نور
06-02-2009, 12:07 PM
<TABLE cellSpacing=0 cellPadding=0 width="100%" border=0><TBODY><TR><TD dir=rtl style="PADDING-BOTTOM: 6pt" vAlign=top>زوج يشك.. وأسرة تدفع الثمن
مأسأة فاطمة .. بدأت باللعان وانتهت بالضياع
</TD></TR><TR><TD vAlign=top align=right><TABLE class=authorBox cellSpacing=0 cellPadding=0 border=0><TBODY><TR><TD style="PADDING-BOTTOM: 7px; PADDING-TOP: 7px" align=right>أحمد سليمان (http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1233567599329&pagename=Zone-Arabic-AdamEve%2FAEALayout#***1)
</TD></TR></TBODY></TABLE></TD></TR><TR><TD height=6></TD></TR><TR><TD dir=rtl vAlign=top><TABLE cellSpacing=0 cellPadding=0 align=left border=0><TBODY><TR><TD>http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?blobcol=urldata&blobheader=image%2Fjpeg&blobkey=id&blobtable=MungoBlobs&blobwhere=1220878856655&ssbinary=true </TD></TR></TBODY></TABLE>الزوج: أشهد بالله على زوجتي هذه أنها قد زنت، وأشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميتها به -رددها أربع مرات- ثم قال "لعنة الله عليّ إن كنت من الكاذبين فيما قذفتها به".
الزوجة: "والله إن زوجي كاذب، أشهد بالله عليه أنه لمن الكاذبين فيما رماني به" -رددتها أربع مرات- ثم قالت "غضب الله عليّ إن كان من الصادقين فيما قذفني به". كانت تلك الأيمان التي رددها الزوج والزوجة في محكمة ظهران الجنوب التابعة لمنطقة عسير بمثابة السطور الأولى في مأساة "فاطمة"، التي بدأت منذ عشر سنوات بعد أن رفع الزوج دعوى اتهم فيها زوجته بالزنا مطالبا بنفي علاقته بالجنين الذي تحمله، فردّت الزوجة مطالبة القاضي بتطبيق حد القذف عليه.
اللعان هو الحل
حينها لم يكن بوسع قاضي المحكمة الكبرى بنجران سوى إلزام الزوجين باللعان، وهو الإجراء الشرعي المتبع عند اتهام الزوج زوجته بالزنا دون شهود مع تكذيبها له، كما أنه يعد شرطا شرعيا لإسقاط حد الزنا عن الزوجة، وإسقاط حد القذف عن زوجها.
واللعان في الشرع: هو أن يعلن الزوج، أربع مرات وبنص واحد، إقدام زوجته على الزنا، ثم يدعو على نفسه باللعنة إن كان كاذبا، وترد الزوجة بتكذيبه أربع مرات، وتدعو على نفسها بغضب الله إن كان صادقا.
وبعد أن تم اللعان أصدرت محكمة ظهران الجنوب حكما بتفريق الزوجة عن الزوج، وإلحاق الجنين الذي في أحشائها بعد ولادته بأمه، ونفيه عن والده.. لم يكن أمامها حينها سوى البكاء.. بعض الحاضرين اعتقد أنها دموع الندم، وآخرون أكدوا أنها دموع الإحساس بالظلم.
ترقرقرت الدموع من عينيها مجددا وهي تستعيد بذاكرتها تلك الأحداث التي وقعت قبل عشرة أعوام.. تذكرتها كلها دفعة واحدة عندما رفضت المدرسة الابتدائية التحاق ابنتها فاطمة بالصف الثالث الابتدائي بها؛ لعدم حيازتها لمستند رسمي يثبت اسمها.. لقد قبلتها إحدى المدارس استثنائيا في الصف الأول الابتدائي، ثم قبلتها مدرسة أخرى في الصف الثاني، لكنها لم تعد قادرة على بلوغ الصف الثالث بسبب عدم حصولها على شهادتي نجاحها في الصفين الأول والثاني بسبب نقص أوراقها.
انهالت الدموع هذه المرة بغزارة.. ولكنها كانت حزنا على مصير ابنتها المجهول في زمن لا تملك فيه مستندا تواجه به العالم.. وتحمل "وصمة عار" في جبينها لا ذنب لها فيها.. حينها لم يكن أمامها بد.. سمعت أن هناك ما يسمى بتحليل الحمض النووي.. لم تكن تعرف ماذا يعني.. كل ما كانت تعرفه أنه قد يحمل أمل براءتها.. وقد يكون طوق نجاة ينقذ ابنتها مما هي فيه.. توجهت "أم فاطمة" إلى محكمة التمييز بمكة المكرمة مطالبة باستئناف الحكم الذي صدر قبل عشر سنوات.
وطلبت الأم في لائحة مطولة رفعتها إلى رئيس المحكمة صدور أمر بإرغام الزوج السابق على إجراء تحليل الحمض النووي في أي مكان وبأسرع وقت.
ارجموني لو كنت زانية
كانت تعلم أن حكم اللعان الذي صدر أسقط عن الزوج حد القذف؛ لأنه لاعَنَ، ودرأ عنها عذاب الرجم، وحصلت الفرقة بينهما والتحريم الأبدي.. كانت تعلم جيدا أن إعادة فتح ملف القضية قد يعرض زوجها السابق لحد القذف إن ثَبَتَتْ براءتُها، أو يعرضها للرجم إن ثبتت إدانتها.. ولكنها لم تكن تود الانتقام.. فقط رد الاعتبار لها ولابنتها.. كانت تخشى أن يعارض الزوج فيضيع أملها هباء.. فذهبت إلى شرطة محافظة ظهران الجنوب وتنازلت عن أي حقوق لها على زوجها في حال أثبتت نتائج الحمض النووي أن ابنتها "فاطمة" من صلبه، بل طالبت بتنفيذ حد الزنا عليها ورجمها أمام الناس إذا أثبتت التحاليل عدم انتساب ابنتها إلى الزوج.
وقبل نحو أسبوعين، أكد العقيد "عبد الله بن عائض القرني" الناطق الإعلامي لشرطة منطقة عسير أن توجيهات صارمة صدرت بإخضاع الزوج لتحليل الحمض النووي بالتنسيق مع إمارة نجران؛ حيث يقطن هناك، بحسب جريدة الوطن.
وأضاف: "سيتم إجراء الحمض النووي على الزوجة بصفتها تقيم في حدود منطقة عسير وهذا ما يقع تحت مسئوليتنا، أما الزوج فهو يقيم خارج منطقة عسير وتحديدا في منطقة نجران"، مشيرا إلى أن هناك ترتيبات بين إمارتي عسير ونجران لعمل إجراءات حاسمة وتنفيذية لإخضاع الزوج للتحليل الوراثي.
وبعدها بيومين أعلن القرني مجددا أنه تم استدعاء الزوج في شرطة المحافظة ورفض إجراء فحوصات الحمض النووي (DNA)، مشيرا إلى أن الأوراق أحيلت إلى محافظة ظهران الجنوب والتي بدورها ستعيدها إلى إمارة منطقة عسير لرفعها إلى وزارة الداخلية للاطلاع والتوجيه.
الزوج الذي اعترف بنسب جميع أبنائه التسعة بخلاف -فاطمة - أكد أن امتناعه عن إجراء فحص الحمض النووي لإثبات نسب «فاطمة» ليس خوفا من النتيجة، وقال: ليس هناك عاقل ينكر نسب أي ابن أو بنت من صلبه مهما كانت حدة الخلافات بين الزوجين، وفي نفس الوقت ليس هناك عاقل يرضى أن يكون له ابن أو بنت ليسا من صلبه.
وتابع: أنا متزوج من زوجة أخرى ولدي ثلاثة من الأبناء، وليس من المعقول أن أضع فاطمة وهي ليست لي بين هؤلاء وهم ليسوا إخوانا لها، محذرا من يرغمه على إجراء التحليل أنه سيكون مسئولا أمام الله عن إلحاق الطفلة به، برغم أنها ليست من صلبه، حسب وصفه بحسب جريدة المدينة، وأشار إلى أنه بذلك يدخلها على شخص لا تقرب إليه، ويحق لها أن ترث أو تورث وهذا لا يجوز في الشرع، حسب قوله .
والدي.. ارحمني وأجرِ التحليل
وفي المقابل، ردت عليه ابنته برسالة وجهتها له عبر جريدة عكاظ قائلة: "والدي ارحمني، أجر التحليل، وإن ثبت أنني ابنتك فأعطني اسمك لأبني مستقبلي بالتعليم، ولألتحق بإخوتي الذين فرقت الخلافات بيننا، وإن ثبت العكس فلعل الله يكون معي".
بدوره، أكد "محمد مسفر علي آل صبحان" خال الطفلة أن السبب في تلك القضية خلافات عائلية، وأوضح أن التفاصيل تعود لثلاثين عاما مضت عندما تم الزواج عبر ما يعرف بالشغار، بتزويج شقيقته من منكر البنوة، وزواج أخيها من شقيقة العريس.
وأوضح أنه بذل جهودا متعددة لنقض حكم القاضي باللعان، في وقت لم يكن يعرف الحمض النووي لإثبات البنوة، داعيا طليق شقيقته إلى قبوله لإنهاء الوضع.
وكان خلاف أسري قد نشب بين الزوجين قبل هذه القضية؛ ففي عام 1417هـ رفعت الزوجة دعوى ضد زوجها تتهمه فيها بإساءة معاملتها وأبنائها، وتقصيره في إعالتهم والإنفاق عليهم، وهو ما نفاه الزوج متهما أشقاء زوجته بالإفساد بينهما، وانتهت القضية التي نظرتها المحكمة الكبرى بنجران وقتذاك باتفاق الزوجين القاطنين في نجران على حسن المعاشرة، وأن يؤمن الزوج لزوجته مسكنا لها في ظهران الجنوب قريبا من أهلها، وأن يلتزم بإعالتها وأبنائها بمبلغ 3500 ريال شهريا.
وما زالت الطفلة فاطمة ضحية قضية اللعان تنتظر موافقة والدها المفترض على إجراء تحليل الحمض النووي لحسم نسبها، في وقت يصر فيه على رفض هذا الإجراء، متمسكا بما اعتبره حمل السفاح، والصك الشرعي الصادر من محاكم ظهران الجنوب في قضية اللعان.
النووي.. قرينة
فما هو اللعان؟ وعلى أي أساس حكم القاضي؟ وما هو مصير فاطمة؟ وهل من حق الزوج رفض إجراء التحليل؟
د.عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقا يرد على هذه التساؤلات قائلا: اللعان كحكم شرعي ثابت بالكتاب والسنة والإجماع، والقاضي لا يلجأ إليه إلا بعد تخويف الزوجين بالله تعالى، وبيان خطر ما هما مقدمان عليه، وأن التحريم الأبدي يقع إذا تلاعنا، ويفرق بينهما تفريقا أبديا، فلا تحل له بعد ذلك وإن كذّب نفسه، ولو تابت هي وإن كذّبت نفسها.
واللعان مختص بالرجل إذا رمى زوجته، ولا يكون العكس؛ فالمرأة إذا رمت زوجها فلابد من البيّنة أو الحد عليها، ولا يكون هناك لعان.
وحول إمكانية إلزام الزوج بإجراء تحليل الحمض النووي، يقول الدكتور "إبراهيم الخضيري" عضو هيئة التمييز إنه لا يمكن اللجوء إلى الحمض النووي إذا كانت المرأة في حبال الزوج، أما لو كانت المرأة مع غير زوجها بأن يكون طلقها فعليها أن تأتي بالأدلة؛ لأنها لو كانت ما تزال في فراش الزوجية فقد حسم النبي صلى الله عليه وسلم القضية بأن الولد للفراش وللعاهر الحجر"، بحسب جريدة شمس.
وأوضح فضيلته أنه فيما لو رفض الزوج أن يلاعن فإنه يقام عليه حد القذف، ولو رفضت المرأة أن تلاعن يقام عليها حد الزنا؛ لأن رفضها بمثابة إقرار منها على صحة ما نُسب إليها.
وفيما يتعلق برغبة الطفل المتنازع عليه إثبات حق بنوته، أوضح الخضيري أن الشرع يكفل له ذلك عبر إقامة دعوى قضائية تتخذ فيها الإجراءات المناسبة، ويمكن وقتها أن ينظر في الحمض النووي كقرينة يمكن أن يعتد بها وليس كدلالة قطعية على الثبوت.
في المقابل، ترد د."سهيلة زين العابدين" الناشطة الحقوقية والداعية الإسلامية في تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت" بأنه "لا يوجد نص شرعي يمنع من إجراء الحمض النووي؛ لأنه لم يكن موجودا آنذاك أساسا".
وتطالب بأن يكون الحمض النووي هو إحدى وسائل إثبات النسب، وأن تعتمده المحاكم الشرعية، سواء في قضايا اللعان أو غيرها؛ لأن هناك الكثير من القضايا ينكر فيها الآباء أبناءهم.
وتبين أنه ما دام لا يعتمد اللعان على وجود شهود؛ فإن الحمض النووي يبقى هو الدليل الذي يثبت براءة المرأة أو إدانتها، معربة عن اعتقادها أن المرأة ما دامت قد طالبت بإجراء التحليل فمؤكد أنها موقنة من براءتها، وشددت على ضرورة استجابة المحكمة لإلزام الزوج بإجراء التحليل حتى لا يقع ظلم على الزوجة.
أما عن مصير الطفلة، فقالت د.سهيلة زين العابدين إنه في حال ثبتت براءة الزوجة تسترد الطفلة كافة حقوقها، أما لو ثَبَتَتْ إدانته ففي هذه الحالة تعامل معاملة اللقطاء، وتُستخرج لها أوراق رسمية، وتحصل على كافة حقوقها كمواطنة في المجتمع؛ لأنها لا ذنب لها في كل ما جرى، ويجب ألا تدفع الثمن.
العبيكان يؤيد
بدوره، أعرب الشيخ "عبد المحسن العبيكان" المستشار بوزارة العدل السعودية في تصريحات لإسلام أون لاين عن تأييده لإجراء التحليل النووي في مثل تلك القضايا لإثبات النسب ثبوتا قطعيا، ولكنه أوضح أن رأيه لا يتعلق بقضية بعينها؛ لأن المسألة ترجع للجهة القضائية بحسب ملابسات كل قضية.
وأوضح "العبيكان" أن اللعان يلجأ القاضي إليه إذا لم توجد بينة، فقد شرع اللعان وهو بينات من الزوج وتسمى شهادات؛ ولذلك قال 4 شهادات بالله، ثم قال والخامسة إذن، فالأيمان حلت محل الشهادات.
وتابع: "فإذا وجد ما يبطل دعوة الزوج وهو الحمض النووي تبقى دعوته فقط وهي الزنا، أما دعوى نفي الولد فلا تقبل منه ما دام هناك ما يدل على صحة النسب يقينا وهو الحمض النووي".
* مراسل شبكة اسلام أون لاين.نت في الرياض
</TD></TR></TBODY></TABLE>
مأسأة فاطمة .. بدأت باللعان وانتهت بالضياع
</TD></TR><TR><TD vAlign=top align=right><TABLE class=authorBox cellSpacing=0 cellPadding=0 border=0><TBODY><TR><TD style="PADDING-BOTTOM: 7px; PADDING-TOP: 7px" align=right>أحمد سليمان (http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1233567599329&pagename=Zone-Arabic-AdamEve%2FAEALayout#***1)
</TD></TR></TBODY></TABLE></TD></TR><TR><TD height=6></TD></TR><TR><TD dir=rtl vAlign=top><TABLE cellSpacing=0 cellPadding=0 align=left border=0><TBODY><TR><TD>http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?blobcol=urldata&blobheader=image%2Fjpeg&blobkey=id&blobtable=MungoBlobs&blobwhere=1220878856655&ssbinary=true </TD></TR></TBODY></TABLE>الزوج: أشهد بالله على زوجتي هذه أنها قد زنت، وأشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميتها به -رددها أربع مرات- ثم قال "لعنة الله عليّ إن كنت من الكاذبين فيما قذفتها به".
الزوجة: "والله إن زوجي كاذب، أشهد بالله عليه أنه لمن الكاذبين فيما رماني به" -رددتها أربع مرات- ثم قالت "غضب الله عليّ إن كان من الصادقين فيما قذفني به". كانت تلك الأيمان التي رددها الزوج والزوجة في محكمة ظهران الجنوب التابعة لمنطقة عسير بمثابة السطور الأولى في مأساة "فاطمة"، التي بدأت منذ عشر سنوات بعد أن رفع الزوج دعوى اتهم فيها زوجته بالزنا مطالبا بنفي علاقته بالجنين الذي تحمله، فردّت الزوجة مطالبة القاضي بتطبيق حد القذف عليه.
اللعان هو الحل
حينها لم يكن بوسع قاضي المحكمة الكبرى بنجران سوى إلزام الزوجين باللعان، وهو الإجراء الشرعي المتبع عند اتهام الزوج زوجته بالزنا دون شهود مع تكذيبها له، كما أنه يعد شرطا شرعيا لإسقاط حد الزنا عن الزوجة، وإسقاط حد القذف عن زوجها.
واللعان في الشرع: هو أن يعلن الزوج، أربع مرات وبنص واحد، إقدام زوجته على الزنا، ثم يدعو على نفسه باللعنة إن كان كاذبا، وترد الزوجة بتكذيبه أربع مرات، وتدعو على نفسها بغضب الله إن كان صادقا.
وبعد أن تم اللعان أصدرت محكمة ظهران الجنوب حكما بتفريق الزوجة عن الزوج، وإلحاق الجنين الذي في أحشائها بعد ولادته بأمه، ونفيه عن والده.. لم يكن أمامها حينها سوى البكاء.. بعض الحاضرين اعتقد أنها دموع الندم، وآخرون أكدوا أنها دموع الإحساس بالظلم.
ترقرقرت الدموع من عينيها مجددا وهي تستعيد بذاكرتها تلك الأحداث التي وقعت قبل عشرة أعوام.. تذكرتها كلها دفعة واحدة عندما رفضت المدرسة الابتدائية التحاق ابنتها فاطمة بالصف الثالث الابتدائي بها؛ لعدم حيازتها لمستند رسمي يثبت اسمها.. لقد قبلتها إحدى المدارس استثنائيا في الصف الأول الابتدائي، ثم قبلتها مدرسة أخرى في الصف الثاني، لكنها لم تعد قادرة على بلوغ الصف الثالث بسبب عدم حصولها على شهادتي نجاحها في الصفين الأول والثاني بسبب نقص أوراقها.
انهالت الدموع هذه المرة بغزارة.. ولكنها كانت حزنا على مصير ابنتها المجهول في زمن لا تملك فيه مستندا تواجه به العالم.. وتحمل "وصمة عار" في جبينها لا ذنب لها فيها.. حينها لم يكن أمامها بد.. سمعت أن هناك ما يسمى بتحليل الحمض النووي.. لم تكن تعرف ماذا يعني.. كل ما كانت تعرفه أنه قد يحمل أمل براءتها.. وقد يكون طوق نجاة ينقذ ابنتها مما هي فيه.. توجهت "أم فاطمة" إلى محكمة التمييز بمكة المكرمة مطالبة باستئناف الحكم الذي صدر قبل عشر سنوات.
وطلبت الأم في لائحة مطولة رفعتها إلى رئيس المحكمة صدور أمر بإرغام الزوج السابق على إجراء تحليل الحمض النووي في أي مكان وبأسرع وقت.
ارجموني لو كنت زانية
كانت تعلم أن حكم اللعان الذي صدر أسقط عن الزوج حد القذف؛ لأنه لاعَنَ، ودرأ عنها عذاب الرجم، وحصلت الفرقة بينهما والتحريم الأبدي.. كانت تعلم جيدا أن إعادة فتح ملف القضية قد يعرض زوجها السابق لحد القذف إن ثَبَتَتْ براءتُها، أو يعرضها للرجم إن ثبتت إدانتها.. ولكنها لم تكن تود الانتقام.. فقط رد الاعتبار لها ولابنتها.. كانت تخشى أن يعارض الزوج فيضيع أملها هباء.. فذهبت إلى شرطة محافظة ظهران الجنوب وتنازلت عن أي حقوق لها على زوجها في حال أثبتت نتائج الحمض النووي أن ابنتها "فاطمة" من صلبه، بل طالبت بتنفيذ حد الزنا عليها ورجمها أمام الناس إذا أثبتت التحاليل عدم انتساب ابنتها إلى الزوج.
وقبل نحو أسبوعين، أكد العقيد "عبد الله بن عائض القرني" الناطق الإعلامي لشرطة منطقة عسير أن توجيهات صارمة صدرت بإخضاع الزوج لتحليل الحمض النووي بالتنسيق مع إمارة نجران؛ حيث يقطن هناك، بحسب جريدة الوطن.
وأضاف: "سيتم إجراء الحمض النووي على الزوجة بصفتها تقيم في حدود منطقة عسير وهذا ما يقع تحت مسئوليتنا، أما الزوج فهو يقيم خارج منطقة عسير وتحديدا في منطقة نجران"، مشيرا إلى أن هناك ترتيبات بين إمارتي عسير ونجران لعمل إجراءات حاسمة وتنفيذية لإخضاع الزوج للتحليل الوراثي.
وبعدها بيومين أعلن القرني مجددا أنه تم استدعاء الزوج في شرطة المحافظة ورفض إجراء فحوصات الحمض النووي (DNA)، مشيرا إلى أن الأوراق أحيلت إلى محافظة ظهران الجنوب والتي بدورها ستعيدها إلى إمارة منطقة عسير لرفعها إلى وزارة الداخلية للاطلاع والتوجيه.
الزوج الذي اعترف بنسب جميع أبنائه التسعة بخلاف -فاطمة - أكد أن امتناعه عن إجراء فحص الحمض النووي لإثبات نسب «فاطمة» ليس خوفا من النتيجة، وقال: ليس هناك عاقل ينكر نسب أي ابن أو بنت من صلبه مهما كانت حدة الخلافات بين الزوجين، وفي نفس الوقت ليس هناك عاقل يرضى أن يكون له ابن أو بنت ليسا من صلبه.
وتابع: أنا متزوج من زوجة أخرى ولدي ثلاثة من الأبناء، وليس من المعقول أن أضع فاطمة وهي ليست لي بين هؤلاء وهم ليسوا إخوانا لها، محذرا من يرغمه على إجراء التحليل أنه سيكون مسئولا أمام الله عن إلحاق الطفلة به، برغم أنها ليست من صلبه، حسب وصفه بحسب جريدة المدينة، وأشار إلى أنه بذلك يدخلها على شخص لا تقرب إليه، ويحق لها أن ترث أو تورث وهذا لا يجوز في الشرع، حسب قوله .
والدي.. ارحمني وأجرِ التحليل
وفي المقابل، ردت عليه ابنته برسالة وجهتها له عبر جريدة عكاظ قائلة: "والدي ارحمني، أجر التحليل، وإن ثبت أنني ابنتك فأعطني اسمك لأبني مستقبلي بالتعليم، ولألتحق بإخوتي الذين فرقت الخلافات بيننا، وإن ثبت العكس فلعل الله يكون معي".
بدوره، أكد "محمد مسفر علي آل صبحان" خال الطفلة أن السبب في تلك القضية خلافات عائلية، وأوضح أن التفاصيل تعود لثلاثين عاما مضت عندما تم الزواج عبر ما يعرف بالشغار، بتزويج شقيقته من منكر البنوة، وزواج أخيها من شقيقة العريس.
وأوضح أنه بذل جهودا متعددة لنقض حكم القاضي باللعان، في وقت لم يكن يعرف الحمض النووي لإثبات البنوة، داعيا طليق شقيقته إلى قبوله لإنهاء الوضع.
وكان خلاف أسري قد نشب بين الزوجين قبل هذه القضية؛ ففي عام 1417هـ رفعت الزوجة دعوى ضد زوجها تتهمه فيها بإساءة معاملتها وأبنائها، وتقصيره في إعالتهم والإنفاق عليهم، وهو ما نفاه الزوج متهما أشقاء زوجته بالإفساد بينهما، وانتهت القضية التي نظرتها المحكمة الكبرى بنجران وقتذاك باتفاق الزوجين القاطنين في نجران على حسن المعاشرة، وأن يؤمن الزوج لزوجته مسكنا لها في ظهران الجنوب قريبا من أهلها، وأن يلتزم بإعالتها وأبنائها بمبلغ 3500 ريال شهريا.
وما زالت الطفلة فاطمة ضحية قضية اللعان تنتظر موافقة والدها المفترض على إجراء تحليل الحمض النووي لحسم نسبها، في وقت يصر فيه على رفض هذا الإجراء، متمسكا بما اعتبره حمل السفاح، والصك الشرعي الصادر من محاكم ظهران الجنوب في قضية اللعان.
النووي.. قرينة
فما هو اللعان؟ وعلى أي أساس حكم القاضي؟ وما هو مصير فاطمة؟ وهل من حق الزوج رفض إجراء التحليل؟
د.عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين عضو الإفتاء سابقا يرد على هذه التساؤلات قائلا: اللعان كحكم شرعي ثابت بالكتاب والسنة والإجماع، والقاضي لا يلجأ إليه إلا بعد تخويف الزوجين بالله تعالى، وبيان خطر ما هما مقدمان عليه، وأن التحريم الأبدي يقع إذا تلاعنا، ويفرق بينهما تفريقا أبديا، فلا تحل له بعد ذلك وإن كذّب نفسه، ولو تابت هي وإن كذّبت نفسها.
واللعان مختص بالرجل إذا رمى زوجته، ولا يكون العكس؛ فالمرأة إذا رمت زوجها فلابد من البيّنة أو الحد عليها، ولا يكون هناك لعان.
وحول إمكانية إلزام الزوج بإجراء تحليل الحمض النووي، يقول الدكتور "إبراهيم الخضيري" عضو هيئة التمييز إنه لا يمكن اللجوء إلى الحمض النووي إذا كانت المرأة في حبال الزوج، أما لو كانت المرأة مع غير زوجها بأن يكون طلقها فعليها أن تأتي بالأدلة؛ لأنها لو كانت ما تزال في فراش الزوجية فقد حسم النبي صلى الله عليه وسلم القضية بأن الولد للفراش وللعاهر الحجر"، بحسب جريدة شمس.
وأوضح فضيلته أنه فيما لو رفض الزوج أن يلاعن فإنه يقام عليه حد القذف، ولو رفضت المرأة أن تلاعن يقام عليها حد الزنا؛ لأن رفضها بمثابة إقرار منها على صحة ما نُسب إليها.
وفيما يتعلق برغبة الطفل المتنازع عليه إثبات حق بنوته، أوضح الخضيري أن الشرع يكفل له ذلك عبر إقامة دعوى قضائية تتخذ فيها الإجراءات المناسبة، ويمكن وقتها أن ينظر في الحمض النووي كقرينة يمكن أن يعتد بها وليس كدلالة قطعية على الثبوت.
في المقابل، ترد د."سهيلة زين العابدين" الناشطة الحقوقية والداعية الإسلامية في تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت" بأنه "لا يوجد نص شرعي يمنع من إجراء الحمض النووي؛ لأنه لم يكن موجودا آنذاك أساسا".
وتطالب بأن يكون الحمض النووي هو إحدى وسائل إثبات النسب، وأن تعتمده المحاكم الشرعية، سواء في قضايا اللعان أو غيرها؛ لأن هناك الكثير من القضايا ينكر فيها الآباء أبناءهم.
وتبين أنه ما دام لا يعتمد اللعان على وجود شهود؛ فإن الحمض النووي يبقى هو الدليل الذي يثبت براءة المرأة أو إدانتها، معربة عن اعتقادها أن المرأة ما دامت قد طالبت بإجراء التحليل فمؤكد أنها موقنة من براءتها، وشددت على ضرورة استجابة المحكمة لإلزام الزوج بإجراء التحليل حتى لا يقع ظلم على الزوجة.
أما عن مصير الطفلة، فقالت د.سهيلة زين العابدين إنه في حال ثبتت براءة الزوجة تسترد الطفلة كافة حقوقها، أما لو ثَبَتَتْ إدانته ففي هذه الحالة تعامل معاملة اللقطاء، وتُستخرج لها أوراق رسمية، وتحصل على كافة حقوقها كمواطنة في المجتمع؛ لأنها لا ذنب لها في كل ما جرى، ويجب ألا تدفع الثمن.
العبيكان يؤيد
بدوره، أعرب الشيخ "عبد المحسن العبيكان" المستشار بوزارة العدل السعودية في تصريحات لإسلام أون لاين عن تأييده لإجراء التحليل النووي في مثل تلك القضايا لإثبات النسب ثبوتا قطعيا، ولكنه أوضح أن رأيه لا يتعلق بقضية بعينها؛ لأن المسألة ترجع للجهة القضائية بحسب ملابسات كل قضية.
وأوضح "العبيكان" أن اللعان يلجأ القاضي إليه إذا لم توجد بينة، فقد شرع اللعان وهو بينات من الزوج وتسمى شهادات؛ ولذلك قال 4 شهادات بالله، ثم قال والخامسة إذن، فالأيمان حلت محل الشهادات.
وتابع: "فإذا وجد ما يبطل دعوة الزوج وهو الحمض النووي تبقى دعوته فقط وهي الزنا، أما دعوى نفي الولد فلا تقبل منه ما دام هناك ما يدل على صحة النسب يقينا وهو الحمض النووي".
* مراسل شبكة اسلام أون لاين.نت في الرياض
</TD></TR></TBODY></TABLE>