نور
03-12-2008, 02:18 PM
الشجاعة المدنية = 2 دولار يوميا
تشجيع "التطبيع" على طريقة علي سالم
محمد إسماعيل
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?blobcol=urldata&blobheader=image%2Fjpeg&blobkey=id&blobtable=MungoBlobs&blobwhere=1221557752825&ssbinary=true
علي سالم مع جائزته
جاء فوز الكاتب المسرحي "علي سالم" بجائزة "الشجاعة المدنية"؛ وذلك في إطار الحفل السنوي الذي تقيمه مؤسسة الإعلامي الأمريكي الشهير "جون ترين" ليثير دهشة المثقفين والأدباء على حد سواء؛ فالجائزة ليست عن مجمل أعماله الأدبية لكنها كانت بسبب ما وصفته المؤسسة بشجاعته في الدفاع عن مواقفه في الدعوة إلى السلام مع إسرائيل ومحاربة التطرف، الجائزة وقيمتها 50 ألف دولار تسلمها الكاتب علي سالم بمقر إقامة السفير الأمريكي ببريطانيا. "سالم" وكما نقلت عنه إحدى وكالات الأنباء قال: "إن الجائزة مهمة جدا من الناحية المعنوية؛ لأنني سعيد أن الناس ترى ما أفعله"، معربا عن سعادته بأن هناك أناسا يمكنهم أن يقدروا عمله، وقال: إن الجائزة التي تمنحها مؤسسة "ترين" التي مقرها الولايات المتحدة، هي اعتراف بكل دعواته إلى السلام مع إسرائيل ومعارضته لما أسماه بالتطرف الإسلامي.
وأضاف أن هناك علاقة ارتباط بينهما؛ لأن غياب السلام في الشرق الأوسط سيشجع على التطرف، ولهذا يتعين أن يكون هناك سلام.
ثوابت ومتغيرات
من هنا بدأ الكاتب الكبير والروائي "يوسف القعيد" حديثه لـ"إسلام أون لاين.نت"، مؤكدا على أن "علي سالم" -والكلام "للقعيد"- حصل على تلك الجائزة كمكافأة له عن دفاعه عما وصفه بجريمة التطبيع، وأشار إلى أنه لا ضير إن كانت تلك الجائزة عن أي من أعماله الأدبية أو حتى إجماليها، ولكن الجائزة وبغض النظر عن المؤسسة التي قدمتها له "مسيسة وملوثة بدماء الفلسطينيين"، وأشار "القعيد" إلى أنه يتمنى أن يدرك الجميع صعوبة اللحظة التي نعيشها، ونفرق بين "الثوابت والمتغيرات".
وفيما يتعلق بتوقيت تسلم "سالم" للجائزة، أشار إلى أنه من الطبيعي أن يتم مكافأة "سالم" في منتصف الطريق، وإن كانت تلك المكافأة هزيلة ومضحكة، فعندما تقسم المبلغ على عدد الأيام التي قضاها علي سالم في مشوار التطبيع تكون قيمة اليوم 2 دولار تقريبا.
"القعيد" اعتبر ما يقوم به سالم حالة فردية بحتة، مؤكدا على أن كل الأدباء والمثقفين المصريين يقودون لواء مناهضة التطبيع، ولم يسقط منهم سوى شخص واحد هو "علي سالم"، فمن الظلم أن نعتبره ظاهرة، ولكنه أضاف أن هناك العديد من المؤشرات التي تبشر بعدم وقوع آخرين غيره في هوة التطبيع، والسبب في ذلك من وجهة نظر "القعيد" حماقات الإسرائيليين، وانحطاط الأمريكان، ووضوح القضية الفلسطينية.
أنهى القعيد حديثه مشيرا إلى أن مسألة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي هي مسألة لا تخضع للنقاش؛ لأنها وببساطة وحسب حديث القعيد "قضية دم".
رحلة "علي سالم" في مشوار التطبيع بدأت منذ فترة ليست بالقليلة؛ حيث برز دوره في دعمه المبادرة السلمية التي قام بها الرئيس المصري محمد أنور السادات في نوفمبر 1977 بشأن السلام بين العرب وإسرائيل، ولكنه لم يتوج ذلك إلا بزيارته لإسرائيل في منتصف عام 1994 بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو الأولى.
ومنذ زيارته إلى إسرائيل أصبح "سالم" من أشد المؤيدين للتطبيع مع إسرائيل من بين الأدباء العرب، ثم عاد ليؤلف بعد عودته كتاب: "رحلة إلى إسرائيل" حكى فيه تجاربه.
واجه "سالم" العديد من التحديات ضد مواقفه الصادمة تجاه عملية التطبيع مع إسرائيل والتي لم يكن أولها فصله من عضوية اتحاد الكتاب المصريين لرفضه وقف الاتصالات مع الإسرائيليين.
عديمو الموهبة
الكاتب والسيناريست "أسامة أنور عكاشة" يرى أن الهدف من إعطاء علي سالم هذه الجائزة من وجهة نظر أصحابها هي تشجيع المثقفين العرب على المضي في طريق التطبيع، وأضاف أنه لابد من الفصل بين الموقف السياسي والجانب الفني، وأكد "عكاشة" لـ"إسلام أون لاين" أن الهدف من مثل تلك الفعاليات هو محاولة النفاذ لداخل الإنسان المصري حتى يتم تغييره وإقناعه بالتطبيع، وهذا يعد أمرا مستحيلا من وجهة نظر "عكاشة".
وفيما يتعلق بتوقيت الجائزة يرى "عكاشة" أن هذا يهدف إلى ما وصفه بأهداف سياسية أكبر؛ فقد استغل العدو الصهيوني هذا التوقيت الذي يقتتل فيه الفلسطينيون، ووجدها فرصة لتشجيع المطبعين بسبب حالة الإحباط التي سادت في أوساط المثقفين تجاه ما يحدث في غزة والضفة؛ حيث يتناحر الفلسطينيون على وطن لم ينشأ بعد، وبالتالي ساءت نظرة المقاتل الفلسطيني، وأصبحت الفرصة سانحة للمطبعين لأن يتقدموا خطوة، وحول آليات مناهضة التطبيع أشار "عكاشة" أن كل ما يقوم به المثقفون هو مجرد مبادرات فردية، لكنه استطرد قائلا: "المسألة ستظل مرتبطة بأعماق المواطن العربي، والخطر أن ينفذ التطبيع إلى المواطن العربي البسيط، وهذا هو مكمن الخوف وليس من المثقفين".
اعتبر "عكاشة" تلك الجوائز فرصة لعديمي الموهبة أن يضعوا عصيهم في جيوب التطبيع، وأشار أيضا أنه لا يوجد كاتب له رصيد محترم يحصل على جائزة من التطبيع، واختتم "عكاشة" كلامه قائلا: إنه "لابد لنا من جهد داخلي لتوضيح آثار التطبيع وأخطاره على مصر"، واعتبر "عكاشة" أن القضية ليست متعلقة بفلسطين بل هي محاولة للسيطرة والرجوع إلى مصر من جديد، ومع خبراتهم في الاستعمار الاقتصادي سنجد أن العدو قد سيطر على كل المناحي الاقتصادية، وبالتالي يتحول المصري إلى أجير في وطنه.
مجرد رأي
اتفق الكاتب "صلاح عيسى" رئيس تحرير جريدة القاهرة مع ما قاله "عكاشة"؛ حيث اعتبر أن جزءًا من أهداف منح تلك الجائزة هو تشجيع الكثير من الأدباء وحثهم على الجهر بالتطبيع وممارسته، وبالتالي فكرة الشجاعة المدنية في هذه الجائزة ترتبط بالإعلان والممارسة، فهناك فرق كبير -والكلام "لعيسى"- بين الدعوة للتطبيع وممارسة التطبيع بشكل فعلي وليس مجرد رأي، وأشار "عيسى" إلى أنه ومنذ إعلان اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل في أواخر سبعينيات القرن الماضي نشأت حركة مقاومة التطبيع والتي كانت دائما ما تحدد الفكرة الأساسية للتطبيع والمتعلقة بممارسته.
وأضاف قائلا: "هناك كثيرون من المثقفين المصريين ينادون بضرورة التطبيع، ولديهم مبرراتهم في ذلك مثل التعرف على المجتمع الإسرائيلي، ومحاولة التأثير فيه، أو مساندة معسكر السلام في داخل إسرائيل، ولكن ما دام أنهم لا يمارسون فعل التطبيع فلا تنطبق عليهم قرارات رفض التطبيع التي تصدرها النقابات المهنية والأحزاب السياسية، فهذه الهيئات هي المختصة -من وجهة نظر "عيسى"- بمحاسبة أعضائها الذين يخرجون عن قراراتها الخاصة بالتطبيع، وأضاف أن الجبهة الثقافية تحديدا هي أكثر جبهات مقاومة التطبيع فاعليه وتأثيرا؛ بسبب الوعي الاجتماعي والسياسي لدى النخبة المثقفة، بالإضافة إلى عدم وجود مصالح اقتصادية والتي هي ربما إحدى المغريات الأولى لإقامة علاقات تطبيعية مع إسرائيل، وذلك نتج عنه صعوبة في اختراق الجبهة الثقافية رغم أهميتها بالنسبة لإسرائيل التي تركز فاعلياتها الهادفة للتطبيع على تلك الفئة؛ لأنها تدرك أنها "عقل الأمة"، لكنه في الوقت ذاته يرى أنه لن تستطيع مثل هذه الجوائز اختراق هذه الجبهة.
تجاهل واهتمام
يرى "عيسى" أن حصول "علي سالم" على تلك الجائزة جاء كتعويض له عن حالة التجاهل التي تمارسها ضده وسائل الإعلام العربية؛ وذلك حسب شكوى "علي سالم" نفسه، لكنه أشار إلى أنه على الجانب الآخر هناك الكثيرون الذين يدعون أنهم مضطهدون دينيا لكي يحصلوا على جوائز، وآخرون يتعمدون نشر أنواع معينة من الآداب أو الأفكار لكي يثيروا ضجة ما، لكي يحصدوا من خلالها جوائز، وهذا يتوقف بالطبع على مسئولية الذين يمنحون تلك الجوائز.
الباحث في شئون الإسرائيليات "محمود معاذ" أكد لإسلام أون لاين أن بداية معرفته بالكاتب المسرحي علي سالم كانت من خلال وسائل الإعلام الإسرائيلية التي تفرد له مساحات كبيرة من الاهتمام، سواء في الجرائد أو المواقع الإلكترونية الإسرائيلية التي اهتمت كثيرا بمنحه الدكتوراه الفخرية من جامعة بن جوريون عام 1995، وبلوغ ذروة الاهتمام من وجهة نظر معاذ هو إنشاء صفحة خاصة بالكاتب المصري على موقع "الويكيبيديا" الإسرائيلي والذي يقوم بتحديثه والعمل على إنشاء صفحاته هيئات قريبة جدا من الحكومة الإسرائيلية، الأمر الذي قد يثير حفيظة الكثيرين حول أهمية ما يدعو له علي سالم لدى المجتمع الإسرائيلي.
وأشار معاذ إلى أن الاهتمام بالجانب الثقافي العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة يقع في أولويات ومقدمة اهتمامات الدولة العبرية.
من جانبه، اعتبر السيناريست والكاتب الساخر بلال فضل أن قيمة الجائزة زهيدة جدا، فلو اعتبرنا -والكلام لفضل- أن قيمة الجائزة هي المقابل لأربعة عشر عاما من التطبيع فإن قيمة اليوم لا تتعدى خمس دولارات، كما أشار فضل أن تلك الجائزة ليس من المتوقع أن تجعل كتابا آخرين يسيرون على نهج سالم، واختتم كلامه قائلا: "لكنني لا أستطيع أن أجزم بذلك؛ فلا أحد يعلم الغيب".
جائزة علي سالم أثارت حفيظة الكثيرين حول أهداف أن تمنح جوائز على موقف سياسي، والتي اعتبرها البعض نقطه تحتاج لدراسة، خاصة مع الأخذ في الاعتبار غياب الكثير من المعلومات عن تلك المؤسسة وأهدافها، لكن الأهم أنها أعادت من جديد فتح ملف من الملفات التي نسيتها أو ربما تناستها الساحة الفكرية والثقافية في أوطاننا العربية، ألا وهي قضية "التطبيع".
تشجيع "التطبيع" على طريقة علي سالم
محمد إسماعيل
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?blobcol=urldata&blobheader=image%2Fjpeg&blobkey=id&blobtable=MungoBlobs&blobwhere=1221557752825&ssbinary=true
علي سالم مع جائزته
جاء فوز الكاتب المسرحي "علي سالم" بجائزة "الشجاعة المدنية"؛ وذلك في إطار الحفل السنوي الذي تقيمه مؤسسة الإعلامي الأمريكي الشهير "جون ترين" ليثير دهشة المثقفين والأدباء على حد سواء؛ فالجائزة ليست عن مجمل أعماله الأدبية لكنها كانت بسبب ما وصفته المؤسسة بشجاعته في الدفاع عن مواقفه في الدعوة إلى السلام مع إسرائيل ومحاربة التطرف، الجائزة وقيمتها 50 ألف دولار تسلمها الكاتب علي سالم بمقر إقامة السفير الأمريكي ببريطانيا. "سالم" وكما نقلت عنه إحدى وكالات الأنباء قال: "إن الجائزة مهمة جدا من الناحية المعنوية؛ لأنني سعيد أن الناس ترى ما أفعله"، معربا عن سعادته بأن هناك أناسا يمكنهم أن يقدروا عمله، وقال: إن الجائزة التي تمنحها مؤسسة "ترين" التي مقرها الولايات المتحدة، هي اعتراف بكل دعواته إلى السلام مع إسرائيل ومعارضته لما أسماه بالتطرف الإسلامي.
وأضاف أن هناك علاقة ارتباط بينهما؛ لأن غياب السلام في الشرق الأوسط سيشجع على التطرف، ولهذا يتعين أن يكون هناك سلام.
ثوابت ومتغيرات
من هنا بدأ الكاتب الكبير والروائي "يوسف القعيد" حديثه لـ"إسلام أون لاين.نت"، مؤكدا على أن "علي سالم" -والكلام "للقعيد"- حصل على تلك الجائزة كمكافأة له عن دفاعه عما وصفه بجريمة التطبيع، وأشار إلى أنه لا ضير إن كانت تلك الجائزة عن أي من أعماله الأدبية أو حتى إجماليها، ولكن الجائزة وبغض النظر عن المؤسسة التي قدمتها له "مسيسة وملوثة بدماء الفلسطينيين"، وأشار "القعيد" إلى أنه يتمنى أن يدرك الجميع صعوبة اللحظة التي نعيشها، ونفرق بين "الثوابت والمتغيرات".
وفيما يتعلق بتوقيت تسلم "سالم" للجائزة، أشار إلى أنه من الطبيعي أن يتم مكافأة "سالم" في منتصف الطريق، وإن كانت تلك المكافأة هزيلة ومضحكة، فعندما تقسم المبلغ على عدد الأيام التي قضاها علي سالم في مشوار التطبيع تكون قيمة اليوم 2 دولار تقريبا.
"القعيد" اعتبر ما يقوم به سالم حالة فردية بحتة، مؤكدا على أن كل الأدباء والمثقفين المصريين يقودون لواء مناهضة التطبيع، ولم يسقط منهم سوى شخص واحد هو "علي سالم"، فمن الظلم أن نعتبره ظاهرة، ولكنه أضاف أن هناك العديد من المؤشرات التي تبشر بعدم وقوع آخرين غيره في هوة التطبيع، والسبب في ذلك من وجهة نظر "القعيد" حماقات الإسرائيليين، وانحطاط الأمريكان، ووضوح القضية الفلسطينية.
أنهى القعيد حديثه مشيرا إلى أن مسألة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي هي مسألة لا تخضع للنقاش؛ لأنها وببساطة وحسب حديث القعيد "قضية دم".
رحلة "علي سالم" في مشوار التطبيع بدأت منذ فترة ليست بالقليلة؛ حيث برز دوره في دعمه المبادرة السلمية التي قام بها الرئيس المصري محمد أنور السادات في نوفمبر 1977 بشأن السلام بين العرب وإسرائيل، ولكنه لم يتوج ذلك إلا بزيارته لإسرائيل في منتصف عام 1994 بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو الأولى.
ومنذ زيارته إلى إسرائيل أصبح "سالم" من أشد المؤيدين للتطبيع مع إسرائيل من بين الأدباء العرب، ثم عاد ليؤلف بعد عودته كتاب: "رحلة إلى إسرائيل" حكى فيه تجاربه.
واجه "سالم" العديد من التحديات ضد مواقفه الصادمة تجاه عملية التطبيع مع إسرائيل والتي لم يكن أولها فصله من عضوية اتحاد الكتاب المصريين لرفضه وقف الاتصالات مع الإسرائيليين.
عديمو الموهبة
الكاتب والسيناريست "أسامة أنور عكاشة" يرى أن الهدف من إعطاء علي سالم هذه الجائزة من وجهة نظر أصحابها هي تشجيع المثقفين العرب على المضي في طريق التطبيع، وأضاف أنه لابد من الفصل بين الموقف السياسي والجانب الفني، وأكد "عكاشة" لـ"إسلام أون لاين" أن الهدف من مثل تلك الفعاليات هو محاولة النفاذ لداخل الإنسان المصري حتى يتم تغييره وإقناعه بالتطبيع، وهذا يعد أمرا مستحيلا من وجهة نظر "عكاشة".
وفيما يتعلق بتوقيت الجائزة يرى "عكاشة" أن هذا يهدف إلى ما وصفه بأهداف سياسية أكبر؛ فقد استغل العدو الصهيوني هذا التوقيت الذي يقتتل فيه الفلسطينيون، ووجدها فرصة لتشجيع المطبعين بسبب حالة الإحباط التي سادت في أوساط المثقفين تجاه ما يحدث في غزة والضفة؛ حيث يتناحر الفلسطينيون على وطن لم ينشأ بعد، وبالتالي ساءت نظرة المقاتل الفلسطيني، وأصبحت الفرصة سانحة للمطبعين لأن يتقدموا خطوة، وحول آليات مناهضة التطبيع أشار "عكاشة" أن كل ما يقوم به المثقفون هو مجرد مبادرات فردية، لكنه استطرد قائلا: "المسألة ستظل مرتبطة بأعماق المواطن العربي، والخطر أن ينفذ التطبيع إلى المواطن العربي البسيط، وهذا هو مكمن الخوف وليس من المثقفين".
اعتبر "عكاشة" تلك الجوائز فرصة لعديمي الموهبة أن يضعوا عصيهم في جيوب التطبيع، وأشار أيضا أنه لا يوجد كاتب له رصيد محترم يحصل على جائزة من التطبيع، واختتم "عكاشة" كلامه قائلا: إنه "لابد لنا من جهد داخلي لتوضيح آثار التطبيع وأخطاره على مصر"، واعتبر "عكاشة" أن القضية ليست متعلقة بفلسطين بل هي محاولة للسيطرة والرجوع إلى مصر من جديد، ومع خبراتهم في الاستعمار الاقتصادي سنجد أن العدو قد سيطر على كل المناحي الاقتصادية، وبالتالي يتحول المصري إلى أجير في وطنه.
مجرد رأي
اتفق الكاتب "صلاح عيسى" رئيس تحرير جريدة القاهرة مع ما قاله "عكاشة"؛ حيث اعتبر أن جزءًا من أهداف منح تلك الجائزة هو تشجيع الكثير من الأدباء وحثهم على الجهر بالتطبيع وممارسته، وبالتالي فكرة الشجاعة المدنية في هذه الجائزة ترتبط بالإعلان والممارسة، فهناك فرق كبير -والكلام "لعيسى"- بين الدعوة للتطبيع وممارسة التطبيع بشكل فعلي وليس مجرد رأي، وأشار "عيسى" إلى أنه ومنذ إعلان اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل في أواخر سبعينيات القرن الماضي نشأت حركة مقاومة التطبيع والتي كانت دائما ما تحدد الفكرة الأساسية للتطبيع والمتعلقة بممارسته.
وأضاف قائلا: "هناك كثيرون من المثقفين المصريين ينادون بضرورة التطبيع، ولديهم مبرراتهم في ذلك مثل التعرف على المجتمع الإسرائيلي، ومحاولة التأثير فيه، أو مساندة معسكر السلام في داخل إسرائيل، ولكن ما دام أنهم لا يمارسون فعل التطبيع فلا تنطبق عليهم قرارات رفض التطبيع التي تصدرها النقابات المهنية والأحزاب السياسية، فهذه الهيئات هي المختصة -من وجهة نظر "عيسى"- بمحاسبة أعضائها الذين يخرجون عن قراراتها الخاصة بالتطبيع، وأضاف أن الجبهة الثقافية تحديدا هي أكثر جبهات مقاومة التطبيع فاعليه وتأثيرا؛ بسبب الوعي الاجتماعي والسياسي لدى النخبة المثقفة، بالإضافة إلى عدم وجود مصالح اقتصادية والتي هي ربما إحدى المغريات الأولى لإقامة علاقات تطبيعية مع إسرائيل، وذلك نتج عنه صعوبة في اختراق الجبهة الثقافية رغم أهميتها بالنسبة لإسرائيل التي تركز فاعلياتها الهادفة للتطبيع على تلك الفئة؛ لأنها تدرك أنها "عقل الأمة"، لكنه في الوقت ذاته يرى أنه لن تستطيع مثل هذه الجوائز اختراق هذه الجبهة.
تجاهل واهتمام
يرى "عيسى" أن حصول "علي سالم" على تلك الجائزة جاء كتعويض له عن حالة التجاهل التي تمارسها ضده وسائل الإعلام العربية؛ وذلك حسب شكوى "علي سالم" نفسه، لكنه أشار إلى أنه على الجانب الآخر هناك الكثيرون الذين يدعون أنهم مضطهدون دينيا لكي يحصلوا على جوائز، وآخرون يتعمدون نشر أنواع معينة من الآداب أو الأفكار لكي يثيروا ضجة ما، لكي يحصدوا من خلالها جوائز، وهذا يتوقف بالطبع على مسئولية الذين يمنحون تلك الجوائز.
الباحث في شئون الإسرائيليات "محمود معاذ" أكد لإسلام أون لاين أن بداية معرفته بالكاتب المسرحي علي سالم كانت من خلال وسائل الإعلام الإسرائيلية التي تفرد له مساحات كبيرة من الاهتمام، سواء في الجرائد أو المواقع الإلكترونية الإسرائيلية التي اهتمت كثيرا بمنحه الدكتوراه الفخرية من جامعة بن جوريون عام 1995، وبلوغ ذروة الاهتمام من وجهة نظر معاذ هو إنشاء صفحة خاصة بالكاتب المصري على موقع "الويكيبيديا" الإسرائيلي والذي يقوم بتحديثه والعمل على إنشاء صفحاته هيئات قريبة جدا من الحكومة الإسرائيلية، الأمر الذي قد يثير حفيظة الكثيرين حول أهمية ما يدعو له علي سالم لدى المجتمع الإسرائيلي.
وأشار معاذ إلى أن الاهتمام بالجانب الثقافي العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة يقع في أولويات ومقدمة اهتمامات الدولة العبرية.
من جانبه، اعتبر السيناريست والكاتب الساخر بلال فضل أن قيمة الجائزة زهيدة جدا، فلو اعتبرنا -والكلام لفضل- أن قيمة الجائزة هي المقابل لأربعة عشر عاما من التطبيع فإن قيمة اليوم لا تتعدى خمس دولارات، كما أشار فضل أن تلك الجائزة ليس من المتوقع أن تجعل كتابا آخرين يسيرون على نهج سالم، واختتم كلامه قائلا: "لكنني لا أستطيع أن أجزم بذلك؛ فلا أحد يعلم الغيب".
جائزة علي سالم أثارت حفيظة الكثيرين حول أهداف أن تمنح جوائز على موقف سياسي، والتي اعتبرها البعض نقطه تحتاج لدراسة، خاصة مع الأخذ في الاعتبار غياب الكثير من المعلومات عن تلك المؤسسة وأهدافها، لكن الأهم أنها أعادت من جديد فتح ملف من الملفات التي نسيتها أو ربما تناستها الساحة الفكرية والثقافية في أوطاننا العربية، ألا وهي قضية "التطبيع".