا دليل منه على أن أهل العلم فسروا هذه الصفات، فكيف نجمع بين القولين ونفهم قولهم (بلا تفسير)؟؟؟
فهم المسألة يكون بنص آخر أورده الترمذي نفسه في سننه !!! حيث قال:
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:
يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد، ثم يطلع عليهم رب العالمين فيقول: ألا يتبع كل إنسان ما كانوا يعبدونه؟
فيمثل لصاحب الصليب صليبه ولصاحب التصاوير تصاويره ولصاحب النار ناره فيتبعون ما كانوا يعبدون ويبقى المسلمون. فيطلع عليهم رب العالمين فيقول: ألا تتبعون الناس؟
فيقولون: نعوذ بالله منك نعوذ بالله منك، ألله ربنا هذا مكاننا حتى نرى ربنا.
وهو يأمرهم ويثبتهم. ثم يتوارى ثم يطلع فيقول: ألا تتبعون الناس؟
فيقولون: نعوذ بالله منك نعوذ بالله منك، ألله ربنا وهذا مكاننا حتى نرى ربنا.
وهو يأمرهم ويثبتهم.
قالوا: لا يارسول الله
قال: فإنكم لا تضارون في رؤيته تلك الساعة.
ثم يتوارى ثم يطلع فيعرّفهم نفسه ثم يقول: أنا ربكم فاتبعوني.
فيقوم المسلمون ويوضع الصراط فيمرون عليه مثل جياد الخيل والركاب وقولهم عليه سلم سلم ويبقى أهل النار فيطرح منهم فيها فوج ثم يقال: هل امتلأت؟
فتقول: (هل من مزيد)؟
ثم يطرح فيها فوج فيقال: هل امتلأت؟
فتقول: (هل من مزيد)؟
حتى إذا أوعبوا فيها وضع الرحمن قدمه فيها وأزوى بعضها إلى بعض ثم قال: قط.
قالت: قط قط.
فإذا أدخل الله أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، قال: أتي بالموت ملببا فيوقف على السور الذي بين أهل الجنة وأهل النار.
ثم يقال: يا أهل الجنة. فيطلعون خائفين.
ثم يقال: يا أهل النار. فيطلعون مستبشرين يرجون الشفاعة.
فيقال لأهل الجنة وأهل النار: هل تعرفون هذا؟
فيقولون هؤلاء وهؤلاء: قد عرفناه هو الموت الذي وكل بنا.
فيضجع فيذبح ذبحا على السور الذي بين الجنة والنار ثم يقال: يا أهل الجنة خلود لا موت ويا أهل النار خلود لا موت.
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم روايات كثيرة مثلُ هذا؛ ما يُذكر فيه أمر الرؤية أن الناس يرون ربهم، وذكر القدم وما أشبه هذه الأشياء.
والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة؛ مثل: سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك وابن عيينة ووكيع وغيرهم أنهم رووا هذه الأشياء ثم قالوا: تروى هذه الأحاديث ونؤمن بها ولا يقال كيف؟ وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن تروى هذه الأشياء كما جاءت ويؤمن بها ولا تفسر ولا تتوهم ولا يقال كيف وهذا أمر أهل العلم الذي أختاروه وذهبوا إليه.
ومعنى قوله في الحديث فيعرفهم نفسه يعني يتجلى لهم.
فتأمل تعقيب الإمام الترمذي جيدا على هذا الحديث ينجلي لديك الإشكال بعون الله.
قوله أن السلف قالوا: (نؤمن بها). فمن فوض اليد أو القدم أو أوّلهما، هل آمن بهما؟ فالسلف آمنوا بهذه الصفات وفوضوا كيفيتها.
وقوله (لا تفسر) أي لا تكيّف ولا تتوهم ولا تتصور.
فانظر كيف قال (لا تفسر) ثم عقبها مباشرة بقوله (ومعنى قوله في الحديث فيعرفهم نفسه يعني يتجلى لهم) فانظر إليه كيف فسّرها !!! هل أنه ناقض نفسه؟
فتأمل هذا المعنى يظهر لك أن التفسير الذي قال أنه مذهب السلف هو إثبات الصفة وفهم معناها، والتفسير الذي نفاه هو تكييف الصفة وتوهمها ومحاولة تصورها.
فالسلف كما هو جلي أثبتوا هذه الصفات وفسروا معانيها، ولو نقلت عنهم على غير شرط الموضوع لسوّدت صفحات المنتدى بأقوالهم، لذا أنصحك بالرجوع إلى كتب الأئمة المتقدمين في الإعتقاد ففيها الغنية والبيان الواضح لمذهب السلف.
ولمزيد بيان معنى قولهم (بلا تفسير)، وأنهم إنما عنوا بالتفسير التكييف، أنقل لك ما يلي:
روى الإمام الدارقطني في كتابه (الصفات) عن أبي عبيدة القاسم بن سلام قوله:
هذه الأحاديث صحاح، حملها أصحاب الحديث بعضهم عن بعض، وهي عندنا حق لا شك فيه، ولكن إذا قيل: كيف وضع قدمه، وكيف ضحك؟ قلنا: لا يفسر هذا ولا سمعنا أحدا يفسّر. إ.هـ.
وروى الأزهري في كتابه (تهذيب اللغة) هذا القول عن أبي عبيدة حيث قال:
وأخبرني محمد بن إسحاق السعدي عن العباس الدوري أنه سأل أبا عبيد عن تفسيره وتفسير غيره من حديث النزول والرؤية فقال:
هذه أحاديث رواها لنا الثقات عن الثقات حتى رفعوها إلى النبي عليه السلام؛ وما رأينا أحدا يفسرها، فنحن نؤمن بها على ما جاءت ولا نفسرها.
قال الأزهري: أراد أنها تترك على ظاهرها كما جاءت. إ.هـ.
حتى البيهقي نفسه وهو أشعري وافق على هذا المعنى فقال:
وإنما أراد والله اعلم فيما تفسيره يؤدي إلى تكييف. إ.هـ.
وعلى نفي الكيفية أيضا يُحمل قولهم (بلا معنى) إن ثبت.
روى قوام السنة الإمام الأصبهاني في كتابه (الحجة في بيان المحجة) بسنده حديث الرؤية (إنكم تنظرون إلى ربكم كما تنظرون إلى القمر ليلة البدر). ثم قال:
فقال رجل في مجلس يزيد بن هارون الواسطي: يا أبا خالد ، ما معنى هذا الحديث؟
فغضب وحرد وقال: ما أشبهك بصبيغ وأحوجك إلى مثل ما فعل به، ويلك، من يدري كيف هذا؟ إ.هـ.
فانظر كيف فهم سؤاله عن المعنى أنه سؤال عن الكيفية، فهذا ما نفاه السلف.
وأختم بجملة من أقوال أئمة السلف، على شرط الموضوع، في بيان منهجهم في التعامل مع آيات وأحاديث الصفات، وأن منهجهم هو إثباتها وإثبات معناها، ونفي الشبيه عنه سبحانه مع تفويض الكيفية، نثري بها هذا البحث وتبيّن لك مخالفة منهجهم لترهات المتكلمين والفلاسفة:
قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله في كتابه (التبصير بمعالم الدين) :
فإن قال لك الجـهـمي: أنكرت ذلك (أي نزول الله) لأن الهبوط نقلة وذلك من صفات الأجسام.
قيل له: وما برهانك على أن معنى المجيء والهبوط هو النقلة والزوال، وكيف لم يجز عندكم أن يكون معنى المجيء والهبوط والنزول بخلاف ما عقلتم من النقلة والزوال من القديم الصانع، وقد جاز عندكم أن يكون معنى العالم والقادر منه بخلاف ما عقلتم ممن سواه؟. إ.هـ.
وقال في نفس الكتاب أيضا:
فإن قيل: فما الصواب من القول في معاني هذه الصفات التي ذكرت، وجاء ببعضها كتاب الله عز وجل ووحيه، وجاء ببعضها رسول الله، قيل: الصواب من هذا القول عندنا: أن نثبت حقائقها على ما نَعرف من جهة الإثبات ونفي الشبيه كما نفى ذلك عن نفسه جل ثناؤه فقال: (ليس كمثله شي وهو السميع البصير. إ.هـ.
قال إمام الأئمة ابن خزيمة رحمه الله تلميذ تلاميذ إمامنا الشافعي رضي الله عنه في كتابه (التوحيد) في ما يعتقده في صفة النزول:
باب ذكر أخبار ثابتة السند، صحيحة القوام، رواها علماء الحجاز والعراق عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول الرب إلى السماء الدنيا كل ليلة
نشهد شهادة مقر بلسانه، مصدق بقلبه، مستيقن بما في هذه الأخبار من ذكر نزول الرب، من غير أن نصف الكيفية لأن نبينا المصطفى لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا إلى سماء الدنيا، وأعلمنا أنه ينزل.
والله جل وعلا لم يترك، ولا نبيه عليه السلام، بيان ما بالمسلمين الحاجة إليه من أمر دينهم.
فنحن قائلون مصدقون بما في هذه الأخبار من ذكر النزول، غير متكلفون القول بصفته أو بصفة الكيفية، إذ النبي لم يصف لنا كيفية النزول. إ.هـ.
وأبو حنيفة كما في الكتاب المنسوب له (الفقه الأكبر) أثبت الصفات ونفى تأويلها. وإليك صورة من مخطوطة لكتاب (الفقه الأكبر) محفوظة في مكتبة الجامع الأزهر، حتى لا نختلف على النص المنقول،حيث يبدو أن في النسخ المطبوعة منه اختلاف:
http://www.qalamoun.com/Forum/attachment.php?attachmentid=1286&stc=1&d=1223368816
وله يد ووجه ونفس ، كما ذكر الله تعالى في القرآن، ولا يقال إن يده قدرته أو نعمته ، لأن فيه إبطال الصفة ، وهو قول أهل القدر والاعتزال، ولكن يده صفة بلا كيف، وغضبه ورضاؤه صفتان من صفات الله تعالى بلا كيف. إ.هـ.
فانظر كيف أثبت اليد وأنها صفة ونفى تأويلها بالقدرة أو النعمة كما يؤولها الأشاعرة، ونفى تكييفها.
وأنهي بهذا القول الجامع للإمام الحافظ الذهبي من كتابه (العلو) :
وكما قال سفيان وغيره قراءتها تفسيرها، يعني أنها بينة معروفة واضحة في اللغة لا يبتغى بها مضائق التأويل والتحريف، وهذا هو مذهب السلف مع اتفاقهم أنها لا تشبه صفات البشر بوجه إذ الباري لا مثل له في ذاته ولا في صفاته. إ.هـ.
أبو حسن
07-10-2008, 12:59 PM
بيان أن كبار الأشاعرة رفضوا التفويض ونزهوا كلام الله ورسوله عنه
رد ابن فورك في كتابه (مشكل الحديث وبيانه) على المفوضة الذين يزعمون أن ألفاظ الصفات مما لا يُفهم معناه قائلاً:
واعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما خاطبنا على لغة العرب فإذا ورد منه الخطاب حمل على مقتضى حكم اللغة
وقال:
النبي صلى الله عليه وسلم إنما خاطبنا بذلك ليفيدنا أنه خاطبنا على لغة العرب بألفاظها المعقولة فيما بينها المتداولة عندهم في خطابهم فلا يخلو أن يكون قد أشار بهذه الألفاظ إلى معان صحيحة مفيدة أو لم يشر بذلك إلى معنى وهذا مما يجل عنه أن يكون كلامه يخلو من فائدة صحيحة ومعنى معقول.. وأن لا معنى لقول من قال إن ذلك مما لا يفهم معناه إذ لو كان كذلك لكان خطابه خلوا من الفائدة وكلامه معنى عن مراد صحيح وذلك مما لا يليق به صلى الله عليه وسلم
وأضاف:
لو كان معنى الصفات غير مفهوم لكان خطاب الله خالياً من الفائدة، وعارياً عن معنى صحيح: وهذا مما لا يليق بالنبي صلى الله عليه وسلم
قال القشيري في (التذكرة الشرقية) :
وكيف يسوغ لقائل أن يقول في كتاب الله ما لا سبيل لمخلوق إلى معرفته ولا يعلم تأويله إلا الله؟ أليس هذا من أعظم القدح في النبوات وأن النبي صلى الله عليه وسلم ما عرف تأويل ما ورد في صفات الله تعالى ودعا الخلق إلى علم ما لا يعلم [قال جابر بن عبد الله في حجة النبي صلى الله عليه وسلم "ورسول الله بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله" (مسلم رقم 147)]؟ أليس الله يقول بلسان عربي مبين؟ فإذن: على زعمهم يجب أن يقولوا كذب حيث قال: (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) [الشّعراء 195]، إذ لم يكن معلوماً عندهم، وإلا: فأين هذا البيان؟
وإذا كان بلغة العرب فكيف يدعي أنه مما لا تعلمه العرب ؟
أضاف:
ونسبة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه دعا إلى رب موصوف بصفات لا تعقل: أمر عظيم لا يتخيله مسلم فإن الجهل بالصفات يؤدي إلى الجهل بالموصوف، وقول من يقول: استواؤه صفة ذاتية لا يعقل معناها، واليد صفة ذاتية لا يعقل معناها، والقدم صفة ذاتية لا يعقل معناها تمويه ضمنه تكييف وتشبيه ودعاء إلى الجهل… وإن قال الخصم بأن هذه الظواهر لا معنى لها أصلاً فهو حكم بأنها ملغاة وما كان في إبلاغها إلينا فائدة وهي هدر. وهذا محال… وهذا مخالف لمذهب السلف القائلين بإمرارها على ظواهرها » [إتحاف السادة المتقين 2/110 – 111 صريح البيان 35 ط: مجلدة].
قال بدر الدين العيني في كتابه (إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل) :
وهذه المعاني المسماة إن لم تكن معلومة ولا معقولة للخلق ولا لها موضع في اللغة استحال خطاب الله الخلقَ بها! لأنه يكون خطاباً بلفظ مهمل لا معنى له، وفي ذلك ما يتعالى الله عنه، أو كخطاب عربي بلفظ تركي لا يعقل معناه... وهذا على قول هؤلاء لا يمكن أن يعلم معناه إلا الله، فيكون خطاباً بما يحير السامع، ولا يفيده شيئاً، ويلزم منه ما لا يخفى على العقلاء ما يتقدس خطاب الله عنه.
أبو محمد القلموني
07-10-2008, 06:39 PM
يقول الله عز وجل في كتابه العزيز : ( الرحمن علم القرآن خلق الإنسان)
فدلت هذه الآية على أن أعظم ما امتن به الله على الخلق هو نعمة القرآن و أنها أعظم و أجل من نعمة الخلق . فلذا قدمها عليها مع أنها لا تباشر إلا بنعمة الخلق. لكن السبق في الوجود لا يوجب السبق في الفضل و المنزلة.
فهذه النعمة الإلهية الباهرة يحتاجها كل أحد أكثر من حاجته إلى الهواء الذي يتنفسه. بل إن كل حركة و كل سكنة و كل نفس يعيشه الإنسان بعيدا عن موضوع القرآن و منطقه و أجوائه و أهدافه هو غبن و خسارة محققة لا ريب فيها. يقول الله عز و جل : ( ومن أعرض عن ذكري فإنه له معيشة ضنكا) و يقول : ( و من يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين ) و الشيطان حتما لا يقود الإنسان إلى ما يعود عليه بالخير البتة. يقول الله عز وجل ( الشيطان يعدكم الفقر ) فكل وعوده و كل تزيينه هي فقر في فقر من فقر فوق فقر.
والله تعالى و صف كتابه بأنه أبين الكتب و أوضحها و أبعدها عن الطلسمة و الإلغاز. وهذا لا ينافي بلاغته في شيء بل هذا من الإعجاز الذي لا يقدر عليه أحد. حيث يمتنع على أحد أن يخط سفرا في غاية البلاغة و غاية البيان . فهذا وصف اختص به القرآن وباين به كل بيان آخر. يقول الله عز وجل : ( قد جاءكم من الله نور و كتاب مبين ) ، ( و لقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر )
ومن قرأ كتاب الله و أعمل النظر فيه وجد هذه الحقيقة صارخة تنادي على نفسها بنفسها. يقول الله عز وجل ( و كلوا و اشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ) فلم يقف عند هذا مع أنه قد يكفي في البيان لكنه أعقبه بقوله ( من الفجر).
و يقول : ( و الذين آمنوا و اتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم ) فلم يكتف بهذا الذي قد يوهم بأن تبعة الذرية قد تقع على الآباء فأعقبها بقوله ( و ما ألتناهم من عملهم من شيء . كل امرئ بما كسب رهين)
ويقول الله عز وجل : ( إن الإنسان خلق هلوعا ) و أعقبها بما لا مزيد عليه في البيان ( إذا مسه الشر جزوعا و إذا مسه الخير منوعا إلا المصلين)
وقال الله : ( فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك ) وحتى لا يتوهم متوهم أنه كذلك غير مكلف بالتحريض و الدعوة أتبعها بقوله : ( وحرض المؤمنين)
وقال الله : ( و الذين آمنوا و عملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ) فتأمل كيف جاء هنا بقوله ( لا نكلف نفسا إلا وسعها) لئلا يتوهم متوهم أن المقصود الإتيان بكل الطاعات المقدور عليها و المعجوز عنها.
وهذا الأسلوب في البيان مطرد يعم الآيات التي فيها محل النزاع و أعني التي تناولت الصفات الخبرية . فالله عز وجل يقول: ( وكلم الله موسى ) و أتبعها مباشرة بقوله : ( تكليما) فأتى بالمصدر المؤكد لئلا يتوهم متوهم أن التكليم هنا مجاز كما يقول به البعض!!!
وقال الله تعالى : ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها و تشتكي إلى الله و الله يسمع تحاوركما ) و أتبعه بقوله: ( إن الله سميع بصير) رفعا لأي إلتباس تعطيلي !
وهذا و غيره أمثلة شاهدة على أن القرآن في أعلى مراتب البيان و أبعد ما يكون عن الطلسمة و الإيهام. و هذا بلا شك مقصد كل بيان يريد المبين عنه أن يفهم المخاطب مراده ليفيد منه. فأما إذا خلا المبين عن هذا الهدف ، سلك مسالك الإلغاز و الإيهام المعروفة التي ننزه كتاب الله عنها.
فإذا تأملت أحاديث الصفات وجدتها كذلك تنضح بالبيان و التبيين و رفع اللبس و الإيهام. ففي حديث الرؤية يقول النبي صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم : ( إنكم ترون ربكم عيانا كما ترى الشمس في الظهيرة صحوا ليس دونها سحاب ، وكما يرى القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ) . فتأمل هذه الألفاظ النبوية الواضحة القاصدة إلى إزالة أي لبس قد يعلق في الاذهان!
ويقول النبي عليه الصلاة و السلام ( ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ) ثم أتبعها زيادة في التوضيح و قطعا للطريق على كل متأول متوهم : ( ليس بينه و بينه ترجمان يترجم له و لا حاجب يحجبه) !
ولما قرأ حبيبنا محمد صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم ( وكان الله سميعا بصيرا) وضع إبهامه على أذنه و التي تليها على عينه تحقيقا لا تشبيها ! فتأمل!
وأمثال هذا كثير مستفيض لا يحويه مقال مختصر.
وبعد :
فإني وجدت أخانا أبا الحسن قد أوضح الفكرة و حشد لها ما يكفي من الأدلة عن سلف الأمة . وهذا جهد مشكور و عمل مبرور أسأل الله أن يثيبه عليه عزا في الدنيا و رفعة في الآخرة.
غير أنني أستميحه عذرا بالتعليق على بعض ما جاء في مداخلات الإخوة مما رأيت أنه يحتاج إلى شيء من البسط و الشرح.
فقد ورد في كلام الأخ : ( الرجل المعتدل ) قوله:
(فترى من يقول اليوم بالتفويض يُثْبِتُ اليد و الرجل و العين و ... و ينفي الكيفية و هذا ليس تفويضاً بل هو عين التجسيم !!! ") !!!
وأقول: هذا منك يا أخي حكم متعجل غير معتدل جانبت فيه الصواب كل المجانبة بل لو تأملته حق التأمل لوجدته باطلا صريحا مستلزما لأشنع اللوازم و أفسدها على الإطلاق. فإن تفويض المعنى الذي دافعت عنه هو شر من التأويل قطعا . لأن المتأول وإن كان يصرف اللفظ عن ظاهره إلا أنه ينزه القرآن عن أن يكون خطابا لنا بما لا نفهمه و لا نعقله. من هنا نجد المتقدمين من هؤلاء قد نشطوا في الرد على المفوضة و ألزموهم بإلزامات في غاية القبح و الفساد.
فهذا ابن فورك تلميذ تلميذ أبي الحسن الاشعري رحمهم الله جميعا يعد قول المفوضة طعنا في النبي صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم . و قد نقل لنا كلامه الأخ أبو الحسن جزاه الله كل خير. و أعيد هنا منه بعض المواضع : (اعلم أن أول ما في ذلك أنا قد علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما خاطبنا بذلك ليفيدنا أنه خاطبنا على لغة العرب ، بألفاظه المعقولة فيما بينها ، المتداولة عندهم في خطابها فلا يخلو أن يكون قد أشار بهذه الألفاظ إلى معانٍ صحيحة مفيدة ، أو لم يشر بذلك إلى معنى. وهذا مما يجل عنه أن يكون كلامه يخلو من فائدة صحيحة ومعنى معقول ) ثم يقول : ( وأن لا معنى لقول من قال: إن ذلك مما لا يفهم معناه. إذا لو كان كذلك لكان خطابه خلوا من الفائدة وكلامه معرى عن مراد صحيح , وذلك مما لا يليق به صلى الله عليه وسلم )
و بمثل هذا قال القشيري رحمه الله كما تجده في كلامه الذي نقله لنا الأخ أبو الحسن عن التذكرة الشرقية :
(وكيف يسوغ لقائل أن يقول في كتاب الله ما لا سبيل لمخلوق إلى معرفته ولا يعلم تأويله الا الله ؟
أليس هذا من أعظم القدح في النبوات وأن النبي صلي الله عليه وسلم ما عرف تأويل ما ورد في صفات الله تعالي ودعا الخلق إلى علم ما لا يعلم ؟
أليس الله يقول : بلسان عربي مبين ؟
فإذاً : على زعمهم يجب أن يقولوا كذب حيث قال " بلسان عربي مبين " إذ لم يكن معلوماً عندهم ، وإلا: فأين هذا البيان ؟ وإذا كان بلغة العرب فكيف يدعي أنه مما لا تعلمه العرب ؟ ونسبة النبي صلي الله عليه وسلم إلى إنه دعا إلى رب موصوف بصفات لا تعقل : أمر عظيم لا يتخيله مسلم فأن الجهل بالصفات يؤدي إلى الجهل بالموصوف .)
فالصحيح هو تفويض الكيف لا المعنى . و هو الوارد عن السلف كما بين الأخ الكريم أبو الحسن.
و ليس في تفويض الكيف دون المعنى تشبيه كما توهم (الرجل المعتدل) . بل المعطل المفرغ لألفاظ الصفات من معانيها هو الواقع في التشبيه مرتين . الأولى لما سمع الصفة فأثبت لها لوازما تشابه لوازمها فيما لو أضيفت إلى المخلوق ، ففر من تشبيهه الموهوم بتعطيل الصفة! والثانية لما جعل ألفاظ الصفات بمنزلة الأسماء التي لا حقيقة لها ! فصار معبوده بهذا مشابها للأصنام التي خلع عليها عابدوها أسماء لا حقيقة لها و لا تعلق لها بها بوجه من الوجوه!
وأما صفة المعية فليس فيها ما يوجب تأويلها بصرف لفظها عن ظاهره. فإن المعية والقرب لا يقتضي المجاورة و المخالطة و لا المسافة المكانية المخلوقة. فهي معية حقيقية و هو قرب حقيقي لا نشبهه بقرب المخلوق من المخلوق . لأن الصفة تتبع الموصوف كما هو معلوم. و القول في الصفات هو كالقول في الذات. فلما أثبتنا لله ذاتا حقيقية لا تشابه الذوات المخلوقة فهمنا معناها و فوضنا كيفيتها ، فإننا نلتزم إثبات جميع ما أثبته الله لنفسه كذلك بالطريقة عينها. فنقول في الصفات كلها أنها معلومة المعنى مجهولة الكيف.
وأما أهل تفويض المعنى فهم في هذا واقعون في التحكم وأفحش صور التناقض حين عمدوا إلى بعض الصفات ففوضوا فيها الكيف دون المعنى و في أخرى فوضوا المعنى تحكما! و إلا فبم ينفصل هؤلاء عن الجهمية شركائهم في التعطيل حين نازعوهم في صفات القدرة و الإرادة والعلم.... فجوابهم على الجهمية في هذه الصفات هو جوابنا عليهم في ما فوضوه من صفات الذات و الأفعال! فتأمل!
هذا ما أردت بيانه باختصار. فأرجو من الإخوة جميعا أن يدققوا فيه و في ما كتبه الأخ أبو الحسن قبل التعجل في الرد . والحمد لله أولا و آخرا.
ALRifai
07-10-2008, 07:28 PM
أخي أبو حسن، بعد شكري لك و للأخ أبو محمد القلموني،
أقول : الأخ أبو رجاء يُقرؤك السلام ، و يُخبركَ أنَّه قد رآك في المنام اليوم و قد زُرْتَهُ تُعَزِّيه بعمه الذي مات البارحة أنت و الأخ عمر قلاوون و شخص ثالث لم يعرفه.
و يقول : بما أنه قد لا يتكمن من متابعة الحوار قبل أسبوع (على الأقل)
فإليك الأفكار التي كان يريد أن يخطها :
1- للأمانة فقط فإن حديث الجارية قد رُوِيَ بأكثر من رواية و منها رواية مالك في موطإه و فيها : أتشهدين أنه لا إله إلا الله ! و ليس " أين الله !" لذا فإنَّ من اعترض على طرح هذا السؤال ليس ذلك من سوء الأدب مع رسول الله و إنما هو أيضاً آخِذٌ بحديثٍ رواهُ مالك و البيهقي !!!
2-أنّما يريدك أن تُفَرِّقَ في حديثِكَ بين مُتَقَدِّمي الأشاعرة و متأخريهم !! لأنك قد خلطت في هذه المسألة !
و مسألة ثالثة و رابعة قد نسيتهما سأذكرهما بعد أن أسأله عنها إن شاء الله .
أما بالنسبة إلي ، فالحقُّ يُقال أنني قد بدأت أقتنع بما تقول إنما أحتفظ بما بعد ذلك لما بعد قراءة المراجع التي ذكرت .
أخوكم الرفاعي .
أبو حسن
07-10-2008, 09:17 PM
أشكر أخي وأستاذي أبا محمد على مداخلته الماتعة التي وضحت جانبا مهما من النقول الذي ذكرتها في مداخلاتي الآنفة.
وأستميحه عذرا لأني أعدت "تنسيق" الخط واللون في مداخلته، دون أن أمس حرفا واحدا منها، لأن بعض الأخوة نبهوني في بداية كتابتي في المنتدى، أن الخط الإفتراضي فيه يزعج العين عند القراءة خصوصا حين تكون المشاركة طويلة. فمن حرصي على أن يقرأ الأعضاء مشاركته كاملة ويستفيدوا منها، أعدت تنسيقها بشكلها الحالي، فأعتذر لهذا التدخل.
أبو حسن
07-10-2008, 09:53 PM
أخي الفاضل الرفاعي،
عزمت عليك أن تبلغ أخي أبا رجاء تعازيّ بوفاة عمه، سائلا المولى أن يُعظم أجره في عمه وأن يغفر له ويرحمه ويلهمه الصبر.
أخي الحبيب، ملاحظة لا بدّ لي من إيرادها هنا، قبل الجواب على نقاط أبي رجاء، وهي:
لا أهدف من هذا الموضوع أبدا، والله شهيد علي، أن أفحم المخالف، أو أن تأتيني أو يأتي غيرك ويقول: قد اقتنعت بما تقولون. أبدا. إنما أهدف منه إلى أمرين اثنين:
- الأول: إزالة شبهة استحكمت في القلوب، ألا وهي أن الأشاعرة هم فقط أهل السنة، ومن خالفهم مشبهة مجسمة، ولم يخالفهم قبل ابن تيمية إلا أفراد قليلون، حتى أتى ابن تيمية فصنف في الرد عليهم. وأن من يخالف الأشاعرة ليس لديه ما يعتمد عليه سوى مصنفات ابن تيمية وتلاميذه. وهي شبهة بان هزالها من خلال ما نقلت، فكل من نقلت عنهم مخالفون لمعتقد الأشاعرة وهم متقدمون على الإمام الأشعري. فالهدف الأول هو توضيح عقيدة السلف وبيان مخالفتها لعقيدة الأشاعرة. دون الدخول في نقاش حول الإمام الأشعري نفسه وهل تراجع عن عقيدته في آخر عمره أم لا.
- الثاني: تحفيز الأعضاء وتنشيطهم للقراءة في الكتب التي نقلت عقيدة السلف بطريقة (قال، حدثنا) لا الكتب التي تكلمت في العقيدة مستخدمة مصطلحات (عرض، جوهر، حيّز، حدود، أدوات، أعضاء، ...) فهذه مصطلحات في مجملها لم يستعملها سلفنا المتقدمون، وإنما استعملها المتأخرون من متكلمين وفلاسفة وسلفهم من فرق بدعية كالجهمية والمعتزلة والقدرية وغيرهم...
وحسبي أن أرى من ثمرة هذا الموضوع، أن البعض رجع لكتب أئمة الإسلام المتقدمين يقرأ فيها، بل حسبي أن يعود البعض لكتب السنن الستة يقرأ فيها، ليكون الموضوع قد آتى أكله بالنسبة لي.
أما كوني لا أفرّق بين الأشاعرة المتقدمين والمتأخرين، فغير صحيح، ومشاركاتي الأخيرة صريحة في ذلك، حيث أشرت إلى الفرق بينهما في أكثر من عبارة... ولعلي أنشط فأهذب موضوعا كتبه أحد الأخوة بيّن فيه الفرق بين الأشاعرة المتقدمين والمتأخرين، ونقل من كتب المتقدمين منهم أمورا يحكم عليها المتأخرون بأنها كفر...
أما كون حديث الجارية ورد برواية فيها: (أتشهدين أن لا إله إلا الله)، فالتفصيل يأتيك لاحقا، لكني أجمل الرد على هذه الشبهة في نقطتين:
- أولا: يكفي أن الحديث ورد في صحيح مسلم، إنتبه لهذا: صحيح مسلم وليس أي كتاب آخر، ليكون ثابتا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالتالي، التأني في الإعتراض على ما جاء فيه.
- ثانيا: الإمام مالك روى الحديث بلفظ (أتشهدين أن لا إله إلا الله) كما رواه بنفس لفظ مسلم (أين الله)، ورواه عنه الشافعي في كتابه (الأم) وقد نقلت ذلك آنفا. وهذا دليل على أن بعض الأعضاء لا يقرأ ما يُكتب، أو أنه يريد أن يوهم أن مالكا روى الحديث باللفظ الأول فقط...
قال الشافعي في (الأم)، كما في مشاركتي رقم 2:
أخبرنا مالك (أي مالك بن أنس) عن هلال ابن أسامة عن عطاء بن يسار عن عمر بن الحكم أنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إن جارية لي كانت ترعى غنما لي فجئتها وفقدت شاة من الغنم فسألتها عنها فقالت: (أكلها الذئب) فأسفت عليها وكنت من بني آدم فلطمت وجهها وعلى رقبة أفأعتقها ؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أين الله ؟) فقالت: (في السماء) فقال (من أنا ؟) فقالت: (أنت رسول الله)
أبو حسن
07-10-2008, 11:26 PM
رفع التعارض عن روايات حديث الجارية المختلفة
مرّت معنا رواية حديث الجارية كما أخرجها مسلم في صحيحه وغيره وكيف تلقاها العلماء ومنهم إمامنا الشافعي رضي الله عنه بالقبول واحتجوا بها، وقد جاءت هذه الرواية في موطأ الإمام مالك بن أنس رحمه الله مع رواية أخرى كما في كتاب العتق والولاء، باب مَا يَجُوزُ مِنَ الْعِتْقِ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ
عَنْ هِلالِ بْنِ اُسَامَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ (يقول أبو حسن: وهذا وهم من مالك رحمه الله نبّه عليه الحفاظ، فالصحابي هو معاوية بن الحكم كما في رواية مسلم وليس عمر بن الحكم، وقد تابعه على هذا الوهم إمامنا الشافعي رضي الله عنه في الأم)، أنَّهُ قَالَ:
أتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اِنَّ جَارِيَةً لِي كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا لِي، فَجِئْتُهَا وَقَدْ فُقِدَتْ شَاةٌ مِنَ الْغَنَمِ، فَسَألْتُهَا عَنْهَا، فَقَالَتْ: أكَلَهَا الذِّئْبُ. فَأسِفْتُ عَلَيْهَا وَكُنْتُ مِنْ بَنِي ادَمَ فَلَطَمْتُ وَجْهَهَا وَعَلَىَّ رَقَبَةٌ أفَاُعْتِقُهَا؟
فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أيْنَ اللَّهُ؟
فَقَالَتْ: فِي السَّمَاءِ
فَقَالَ: مَنْ أنَا؟
فَقَالَتْ: أنْتَ رَسُولُ اللَّهِ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أعْتِقْهَا.
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ:
أنَّ رَجُلاً، مِنَ الأنْصَارِ جَاءَ اِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِجَارِيَةٍ لَهُ سَوْدَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اِنَّ عَلَىَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً فَاِنْ كُنْتَ تَرَاهَا مُؤْمِنَةً اُعْتِقُهَا.
فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أتَشْهَدِينَ أنْ لا اِلَهَ اِلا اللَّهُ؟
قَالَتْ: نَعَمْ
قَالَ: أتَشْهَدِينَ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟
قَالَتْ: نَعَمْ
قَالَ: أتُوقِنِينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ؟
قَالَتْ: نَعَمْ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أعْتِقْهَا
فمالك رحمه الله أخرج الحديثين بسندين مختلفين كليا، ليس فيهما راو واحد مشترك، فيغلبُ أنهما حديثين مختلفين وليسا حديثا واحدا بلفظين. فليست المسألة هنا أن الحديث واحد رُوي بلفظين لننظر أي اللفظين أرجح، وإنما حديثين مختلفين كل واحد منهما في واقعة مختلفة.
ويكفي أن إمامنا الشافعي رضي الله عنه روى الحديث الأول عن مالك في كتابه (الأم) واحتج به ليكون الحديث حجة، إضافة لصحة سنده، من حيث معناه ودلالته وبيان جواز ومشروعية السؤال (أين الله؟). وقد سبق الإشارة إلى كلام الشافعي على الحديث واحتجاجه به.
والحديث الثاني الذي رواه مالك مرسل، وجاء من طريق أخرى أكثر تفصيلا، لكنها مرسلة أيضا، أخرجها عبد الرزاق في مصنفه، إن تجوزنا في قبولها رغم كونها مرسلة، فهي تعزّز أن الحديثين هما في واقعتين مختلفتين. ودليل على أن الروايتين مختلفتين، سند الرواية ومتنها.
أما سندها، فقد أخرج عبد الرزاق الحديث عن ابن جريج عن عطاء عن رجل من الصحابة. وعطاء هذا هو غير عطاء بن يسار راوي الحديث عند مسلم لكون ابن جريج لا يُعرف له رواية عن عطاء بن يسار. ثم عطاء هذا روى الحديث عن رجل من الصحابة أبهمه ولم يسمّه، لذا قلنا أن الرواية مرسلة، فهل هذا الصحابي هو معاوية بن الحكم ؟
إذا استعرضنا من اسمه عطاء من مشايخ ابن جرير، وجدنا أنهم عطاء بن أبي رباح وعطاء الخراساني وعطاء بن السائب، ولا يعرف عن واحد منهم أنه سمع من معاوية بن الحكم السلمي راوي الحديث عند ابن مسلم !!!
فبان أن سند الرواية التي فيها (أتشهدين أن لا إله إلا الله) مختلف كليا عن رواية مسلم ومالك التي فيها (أين الله) وبالتالي أن الحديثين مختلفين لا حديثا واحدا بلفظين.
ومتن رواية عبد الرزاق هو:
أن رجلا كانت له جارية في غنم ترعاها، وكانت له شاة صفي يعني عزيزة في غنمه تلك، فأراد أن يعطيها نبي الله صلى الله عليه وسلم، فجاء السبع فانتزع ضرعها، فغضب الرجل فصك وجه جاريته.
فجاء نبي الله صلى الله عليه وسلم فذكر أنها كانت عليه رقبة مؤمنة وأنه قد هم أن يجعلها إياها حين صكها.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ائتني بها.
فسألها النبي صلى الله عليه وسلم: أتشهدين أن لا اله إلا الله؟ قالت: نعم. وأن محمدا عبده ورسوله؟ قالت: نعم. وأن الموت والبعث حق. قالت: نعم. وأن الجنة والنار حق؟ قالت: نعم. فلما فرغت قال: اعتقها أو أمسك.
فرواية عبدالرزاق هذه رغم أن سندها مختلف عن سند الحديث الثاني الذي رواه مالك، وفيها تفاصيل زائدة، لكن حين تقرأها يظهر لك أنهما حديث واحد روي بسندين، أحدهما رواية مختصرة (عند مالك) والثاني رواية أكثر تفصيلا (كما عند عبدالرزاق)
أما حديث صحيح مسلم والحديث الأول الذي أخرجه مالك في موطئه، فهما في حادثة مختلفة عن الحادثة التي في مصنف عبدالرزاق والحديث الثاني الذي رواه مالك في موطئه، وإليك الفروق بينها:
- الفرق الأول: هو أن الرجل صاحب الجارية عند عبدالرزاق أراد أن يهدي الشاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهذا لا يوجد في رواية مسلم.
- الفرق الثاني: هو أن الرجل صاحب الجارية في مصنف عبدالرزاق يعرف الحكم الشرعي في المسألة على عكس معاوية بن الحكم السلمي عند مسلم فانه جاء مستفتياً.
- الفرق الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر معاوية بن الحكم السلمي بإعتاق الجارية على عكس صاحب الجارية عند عبدالرزاق فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد خيره بين الإعتاق والإمساك.
فالرواية مختلفة، هذا عدا أن سند الرواية الأولى عند مسلم ومالك صحيح لا غبار عليه، بينما سند الرواية الثانية عند مالك وعبدالرزاق مرسل لا يصح. فكيف نقبل رواية مرسلة ونضرب بها رواية صحيحة أخرجها مسلم وتلقاها الأئمة بالقبول كالشافعي رضي الله عنه ؟؟؟
وقد جاء الحديث من طرق أخرى لا تصح، ومنها رواية أبي هريرة وأن الجارية كانت خرساء كما في مسند أحمد وسنن أبي داوود، والرواية سندها لا يصح.
وهنا أمر ينبغي التنبيه عليها فيه فائدة بإذن الله لمن يقرؤه:
للعلماء طرق علمية يجمعون بها بين حديثين في ظاهرهما تعارض أو اختلاف أو تناقض، وأذكر أني قرأت للسيوطي أو لابن حجر (الوهم مني) أن أحد العلماء وضع مائة طريقة في الجمع بين حديثين ظاهرهما التعارض أو الإختلاف. وهذا إمام الأئمة ابن خزيمة يقول: (لا أعرف حديثين متضادين، ومن كان عنده فليأتني به لأؤلف بينهما). فلا ينبغي حين نرى حديثين مختلفين أو متعارضين أن نحكم فورا بردّ أحدهما وقبول الآخر. بل نتأنى. وإن حكمنا لأحدهما على الآخر ينبغي أن يكون حكما علميا لا حكما مبنيا على الهوى والإنتصار للمذهب والرأي. فمحبة النبي وإجلال قوله ينبغي أن تكون في نفوسنا أجل وأكبر من أي رأي نراه أو مذهب نتبعه، وما ضلّ من قبلنا من الطوائف إلا حين قلت عنايتهم بأحاديث النبي أو حين ردّوها بعقولهم القاصرة وأهوائهم الضالة وآرائهم الفاسدة.
ومن مصنفات العلماء في دراسة الأحاديث التي ظاهرها التعارض أو الإختلاف:
- اختلاف الحديث للإمام الشافعي
- تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة
- مشكل الآثار للطحاوي
- مشكل الحديث لأبي بكر بن فَورَك
ALRifai
09-10-2008, 01:18 PM
أخي أبو حسن ،
عزمت عليك أن تبلغ أخي أبا رجاء تعازيّ بوفاة عمه، سائلا المولى أن يُعظم أجره في عمه وأن يغفر له ويرحمه ويلهمه الصبر.
سيصل إن شاء الله.
أما كوني لا أفرّق بين الأشاعرة المتقدمين والمتأخرين، فغير صحيح، ومشاركاتي الأخيرة صريحة في ذلك،
و الأخ أبو رجاء لم يقرأها بعد.
لا أهدف من هذا الموضوع أبدا، والله شهيد علي، أن أفحم المخالف، أو أن تأتيني أو يأتي غيرك ويقول: قد اقتنعت بما تقولون. أبدا. إنما أهدف منه إلى أمرين اثنين:
أدعو الله سبحانه أن يتقبل منا و منك صالح الأعمال و أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم.
سلام الله عليكم جميعاً،
أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله،
في البداية، أشكر الجميع على تجملهم في الحوار.
ثم أرجو المعذرة للتأخر في الرد حيث علمت بالموضوع مؤخراً ولدي بعض المشاغل.
لقد التزمت ذكر صاحب القول مع التاريخ متدرجاً من البداية لتسهيل الرجوع. وقد تركت الكثير طلباً للاختصار. والله أرجو التوفيق لما فيه خير العباد.
أبدأ بما ذكر الأخ الزميل أبو حسن بتاريخ: 26-09-2008, 03:24 pm
وقال إمام الأئمة ابن خزيمة رحمه الله صاحب الصحيح في كتابه (التوحيد) :
من لم يقر بأن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سماواته فهو كافر بربه، يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه وألقي على بعض المزابل حيث لا يتأذى المسلمون والمعاهدون بالنتن ريحة جيفته، وكان ماله فيئاً لا يرثه أحد من المسلمين إذ المسلم لا يرث الكافر كما قال صلى الله عليه وسلم.
أقول لم أجده في التوحيد لابن خزيمة بل في
الكتاب : اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية
المؤلف : ابن قيم الجوزية
مصدر الكتاب : موقع الوراق
ثم قال: حدثنا أبو عبد الله الحافظ، عن محمد بن صالح، عن ابن خزيمة قال: من لم يقرّ بأنّ اللَّهَ على عرشه فوقَ سبع سمواته، فهو كافر بربّه، حلال الدم يستتاب، فإن تاب، وإلا ضُربت عنقه، وأُلقي على بعض المزِابل، حتى لا يتأذّى به المسلمون ولا المعاهدون بنتن رائحة جيفته، وكان ماله فيئاً، ولا يرثه أحدٌ من المسلمين، إذ المسلم لا يرث الكافر، ولا الكافر يرث المسلم.
كتب الزاهر : أبو علي بتاريخ 27-09-2008, 11:09 pm
...فلا بد أن يكون متاحا فهمه للجميع....
أقول: حبذا لو تقيد بمن عرف العربية بما فيها من بلاغة وبيان وبديع وإلا فهيهات أن يفهمه من لا دراية له باللغة.
كتب الرجل المعتدل بتاريخ 30-09-2008, 06:42 pm
أما التأويل فليس كما يقول المانعون من أنه تعطيلُ للصفات و الآيات ، بل هو صرف المعنى الظاهر بقولٍ مقبولٍ عقلاً و لا يخالف الأصول ، من باب التنزيه و الحرص على عقيدة العامة ، و مثالُ على ذلك : الآية الكريمة :" و قالت اليهود يد الله مغلولة ، غُلَّتْ أيديهم و لعنوا بما قالوا ، بل يداهُ مبسوطتان يُنفقُ كيف يشاء .." هذه الآية تأويل لفظ اليد فيها عند من قال بالتأويل " البخل في قول اليهود " و " الكرم في ردِّ رب العالمين على افترائهم " و هذا تأويلٌ يقبله العقل و ليس فيه ما يخالف الثوابت والأصول .
أزيد فأقول:
القول باليد المغلولة أو المبسوطة صحيح جميل ولو كان صاحبها مبتور اليدين. فتأمل.
ملاحظة للأخ أبو حسن واستفسار: هل روى البخاري أو مسلم في صحيحيهما للإمام الشافعي؟ وإذا لم يكن ذلك فما تقول؟
تعقيب على مجمل ما كتبه أبو الحسن بتاريخ: 02-10-2008, 08:50 pm
أقول:
الكتاب : الرد على الجهمية للدارمي (وقد استشهدت به)
ذكر في أول الكتاب:
أخبرتنا الشيخة أم الصبح ضوء النساء بنت أبي الفتح عبد الرزاق بن محمد بن سهل الشرابي ، بقراءتي عليها في ربيع الثاني من سنة سبع وستين وخمسمائة قالت...
أقول أين ذلك من الشروط التي وضعت.
ثم أزيد فأقول ولماذا التوسع حتى القرن الثالث والقرآن بين أيدينا ومن بعده صحيح السنة؟ فالكلام بصفات الله جل وعلا ليس يستنبط من أقوال العلماء بل نكتفي بما وصف سبحانه وتعالى به نفسه أو وصفه به رسوله. ثم لماذا أجدك تستشهد (07-10-2008, 12:51 pm) بقول الحافظ الذهبي وهو على علمي من القرن السابع الهجري.
والسؤال للأخ أبو حسن
1. أين وجدت العبارة التي ادعيت "له يد"
2. أين وجدت عبارة "أثبت اليد"
أرى خلطاً بين صفات مثل (السمع، الكلام، الحياة، البقاء....) وبين ما تدعي كونها صفات مثل (اليد والوجه والقدم وغيرها من الجوارح) أقول هل من نص صريح على اعتبار ما ادعيت مع ذكر المصدر للمراجعة.
ولقد أعجبني ما اوردت عن سفيان مما ذكره الحافظ الذهبي "وكما قال سفيان وغيره قراءتها تفسيرها" فهلا تقيدت به دون زيادات من مثل قولك "له يد" و "له قدم" وغيرذلك...
تعقيب على مجمل ما كتب الأخ أبو حسن بتاريخ: 07-10-2008, 12:59 pm
تقول العرب بلسانها العربي المبين "فلان يده مغلولة" ومن عقل لغتهم أدرك المعنى المباشر والمقصود منه وهو "فلان بخيل" دون الرجوع إلى كونه ذا يدين أو مبتورهما أو إن كان ولد بدونهما أصلاً.
فلماذا تحمل لغة العرب ما ليس منها وإذا كان عندك ما يخالف هذا فهاته.
هذا ما أردت الإشارة إليه والله ولي التوفيق
أخوكم،
أبو حسن
12-10-2008, 12:57 PM
ليس عندي في الردّ على الأخ واحد سوى التالي:
نعم، لقد أخطأت في نسبة عبارة ابن خزيمة إلى كتابه (التوحيد)، بينما هي قد رواها الحاكم (قبل ابن القيم بأكثر من أربعمئة عام) بسند عال في كتابه (تاريخ نيسابور) وفي كتاب (علوم الحديث) قال:
سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول: سمعت إمام الأئمة أبا بكر بن خزيمة يقول:
من لم يقر بأن الله على عرشه استوى فوق سبع سماوات وأنه بائن عن خلقه فهو كافر يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه وألقي على مزبلة لئلا يتأذى بريحه أهل القبلة وأهل الذمة، ومن ينكر رؤية الله في الآخرة فهو شر من اليهود والنصارى والمجوس وليسوا بمؤمنين عند أهل السنة والجماعة. إ.هـ.
وهذا القول من ابن خزيمة يقابله نصوص كثيرة في كتابه التوحيد تم الإشارة إليها آنفا. وأغتنم الفرصة لأطلب من أي أخ يجد نصا غير معزو بدقة إلى صاحبه أن ينبهني إليه مشكورا.
أما بقية ما قاله الأخ واحد، فهو إما مخالف لشرط الموضوع، وإما لا يستأهل الردّ عند من تابع الموضوع من بدايته، وأنبه في كلامه إلى أمرين فقط:
الأول، أنا لم أشر في ثنايا الموضوع لا من قريب ولا بعيد لقوله تعالى (وقالت اليهود يد الله مغلولة) ولا تعرضت لها بتاويل ولا تفسير، فلا داعي لإلزامي في تفسيرها شيئا لم أقله...
الثاني، نقلي عن الذهبي ليس من صلب الموضوع، ولم أسنشهد به، بل لما أردت اختصار الردّ، بدل أن أختصره بعبارتي أوردت عبارة الذهبي...
والله الموفق، وأسأله أن يجعل ما نقول ونكتب خالصا لوجهه الكريم...
بسم الله،
لا أريد إطالة قصة المزبلة المنسوبة إلى ابن خزيمة، إلا أن الرواية الجديدة ليست بأفضل من الأولى وكنت أود، كما أشرت سابقاً، أن يتم ذكر المصدر (وليس فقط اسم الكتاب) لتسهيل الرجوع إليه. فأنا لم أجد تاريخ نيسابور ولا ندري ما صحة نسبته للحاكم أصلاً. كما لم أجد النص في كتاب (معرفة علوم الحديث للحاكم) فحبذا لو نترك ما لا طريق إلى الوصول إليه إلا بشق الأنفس. وبشكل عام الرجاء ترك سرد ما لا سبيل إلى مصدره وعدم تحميل بقية الأعضاء عناء التحقيق لما يسرد.
أما في ما يخص باقي النقاط فلست أدري كيف ظن الأخ أبو حسن أنني لم أتابع الموضوع من بدايته. مع أنني ربطت التعقيبات بما أورد الأعضاء مع ضبط التواريخ لتسهيل الرجوع...
أما ما ذكر الأخ أبو حسن "أما بقية ما قاله الأخ واحد، فهو إما مخالف لشرط الموضوع، وإما لا يستأهل الردّ ". فلا أدري كيف خالفت مع أنني لم أسرد أي قول كما فعلت يا أبو حسن.
سأعيد مختصراً مرقماً لتسهيل المتابعة:
الأسئلة لمن عنده جواب:
1. أين وجدت عبارة "له يد" في أقوال السلف (حسب ما شرطت)
2. أين وجدت عبارة "أثبت اليد" في أقوال السلف (حسب ما شرطت)
3. أين النص على كون ما ذكرت (اليد والوجه والقدم وغيرها من الجوارح) تعد من صفات الله تعالى مع عزوها إلى المصدر (حسب ما شرطت)
وأخيراً، ما ذكرته في ردي السابق حول اللغة العربية،
اقتباس (تقول العرب بلسانها العربي المبين "فلان يده مغلولة" ومن عقل لغتهم أدرك المعنى المباشر والمقصود منه وهو "فلان بخيل" دون الرجوع إلى كونه ذا يدين أو مبتورهما أو إن كان ولد بدونهما أصلاً.)
لم أكتبه إلا لكثرة تردد ما استهجنت من مثل القول "لأنه يكون خطاباً بلفظ مهمل لا معنى له" والكلام عن آيات القرآن الكريم من مثل قوله تعالى "وقالت اليهود يد الله مغلولة" فسبحان الله.
هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب،
أخوكم،
الرجل المعتدل
12-10-2008, 11:15 PM
أولاً أخي واحد : لا أريد إطالة قصة المزبلة المنسوبة إلى ابن خزيمة،
ليتك تلتزم النهج الذي اتبعه الإخوة الأفاضل الذين شاركوا في هذا الحوار ، و لا تحيد عنه ، فقولك : قصة المزبلة المنسوبة ... يتنافى و الآداب الإسلامية للحوار . أرجو أن تتقبلها بصدر رحب من أخٍ محبٍّ في الله .
ثانياً ، أقول : أخي أبو حسن ، إنك حتى الآن كما أرى و هذا ما أراه و لا يحيد عن كونه رأياً قابلاً للأخذ و الرد ، أراك لا تزال تخلط فيما يخص التأويل
" الذي ثبت عن سلف الأمة من عهد الصحابة الكرام"
فهم و على رأسهم ابن عباس حبر الأمة و ترجمان القرآن ثبت عنه التأويل الذي هو اصطلاحاً : صرف الكلام عن المعنى الظاهر ، كقوله في الآية : يوم يكشف عن ساق .." قال رضي الله عنه هذا دلالة على الشدة ... و قالت العرب قديماً كشفت الحرب عن ساقها أي اشتدت .....
فالتأويل ثابت عن سلف الأمة من عهد الصحابة و ليس بدعاً أتاهُ متأخروا الأشاعرة الأفاضل ....
كما إن الخوض في هذا الحديث إنما كنت قد انكففتُ عنه على اعتبار أن الأخ أبو رجاء يحضر لرد مفصل مطول ، غير أنه و بعد وفاة عمه " رحمه الله ، و رحم أموات المسلمين عامة" تعرض لوعكة صحية فلا حول و لا قوة إلا بالله
، لذا قد أضطر لخوض غمار هذا الحوار بدلاً عنه .
, سيكون لي رد مطول على كل ما سبق إن شاء الله .
أخوكم
الرجل المعتدل
-ملاحظة من المشرف: تم دمج المشاركة سوية
أولاً أخي واحد : لا أريد إطالة قصة المزبلة المنسوبة إلى ابن خزيمة،
ليتك تلتزم النهج الذي اتبعه الإخوة الأفاضل الذين شاركوا في هذا الحوار ، و لا تحيد عنه ، فقولك : قصة المزبلة المنسوبة ... يتنافى و الآداب الإسلامية للحوار . أرجو أن تتقبلها بصدر رحب من أخٍ محبٍّ في الله .
بارك الله بك أخ "معتدل"، ولكن الكلمة ليست من عندي بل هي في النص الذي ذكره الأخ أبو حسن ونسبه لابن خزيمة وقد احتفظت بكلمة "المنسوب" عمداً والسبب واضح. فتأمل
لا تخفى أهمية هذه الكلمة في عمليات البحث
والسلام،
أبو حسن
13-10-2008, 08:55 AM
أخي واحد،
سأحاول قدر الإمكان التجرّد والإنصاف في التعاطي مع ردودك، وألا أخلط بين معرفتي بك خارج المنتدى وطريقة معاملتي لك داخل المنتدى...
لكن لي رجاء خاص عندك، ليتك تترك هذا الأسلوب في الرد، مثل قولك (فأنا لم أجد تاريخ نيسابور ولا ندري ما صحة نسبته للحاكم أصلاً) لأن قولك هذا لا يعدو أمرين: إما أنك بلغت في التحقيق وسعة الإطلاع مبلغا لا نجاريك فيه أو أنك تريد منا البدء بالأبجديات (البيضة مبن باضا والجاجة مين جاجا) وهذا ما لا سبيل لنا إليه...
أما كون قول ابن خزيمة غير موجود في (معرفة علوم الحديث) للحاكم، فهذا رابط الكتاب:
www.almeshkat.net/books/open.php?cat=9&book=1286
فانظر النص فيه...
ولي ملاحظة أخرى أنظرها في ردي التالي على كلام الأخ المعتدل
أبو حسن
13-10-2008, 10:16 AM
أخي المعتدل،
أسأل الله أن يهدينا وإياك للإعتدال في الأمور كلها... وأن يوفقنا ليكون حوارنا مثمرا...
مأخذي الوحيد عليك أنك لا تقرأ جميع ما أكتب، ولو قرأته لوجدت الجواب على معظم تساؤلاتك.
لذا ليتك تعيد قراءة المشاركة رقم (42) لتعرف أنني لا أخلط... بل أقول أن تفسير النص يكون باللغة والسياق وما أُثر عن السلف... فتفسيرنا للنص ليس جامدا بل مرنا، لكنه في نفس الوقت ليس تحميلا للنص ما لا يحتمله وصرفا لمعناه الذي يقتضيه ومخالفة تفسير السلف له بحجج واهية متوهمة كالتشبيه والتجسيم وأن منهج الخلف أحكم وأعلم. وليتك تقرأ المشاركة (42) والمثال الذي ضربته ليتبين لك ذلك.
وأسألك سؤالا جادا:
هل سبق لك أن اطلعت على أي من كتب الإعتقاد التي تورد عقيدة السلف على مذهب المحدثين (قال، حدثنا) واطلعت منها على أقوال السلف في مسائل العقيدة وخصوصا الأسماء والصفات؟
أنا لا أريد أن ندخل في نقاش مسائل مفردة، فعنوان الموضوع هو (بيان منهج السلف)، فالكلام هو عن المنهج بشكل عام، وليس عن صفة اليد وحدها أو الساق وحدها أو الوجه وحده، بيد أني أخذت مسألة العلو والإستواء كمدخل للنقاش، لأنها كانت هي المسألة التي وقع عليها الخلاف بداية. فأتمنى منك أن يكون ردّك عاما وإن أردت التخصيص، فلا بأس أن تأخذ مسألة العلو والإستواء كمثال.
ثم إن انتهينا من بيان المنهج العام، وذكر كل شخص ما عنده، ننتقل إلى نقاش المسائل المفردة، فنجعل لكل صفة موضوعا مستقلا نناقشها فيه. نجعل موضوعا مستقلا لمناقشة صفة اليد، وآخر لصفة الساق، وآخر لصفة الوجه، وهكذا.
فأنتم الآن تطرحون مسائل مفردة وآيات بعينها، لو دخلنا في نقاشها لتهنا في ثناياها عن موضوعنا الأساس، ألا وهو بيان المنهج العام للسلف...
فمثلا، قوله تعالى (قالت اليهود يد الله مغلولة) أنا شخصيا لا أستدل بها على إثبات اليد ! وقوله تعالى (يوم يُكشف عن ساق) أنا أيضا لا أستدل بها مفردة على إثبات الساق ولي في هذه الآية تفصيل ! فتبين أنكم تُقوّلوني ما لم أقل وتُلزموني ما لم ألتزم... وإن دخلت معكم في نقاش كل آية على حدة لطال بنا المقام ولضاع سير النقاش...
فدعونا نركز جهودنا على المسألة الأساس، ألا وهي بيان المنهج العام للسلف مع أخذ مسألة العلو والإستواء كمثال، والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل...
أما كون قول ابن خزيمة غير موجود في (معرفة علوم الحديث) للحاكم، فهذا رابط الكتاب:
www.almeshkat.net/books/open.php?cat=9&book=1286
فانظر النص فيه...
جزاك الله خيراً،
1. هذا الكتاب عندي كما أسلفت وقد وجدت النص مع بعض الاختلافات، على كل حال كنت قد ذكرت أن هذه القضية ليست بالأهمية ولكني لم أشأ أن ينسب الكلام لغير أهله. والنقطة الثانية حول نص الاستشهاد هي أن الحاكم النيسابوري من القرن الرابع الهجري فكيف تخالف شرطك؟
2. أما عن العبارات التي أخذتها من مشاركاتك (له يد، أثبت اليد وكون ذلك كله من صفات الله) فلا أدري كيف تكتبها ثم تتهرب منها.. لماذا كتبتها أصلاً؟؟؟
أنا لا أظن أن المعتدل أو غيره ينكر أن "الرحمن على العرش استوى" أو أن "يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء" وغيرها ولكن المشكلة هي ما تلحقه بها مما ليس منها في شيء.
أخيراً، لا بأس بأن تختار اليوم المحور الذي تريد ولكن أرجو أن يكون ما تستشهد به، وقبل كل شيء، صحيح النسبة إلى من تنسبه إليه. وليست العبرة بكثرة السرد فخير الكلام ما قل ودل. وحبذا لو تراجع ما كتبته في السابق وتحذف ما لست متأكداً منه أو كان خالف شرطك.. ولا أقل من تغيير لونه إلى الرمادي. فأنت تعرف بأنني أحب الدقة والسند (وهنا بما أنك أنت الذي ينقل فلا بد من سند يربط بينك وبين ما تنقل وهو المرجع أو مصدر النقل). ولا أظنني مكثراً وإلا فالأمر تشق متابعته.
--- مثال: ما نقلت من سنن ابن داوود عن عبد الله بن عمر ---
النص مع السند الذي أسقطته في مشاركتك رقم 4
4107 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ أَنَّ أَبَا أُسَامَةَ أَخْبَرَهُمْ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ قَالَ قَالَ سَالِمٌ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطْوِي اللَّهُ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ ثُمَّ يَطْوِي الْأَرَضِينَ ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ قَالَ ابْنُ الْعَلَاءِ بِيَدِهِ الْأُخْرَى ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ
الاسم : عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشى العدوى العمرى ، المدنى
الطبقة : 6 : من الذين عاصروا صغارالتابعين
روى له : خت م د ت ق ( البخاري تعليقا - مسلم - أبو داود - الترمذي - ابن ماجه )
رتبته عند ابن حجر : ضعيف
رتبته عند الذهبي : ضعفه ابن معين و النسائى ، و قال أحمد : أحاديثه مناكير
---
هذا وأستغفر الله لي ولكم،
أخوكم،
أبو حسن
13-10-2008, 01:37 PM
أخي واحد،
غفر الله لنا ولك...
تريد أن تُثبت مرة أخرى أنك لا هدف لك من ردودك سوى الإعتراض غير المُمَنهج (حتى أتجنب استعمال كلمة "التشغيب")...
كأني بك ما قرأت كل ما كتب أو انك قرأته قراءة سطحية...
أعيدها وأكررها، فالذكرى تنفع المؤمنين إن شاء الله...
أنا هنا أتكلم عن منهج عام للأئمة المتقدمين، لا أستدل بحديث معيّن أو أصحّحه ولا قول معيّن من صفة بعينها، وإنما أستدل باستدلالهم بالحديث وكيف تعاملوا مع هذه الأحاديث.
فالحديث الذي نقلتَه آنفا، أوردتُه تحت عنوان (الجهمية أول من نفى علو الله واستواءه على عرشه وردود العلماء عليهم) ثم تحت عنوان فرعي (سنن أبي داوود، كتاب السنة، باب في الرد على الجهمية)
فأنا هنا لست بصدد تتبع أسانيد الأحاديث والنظر في درجتها، وإنما في بيان كيف تلقى الأئمة هذه الأحاديث وكيف تعاملوا معها، وكيف نظروا إليها على أنها ردود على الجهمية...
ثم إن هذا الحديث الذي اعترضت عليه بالذات حديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما !!! ولفظ مسلم : يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة . ثم يأخذهن بيده اليمنى . ثم يقول : أنا الملك . أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ثم يطوي الأرضين بشماله . ثم يقول : أنا الملك . أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟
فتأمل هداك الله ورعاك... ولن أعقب على قولك (أحب الدقة والسند)
أخي واحد،
ثم إن هذا الحديث الذي اعترضت عليه بالذات حديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما !!! ولفظ مسلم : يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة . ثم يأخذهن بيده اليمنى . ثم يقول : أنا الملك . أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ثم يطوي الأرضين بشماله . ثم يقول : أنا الملك . أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟
()
النص مع السند من صحيح مسلم:
4995 - و حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطْوِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ ثُمَّ يَطْوِي الْأَرَضِينَ بِشِمَالِهِ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ
أقول والظاهر أن هذا النص عند مسلم بهذا السند لا يصح أيضاً (ضعيف) لوجود عمر بن حمزة كما سبق... فتأمل.
أقول وإذا كان الرد على الجهمية بنقل ما لا تصح نسبته للرسول فهو مردود أيضاً
والسلام،
أبو حسن
14-10-2008, 10:58 AM
إثبات حديث القبض باليدين وبيان أن من تكلم فيه عنده جهل وغرور بالغيْن
قديما قالوا: (من تكلم في غير فنّه أتى بالعجائب)
فكيف بمن تكلم بما لا علم له به ولا دراية ولا أدنى اطلاع حتى على أبجدياته، وليس له فيه أي باع سوى اتخاذه (غوغل) شيخا، و(برامج الكمبيوتر) أستاذا ومعلما؟
وأخشى ما أخشاه، أن يأخذه الزهو والإفتخار بشيخه وأستاذه ومعلمه فيتعبّد لهم مصداقا لقول من قال: (من علمني حرفا كنت له عبدا)...
وأنا لم أكن لألتفت لما كتبه أخي "واحد"، ولا أعيره أدنى اهتمام، لأني على يقين أن لا هدف له سوى التشغيب على الموضوع كما ذكرت أكثر من مرة، والدليل، أنه قرأ حديثا، فاعترض عليه، قلنا له: (الحديث متفق عليه، أخرجه الشيخان، البخاري ومسلم، فهو في أعلى درجات الصحة)
فأجابنا لسان حاله: (ثم ماذا ؟ شيخي غوغل، وأستاذي ومعلمي برنامج الكمبيوتر، حدثاني مشافهة وأجازوني بالرواية عنهما، أن في سند الحديث "عمر بن حمزة" وهو ضعيف. فلو بعث الله البخاري ومسلما من قبريهما ما أجزتهما برواية الحديث ولا الإستدلال به... ولأشبعتهما ضربا تأديبا لهما وتعزيرا على رواية هكذا حديث... بله والإستدلال به في الرد على الجهمية) هكذا يقول لسان حاله...
وهذا كلام يأنف منه من له أدنى دراية بعلم الحديث وأدنى اطلاع على فنونه وكتبه. بل يأنف كل من افتخر بنسبه إلى أهل السنة والجماعة، أن يُطعن أمامه بحديث اتفق عليه البخاري ومسلم، اللهم إلا أتباع المذهب الغوغلي الحديث الذين يرون أنفسهم أفقه من كل أهل الحديث...
لكن حتى لا يتمادى مُريد غوغل بغيّه، ويستمر في إلقاء شبهه، وهو أمر كما سبق لي وقلت، لا يوجد أسهل منه، إرمي شبهتك وامشي، كلنا يُحسن ذلك... واستجابة لطلب أخ حبيب عليّ يتابع الموضوع بأن لا أتجاوز عن ردّه الأخير، خصوصا أنه يحمل في طيّاته طعنا في الصحيحين على منهج العقلانيين السطحيين والمعتزلة البائدين، كان هذا الرد القاسي على مريد غوغل... عساه يُدرك قدره ومبلغ علمه ويتعظ أن يعود لمثلها...
فأقول مستعينا بالله ومتكلا عليه:
هذا الحديث لم يروه الشيخان من طريق عمر بن حمزة بسنده إلى ابن عمر فقط، كما يتوهم مريد غوغل، بل هو مروي عن ابن عمر وعن أبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين، وعن كل واحد منهما رووه بطرق عدة...
نبدأ مع صحيح البخاري، حيث أورد الإمام البخاري في:
كتاب التفسير
باب قوله (والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه)
حدثنا سعيد بن عفير، قال حدثني الليث، قال حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، أن أبا هريرة قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يقبض الله الأرض، ويطوي السموات بيمينه، ثم يقول أنا الملك، أين ملوك الأرض".
كما أورد البخاري في:
كتاب التوحيد
باب قول الله تعالى (ملك الناس)
فيه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم (يقول أبو حسن: أي أنه مروي عن ابن عمر عن النبي وهذه إشارة أن الحديث سيمرّ في باب لاحق)
حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سعيد، عن أبي هريرة:
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقبض الله الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض". وقال شعيب والزبيدي وابن مسافر وإسحاق بن يحيى عن الزهري عن أبي سلمة.
باب قول الله تعالى (لما خلقت بيدي)
حدثنا مقدم بن محمد، قال حدثني عمي القاسم بن يحيى، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضى الله عنهما:
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله يقبض يوم القيامة الأرض وتكون السموات بيمينه ثم يقول أنا الملك".
رواه سعيد عن مالك.
وقال عمر بن حمزة سمعت سالما سمعت ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا.
وفي صحيح مسلم، اورد الإمام مسلم ما يلي:
كتاب صفة القيامة والجنة والنار
حدثني حرملة بن يحيى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، حدثني ابن المسيب، أن أبا هريرة، كان يقول:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقبض الله تبارك وتعالى الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض"
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة، عن عمر بن حمزة، عن سالم بن عبد الله أخبرني عبد الله بن عمر قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يطوي الله عز وجل السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون ثم يطوي الأرضين بشماله ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون"
حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا يعقوب - يعني ابن عبد الرحمن -، حدثني أبو حازم عن عبيد الله بن مقسم، أنه نظر إلى عبد الله بن عمر كيف يحكي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يأخذ الله عز وجل سمواته وأرضيه بيديه فيقول أنا الله - ويقبض أصابعه ويبسطها - أنا الملك"، حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه حتى إني لأقول أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، حدثني أبي، عن عبيد، الله بن مقسم عن عبد الله بن عمر قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو يقول: "يأخذ الجبار عز وجل سمواته وأرضيه بيديه". ثم ذكر نحو حديث يعقوب
فبان لنا أن الحديث مروي بطرق مختلفة وأسانيد متعددة في صحيحي البخاري ومسلم، عن أبي هريرة وابن عمر، لا كما يتوهم مريد غوغل أن عمر بن حمزة تفرد به، فصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذب غوغل وتلاميذه ومريدوه أجمعون... بل وكل من سولت له نفسه، زهوا أو غرورا أو جهالة، انتقاد الحديث أو الطعن فيه أو حتى الكلام عليه...
بسم الله العلي الأعلا العليم،
وفوق كل ذي علم عليم.
أخ أبو حسن ومن والاه،
فَقُل لِمَن يَدَّعي في العِلمِ فَلسَفَةً حَفِظتَ شَيئاً وَغابَت عَنكَ أَشياءُ
جاء في:
الكتاب : التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير في أصول الحديث
المؤلف : ابن شرف النووي
أقسام الحديث
الأول: الصحيح، وفيه مسائل:
الأولى: في حده. وهو ما اتصل سنده بالعدول الضابطين من غير شذوذ ولا علة، وإذا قيل صحيح فهذا معناه لا أنه مقطوع به، وإذا قيل غير صحيح فمعناه لم يصح إسناده، والمختار أنه لا يجزم.
...
المضطرب
هو الذي يروى على أوجه مختلفة متقاربة، فإن رجحت إحدى الروايتين بحفظ راويها أو كثرة صحبته المروي عنه، أو غير ذلك: فالحكم للراجحة، ولا يكون مضطرباً، والاضطراب يوجب ضعف الحديث لإشعاره بعدم الضبط، ويقع في الإسناد تارة وفي المتن أخرى وفيهما من راو أو جماعة: والله أعلم.
انتهى
أقول ولا يخفى اختلاف المتن.
ثم عندي سؤالين لكما أنت و أخوك الحبيب عليك كما ذكرت (واستجابة لطلب أخ حبيب عليّ يتابع الموضوع بأن لا أتجاوز عن ردّه الأخير):
1. إذا اختلف المتن، ولو قليلاً، فأي الحديثين الصحيح عندكما؟ صحيح السند أم ضعيفه؟
2. ما هو الحديث المتفق عليه؟ وهل يشترط تطابق المتن أم لا؟
هذا وأستغفر الله لي ولكم،
أخوكم المحب،
Nader 3:16
14-10-2008, 01:12 PM
انا حتّى الآن لم افهم ما يريده الاخ (واحد).
لا نريد الخوض بمسألة مصطلح الحديث كي لا يضيع الموضوع. وشكراً على التجاوب السريع.
أبو حسن
14-10-2008, 01:52 PM
دعه أخي نادر، فبعض الناس يأبى إلا أن يفضح نفسه ولا يرضى ستر الله عليه، هؤلاء ينطبق عليهم حديث نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين)
قل لمن شيخه الكيبورد والماوس * حمّلت (*) جزءا (**) وغابت عنك أجزاء
(*) حمّلت بمعنى Download
(**) الجزء هنا نسبة لمصطلح المحدثين (جزء حديثي) وجمعها (أجزاء حديثية)
يأتيه الرد بإذن الله لاحقا...
انا حتّى الآن لم افهم ما يريده الاخ (واحد).
لا نريد الخوض بمسألة مصطلح الحديث كي لا يضيع الموضوع. وشكراً على التجاوب السريع.
من الواضح أن النقاش أخذ منحى مختلفاً اليوم ولكن لو عدت لأول رسالة لي لوجدت أنني كنت أعقب فقط على بعض ما ورد من ناحية أمانة النقل فقط.
وللعلم أكرر أنني لم أحب عبارات مثل "له يد" و "أثبت اليد" ومثل ذلك إلا أن صاحبك وغيره يدعون متابعة السلف في ذلك... فتأمل.
وعلى كل حال، إذا كان من مكان آخر يحول إليه النقاش فلا بأس وإلا فلنتجمل ونتحمل.
وأتوقف إذا سحب صاحبنا كلامه في ما يخص العبارات الآنفة إلى أن يتفرغ ويتمكن من إثباتها كما زعم.
والسلام،
أبو حسن
14-10-2008, 10:43 PM
الإيضاح والبيان
لجهل وتعالم من حكم بالإضطراب على حديث رواه الشيخان
يقول الإمام أحمد رحمه الله موصيا بعض أصحابه: (إياك أن تتكلم في المسألة ليس لك فيها إمام)
فكيف بمن لم يكن له أصلا في هذا الباب من العلم إمام ولا بمسائله أدنى إلمام، اللهم سوى تنصيبه غوغل شيخا وإماما وأستاذا ومعلما...
ولولا أن الأخ واحد الغوغلي يطعن في الصحيحين، وخشيتي أن يغتر بكلامه بعض من لا يدرك خطورته، لما رددت عليه المقال، ولو بذل لي في كل حرف من كلامه من الذهب مثقال... لكنه الدين والرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم... فانظر كيف يفعل العجب بالنفس والزهو بالرأي، حتى يظن الواحد أنه أدرك ما فات جهابذة أئمة الإسلام قبله، بل يظن الشاعر ما قال:
وإني وإن كنت الأخير زمانه * لآت بما لم تستطعه الأوئل
إلا فيه... نسأل الله العافية...
وقد حُفظ عن الإمام أحمد أنه كان يُسأل في المسألة فيجيب: (أنا أتهيب الجواب فيها) أو (لست أفتي في هذا بشيء، سل غيري). وقد سئل مرة عن مسألة فقال: (لا أدري)، فقيل له: (يا أبا عبد الله تقول لا أدري؟) فقال: (نعم، فأبلغ من وراءك أني لا أدري)
أما مريدو غوغل في العصر الحديث، فعندهم لكل سؤال جواب، ولكل مقام مقال، لكن هيهات... فالفهم هو أصل الأصول... ومعرفة مقدار النفس هو ثانيها...
وصاحبنا مريد غوغل، يأبى إلا أن يظهر لنا فساد رأيه وضعف عقله في هذه المسائل، ويأبى إلا أن يفضح نفسه أمام أعضاء المنتدى ومن يتابع هذا الموضوع، وفاته أن من كثر كلامه كثر خطأه، وليس العبرة بكثرة النقل، بل بفهم ما يُنقل، وسأبين بحول الله فساد رأيه وكونه أوتي من جهة فهمه وإعجابه بنفسه...
استشار أخونا مريد غوغل شيخه، فأشار عليه بكتاب النووي في علم مصطلح الحديث، فنقل لنا تعريف الحديث الصحيح منه. وهنا خذله شيخه غوغل، فبعد أربعة أسطر فقط من التعريف الذي نقله، يقول النووي:
الثانية: أول مصنف في الصحيح المجرد، صحيح البخاري، ثم مسلم، وهما أصح الكتب بعد القرآن...
الرابعة: ما روياه بالإسناد المتصل فهو المحكوم بصحته...
الخامسة: الصحيح أقسام: أعلاها ما اتفق عليه البخاري ومسلم... ا.هـ.
وحديثنا اتفق على رويته البخاري ومسلم بالسند المتصل، فهو في أعلى درجات الصحة.
وقال النووي في مقدمته على شرح مسلم:
اتفق العلماء رحمهم الله على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان البخاري ومسلم وتلقتهما الامة بالقبول... ا.هـ.
ثم نقل النووي عن ابن الصلاح قوله (أنقله بتصرف، لأن النقل كبير، فحذفت ما لا داعي له ووضعت مكانه ثلاث نقاط) :
جميع ما حكم مسلم رحمه الله بصحته في هذا الكتاب فهو مقطوع بصحته والعلم النظري حاصل بصحته في نفس الأمر وهكذا ما حكم البخاري بصحته في كتابه وذلك لان الأمة تلقت ذلك بالقبول سوى من لا يعتد بخلافه ووفاقه في الإجماع... والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ وقد قال إمام الحرمين: (لو حلف إنسان بطلاق امرأته أن ما في كتابي البخاري ومسلم مما حكما بصحته من قول النبي صلى الله عليه وسلم لما ألزمته الطلاق ولا حنثته لإجماع علماء المسلمين على صحتها). ا.هـ.
ثم أردف الإمام النووي:
وقال (أي ابن الصلاح) في جزء له : ما اتفق البخاري ومسلم على إخراجه فهو مقطوع بصدق مخبره ثابت يقينا لتلقى الأمة ذلك بالقبول وذلك يفيد العلم النظري وهو في إفادة العلم كالمتواتر إلا أن المتواتر يفيد العلم الضروري وتلقى الأمة بالقبول يفيد العلم النظري وقد اتفقت الأمة على أن ما اتفق البخاري ومسلم على صحته فهو حق وصدق... ا.هـ.
ويقول ابن الصلاح في مقدمته في بيان أقسام الصحيح:
فأولهما: صحيح أخرجه البخاري ومسلم جميعاً. ا.هـ.
ثم يعدّد سبعة أقسام للصحيح، ويقول:
هذه أمهات أقسامه، وأعلاها الأول، وهو الذي يقول فيه أهل الحديث كثيراً: صحيح متفق عليه. يطلقون ذلك ويعنون به اتفاق البخاري ومسلم، لا اتفاق الأمة عليه. لكن اتفاق الأئمة عليه لازم من ذلك وحاصل معه، لاتفاق الأمة على تلقي ما اتفقا عليه بالقبول.
وهذا القسم جميعه مقطوع بصحته والعلم اليقيني النظري واقع به. ا.هـ.
ويقول الشيخ العلامة أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على ألفية السيوطي في علم الحديث عند قول السيوطي:
وأول الجامع باقتصار * على الصحيح فقط البخاري
ومسلم من بعده، والأول * على الصواب في الصحيح أفضل
وليس في الكُتْب أصح منهما * بعد القران ولهذا قُدّما
والحق الذي لا مرية فيه عند أهل العلم بالحديث من المحققين، وممن اهتدى بهديهم وتبعهم على بصيرة من الأمر: أن أحاديث الصحيحين صحيحة كلها، ليس في واحد منها مطعن أو ضعف، وإنما انتقد الدارقطني وغيره من الحفاظ بعض الأحاديث على معنى أن ما انتقدوا لم يبلغ في الصحة الدرجة العليا التي التزمها كل واحد منهما في كتابه، وأما صحة الحديث في نفسه، فلم يخالف أحد فيها، فلا يهولنك إرجاف المرجفين وزعم الزاعمين أن في الصحيحين أحاديث غير صحيحة... ا.هـ.
فانظر كيف خالف مريد غوغل أئمة الإسلام جميعهم، فردّ حديثا أخرجه البخاري ومسلم واتفقت الأمة على أنه في أعلى درجات الصحة !
ولما أعيته الحجة في ردّ الحديث، لجأ إلى حيلة أخرى هداه إليها شيخه غوغل: الحديث مضطرب! ونسي أنه في حكمه على الحديث بالإضطراب، فهو قد ضعّف الحديث وبالتالي ردّه، وهذا مخالف لإجماع الأمة على تلقي أحاديث الصحيحين بالقبول خصوصا ما اتفقوا عليه. هذا أولا.
أما ثانيا، فقد فات أخانا الغوغلي، أن في علم مصطلح الحديث مبحث يسمى (زيادة الثقة) ومبحث آخر عن (الرواية بالمعنى).
فبالنسبة للرواية بالمعنى، قال ابن كثير رحمه الله في (اختصار علوم الحديث)، النوع السادس والعشرون "صفة رواية الحديث"، "رواية الحديث بالمعنى":
وأما رواية الحديث بالمعنى فإن كان الراوي غير عالم ولا عارف بما يحيل المعنى، فلا خلاف أنه لا تجوز له روايته الحديث بهذه الصفة، وأما إن كان عالما بذلك بصيرا بالألفاظ ومدلولاتها وبالمترادف من الألفاظ ونحو ذلك، فقد جوز ذلك جمهور الناس سلفا وخلفا، وعليه العمل كما هو المشاهد في الأحاديث الصحاح وغيرها. ا.هـ.
وقال النووي في مقدمته على شرح صحيح مسلم:
وقال جمهور السلف والخلف من الطوائف المذكورة يجوز (أي رواية الحديث بالمعنى) في الجميع إذا جزم بأنه أدى المعنى وهذا هو الصواب الذي تقتضيه أحوال الصحابة فمن بعدهم رضي الله عنهم في روايتهم القضية الواحدة بألفاظ مختلفة. ا.هـ.
وبالنسبة لرواية الثقة، قال ابن الصلاح في مقدمته:
ومذهب الجمهور من الفقهاء وأصحاب الحديث فيما حكاه الخطيب أبو بكر أن الزيادة من الثقة مقبولة...
وإلى قوله هذا أشار السيوطي في ألفيته:
وابن الصلاح قال وهو المعتدْ * إن خالفت ما للثقات فهي ردّ
أو لا، فخذ تلك بإجماع وضح * وخالف الإطلاق فاقبل في الأصح
فإن كانت رواية الثقة لا تخالف غيره من الثقات، فهي مقبولة بالإجماع، ورأى ابن حزم في كتابه (الإحكام في أصول الأحكام) أن الأخذ بهذه الزيادة فرض!
أما الإضطراب الذي يزعمه صاحبنا في الحديث، جهلا منه بمعنى الإضطراب عند المحدثين، لكن ما حيلتنا ومريد غوغل يتلقف كل ما يلقيه إليه شيخه بدون بصيرة بل ولا تبصر…
قال ابن الصلاح في مقدمته في تعريف المضطرب:
المضطرب من الحديث هو الذي تختلف روايته، فيرويه بعضهم على وجه، وبعضهم على وجه آخر مخالف له. وإنما نسميه مضطربا إذا تساوت الروايتان. ا.هـ.
أي إذا كانت الروايتان على نفس الدرجة من الصحة، أما إن كانت إحداهما ضعيفة والأخرى صحيحة، فلا نحكم على الحديث بالإضطراب، بل نرد الضعيفة ونقبل الصحيحة. وهذا هو ما عناه النووي بقوله "متقاربة" فيما نقله عنه أخونا الغوغلي: "هو الذي يروى على أوجه مختلفة متقاربة" مسيئا فهمه...
فدعونا ننظر في حديثنا الذي يزعم الغوغلي اضطرابه، وننظر ألفاظه كما روي عن أبي هريرة وابن عمر.
الحديث من رواية أبي هريرة رضي الله عنه:
- عند البخاري:
"يقبض الله الأرض، ويطوي السموات بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض"
"يقبض الله الأرض، يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض"
- عند مسلم:
"يقبض الله تبارك وتعالى الأرض، يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض"
فقولوا لي بربكم: أين الإضطراب في لفظ الحديث من رواية أبي هريرة وأين الإختلاف في معناه؟
بل هو الإضطراب في الفهم وفي القصد...
أما الحديث من رواية ابن عمر رضي الله عنهما:
- عند البخاري:
"إن الله يقبض يوم القيامة الأرض وتكون السموات بيمينه ثم يقول أنا الملك"
- عند مسلم:
"يطوي الله عز وجل السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون ثم يطوي الأرضين بشماله ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون"
"يأخذ الله عز وجل سمواته وأرضيه بيديه فيقول أنا الله - ويقبض أصابعه ويبسطها - أنا الملك" حتى نظرت إلى المنبر.
قولوا لي بربكم: أين الإضطراب في هذا الحديث والإختلاف في المعنى؟ بل هي زيادة من راو ثقة مكملة لرواية الرواي الآخر.
فحديث البخاري من رواية نافع عن ابن عمر.
والحديث الأول عند مسلم هو من رواية سالم بن عبد الله عن ابن عمر.
والحديث الثاني عنده هو من رواية مقسم بن عبد الله عن ابن عمر.
والحديث عند مسلم فيه ذكر المنبر أما عند البخاري فليس فيه ذكر المنبر، فلا يبعد أن يكون ابن عمر روى الحديث مرتين بلفظين. فالحديث ليس فيه اختلاف أو تعارض أو تضاد، بل هو من قبيل الرواية بالمعنى.
قال ابن الصلاح في مقدمته:
والأصح، جواز ذلك في الجميع (أي في حديث رسول الله وفي غيره، أن يرويه بالمعنى)، إذا كان عالماً بما وصفناه (أي عالما عارفا بالألفاظ ومقاصدها، خبيراً بما يحيل معانيها، بصيراً بمقادير التفاوت بينها)، قاطعاً بأنه أدى معنى اللفظ الذي بلغه، لأن ذلك هو الذي تشهد به أحوال الصحابة والسلف الأولين. وكثيراً ما كانوا ينقلون معنى واحداً في أمر واحد بألفاظ مختلفة، وما ذلك إلا لأن معوِّلهَم كان على المعنى دون اللفظ. ا.هـ.
أعلم أن كل ما ذكرته لن يُقنع أخي الغوغلي ولن يشفي غليله، ففي كل ردّ أورده سيكون له عليه تعقيب واعتراض بعد استشارة شيخه وإمامه غوغل. لكن حسبي أني أردّ ما يقول ذبّا عن سنة رسول الله وذودا عن حياض الصحيحين، حتى لا يظن ظان ممن يقرأ هذا الموضوع، أن الإعتراض على الصحيحين أمر هيّن سهل يتأتى لكل جالس على أريكته وأمامه كمبيوتر وعنده اتصال بالشبكة، بل الإعتراض عليهما لا يكون إلا نتيجة الجهل والعُجب والتعالم وعدم معرفة مقدار النفس...
وحسبي أني بينت لإخواني متابعي هذا الموضوع الحق في هذا الأمر بالتفصيل ومن أقوال العلماء. وكيف أن أخانا الغوغلي لا باع له ولا أدنى إلمام في هذا الأمر الذي يخوض فيه، بل يقتبس من هنا وهناك ليشغّب على الموضوع، وينقل مصطلحات لا يفقهها، كل ذلك انتصارا لرأيه وهواه، فهو قال "الحديث ضعيف" ولا يريد أن يتراجع عن رأيه مهما كلفه الأمر... أي (عنزة ولو طارت)...
فأنصحه لوجهه تعالى أن لا يهتك ستر الله عليه، وأن يكف عن اعتراضاته التشغيبية، فلا وقت لدينا لتلقينه الأبجديات، وقد صبرت عليه حتى الآن بيانا للحق وذبا عن السنة... لكن آن الأوان كي أمدّ رجلي وأرتاح...
AbouRajaa
15-10-2008, 06:13 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،
لي طلب من الأخ "واحد" و الأخ "أبو حسن"
كان هذا الموضوع قد بدأ بداية علمية هادفة، أما هذا "الجدل البيزنطي" الذي وصل إليه فليس من فائدة مرجوة منه ، فأرجو أن تعودا بالحوار إلى حيث كان ، و تستطيعا نقل هذا النقاش الذي دخلتماه إلى موضوع آخر ، جزاكما الله كل خير .
أخوكم
أبو رجاء.
نزولاً عند طلب الأخ "أبو رجاء" فلقد نقلت الموضوع إلى مكان أنسب ولمن أراد متابعة تحف الأخ "أبو حسن" فإن شاء الله على الرابط:
http://qalamoun.com/Forum/showthread.php?p=61824#post61824
أبو حسن هو أبو حسن، بتحكي معو يمين بيحكي معك شمال.
بتسأل سؤال ناطر جوابه نعم/لا، بياخدك لأبعد ما بيقدر.... وهيك.
على كل، لن أطيل هنا أكثر ومن أراد المزيد فالرابط موجود
هذا وأعتذر إن كنت تسببت بأي إزعاج.
وأستغفر الله لي ولكم،
والسلام،
AbouRajaa
16-10-2008, 05:52 PM
أخي " واحد " تقبل جزيل الشكر مني على استجابتكم المشكورة لطلبي ، أما أنك أزعجتنا فيما جرى فهذا من جانبي لم يحصل أبداً و إنما كنت أقصد أنَّ لا نتشعب كثيراً في النقاش فيتعذر بذلك الوصول إلى الهدف الذي من أجله تم فتح هذا الموضوع.
أخوكم
أبو رجاء.
وين رحتوا؟
على أساس نتابع الموضوع الأصلي !! (منهج السلف)
أبو حسن
20-10-2008, 07:51 AM
تنبيه للجميع
تساهلتُ سابقا مع الأخ "واحد" لأن الموقف اقتضى توضيح شبهة حول صحيحي البخاري ومسلم
لكني أذكر الجميع بأن الموضوع له شروط، وأي مشاركة يجب أن تكون وفقا لشروط الموضوع
ثم إن المشاركات لا يجب أن تكون على هيئة القص واللصق، بل تتناول نقاط الموضوع بالنقاش
وإلا فإن مخالفة شروط الموضوع الواضحة والتي تمّ بيانها أكثر من مرة سيجعلنا غير قادرين على ضبطه وسيكون النقاش فيه غير مجديا...
القضية أنك أخ أبو حسن، وكعادتك، تسرد من الروايات كل ما يقع على بصرك مما تراه يدعم رأيك دون تمحيص. أقول لن يكون بالإمكان تمحيص جميع ما أوردت سابقاً، إلا أنني سوف أتناول في هذا الرد نقطة واحدة فقط وذلك لأنني على يقين أنك سوف...
ذكرت في المشاركة رقم 4:
فكتاب التوحيد من صحيح البخاري مليء بالأحاديث والآثار في الرد على الجهمية وإثبات صفات الله كالذات والنفس والوجه واليدين والعينين وغيرها.
من الواضح أن الكلام باللون الأحمر هو لك دون من سواك ممن أوردت عنهم. حبذا لو تتمنن علينا بذكر إمامك في هذا القول وأخص بالذكر "إثبات صفة لله تسمى اليدين" كما زعمت.
أرجو الاقتصار على استشاد واحد فقط (يفيد الحجة) وإذا ظهر ضعفه تأتي بآخر وذلك لحصر التشعب.
والسلام،
أبو حسن
27-10-2008, 02:35 PM
وَقَالَتْ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ
قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ
أبو حسن
27-10-2008, 11:31 PM
أخي واحد،
تساهلتُ معك وجاريتك في أسئلتك، لكني لن أتساهل معك في خرق شروط الموضوع. فبدون خرق شروط الموضوع، لا يمكنني ضبط الحوار معك، فكيف إذا قررت خرق الشروط ؟
تتشدّد في ردودك عليّ وتتعصب، وبيني وبينك على الخاص تطالبني بأقوال للشافعي فما فوق، ثم تأتيني بقول لواحد من أهل القرن السابع ؟؟؟
المسألة بسيطة، دعنا ننقاشها على طريقة السؤال والجواب:
إذا قال لك يهودي: يد الله مغلولة
تجيبه: بل يداه مبسوطتان
فإن أجابك اليهودي: الهاء هنا عائدة لله أم لغيره ؟
تجيبه: لله
يقول لك: تعني أن يدا الله مبسوطتان. أتقرّ أن لله يدان ؟
يقول أبو حسن: فبم تجيبه ؟
بس بخاف تحذف الإجابة كالعادة.
الجواب: ما أجهلك بلغة قومك!
هذا إن كان عربياً وإلا فأطالبه بتعلمها.
أبو حسن
28-10-2008, 08:33 AM
معليش علامتنا...
أنا لم أخض هذا الحوار مع فضيلتكم إلا للإستفادة من موسوعيتكم والإغتراف من بحر علمكم في شتى الميادين...
فليتكم تصبرون عليّ، وتجاروني على قدر عقلي... حتى يتبين لي جهلي بلغة قومي وكتاب ربي وأصول ديني...
لعلك نسيت أن السائل هو اليهودي والجواب له ولا أدري كيف حملتها على نفسك؟
لا حول ولا قوة إلا بالله.
أبو حسن
28-10-2008, 11:55 AM
أخي واحد،
أتمنى أن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي أذكر فيها هذا التنبيه
هذا موضوع جدّي علمي، وليس مكانا للمماحكات والنقاش بهدف التسلية وإشباع شهوة الجدل
ختمتُ مشاركتي بقولي: (يقول أبو حسن: فبم تجيبه ؟) فبان أن السؤال خرج مخرجا يدل على أني أنا أيضا أطالبك بجوابه !
فإن كان لديك جواب، وتريد النقاش، فتفضل، وإلا فاسمح لي بحذف كل المشاركات الخارجة عن الموضوع حتى نحافظ على أصله العلمي...
almo7eb
28-10-2008, 08:16 PM
أخ أبو حسن
ما قولك فيمن أجاب : أن المقصود أن اليهود اتهمت رب العالمين بالبخل ، فأجابهم بنفي ذلك و إطلاق أنه الكريم ؟؟
أبو حسن
28-10-2008, 08:38 PM
أجيبه:
هذا مفهوم الآية لكن منطوقها نص على أن لله يدين اثنتين ووصفهما بأنهما مبسوطتين.
وقد أخبر ربنا عن نفسه أنه خلق آدم بهاتين اليدين.
فما يقول محاوري في معنى هاتين اليدين ؟
AbouRajaa
28-10-2008, 08:44 PM
يقول : هذا مما اعتادت العرب أن تقوله في البخل و الكرم ، فتقول باليد المغلولة في وصف البخيل و المبسوطة في وصف الكريم ، و ليس تقصد اليدين !!!
و هذا معروف و لا يحتاج لكثير بيان !!!
أبو حسن
28-10-2008, 08:49 PM
ما تقول العرب في قوله تعالى (لما خلقت بيدي) ؟
وما تقول في اليدين اللتين وصفتا بالخلق والبسط والقبض والطي ووردتا مضافتين لذات الله ؟
almo7eb
28-10-2008, 09:04 PM
معلومٌ أن اليد يُقْصَدُ بها القدرة في كثيرٍ من المواطن ، و المسألة ليست نفي اليد !! و إنما معلوم أنَّ من العلماء من قال : يده قدرته !!
و العرب تستعمل لفظ اليد لأكثر من معنى !! و انظر استعمالها في القرآن ، مثلاً في ذكر رب العالمين عبده أيوب قال : ذا الأيدِ !! هل هذا يعني أنه كان يملك أكثر من يدين اثنتين ؟؟ لا أبداً ! بل المعنى أنه كان فعالاً للخير ....
أبو حسن
28-10-2008, 09:20 PM
يعني أفهم من كلامك التالي:
لما خلقت بيدَيْ = لما خلقت بقدرتَيْ
يداه مبسوطتان = قدرتاه مبسوطتان
؟
قلت قد أوردت هذا البيت لشاعر عربي عاش بين الجاهلية والإسلام ولكنك حذفت المشاركة برمتها لمجرد كلمات يسيرة من بضعة تفاسير مشهورة وقد كان بالإمكان حذف الكلام الذي تراه مخالفاً مع ذكر ملاحظة يسيرة في نفس المشاركة.
البيت مرة ثانية:
تَحَمَّلْتُ مِنْ عفراءَ ما ليس لي بِهِ ولا لِلجبالِ الرَّاسياتِ يَدانِ
أقول ذاك ما تحمله من حبيبته عفراء وليس ما أتحمله أنا بأقل منه.
السؤال: هل تلزم ذاك العربي بضرورة أن يكون للجبال يدين حيث أضافهما للجبال أم هل يخطر ببالك مثله؟
العجيب: أن يصدر مثل هذا الكلام من مولع بالشعر واللغة ولو كان من قاله يجهل البلاغة في العربية لقبل منه...
لا أظنك تريد مزيد أمثلة ولن تعدمه فلغتنا مليئة بمثله.
ستجد ما تريد وزيادة في القبض والبسط والطي وغيره مما تحب وتشتهي فيما لا يجوز وصفه بأن له يد أصلا أو لمن ولد بدون يدين وهو من بديع ما في العربية ولا يخفى ما كان لها من شأن بين العرب آنذاك ولذلك تحداهم بها في القرآن. فهل تقبله أم تريدني أن أجمع لك بعضه؟
والله ولي التوفيق،
أبو حسن
29-10-2008, 11:24 AM
لما أوردت مشاركتك أول مرة، أوردتها مخالفة للشروط وفي غير سياقها... لذلك حذفت
أما وقد بدأنا في مناقشة صفة اليد، فالمشاركة جاءت في سياقها الطبيعي
لن أخاطبك بمثل أسلوبك، فأطلب منك أن تثبت لي، إثباتا جازما ، أن هذا البيت لشاعر جاهلي أو من صدر الإسلام... ودونك خرط القتاد...
فهذا البيت ببساطة ليس فيه دليل على ما تقوله البتة...
وحتى لا يطول النقاش، سأردّ على كل شبهك في هذا الموضوع بإذن الله... مع أني كنت نويت أن أخوض النقاش معك حبّة حبّة... لكني عدلت عن خطتي رحمة بالأعضاء المتابعين...
اليدان في هذا البيت وردتا بصيغة التنكير، غير مضافتين ولا متعديتين...
ونحن لا ننكر أن هذا جائز في لغة العرب، وابن قيم الجوزية في قصيدته (أظنها النونية) يقول:
حكم المحبة ثابت الأركان * ما للصدود بفسخ ذاك يدان
وهذا لا يعارض أبدا إثباتنا اليدين لله تعالى، ففي الآيتين اللتين ذكرتهما آنفا، جاءت اليدان مضافتان إلى الله بضمير (بل يداه مبسوطتان) (خلقت بيديّ) ولم يكونا نكرتين كما في البيت.
وفي الآية الثانية كان فعل الخلق مسنودا إلى الله متعديا إلى اليدين بالباء.
فأين وجه الشبه بين الآيات وبين بيت الشعر الذي أوردته؟
وفي الحديث الصحيح، حديث محاججة موسى وآدم عليهما السلام، قال موسى لآدم: أنت الذي خلقك الله بيده ؟
فلو كانت اليد بمعنى القدرة، أي فضيلة بقيت لآدم في أن الله خلقه بيده؟ إذ أن كل العباد مخلوقين بقدرة الله !
ولما كان لسيدنا آدم أي مزية ولما كان حاججه موسى بهذا الأمر... فعلى مذهبك جواب آدم لموسى يسير: خلقني الله بقدرته كما خلق جميع عباده ! فكيف تحاججني بهذا الأمر وحدي دون بقية عباد الله؟
ثم إن الأحاديث في وصف اليدين مضافتين لله مسبوقتين بأفعال متعدية إليهم بحروف الجر كالبسط والقبض والطي والخلق أكثر من أن تحصى، وقد أوردتُ طرفا منها. فأني لك أن تتأولها جميعها ؟
وأنت بتأويلك هذه الآيات والأحاديث وقعت في مخالفات عديدة:
- أولا: خالفت اللغة كما بيّنتُ لك
- ثانيا: خالفت فهم موسى لمسألة خلق الله آدم بيده
- ثالثا: وافقت الجهمية في تأويلهم كما حكى عنهم الترمذي وأعيد قوله الذي مرّ معنا آنفا:
وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه. وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا إن الله لم يخلق ادم بيده. وقالوا إن معنى اليد ها هنا القوة.
وقال إسحاق بن إبراهيم: إنما يكون التشبيه إذا قال يد كيد أو مثل يد أو سمع كسمع أو مثل سمع. فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه وأما إذا قال كما قال الله تعالى يد وسمع وبصر ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع ولا كسمع فهذا لا يكون تشبيها وهو كما قال الله تعالى في كتابه: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). إ.هـ.
- رابعا: خالفت فهم السلف الذين رووا هذه الآثار ولم يعترضوا عليها ولم يؤولوها بل أثبتوا لله يدين اثنين:
روى الإمام الدارمي في رده على بشر المريسي، حدثني سعيد بن أبي مريم عن نافع بن عمر الجحمي قال:
سألت ابن أبي مليكة (يقول أبو حسن: وهو تابعي إمام جليل) عن يد الله: أواحدة أو اثنتان ؟
قال: بل اثنتان.
وسعيد ابن أبي مريم ونافع بن عمر بن عبد الله بن جميل الجمحي كلهما ثقة ثبت كما في التقريب.
- خامسا: والأدهى من هذا كله، ليس مخالفتك كبار المذهب الشافعي الذين تزعم أنك تنتمي إليهم، كابن خزيمة والأصبهاني وابن سريج والبغوي والآجري والكرجي والسفراييني واللالكائي وغيرهم، الذين بوّبوا في كتبهم أبوابا في إثبات هذه الصفات لله كاليد والوجه والعين والقبض والبسط وغيرها من الصفات الثابتة، بل خالفت منهج إمام المذهب الشافعي نفسه في طريقة تعامله مع الأحاديث، حيث يقول فيما أخرجه ابن أبي حاتم في كتابه (آداب الشافعي ومناقبه) قال: سمعت يونس قال: قال محمد بن إدريس الشافعي:
والحديث على ظاهره؛ وإذا احتمل الحديث المعاني: فما أشبه منها ظاهر الأحاديث أولاها به.
فاتقي الله حين تتكلم في مسائل الإعتقاد ولا تتكلم فيها بغير علم فالأمر خطير وليس باليسير.
أخرج ابن أبي حاتم في (آداب ومناقب الشافعي) عن يونس بن عبد الأعلى قال: سمعت الشافعي يقول:
لله أسماء وصفات لا يسع أحدا ردها، ومن خالف بعد ثبوت الحجة عليه فقد كفر، وأما قبل قيام الحجة فإنه يعذر بالجهل لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا الرؤية والفكر، فنثبت هذه الصفات وننفي عنه التشبيه كما نفى عن نفسه.
أما ما ذكرت مما يشبه كلام أهل النحو وليس كذلك فقد أتيت بالعجب العجاب ولن أخوض فيه طلباً للإيجاز. غير أني أكتفي بنقل مثله ومع هاء الضمير التي أحببت:
وَلَوْ أَنَّ غَيْرَ الدَّهْرِ بِالْجَوْرِ قَادَني جَمَحْتُ وَلكِنْ في يَدَيْهِ عِنَابِي
إِذا ما اِلتَقَت حَلقاتُ دَهرٍ عَلَيكُمُ فَيُمنى يَدَيهِ في أَديمِكُمُ عَطُّ
وما زالَ دينُ الهدى في الخطوبِ يشدّ عليه يديه اعتصاما
والبدرِ إذ في يديه للنّدى سُحُبٌ سواكبٌ عَشْرُها تنهلّ بالمِنَنِ
فالأولين للدهر وبعدهما للدين ثم البدر فهات ما عندك.
وأما في ميزة خلق آدم فلست أعذرك وعندك كتب التفسير. ولكن أقول ولزيادة فائدة لمن قرأ شبهتك: قد علمنا ما لعيسى عليه السلام من ميزة في خلقه من دون أب وآدم مثله وأكثر إذ تولى ربنا خلقه من دون أم كذلك ولست أدري كيف لم تفطن لذلك. واقرأ إن شئت قوله تعالى في سورة آل عمران (آية 59):
"إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون"
وأما ما ألحقته من نقل بعد ذلك، فاسمح لي بتركه فقد طلبت الإيجاز ولنحصر الكلام حيث انحصر وإن لم ترض به فهات مصادرك.
الحق أحق أن يتبع،
أبو حسن
30-10-2008, 08:54 AM
العجب منك لا ينقضي يا واحد دهرك...
البارحة، خلال مكالمتنا الهاتفية، طلبت منك الرجوع لكتاب التوحيد لابن خزيمة، فإذا بك تجيبني أنه عليك البحث أولا في نسبة الكتاب لصاحبه... ثم تأتيني بأبيات مجهولة (ببركة شيخك الجديد "موسوعة الشعر العربي") تجعلها حجة في لغة العرب ومفسّرة لكتاب الله...
أذكر صاحب كل بيت وصحة نسبة كل بيت لصاحبه (إن كان صاحبه جاهليا أو من الصدر الأول، أما إن كان متأخرا فلا داعي لأن تثبت شيئا) ثم تعال واحتج بأبياتك...
أما احتجاجك بالآية فقياس باطل، لأنه الله خلق آدم من تراب وخلقه بيده، فكان التماثل بينهما من جهة لا من جهتين... فتأمل...
المسألة بسيطة جدا، وبما أنك تحب الإختصار، سؤال واحد أريد جوابه منك:
هل خلق الله آدم بيده ؟ نعم أم لا ؟
بات من الواضح تعسفك للخروج من المأزق اللغوي الذي أوقعت نفسك به.
أقول مطالبتك بصحة نسبة هذا الشعر للصدر الأول أو الجاهلي لا يخرج عن احتمالين اثنين ،إما أن تقول بصحتهم لغوياً أو تقول بعكسه أي بعدم صحتهم. فإن كان الأول فقد زال الخلاف وإن كان الثاني فهات وبين الخطأ وافتح لنا بابك في هذا العلم حتى نتعلمه. وإن كنت تريد مزيد أمثلة فلن نعدمه. فما قولك سدد الله رأيك؟
أما عن سؤالك فنعم خلق الله آدم بيده لما جاء في الصحاح ونعم خلق الله آدم بيديه لما جاء في القرآن (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي). ولكن بخلاف ما تتوهم.
ثم أسألك جدلاً على قدر تصورك، هل خلقه باليد اليمنى أم الشمال كما سبق وأثبت؟تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
هذا وأستغفر الله لي ولك إنه غفور رحيم،
والسلام،
أبو حسن
01-11-2008, 11:05 AM
أما سؤالك الذي سألتني إياه، فأحيلك إلى المشاركة رقم (6) حيث قرّرت فيها أن صفات الله عز وجل هي للفهم وليست للتصور
أما قولك أنني في مأزق، فنعم، أنا أعتبر نفسي في مأزق منذ قبلت النقاش معك، لأنك تريدنا أن نعود للأيجديات في كل مسألة نتناقش فيها
هل سبق وسمعت بعصر الإحتجاج بالشعر ؟ هل تعلم أن بعض النحاة استنكروا على سيبويه احتجاجه بشعر بشار بن برد وهو المتوفى سنة 167 هـ ؟ فيما عذره الباقون وقالوا إنما استشهد به للاستئناس...
هل تعرف أنهم كانوا يضعون قيودا شديدة لقبول البيت من شعر الشعراء المتأخرين، وانظر صنيع الزمخشري حين استشهد في تفسيره ببيت لأبي تمام المتوفي عام 231 هـ حيث قال: وهو وإن كان مُحْدَثاً لا يستشهد بشعره في اللغة، فهو من علماء العربية، فأَجْعَلُ ما يقولهُ بمنزلة ما يرويه. إ.هـ.
على كل، هذا ليس موضوعنا، وأبياتك مردودة حتى تستوفي شروط القبول...
لا أريد لهذا الحوار أن يستمر إلى ماشاء الله، ولست أبغي إقناعك، إنما غاية مقصدي بيان مذهبي في مقابل رأيك في هذه المسألة، فاتركنا نستكمل حوارنا على طريقة السؤال والجواب، فإنا قد أشرفنا على إنهائه بإذن الله.
أقريت بما في الآيات والأحاديث بأن الله خلق آدم بيديه. السؤال الآن:
هل تُقرّ بأن لله يدين ؟ نعم أم لا ؟
almo7eb
01-11-2008, 09:25 PM
أخي أبو حسن ،
الآن تسأل : هل له يدين ؟ نعم أم لا ؟؟
و بعد قليل : هل له قدمان ؟ نعم أم لا ؟؟
و بعدها : هل له أذنان ؟ نعم أم لا ؟؟
.............
فينتهي بنا المطاف أنه على هيأة البشر !؟؟؟؟
راقب ربك فيما تقول
أبو حسن
01-11-2008, 09:32 PM
يأتيك الرد أخي محب... فكن صبورا...
أنا ما زلت بانتظار ردّ الأخ واحد على سؤالي، حتى أضع مشاركتي الختامية في هذا الموضوع، لأني لا أريد للموضوع أن يطول أكثر...
almo7eb
01-11-2008, 10:08 PM
حقيقة أخي أبو حسن ، الذي جعلني أقتنع بما قاله الإخوة أن منهج السلف في التفويض : هو تفويض المعنى و ليس الكيف ! هو ما قلته أنت !!!
حين نقلت في بيان أن التفويض هو للكيف قول أحد الأئمة " تفسيرها قراءتها !!! "
و هذا دليل واضح على أن المطلوب هو عديم التفسير اللغوي حتى مما يقوي حجة القائل أن الأصل تفويض المعنى !!!!!!
هذا من ناحية
أما من ناحية أخرى ، فأنا أيضاً لم أقتنع بما نقلته عن التأويل ، فالتأويل كما هو معروف و عين التفسير عموماً و في المتشابه هو اصطلاحاً صرف الكلام عن معناه الظاهر إلى معنى مقبول " عقلاً و لغة و ديناً " و لم أجد أفصح بياناً من أمثلة الإخوة في اليد و الساق .... هذا هو عين التأويل ! فكيف ينكره المنكرون ؟؟؟
ثم إن طريقتك في إثبات اليد لم أستسغها !؟؟؟
أخوك المحب
المحب
محمد أحمد الفلو
01-11-2008, 10:42 PM
أخي أبو حسن ،
الآن تسأل : هل له يدين ؟ نعم أم لا ؟؟
و بعد قليل : هل له قدمان ؟ نعم أم لا ؟؟
و بعدها : هل له أذنان ؟ نعم أم لا ؟؟
.............
فينتهي بنا المطاف أنه على هيأة البشر !؟؟؟؟
راقب ربك فيما تقول
ولا ملاحظه مهمه : أنا من زمان مني قارئ المشاركات بالموضوع ,,,, بس حبيت ادخل حشريه ولقيت في سؤال عندي عليه جواب بطريقه خاصه
اخي المحب :
الآن تسأل : هل للفرس يدان ؟ نعم أم لا ؟؟
و بعد قليل : هل للفرس قدمان ؟ نعم أم لا ؟؟
و بعدها : هل للفرس أذنان ؟ نعم أم لا ؟؟
.............
فينتهي بنا المطاف أن الفرس على هيأة البشر !؟؟؟؟
راقب نفسك فيما تقول ... وابحث لك عن حجة أخرى
أما الجواب على السؤال عن اليدان فأقول لك
نعم لله جل جلاله يدان ليس كمثلهما شيئ ذكرهما في سورة المائدة بقوله بل يداه مبسوطتان وله ساق ذكرها بقوله يوم يكشف عن ساق ويدعون الى السجود فلا يستطيعون أولها ابن عباس رضي الله عنه بأنها هول من أهوال يوم القيامه
وبالأخير ... بالطبع لن يكون الله على هيئة البشر لأنه ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير
أما بالنسبة للأذنان ... فلا علم لي بهذا الخصوص
اخ ابو حسن ... اذا كنت عم غرد خارج الموضوع فامح المشاركه
almo7eb
01-11-2008, 10:56 PM
أخي حميطون ليتك تكبر الخط قليلاً !
أما مسألة الجواب الذي أتيت به ، فاسمح لي أن أرد عليها ببعض كلمات قد كتبها الإخوة قبلي ،
فأولاً في مسألة اليدين : قالت اليهود يد الله مغلولة " أي يتهمون رب العزة بالبخل !! " فكان الرد من رب العالمين " بل يداه مبسوطتان !!" أي بل هو الكريم !! و هذا كلام اعتادت العرب أن تقوله في هذا الباب ، و ليس في ذلك أي دليل على ثبوت اليدين !!!!!
ثانياً :" يوم يُكشفُ عن ساق " كما ذكرت أولها ابن عباس رضي الله عنه " أي عن شِدّة " و ليس في ذلك إثبات الساق !!!!
فإن قلت فَوِّض أعود لأقول لك أني مقتنع تماماً أن الأصل في التفويض هو تفويض المعنى و ليس الكيف ! و دليل ذلك ما نقله الأخ أبو حسن " تفسيرها قراءتها !! " أي لا يجوز تفسيرها لغة حتى !!!!!! فكيف يجوز إثبات المعنى و نفي الكيفية ؟؟؟؟؟؟
" نقلاً عن مدونة الأخ أبو رجاء "
أبو حسن
01-11-2008, 10:57 PM
مشاركتك جيدة أخي حميطون وهي في الصميم، وسيأتي الردّ على مشاركة المحب لاحقا إن شاء الله، لكني بانتظار ردّ الأخ واحد حتى أنهي نقاشي معه، فأنا لا أودّ الدخول في نقاشين في وقت واحد.
وهنا لا بدّ من ذكر تنبيهين مهمين:
الأول، نحن نثبت ما جاءت به النصوص، وليس في القرآن ولا السنة ذكر الأذنين
الثاني، بالنسبة لتأويل ابن عباس صفة الساق، وهي شبهة كثيرا ما نسمعها وهي غير صحيحة، وبما أنك من أهل القرآن أخي حميطون فستدرك سريعا سبب عدم صحتها.
ابن عباس رضي الله عنهما لم يكن يقرأ الآية مثلنا (يوم يُكشف عن ساق) وإنما كانت قراءته (يوم تَكشِفُ عن ساق).
فأظن أن الشبهة قد زالت فيما يخص هذا الأمر.
وقد صحّ عن ابن مسعود إثباته الساق (هذا إذا لم نأخذ بعين الإعتبار الأحاديث التي في الباب...)
أبو الشوارب
01-11-2008, 11:02 PM
والله انك نهفة.
ربنا يقول عن نفسه انه له يدين. لا ادري لماذا خطر على بالك انها تشبيه. نحن نقول انه له يدين تليق بجلاله. وكذلك سائر الصفات التي أخبر الله تعالى عنها. اما بالنسبة للأذنين فلم ترد.
والاصل بالموضوع اننا نثبت ما اخبر الله تعالى عن نفسه من صفات ولكن دون تشبيه او نفوض الكيفية. ولسبب اننا لا نعلم كيف هي ذات الله.يعني ليش متضايق من هالاشياء مني عارف .
وما في داعي لتكتير الحكي و الفلسفة.
أبو الشوارب
01-11-2008, 11:09 PM
برجع بقول لك اذا شغلة لم ترها من قبل . كيف يمكن لك تحديد كيفة ما تقوم به. اتق الله يا اخ فيما تقول.
لو اتيت برجل من ايام الجاهلية و تشرح له كيف يعمل الحاسوب لن يفهم مهما شرحت له لأنه لم يره من قبل. و فس على ذلك. كيف يمكنني السؤال عن الكيفية اذا لم اكن اعلم الذات.
أبو حسن
01-11-2008, 11:47 PM
بارك الله في الأخوة الذين شاركوا، وأشكر غيرتهم وأُكبر فيهم فهمهم لمنهج السلف، وأدعوهم إلى عدم تشعيب النقاش، فالكلام في هذه المسائل واسع...
دعونا ننتهي أولا من النقطة التي أثارها الأخ واحد حول صفة اليدين، ثم ننتقل للرد على شبهات الأخ المحب وزعمه أن التفويض هو منهج السلف
فهذا الموضوع مخصص للكلام على المنهج العام الواجب اتباعه في باب الأسماء والصفات وليس للبحث في كل صفة على حدة، لكني قبلت تنزلا مناقشة الأخ واحد في صفة اليدين، وحوارنا شارف على الإنتهاء إن شاء الله
والكلام على التفويض هو كلام على المنهج، لذا سيكون الردّ على كلام الأخ المحب بعد الإنتهاء من النقاش مع الأخ واحد.
محمد أحمد الفلو
02-11-2008, 12:03 AM
الثاني، بالنسبة لتأويل ابن عباس صفة الساق، وهي شبهة كثيرا ما نسمعها وهي غير صحيحة، وبما أنك من أهل القرآن أخي حميطون فستدرك سريعا سبب عدم صحتها.
ابن عباس رضي الله عنهما لم يكن يقرأ الآية مثلنا (يوم يُكشف عن ساق) وإنما كانت قراءته (يوم تَكشِفُ عن ساق).
فأظن أن الشبهة قد زالت فيما يخص هذا الأمر.
وقد صحّ عن ابن مسعود إثباته الساق (هذا إذا لم نأخذ بعين الإعتبار الأحاديث التي في الباب...)
بالنسبة لصحة تأويل الساق ... فقد ذكرها لنا طارق زيدان لما كنا نجلس اليه في حلقات التلاوة على انها صحيحه
وبالنسبة للشواهد الأخرى عن الساق واثباتها فهذا أمر لا انكره ( تذكرت رواية أن جهنم لا تمتلئ حتى يضع رجله فيها )... وقد تسخدم الكلمة الواحدة في عدة معاني أو يكون التفسير يحتمل الوجهان والوجهان صحيحان
وبالنسبة للأخ المحب ... فلن أزيد على ما ذكرت في الأعلى إلا أن أقول لك ... الله ذكر في القرآن أن له يدان ... بغض النظر عن المعنى المقصود ...فهو قال بأنهما يدان ..... أفتنكر صريح الآية ؟؟
وقد أتى إثباتهما في عدة مواضع لا تحتمل المعنى الوحيد الذي ذكرت ...
ليس ادل من ذلك قول الله تعالى بأنه خلق آدم بيديه ... وأن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كانت تطيب الصدقة لأنها تقع في بيد الله قبل ان تقع بيد الفقير
فهل يستقيم المعنى كتأويل لكل ما حضر ببالي بخصوص اثبات اليدين ؟؟
بس انت يا محب لسا ما جاوبتني على مثال الفرس ؟؟ تخليت عنه .؟؟
على فكره ... بتمنى المشاركات تقتصر من هلأ وبالرايح على المعلومات المحفوظه بالرأس وليس على النسخ المطول الذي اخرجني من الموضوع في السابق ... وفي حال احتجتم الى النسخ فليكن بايجاز شديد
على فكره ... أنا كل ردودي هي مما بقي في راسي من دروس شيخي جمال حفظه الله بهذا الخصوص
نزولاً عند رغبة الأخ أبي حسن بتقديم البيان الختامي لهذا الموضوع، وعذراً للتأخير بسبب بعض المشاغل، أقول:
ليس عندي أدنى شك في الضعف اللغوي الذي يتخبط فيه من ليس عنده أدنى دراية في أقسام البلاغة وقد يكون من غير المجدي سرد الاستشهادات اللغوية حيث أن صاحبنا بات ينكر جوازها لغوياً.
لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي
مع ذلك سوف أنقل من كتاب البديع لابن المعتز (القرن الثالث هجري) بعض الأمثلة لأهل اللغة علها توقظ حب دراسة هذا الفن لمن راح يفسر كلام الله ببضاعته المزجاة في اللسان العربي:
أبو الطيب المتنبي
وَقَفتَ وَما في المَوتِ شَكٌّ لِواقِفٍ كَأَنَّكَ في جَفنِ الرَدى وَهوَ نائِمُ
عنترة بن شداد (؟-22 ق.هـ)
سَقى اللَهُ عَمّي مِن يَدِ المَوتِ جَرعَةً وَشُلَّت يَداهُ بَعدَ قَطعِ الأَصابِعِ
أوس بن حجر (95-2 ق.هـ)
وَإِنّي اِمرُؤٌ أَعدَدتُ لِلحَربِ بَعدَما رَأَيتُ لَها ناباً مِنَ الشَرِّ أَعصَلا
وقال أبو ذؤيب الهذلي (؟ - 27هـ)
وإذا المنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كل تميمة لا تنفع
وقال أوس بن مغراء يهجو بني عامر
يشيب على لوم الفعال كبيرها ... ويغذي بثدى اللوم فيها وليدها
ولأعرابي في البرق
إذا شيم أنف الليل أو مضى وسطه ... سناً كابتسام العامرية شاعف
وقال العتابي
فتى ظفرت منه الليالي بزلة ... فأقلعن عنه داميات المخالب
وقال أشجع
تعض بأنياب المنايا سيوفه ... وتشرب من أخلاف كل وريد
وقال بشار
شربنا من فؤاد الدن حتى ... تركنا الدن ليس له فؤاد
وقال أبو الشيص:
سقاني بها والليل قد شاب رأسه ... غزال بحناء الزجاجة مختضب
وقال الكميت
ولما رأيت الدهر يقلب ظهره ... على بطنه فعل الممعك في الرمل
وفي الحديث: رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد
ومثله كثير في لغة القوم ومن أحب المزيد فليرجع إلى ما شاء من كتب هذا الفن (البلاغة)
أما عن آخر سؤال للأخ أبي حسن وكنت لا أظنه يسأله بعد ما قدمته فلا ثم لا ثم لا لما علمته من قصده. على أن لكلمة اليد في اللغة معاني جائزة .
(جاء في اللسان):
اليَدُ النِّعْمةُ السابغةُ ...ويدُ الدَّهْر مَدُّ زمانه ويدُ الرِّيحِ سُلْطانُها...ويقال هذه الصنعة في يَدِ فلان أَي في مِلْكِه... وخَلَعَ يدَه عن الطاعة مثل نزَعَ يدَه ...واليَدُ القُوَّةُ وأَيَّدَه الله أَي قَوَّاه وما لي بفلان يَدانِ أَي طاقةٌ وفي التنزيل العزيز والسَّماءَ بَنَيْناها بأَيْدٍ....
وأخيراً وليس آخراً: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (القصص-56)
والسلام على من اتبع الهدى،
واحد،
أبو حسن
02-11-2008, 10:36 AM
العقيدة ليس سبيلها كتب البلاغة ولا كتب الأدب، ولا العقل ولا الرأي، العقيدة سبيلها الكتاب والسنة والتلقي عن سلف الأمة.
ولقد سألتني أخي "واحد" عن إمامي في مقالتي، فهاك جوابي الذي أختم به نقاشنا:
مذهبي ومنهجي وعقيدتي هو مذهب ومنهج وعقيدة أهل الحديث من أئمة الشافعية الأعلام، الذين علت رايتهم مدى الأيام، وبهم نفخر على بقية الأنام، فمن عرفهم واتخذهم له إمام، واتبع مقالتهم فإنه غير مُلام، فمنهجهم هو منهج السلف الكرام... وهذه أقوالهم في مسألتنا:
بوّب الحافظ الحجة الفقيه إمام الأئمة ابن خزيمة الشافعي (ت 311 هـ) في كتابه (التوحيد) :
باب ذكر إثبات اليد للخالق الباري جلّ وعلا والبيان أن الله تعالى له يدان كما أعلمنا في محكم تنزيله.
ثم ذكر بابا آخر:
باب ذكر البيان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم على إثبات يد الله جلّ وعلا موافقا لما تلونا من تنزيل ربنا لا مخالفا، قد نزّه الله نبيه وأعلا درجته ورفع قدره عن أن يقول إلا ما هو موافق لما أنزل الله عليه من وحيه.
وبوّب الإمام المحدّث شيخ الحرم الشريف أبو بكر الآجري الشافعي (ت 360 هـ) في كتابه (الشريعة) :
باب ما روي أن الله عز وجل يقبض الأرض بيده ويطوي السماوات بيمينه.
ثم ذكر:
باب الإيمان بأن الله عز وجل يأخذ الصدقات بيمينه فيربيها للمؤمن.
ثم ذكر:
باب الإيمان بأن لله عز وجل يدين وكلتا يديه يمين.
ثم ذكر:
باب الإيمان بأن الله عز وجل خلق آدم بيده وخط التوراة لموسى بيده وخلق جنة عدن بيده.
وقال الإمام المحدّث الحافظ الفقيه شيخ الشافعية أبو بكر الإسماعيلي (ت 371 هـ) في كتابه (إعتقاد أئمة الحديث) :
وخلق آدم عليه السلام بيده، ويداه مبسوطتان يُنفق كيف يشاء، بلا اعتقاد كيف يداه، إذ لم ينطق كتاب الله تعالى فيه بكيف.
وقال الإمام الحافظ أبو القاسم هبة الله اللالكائي الشافعي (ت 418 هـ) في كتابه (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة) :
سياق ما دل من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على أن من صفات الله عز وجل الوجه والعينين واليدين.
وقال الإمام المفسر المحدث شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني الشافعي (ت 449 هـ) في كتابه (عقيدة السلف أصحاب الحديث) :
ويعرفون ربهم عز وجل بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، أو شهد له بها رسوله صلى الله عليه وسلم على ما وردت الأخبار الصحاح به، ونقلته العدول الثقات عنه، ويثبتون له جل جلاله ما أثبت لنفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسم، ولا يعتقدون تشبيها لصفاته بصفات خلقه، فيقولون: إنه خلق آدم بيده، كما نص سبحانه عليه في قوله- عز من قائل: (يا إبليس ما منعك ان تسجد لما خلقت بيدي) ولا يحرفون الكلام عن مواضعه بحمل اليدين على النعمتين، أو القوتين، تحريف المعتزلة الجهمية، أهلكهم الله، ولا يكيفونهما بكيف أو تشبيههما بأيدي المخلوقين، تشبيه المشبهة، خذلهم الله، وقد أعاذ الله تعالى أهل السنة من التحريف والتكييف، ومن عليهم بالتعريف والتفهيم، حتى سلكوا سبل التوحيد والتنزيه، وتركوا القول بالتعطيل والتشبيه، واتبعوا قول الله عز وجل: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
يقول العلامة الحافظ الناقد المحدّث الخطيب البغدادي الشافعي (ت 463 هـ) في رسالته في الكلام على الصفات:
أما الكلام في الصفات، فإن ما روي منها في السنن الصحاح، مذهب السلف رضي الله عنهم إثباتها وإجراؤها على ظواهرها ونفي الكيفية والتشبيه عنها...
والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات، ويُحتذى في ذلك حذوه ومثاله. فإذا كان معلوما أن إثبات رب العالمين عز وجل هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف.
فإذا قلنا لله تعالى يد وسمع وبصر، فإنما هو إثبات صفات أثبتها الله تعالى لنفسه، ولا نقول: إن معنى اليد القدرة، ولا أن معنى السمع والبصر العلم، ولا نقول إنها جوارح، ولا نشبهها بالأيدي والأسماع والأبصار التي هي جوارح وأدوات للفعل.
ونقول: إنما وجب إثباتها لأن التوقيف ورد بها، ووجب نفي التشبيه لقوله تبارك وتعالى: (ليس كمثله شيء) وقوله عز وجل: (ولم يكن له كفوا أحد)
وبوّب قوام السنة الأصبهاني الشافعي (ت 535هـ) في كتابه (الحجة في بيان المحجة) :
فصل في إثبات اليد لله تعالى صفة له.
ثم قال:
ذكر البيان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم على إثبات اليد موافقا للتنزيل.
ولم يستطع الإمام الجويني الشافعي الأشعري (ت 512هـ). رغم نفيه للصفات الخبرية كاليدين والعينين والوجه إلا أن يقرّ بأن متقدمي الشافعية قد أثبتوا هذه الصفات فقال كما في كتابه (الإرشاد) :
ذهب بعض أئمتنا إلى أن اليدين والعينين والوجه صفات ثابتة للرب تعالى، والسبيل إلى إثباتها دون قضية العقل.
أما الإمام الحافظ الفقيه أبو بكر البيهقي الشافعي (ت 458)، الذي وافق الأشاعرة في مسائل، فذهب أبعد من الجويني، حيث أثبت صفة اليدين والعين والوجه كما في كتابه (الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد) حيث قال:
وأما السمعي فهو ما كان طريق إثباته الكتاب والسنة فقط كالوجه واليدين والعين وهذه أيضا صفات قائمة بذاته لا يقال فيها إنها هي المسمى ولا غير المسمى ولا يجوز تكييفها فالوجه له صفة وليست بصورة واليدان له صفتان وليستا الجارحتين والعين له صفة وليست بحدقة وطريق إثباتها له صفات ذات ورود خبر الصادق به.
هؤلاء هم سلفي وهم إمامي، وعقيدتهم هي عقيدتي، بها أدين الله عز وجل، وعليها أحيا وعليها أموت بإذن الله، وأسأل الله أن يبعثني عليها يوم القيامة
أبو حسن
02-11-2008, 12:54 PM
حقيقة أخي أبو حسن ، الذي جعلني أقتنع بما قاله الإخوة أن منهج السلف في التفويض : هو تفويض المعنى و ليس الكيف ! هو ما قلته أنت !!!
حين نقلت في بيان أن التفويض هو للكيف قول أحد الأئمة " تفسيرها قراءتها !!! "
و هذا دليل واضح على أن المطلوب هو عديم التفسير اللغوي حتى مما يقوي حجة القائل أن الأصل تفويض المعنى !!!!!!
أخي المحبّ،
بعد أن انتهى الحوار بيني وبين الأخ واحد، سأنتقل لأناقش معك ادعاؤك أن منهج السلف هو تفويض المعنى. وسيكون نقاشنا بإذن الله بنفس الأسلوب، طريقة السؤال والجواب، حتى إذا انتهى كل منا من عرض ما عنده، ننهي الحوار.
مشكلتك أخي حين تستدل بأقوال السلف، أنك تفهمها على غير مرادهم منها. فبعدك عن قراءة الكتب التي تذكر أقوالهم يُبعدك عن فهم عباراتهم.
قائل العبارة التي ذكرتها (قراءتها تفسيرها) هو سفيان بن عيينة رحمه الله.
السؤال: من خلال فهمك لعبارة سفيان الآنفة، لو قرأ سفيان الآية (لما خلقتُ بيديْ)، ما يكون موقفه منها ؟ هل يؤمن بصفة اليد ويثبتها ؟ أم ينفيها ولا يثبتها ؟
أبو حسن
03-11-2008, 12:23 PM
الـتـبـيـان لـعـبـارة سـفـيـان وتـبـرئـتـه مـن الـبـهـتـان
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون ما الغيبة ؟
قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: ذكرك أخاك بما يكره.
قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟
قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته.
[أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي]
أقول:
وأي بهتان أكبر من رمي السلف بما هم منه براء ؟
وأي بهتان أكبر من الزعم بأن السلف يقولون بأقوال يأنف منها أساطين الأشاعرة أنفسهم ؟ وقد مرّ معنا في المشاركة رقم (46) كيف أن ابن فورك والقشيري والعيني نزّهوا الله ورسوله أن يخاطبونا بألفاظ لا نفقه كنهها ومعناها ورأوا استحالة ذلك.
ورغم هذا فإن متأخري الأشاعرة ما زالوا يصرّون على زعمهم أن مذهب السلف هو تفويض المعنى!
وسأبيّن بطلان هذا القول، بعون الله، في موضوع لاحق بعنوان "التقويض لأسس التفويض"، يسر الله إتمامه.
أما مشاركتي هذه فسأخصصها بإذن الله لبيان عبارة سفيان (فقراءته تفسيره) التي يستدل بها المفوضة في بهتهم السلف.
وقد سبق لي بيان معنى قول السلف (لا تفسير) و(لا معنى) في المشاركة رقم (45) فراجعوها.
لكن بما أني لم أشر فيها لقول سفيان هذا، رأيت إفراد هذه المشاركة لبيان مقولته وأنه لا دليل فيها على ما يذهب إليه المستدلون بها. وسيكون بيان عبارته بعباراته الأخرى، لأدلّل على أن الذين يستدلون بعبارات السلف هم أبعد الناس عن فهم عباراتهم لأنهم حرموا أنفسهم من مطالعة كلامهم.
أما عبارة سفيان (فقراءته تفسيره) التي يستدل بها المفوّضة فهي عبارة مُجتزأة !
روى الدارقطني في رسالته "الصفات" بسنده إلى سفيان بن عيينة قوله: كل ما وصف الله به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره لا كيف ولا مثيل.
أولا: عبارة سفيان تبدأ بقوله (كل ما وصف الله به نفسه)، فهل يؤمن المفوضة بأن اللفظة التي يفوّضونها هي صفة لله ؟
إن آمنوا أنها صفة لله، كفونا مؤونة الردّ... فهم بذلك أثبتوها ونحن لا نطالبهم بأكثر من إثباتها !
ثانيا: إن كان الأمر كما يقول المفوّضة، بأنها لفظة لا نعرف معناها، فلم قال سفيان (لا كيف ولا مثيل) ؟
فكيف ينفي التكييف والتمثيل من لم يُثبت شيئا ؟؟؟ ينفي التكييف والتكثيل عن ماذا ؟ عن العدم ؟
فنفيه التكييف والتمثيل دليل صريح على أنه أثبت الصفة !
دعونا نطالع أقوال سفيان بن عيينة رحمه الله الأخرى التي توضح منهجه في التعاطي مع آيات وأحاديث الصفات.
روى الدارقطني في رسالته نفسها أنه قيل لابن عيينة: هذه الأحاديث التي تروى في الرؤية ؟
قال: حق على ما سمعنا ممن نثق به ونرضاه.
وروى الدارقطني في رسالته نفسها عن أحمد بن نصر رحمه الله قال:
سمعت سفيان بن عيينة وأنا في منزله بعد العتمة فجعلت ألح عليه في المسألة.
فقال: دعني أتنفس.
فقلت له: يا أبا محمد إني أريد أن أسألك عن شيء.
فقال: لا تسأل.
فقلت: لا بد من أن أسألك، إذا لم أسألك فمن أسأل ؟
فقال: هات سل.
فقلت: كيف حديث عبيدة عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل يحمل السماوات على أصبع والأرضين على أصبع، وحديث إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن، وحديث إن الله عز وجل يعجب ويضحك ممن يذكره في الآفاق ؟
فقال سفيان: هي كما جاءت نقرّ بها ونحدث بها بلا كيف.
يُقِرّ بها سفيان ويحدّث بها... فهل يصنع المفوّضة صنيعه ؟
إن كانت ألفاظا مجرّدة لا معنى لها، فبماذا يقرّ ؟ بالعدم ؟
إن كانت ألفاظا مجرّدة لا معنى لها، فما هو التكييف الذي ينفيه عنها ؟ ينفي التكييف عن العدم ؟
وعبارته هذه دليل على أنه يثبت الصفات وينفي الكيفية.
وأخرج اللالكائي في كتابه (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة) عن سفيان بن عيينة أنه قال:
سئل ربيعة عن قوله (الرحمن على العرش استوى) كيف استوى ؟
قال: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول ومن الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التصديق.
فها هو سفيان ينقل عن شيخه ربيعة الرأي (شيخ الإمام مالك) أنه قال: (الإستواء غير مجهول والكيف غير معقول). أي أنه يثبت المعنى وينفي الكيف.
وأنتم تقولون بل هو مجهول، لا نفقه معناه؛ ليس هذا وحسب، بل وترمون سفيان بهذه المقولة الشنيعة !!! فأي بهتان أكبر من هذا، ألا فاتقوا الله ربكم...
وأختم بما سبق لي نقله عن الترمذي مرات ومرات، لكن أين من يقرأ، حيث يقول بعد حديث (إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها) :
وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، قالوا: قد تثبت الروايات في هذا ويؤمن بها، ولا يتوهم ولا يقال كيف. هكذا روي عن مالك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أمروها بلا كيف. وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة.
وبعد حديث اطلاع الرحمن على الناس يوم القيامة ووضع قدمه في جهنم، يقول الترمذي:
وقد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم روايات كثيرة مثلُ هذا؛ ما يُذكر فيه أمر الرؤية أن الناس يرون ربهم، وذكر القدم وما أشبه هذه الأشياء.
والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة؛ مثل: سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك وابن عيينة ووكيع وغيرهم أنهم رووا هذه الأشياء ثم قالوا: تروى هذه الأحاديث ونؤمن بها ولا يقال كيف؟
فهذا مذهب السلف وسفيان ابن عيينة كما نقله الترمذي، أنهم يثبتون الصفات ويؤمنون بها، ولا يقولون: كيف؟
فإثباتهم هذه الأحاديث على أنها صفات هو ردّ على المفوّضة، ثم إيمانهم بها هو ردّ أشدّ من الأول، فإن كانت بلا معنى، يؤمنون بماذا ؟ بالعدم ؟
فهل يقول المفوضة بقول السلف وسفيان ؟ يُثبتون هذه الأحاديث ويؤمنون بها ؟ إن قالوا به فقد أبطلوا مقالتهم.
وإن أصروا على زعمهم تفويض المعنى، فمنهج سفيان والسلف واضح لمن له عينان، وعليهم أن يتوبوا من رميهم بهذه الفرية والبهتان...
الأخ الكريم، الشيخ إيفان - حفظه الله -
بعد أن أنهيت كلامي مع الأخ أبو حسن وبعد أن علمت أن لك رأياً في مسائل العقيدة كما جاء في موضوع عقيدة الأحباش - ولا يظن أني على عقيدتهم فلست أعلمها أصلاً وليس من اهتماماتي جمع الأقوال والآراء لطوائف المسلمين- وبعد ما علمت من تعسف الأخ أبو حسن في ردوده، حبذا لو تتفضل بما عندك،
هذا والله ولي التوفيق،
قلموني
14-05-2010, 01:55 PM
.. هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ
أخي الكريم "قلموني"،
إذا كان عندك ما تقوله تعقيباً على مشاركتي رقم 103 فلتتفضل، وعلى كل حال كلامي كان موجهاً للشيخ إيفان.
وجزاك الله خيراً،
Powered by vBulletin® Version 4.1.11 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir