شادي فقوعه
24-01-2009, 10:34 AM
الطبع يغلب التطبع
يروى أن رجلا قال: كنت في سفر، فضللت الطريق إذا بي أرى بيتا في الفلاة، فأتيته، فإذا بأعرابية فيه لما رأتني قالت: من تكون؟
قلت: ضيف.
قالت: أهلا ومرحبا بالضيف، انزل على الرحب والسعة.
قال: فنزلت، فقدمت لي طعاما فأكلت، وماء فشربت، فبينما أنا على ذلك، إذ أقبل صاحب البيت، قال: من هذا؟
قالت: ضيف.
فقال: لا أهلا ولا مرحبا، ما لنا وللضيف.
يقول صاحب القصة: فلما سمعت كلامه، ركبت من ساعتي وسرت، فلما كان في الغد، رأيت بيتا في الفلاة، فقصدته، فإذا بأعرابية، لما رأتني قالت: من تكون؟
قلت: ضيف.
قالت: لا أهلا ولا مرحبا، ما لنا وللضيف. فبينما هي تكلمني، إذ أقبل صاحب البيت، فلما رآني قال: من هذا؟
قالت: ضيف.
قال: مرحبا وأهلا بالضيف، ثم أتى بطعام حسن فأكلت، وبماء فشربت. وتذكرت ما مر بي بالأمس، فتبسمت.
فقال الرجل: مم تتبسم؟
فقصصت عليه ما اتفق لي مع تلك الأعرابية وبعلها وما سمعت منه ومن زوجته، فقال: لا تعجب، إن تلك الأعرابية هي أختي، وإن بعلها هو شقيق زوجتي هذه، فغلب على كل أهل طبعه.
أثارت هذه القصة الطريفة كثيرا من التأملات في نفسي، فقد يتغير الانسان من الفقر الى الغنى، ومن الحسن الى الأحسن، لكن كم يصعب تغيير ما طُبع عليه المرء، وما نشأ وترعرع عليه.
فنحن هنا أمام أخ وأخته ترعرعا في بيئة واحدة، وفي بيت واحد، فجاءت طباعهما متشابهة، واتفقا في الخلق الحسن، والكرم الجم.. ونحن -أيضاً- أمام أخ وأخته، ترعرعا في بيئة مغايرة، فجاءت طباعهما متشابهة، واتفقا في الشح والبخل.
فالبيئة الواحدة، تنتج لنا أناسا يتشابهون في أخلاقياتهم وسلوكياتهم ومناهج تفكيرهم، ومن ثم تكمن أهميته المجتمعات ومعتقداتها، وتراثها، وتفكيرها الجمعي.
وكما يمكن للمرء أن يغير من بعض سلوكياته، فإنه من الصعوبة بمكان أن يغير جانبا كبيرا من طبائعه، وبخاصة تلك التي تطبع عليها الانسان، ونشأ عليها، وتمكنت منه.
ولهذا علينا أن نوجه اهتمامنا للسلوكيات الأسرية.
وما تلعبه من دور في السلوك الجمعي للشعوب والأمم بأسرها.. إن ما نربي عليه أولادنا بمثابة غرس لبذور، لا نجني نحن فقط ثمارها، بل تجنيها الأمة، ويجنيها المجتمع.
فهل نتخير الغرس، ونرعاه، ونتهم به، حتى يؤتى أكله الطيب ذات يوم؟.. أتمنى ذلك. http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20061214/Con2006121471161.htm
يروى أن رجلا قال: كنت في سفر، فضللت الطريق إذا بي أرى بيتا في الفلاة، فأتيته، فإذا بأعرابية فيه لما رأتني قالت: من تكون؟
قلت: ضيف.
قالت: أهلا ومرحبا بالضيف، انزل على الرحب والسعة.
قال: فنزلت، فقدمت لي طعاما فأكلت، وماء فشربت، فبينما أنا على ذلك، إذ أقبل صاحب البيت، قال: من هذا؟
قالت: ضيف.
فقال: لا أهلا ولا مرحبا، ما لنا وللضيف.
يقول صاحب القصة: فلما سمعت كلامه، ركبت من ساعتي وسرت، فلما كان في الغد، رأيت بيتا في الفلاة، فقصدته، فإذا بأعرابية، لما رأتني قالت: من تكون؟
قلت: ضيف.
قالت: لا أهلا ولا مرحبا، ما لنا وللضيف. فبينما هي تكلمني، إذ أقبل صاحب البيت، فلما رآني قال: من هذا؟
قالت: ضيف.
قال: مرحبا وأهلا بالضيف، ثم أتى بطعام حسن فأكلت، وبماء فشربت. وتذكرت ما مر بي بالأمس، فتبسمت.
فقال الرجل: مم تتبسم؟
فقصصت عليه ما اتفق لي مع تلك الأعرابية وبعلها وما سمعت منه ومن زوجته، فقال: لا تعجب، إن تلك الأعرابية هي أختي، وإن بعلها هو شقيق زوجتي هذه، فغلب على كل أهل طبعه.
أثارت هذه القصة الطريفة كثيرا من التأملات في نفسي، فقد يتغير الانسان من الفقر الى الغنى، ومن الحسن الى الأحسن، لكن كم يصعب تغيير ما طُبع عليه المرء، وما نشأ وترعرع عليه.
فنحن هنا أمام أخ وأخته ترعرعا في بيئة واحدة، وفي بيت واحد، فجاءت طباعهما متشابهة، واتفقا في الخلق الحسن، والكرم الجم.. ونحن -أيضاً- أمام أخ وأخته، ترعرعا في بيئة مغايرة، فجاءت طباعهما متشابهة، واتفقا في الشح والبخل.
فالبيئة الواحدة، تنتج لنا أناسا يتشابهون في أخلاقياتهم وسلوكياتهم ومناهج تفكيرهم، ومن ثم تكمن أهميته المجتمعات ومعتقداتها، وتراثها، وتفكيرها الجمعي.
وكما يمكن للمرء أن يغير من بعض سلوكياته، فإنه من الصعوبة بمكان أن يغير جانبا كبيرا من طبائعه، وبخاصة تلك التي تطبع عليها الانسان، ونشأ عليها، وتمكنت منه.
ولهذا علينا أن نوجه اهتمامنا للسلوكيات الأسرية.
وما تلعبه من دور في السلوك الجمعي للشعوب والأمم بأسرها.. إن ما نربي عليه أولادنا بمثابة غرس لبذور، لا نجني نحن فقط ثمارها، بل تجنيها الأمة، ويجنيها المجتمع.
فهل نتخير الغرس، ونرعاه، ونتهم به، حتى يؤتى أكله الطيب ذات يوم؟.. أتمنى ذلك. http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20061214/Con2006121471161.htm