وسيم أحمد الفلو
15-11-2008, 11:48 PM
بشارة شربل
لا ندري هل إلغاء الإنتخابات الطالبية في الجامعة اللبنانية جزء من حال الجامعة المستمرة في الإنحدار، أم أنّه جزء من حال الدولة العاجزة عن تأمين الانتخابات بسلام، أم أنه مزيج من الحالين يدفع إلى اليأس والأمل على السواء. فما نعلمه هو أنّ التوتر الأهلي الناجم عن الإصطفاف يخشى أن يتجدد في الكليات، وبدلاً من أن تكون الممارسة الديمقراطية مناسبةً للتعبير الحر والتنافس المشروع تغدو سبباً لاندلاع الغرائز والرغبة في الإلغاء.
لا بد من أنّ رئيس الجامعة بنى قراره على معطيات أو توقعات أو فضل "عدم النوم بين القبور"، فتجارب الجامعات وخصوصاً الجامعة اللبنانية منذ ثلاث سنوات لا تبعث كثيراً على الإطمئنان، وهي عاماً بعد عام تشهد تعمقاً في الخلافات مع تذرر النزاع الأهلي وبزوغ المذهبية عاملاً جديداً أو خطيراً في الصراعات. لكن المسألة ليست بالتأكيد مجرد حالة أمنية تفرضها الأحداث بل تعبير عن خلل عميق ومستديم تعانيه الجامعة التي تضم 70 ألفاً من الشباب من الأطياف كلها.
تجري الإنتخابات في الجامعات الخاصة في لبنان ولن تجري في الجامعة اللبنانية هذا العام. وفي الواقع ليس ما يدعو إلى استنكار الإلغاء، فانتخابات الجامعات ليست مؤشراً إلى اتجاهات حديثة لدى الشباب تبرز قوى تغييرية ومتقدمة تؤثر في اهتمامات الحياة السياسية ومستقبل الأجيال. فالشباب الجامعيون، على خلاف ما كانوا عليه قبل حروب لبنان، جزء لا يتجزأ من الإنقسام الطائفي والمذهبي والسياسي بين 8 و14 آذار. لذلك فإن انتخاباتهم غير معبرة إلا عن تحولات كمية في الرأي العام تدخل في حمّى الإحصاءات التي يلجأ إليها الفرقاء تمهيداً للنزال في أيار. وفقدان الانتخابات هذا العام ليس خسارة للديمقراطية على الإطلاق ما دام الشباب لا يتمتع بأفكار جديدة أو خلاقة ويرتضي بأن يكون "خزاناً" لدى أحزاب الطوائف والمذاهب أو الأحزاب والتيارات "العلمانية" المستتبعة قديماً وحديثاً من المخابرات.
يؤكد إلغاء الإنتخابات في كليات الجامعة اللبنانية أن رئيس الجامعة لا يثق بطرفين: الدولة والطلاب. فالدولة عاجزة عن فرض هيبة القانون وردع من تسوِّل له نفسه العنف أو الإعتداء على منافسه الإنتخابي. والطلاب قادرون بقوة أحزابهم وشوارعهم على انتهاك العملية الديمقراطية وتحويلها مناسبة لممارسة الشواذات بحق الأخصام... ويُفهم من ذلك أن المصالحات التي حصلت بين عدد من الأقطاب لم تصل أصداؤها إلى الجمهور- الخزان، أو أنّها بقيت على السطح وتحتاج وقتاً طويلاً وجهداً إضافياً ليسري مفعولها بين الشبان، مثلما يُفهم أن الجامعة تضم طلاباً هم في الحقيقة ليسوا طلاب علم بل منتسبون لغاية الإنتخاب أو أنهم "محميون" لا يخشون تأديباً أو وقفاً عن الدراسة أو إحالة إلى المحاكمات في حال الإرتكاب.
ما تقدم يثبته أن الإنتخابات جرت في الجامعات الخاصة بدون إشكالات بعدما تشددت الإدارات في السنوات الماضية في العقوبات. ويردنا ذلك إلى حال الجامعة اللبنانية التي استتبعتها الميليشيات بدءاً من الطلاب المنظمين في تشكيلات عسكرية واستخبارية، مروراً بالجسم التعليمي الواسع الاختراق بأساتذة غير مؤهلين فرضتهم الأحزاب، وصولاً إلى الرأس الذي صار جزءاً من التقاسم المذهبي والمحاصصات، وهو واقع أليم ومريض أدى إلى تدهور المستوى التعليمي وانعدام مساحات اختلاف الرأي والحوار التي هي شرط ضروري للترشح والإنتخاب.
يفترض بحادثة إلغاء الإنتخابات في الجامعة اللبنانية ألا تؤشر إلى التوترات والمصالحات والإصطفافات وقوى الأمر الواقع المستكبرة على الدولة المهيضة الجناح فحسب، بل أن تظهِّر أيضاً واقع الجامعة المزري الذي يحتاج إلى حل جذري. فالجامعة اللبنانية كانت قبل أن تستباح بعد الحرب الأهلية- الإقليمية في لبنان مكاناً واعداً للعلم والتفكير والتغيير، وتستحق إجماعاً وطنياً يعيدها صرحاً علمياً زاخراً بالمعرفة والأفكار ومنطلقاً لإعادة توحيد لبنان، إنها قضية بأهمية "استراتيجية الدفاع" وتستحق إجماعاً عاجلاً على طاولة الحوار لإنقاذها عبر هيئة مستقلة من براثن التردي العلمي وتخلف العصبيات قبل استعادة حق طلابها البديهي في ممارسة الإنتخاب.
لا ندري هل إلغاء الإنتخابات الطالبية في الجامعة اللبنانية جزء من حال الجامعة المستمرة في الإنحدار، أم أنّه جزء من حال الدولة العاجزة عن تأمين الانتخابات بسلام، أم أنه مزيج من الحالين يدفع إلى اليأس والأمل على السواء. فما نعلمه هو أنّ التوتر الأهلي الناجم عن الإصطفاف يخشى أن يتجدد في الكليات، وبدلاً من أن تكون الممارسة الديمقراطية مناسبةً للتعبير الحر والتنافس المشروع تغدو سبباً لاندلاع الغرائز والرغبة في الإلغاء.
لا بد من أنّ رئيس الجامعة بنى قراره على معطيات أو توقعات أو فضل "عدم النوم بين القبور"، فتجارب الجامعات وخصوصاً الجامعة اللبنانية منذ ثلاث سنوات لا تبعث كثيراً على الإطمئنان، وهي عاماً بعد عام تشهد تعمقاً في الخلافات مع تذرر النزاع الأهلي وبزوغ المذهبية عاملاً جديداً أو خطيراً في الصراعات. لكن المسألة ليست بالتأكيد مجرد حالة أمنية تفرضها الأحداث بل تعبير عن خلل عميق ومستديم تعانيه الجامعة التي تضم 70 ألفاً من الشباب من الأطياف كلها.
تجري الإنتخابات في الجامعات الخاصة في لبنان ولن تجري في الجامعة اللبنانية هذا العام. وفي الواقع ليس ما يدعو إلى استنكار الإلغاء، فانتخابات الجامعات ليست مؤشراً إلى اتجاهات حديثة لدى الشباب تبرز قوى تغييرية ومتقدمة تؤثر في اهتمامات الحياة السياسية ومستقبل الأجيال. فالشباب الجامعيون، على خلاف ما كانوا عليه قبل حروب لبنان، جزء لا يتجزأ من الإنقسام الطائفي والمذهبي والسياسي بين 8 و14 آذار. لذلك فإن انتخاباتهم غير معبرة إلا عن تحولات كمية في الرأي العام تدخل في حمّى الإحصاءات التي يلجأ إليها الفرقاء تمهيداً للنزال في أيار. وفقدان الانتخابات هذا العام ليس خسارة للديمقراطية على الإطلاق ما دام الشباب لا يتمتع بأفكار جديدة أو خلاقة ويرتضي بأن يكون "خزاناً" لدى أحزاب الطوائف والمذاهب أو الأحزاب والتيارات "العلمانية" المستتبعة قديماً وحديثاً من المخابرات.
يؤكد إلغاء الإنتخابات في كليات الجامعة اللبنانية أن رئيس الجامعة لا يثق بطرفين: الدولة والطلاب. فالدولة عاجزة عن فرض هيبة القانون وردع من تسوِّل له نفسه العنف أو الإعتداء على منافسه الإنتخابي. والطلاب قادرون بقوة أحزابهم وشوارعهم على انتهاك العملية الديمقراطية وتحويلها مناسبة لممارسة الشواذات بحق الأخصام... ويُفهم من ذلك أن المصالحات التي حصلت بين عدد من الأقطاب لم تصل أصداؤها إلى الجمهور- الخزان، أو أنّها بقيت على السطح وتحتاج وقتاً طويلاً وجهداً إضافياً ليسري مفعولها بين الشبان، مثلما يُفهم أن الجامعة تضم طلاباً هم في الحقيقة ليسوا طلاب علم بل منتسبون لغاية الإنتخاب أو أنهم "محميون" لا يخشون تأديباً أو وقفاً عن الدراسة أو إحالة إلى المحاكمات في حال الإرتكاب.
ما تقدم يثبته أن الإنتخابات جرت في الجامعات الخاصة بدون إشكالات بعدما تشددت الإدارات في السنوات الماضية في العقوبات. ويردنا ذلك إلى حال الجامعة اللبنانية التي استتبعتها الميليشيات بدءاً من الطلاب المنظمين في تشكيلات عسكرية واستخبارية، مروراً بالجسم التعليمي الواسع الاختراق بأساتذة غير مؤهلين فرضتهم الأحزاب، وصولاً إلى الرأس الذي صار جزءاً من التقاسم المذهبي والمحاصصات، وهو واقع أليم ومريض أدى إلى تدهور المستوى التعليمي وانعدام مساحات اختلاف الرأي والحوار التي هي شرط ضروري للترشح والإنتخاب.
يفترض بحادثة إلغاء الإنتخابات في الجامعة اللبنانية ألا تؤشر إلى التوترات والمصالحات والإصطفافات وقوى الأمر الواقع المستكبرة على الدولة المهيضة الجناح فحسب، بل أن تظهِّر أيضاً واقع الجامعة المزري الذي يحتاج إلى حل جذري. فالجامعة اللبنانية كانت قبل أن تستباح بعد الحرب الأهلية- الإقليمية في لبنان مكاناً واعداً للعلم والتفكير والتغيير، وتستحق إجماعاً وطنياً يعيدها صرحاً علمياً زاخراً بالمعرفة والأفكار ومنطلقاً لإعادة توحيد لبنان، إنها قضية بأهمية "استراتيجية الدفاع" وتستحق إجماعاً عاجلاً على طاولة الحوار لإنقاذها عبر هيئة مستقلة من براثن التردي العلمي وتخلف العصبيات قبل استعادة حق طلابها البديهي في ممارسة الإنتخاب.