مشاهدة النسخة كاملة : إلى ماذا تعتقد أن علينا دعوة الناس أولا ؟ و كيف ندعوهم إليه ؟
العبد الفقير
05-01-2007, 12:32 AM
إلى ماذا تعتقد أن علينا دعوة الناس أولا ؟
و كيف ندعوهم إليه ؟
أرجو الردّ
أخوكم في الله
وسيم غنوم
wassimghannoum@hotmail.com
أبو محمد القلموني
06-01-2007, 04:14 PM
( إلى أي شيء ندعو الناس ) سؤال هام حق لكل واحد في المنتدى أن يسأله نفسه . بل كل من دان لله بدين الإسلام و ميزه الله بميزة التعقل و التدقيق في ما يحمله من أفكار حول الدين ، و مراجعتها مرة بعد مرة لا يكاد يجد في جعبة أسئلته الوافرة أعمق و لا أدق ولا أنفع من هذا السؤال.
فنرجو من جميع الإخوة التوقف عند هذا السؤال العظيم و إعمال عقولهم فيه و بذل الجهد في تطلب الجواب عليه . حتى إذا اجتمع لدينا فيه أجوبة متعددة نظرنا فيها ، فإن كانت مما لا يعارض بعضها بعضا خلصنا منها إلى جواب جامع مانع مركب. فإن كانت مما يعارض بعضها بعضا اتجهت عقولنا وأنظارنا إليها بالتمحيص و التدقيق بغية تعيين الراجح منها و تمييزه عن المرجوح.
لكن قبل الإجابة على هذا السؤال نقف معه وقفتين ، الأولى في بيان معنى كلمة :( ندعو ) و الثانية نقف فيها مع مصطلح ( الناس ) .
فأما ( ندعو ) فهي من الدعوة التي هي عمل الداعية ، والتي ينتظر إجابتها من المدعو. ومنها الدعوة إلى وليمة أو لقاء ... فإن الداعية يعرض الأمر على المدعو و ينتظر إجابته إلى ما دعاه. وصيغة السؤال المطروح ( إلى أي شيء ندعو الناس ؟ ) مبناها على واحد من أمرين أو على كليهما معها. الأول أن المرء داع بطبعه و لسان حاله فهو إن تكلم يتكلم بما يشغله و يسعى إليه وإن سعى فإنما يسعى إلى ما يحتفي به . وإن حاجج و ناظر فإنما يريد الإنتصار لقناعته. فهو داع داع بسلوكه و كلامه و فعاله. فكأن السؤال يوقفنا أمام أنفسنا من جهة ما يغلب على تصرفاتنا و اهتماماتنا التي يرصدها الناس : هل هي مما أمرنا بتصديره للناس و دعوتهم إليه ؟! فإن كانت كذلك فبها و نعمت و إلا فإن مقتضى العبودية أن تصير إلى حال تكون فيها داعيا إلى ما يريده الله و يرضاه.
الثاني أن يكون مبنى السؤال على كون الدعوة تكليفا شرعيا يلزم المسلم. فإنه و الحالة هذه يطلب منه أمران : التحرك للدعوة و التزام المضمون الدعوي الذي يريده الله.
وأما مصطلح الناس فإنه إما يراد منه المسلم فقط أو المسلم و غير المسلم . ونحن إذا رجعنا إلى كتاب الله فإننا نجد أن الخطاب يكاد ينحصر في نوعين : ( يا أيها الناس ) و ( يا أيها الذين آمنوا ) و هذا في الآيات التي جاءت في صيغة خطاب صريح. فأما الآيات التي ليست في صورة خطاب مباشر فهي عند التأمل تدخل في مسمى الخطاب من جهتين ؛ جهة كون هذا القرآن بمجمله خطابا للناس كقوله تعالى : ( يا ايها الناس قد جاءكم برهان من ربكم و أنزلنا إليكم نورا مبينا ) ثم من جهة كون آياته بينات تخاطب العقل و القلب و الكينونة الإنسانية كلها لمعالجتها و تزكيتها ووضعها في المقام اللائق ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ).
فالآيات التي لا يتصدرها حرف النداء ( يا ) هي أيضا خطاب ينقسم إلى ما يختص بالمؤمن وحده و ما لا يختص به .
فإذا كانت آيات ( يا أيها الناس ) إنما تستهدف التعريف بالله و ترتيب مقتضى التوحيد عليه. فإن في آيات ( يا أيها الذين آمنوا ) والتي تكلف المؤمن بما من شأنه أن ينمي ويحفظ إيمانه ، في هذه الآيات ما يصرح بكون ( يا ايها الناس ) خطابا للمؤمن أيضا . وهذا كقوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ) ، ( ليزداد الذين آمنوا إيمانا ) ... فهذه الآيات و غيرها تجعل من خطاب ( يا أيها الناس ) خطابا عاما يحتاجه المؤمن و غير المؤمن .
و هذا التفصيل السريع لأنواع الخطاب القرآني يستفاد منه لتعيين المضمون الدعوي المأمور به.
ثم بعد هذه المقدمة نشرع في الإجابة على السؤال المطروح فنقول بعون الله و توفيقه:
قال تعالى ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) وهذا خطاب للرسول صلى الله عليه و آله و سلم ، لكنه يقتضي أن يبحث المسلم المكلف بالدعوة عن هذا الصراط ليتمسك به و يدعو الناس إليه مقتديا بحبيبنا محمد صلى الله عليه و آله و سلم.
فإذا أردنا أن نبحث عن هذا الصراط في كتاب الله تعالى فإننا نجد قوله تعالى : ( ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم ) وهذا تصريح بكون الصراط المستقيم هو الإعتصام بالله مطابقة!
وقد حسم القرآن هذا المعنى وجلاه في قول الله تبارك و تعالى : ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا و من اتبعني ) .
فهذه الآية ، بحسب ما أرى ، أجابت على السؤال بصورة واضحة و صريحة فأخبرت أن المضمون الدعوي المأمور به هو : تعليق قلوب الناس برب الناس و تحريضهم على الإعتصام به.
Nadine
15-03-2007, 03:10 AM
الإجابة القرآنية واضحة: {ادْعُ إِلى سَبِيل رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلهُم بِالتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].
إذن يتعرف عليهم وعلى ثقافاتهم وعاداتهم وعلومهم ليتمكن من دعوتهم للإسلام. بل وتبين لنا الآية الكريمة كيفية ذلك: بالحكمة والهدوء والموعظة والمنطق القوي. لاحظوا أن الدعوة في الآية جاءت بصيغة الأمر؛ فالمسلم إذن مأمور بالدعوة إلى سبيل الله بكل وسيلة ممكنة، سواء بالدعوة المباشرة (الوعظية) والدعوة غير المباشرة بالقدوة التي تعبر عن أخلاق الإسلام فتدعو الناس إليه.
ويشمل نطاق دعوة كل مسلم جميع دوائر تعامله على قدر استطاعته وعلمه؛ بدءًا من أهل بيته {وأنذر عشيرتك الأقربين}، وحتى الأقوام الآخرون من الشعوب والقبائل الذين علينا التعرف عليهم كما في الآية، واختيار أفضل وسيلة لمخاطبتهم، ثم استعمال جميع أدوات الاتصال الفعال لتوصيل الرسالة التي تعلمناها لهم بشكل صحيح، بعد التغلب على المعوقات التي قد تفسد أو تعطل عملية الاتصال، ثم علينا بعد ذلك التعامل بنفس الحكمة والهدوء مع ردود الأفعال المختلفة الناتجة عن هذا التواصل؛ حرصا على استمرار تدفق المعلومات دون معوقات.
بمعنى آخر: بما أننا مأمورون بالدعوة؛ فقد عرفنا أننا مأمورون ضمنا بتعلم مهارات الاتصال الفعال (المباشرة وغير المباشرة، المنطوقة وغير المنطوقة)؛ لنؤثر في الناس تأثيرا إيجابيا يجعلهم يتقبلون سماعنا ومشاهدتنا والتعامل معنا، وهدفنا من ذلك تعريفهم الإسلام تطبيقا لواجب الدعوة الذي هو أمانة في أعناقنا؛ وهكذا فإن تعلم هذا العلم بهذه النية يصبح مهما؛ لأنه مما يساعدنا على خدمة ديننا وإرضاء ربنا إن شاء الله.
Powered by vBulletin® Version 4.1.11 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir