المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مصر: صراع على السلطة في البيت الصوفي



وسيم أحمد الفلو
15-12-2008, 06:47 PM
عمرو عبد الحميد
بي بي سي العربية - القاهرة

في شتى أنحاء مصر، حيثما وليت وجهك، لن تجد صعوبة في التعرف على تقاليد وطقوس الطرق الصوفية، التي يقف في مقدمها حلقات ذكر وموالد تقام لمن يعتقد أنهم من "أولياء الله الصالحين".

تشكل تلك الصور جانبا مهما في المشهد المصري، في ظل إحصاءات تقول إن عشرة ملايين مصري على الأقل من أتباع ومريدي الطرق الصوفية. لكن هؤلاء وجلهم من البسطاء لا يعلمون شيئا عن صراع يدور حاليا بين قطبين صوفيين حول رئاسة المجلس الأعلى للطرق الصوفية.

فبعد وفاة الشيخ أحمد كامل ياسين شهر نوفمبر/ تشرين الأول الماضي، خلا المنصب، فبايع أغلب مشايخ الطرق الشيخ علاء أبو العزائم خليفة له. لكن ذلك لم يدم سوى يومين، انتخب المجلس في اليوم الثالث رئيسا أخر، وهو الشيخ عبد الهادي القصبي.

ورغم مشاركة الشيخ أبو العزائم في تلك الإنتخابات إلا أنه خرج بعدها ليقول إنها كانت خدعة ويضيف: "لقد تعرضت لخدعة وخيانة. بايعني هؤلاء المشايخ ثم فعلوا ما فعلوه... إذا كان ذلك حال مشايخ الطرق الصوفية، فما بالك بالأتباع والمريدين؟ في النهاية لا أعير إهتماما أن يصبح أحدهم شيخ مشايخ".

يترأس الشيخ علاء أبو العزائم الطرقة العزمية، ويستقبل مريديه في مكتبه الكائن في حي السيدة زينب بالقاهرة.

ورغم أن الشيخ معروف بدعوته لبقاء الرئيس حسني مبارك رئيسا مدى الحياة، إلا أنه يتلقى إنتقادات من البعض حول علاقاته القوية مع إيران، وزياراته المتكرره لطهران، حتى أن ثمة من يعتبر الطريقة العزمية بمثابة قنطرة للتشيع في مصر.

لكن الشيخ أبو العزائم يرد على ذلك بالإشارة إلى عضويته في لجنة التقريب بين المذاهب، التى تسعى إلى منع الفتنة بين السنة والشيعة.

دور الأمن
ورغم أن ذكر الله، ومدح الرسول، والدعوة إلى صفاء الروح وتنزيه النفس عن الهوى وغيرها من تعاليم الصوفي، لا تجتمع مع السياسة، إلا أن الساسة في مختلف العصور لم يغفلوا دور الصوفيين في المجتمع المصري المتدين بطبعه.


العلاقة بين السلطة وحركات التصوف مبهمة في مصر
وقد ترسخت على الدوام صورة لعلاقة السلطة مع الصوفيين، يبدو فيها بجلاء الرضا بين الطرفين. فالصوفيون لا يشتغلون بالسياسة، وهو ما يطمئن السلطة، التي تسمح لهم في المقابل بممارسة طقوسهم دونما قيد.

لكن البعض يشير إلى تدخل أياد حكومية في الصراع حول رئاسة البيت الصوفي. يقول محمد شكري عبود الصحفي المتخصص في ملف الصوفية: "بعد مبايعة الشيخ أبو العزائم إنتبه الأمن لملف الرجل ولعلاقاته مع الإيرانيين. إنها نقطة تسبب قلقا وحساسية مفرطة، لذا تم الإنقلاب على الشيخ أبو العزائم".

الشيخ المنتخب
بجوار مسجد الحسين في قلب القاهرة، يقع مقر المجلس الأعلى للطرق الصوفية.

استقبلني رئيسه المنتخب الشيخ عبد الهادي القصبي بترحاب رجال السياسة المتمرسين.

يتمتع القصبي البالغ من العمر ستة وأربعين عاما بعضوية مجلس الشورى عن الحزب الوطني الحاكم، وهو ما دفع خصومه للتلميح والتصريح بإستخدامه منصبه وقربه من السلطة في الوصول إلى منصبه الروحي.

لكن القصبي وهو نجل الرئيس الأسبق لشيخ مشايخ الطرق الصوفية يؤكد أن فوزه بالرئاسة جاء نتيجة إنتخابات نزيهة ويقول: "تم التصويت وفرز الأصوات بمعرفة السيد علاء أبو العزائم ، وكانت النتيجة سبعة أصوات لصالحي وأربعة أصوات لصالحه، وهي نتيجة قانونية في جلسة مكتملة الشرعية".

أغادر مقر المجلس، فيطالعني مشهد لم أتوقف عنده في السابق.

عشرات من المتصوفين يتقاطرون على باحة المسجد الحسيني، الذي يصدح من مئذنته آذان العصر.

يتمنطق بعضهم بأحزمة قماشية خضراء، وتتدلى على صدور البعض مسابح وأحجبة.

أتأمل المشهد وأتساءل: "هل سيودع البيت الصوفي هدوئه المعتاد، ليتكرر فيه ما يجري أحيانا داخل الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والأندية الرياضية."