تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سعيد صيام.. جنرال برتبة شهيد



وسيم أحمد الفلو
23-01-2009, 04:44 PM
الامان الثقافي - بقلم: د. ممدوح المنير

http://www.al-aman.com/photos/issue_841/Said_seyam9.jpg

لم يكن خبر استشهاده مفاجئاَ، كيف بالله عليك يكون الرجل اسمه (سعيد) و(صيام) ولا يكون له حظ من اسمه؟ إنه الآن بإذن الله (سعيد) في روضات الجنات، (يُفطر) مع أحبته الذين كان يذرف الدمع شوقاَ إليهم.

أكثر ما يميز هذه الشخصية الفذة هدوؤها المدهش، يعمل بصمت وكأنه الهدوء الذي يسبق العاصفة، كنت أتعجب كيف لشخص يتحلى بهذا الوقار والهدوء يملك هذه اليد الفولاذية التي ضبطت الأوضاع في قطاع غزة وأعادت إليها الاستقرار. تولى وزارة الداخلية في الحكومة الفلسطينية التي شكلتها حماس، دخل في صراعات لا تنتهي مع قيادات «الداخلية» التي لم تتعود نظافة اليد واستقامة السيرة والمسيرة، كان صعباً عليها أن تعيش في بيئة نظيفة يشرف عليها رجل مثله. تناقضت معه وتحدّت سلطته، ولكن الرجل العظيم لا تتصدر له إلا الأحداث العظيمة، أنشأ مع إخوانه القوة التنفيذية لتعيد الأمور إلى نصابها ولتضبط إيقاع الحركة في القطاع، وكان ذلك خبراً صاعقاً لخفافيش الظلام وشياطين الإنس، ولكن الرجل لم يكن فقط على قدر الحدث بل أكبر منه أيضاً، تعامل مع الموقف بحكمة وحنكة، وقاد السفينة وسط الأمواج الهائلة المضطربة، حتى حانت لحظة الحسم وسيطرت حماس على قطاع غزة لتقلب السحر على الساحر الذي أراد أن يباغتها وينهي وجودها، ومن خلفها مشروع المقاومة، واستطاعت القوة التنفيذية التي يرأسها مع كتائب القسام إنهاء الأوضاع الفائرة في القطاع.

حين تتطلع إلى سيرة الجنرال المعلم تجدها تتطابق مع مسيرة شعب ونضال أمة، عنوانها معاناة ونضال، وتفاصيلها تشريد وحصار، ولجوء واعتقال، حيث ولد بمعسكر الشاطئ بغزة، في 22/7/ 1959، بلدته الأصليّة (الجورة – عسقلان)، أب لستة أبناء (ولدان وأربع بنات)، استشهد أحد أبنائه معه.

تخرج رحمه الله سنة 1980 من دار المعلمين برام الله، ليعمل بعد ذلك مدرّساً في مدارس وكالة الغوث الدولية بغزة حتى نهاية عام 2003، ثم ترك العمل بسبب ضيق الوكالة بانتمائه الإسلامي.

حصل كذلك على دبلوم تدريس العلوم والرياضيات، ثم أكمل دراسته الجامعية في جامعة القدس المفتوحة وتخرج منها سنة 2000، وحصل على بكالوريوس التربية الإسلامية.

تقلد الشهيد العديد من المواقع القيادية:

- عضو اتحاد الطلاب بدار المعلمين برام الله 1980.

- عضو اتحاد الموظفين العرب بوكالة الغوث أكثر من دورة، كما ترأس لجنة قطاع المعلمين لمدة 7 سنوات متتالية.

- عضو الهيئة التأسيسية لمركز أبحاث المستقبل.

- عضو مجلس أمناء الجامعة الإسلامية – بغزة.

- ممثل حركة «حماس» في لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والإسلامية.

-عضو القيادة السياسية لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» بقطاع غزة.

- مسؤول دائرة العلاقات الخارجية في الحركة.

- اعتقل أربع مرات (1989 – 1990 – 1991 – 1992).

- أبعد إلى مرج الزهور بجنوب لبنان لمدة في كانون الأول عام 1992.

- اعتقل لدى جهاز الاستخبارات العسكرية الفلسطيني عام 1995 على خلفية انتمائه السياسي.

- انتخب عضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عن قائمة حركة حماس في دائرة غزة، حيث حصل على أعلى أصوات الناخبين على مستوى الأراضي الفلسطينية (صوتاً)، وتولى رئاسة كتلة حماس بالمجلس.

- اختير لشغل منصب وزير الداخلية في الحكومة التي ترأستها حماس.

تبقى كلمة في النهاية كتبها الشهيد الجنرال المعلّم بدمه، مفادها أن الأمم تعيش بالقدر الذي تُقبل فيه على الموت، ليس حباً بالموت ذاته ولكنه الخطبة البليغة التي تنير الطريق وتمهد السبل لكل إنسان يسعى لحريته وكرامته، هذا هو الدرس الأخير الذي كتبه المعلّم في دفاتر تلامذته، الذين يشيّدون الآن قواعد المجد من بين أنقاض الدمار، رفعت الأقلام وجفت الصحف ولم تجف دماء الشهيد ولن تجف.