روعة
26-02-2009, 09:28 PM
جوائز المرفهين
محمد البطاوي
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?blobcol=urldata&blobheader=image%2Fjpeg&blobkey=id&blobtable=MungoBlobs&blobwhere=1234426370046&ssbinary=true
كان من جملة القواعد والمسلمات لدي أن الأطفال شديدي الرفاهية أو المترفين -كما كان يحلو لي تسميتهم- يصعب التعامل معهم، كما يصعب وضع حافز لهم، يعني مثلا "الفتى المرفه اللي أبوه بيجيب له (لاب توب) هدية بسبب ومن غير سبب.. " أي جائزة أضعها له لتكون حافزا له وتعجبه؟!.
ربع جنيه جائزة
فلم أكن أحاول التجريب مجددا مع أحد هؤلاء الأولاد بوضع حافز أو جائزة تدمر ميزانية الشهر لينظر إليها بعد ذلك بقرف، وربما لا تعني له شيئا، وربما يكون رحيما بي منذ البداية وعندما أخبره أن له جائزة إذا فعل كذا فيقول: "إيه يعني.. ما بابا جاب لي!!".
لكن -وعلى غير موعد- أتت "آية" الصغيرة لتدمر لي هذه القاعدة وتنسفها تماما، وقد بنت الصغيرة مكان هذه القاعدة القديمة البالية قاعدة جديدة، فقد لفتت نظري إلى ما كنت أجهله.. أو أتجاهله، وسأخبركم بالقاعدة الجديدة.
كانت أصابعي تنقر بتوتر وكأنني أستحث القطار على الإسراع وأنا أتابع أسماء محطات المترو وأراقب الساعات المعلقة بها، فلم أكن أريد أن أتأخر عن الموعد الذي أعطيته لأحدهم، ولم تكد محطة "الدقي" (إحدى محطات المترو في مصر) يظهر اسمها أمامي حتى خرجت مسرعا، لم أحتمل الانتظار على السلم المتحرك فجعلت أتنقل على درجاته، خرجت مسرعا من البوابات، قصدت باب الخروج، وما إن رأيتها حتى توقفت...
فمن بين أكثر الأشياء التي تجعلني أتوقف متناسيا العالم رؤية طفل يبكي وحيدا.. خاصة بين زحام المدينة وقسوته، اقتربت منها وابتسمت لها وأنا أمسح عينيها..
لا تبكي يا صغيرتي.. (وبنظرة سريعة على هيئتها، كان البذخ واضحا في ملابسها) فسألتها عما توقعت أن يمكن أن يكون سبب بكائها..
- أنت مش لاقية بابا؟
- لأ أنا كنت جاية لوحدي
- طيب أنت اسمك إيه؟
- آية
- آية إيه؟
- آية محمود
- طيب يا آية أنت رايحة فين؟
- المدرسة
- أمال واقفة هنا ليه؟ نزلتي في محطة غلط؟
- لأ هيا دي محطتي
- زعلانة ليه طيب
- أصل فيه ربع جنيه وقع مني هنا (وأشارت إلى منطقة ضيقة بجوار السلم)
- طيب يا آية .. بس كده .. خدي جنيه يا ستي مش ربع بس ما تزعليش
- لأ أنا معايا.. وعاوزة الربع جنيه بتاعي.. أصل أنا أخذته جايزة، وهو وقع مني هنا!!
طبعا تفهمت الصغيرة، ونجحت المحاولات بانتشال الربع جنيه الغارق بإصابات طفيفة في يدي، والذي ما إن خرج حتى أخذته متهللة.. وبعد عدة خطوات وهي تحدق في الربع جنيه التفتت وقالت: "شكرا أوي يا عمو"، ومضت آية إلى مدرستها.
ولكن آية الصغيرة أرتني بالفعل أنها لا تلتفت إلى القيمة المادية للجائزة ولكنها تلتفت إلى القيمة المعنوية لها.
تعلمت من آية الصغيرة أن كتابة اسم الشبل المتفوق على لوحة الشرف لمدة أسبوع قد يكون أغلى عنده من الـ"لاب توب" الذي يحصل عليه بدون سبب أحيانا.[/CENTER]
ما كانت الهدية التي لن تنسوها؟
محمد البطاوي
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?blobcol=urldata&blobheader=image%2Fjpeg&blobkey=id&blobtable=MungoBlobs&blobwhere=1234426370046&ssbinary=true
كان من جملة القواعد والمسلمات لدي أن الأطفال شديدي الرفاهية أو المترفين -كما كان يحلو لي تسميتهم- يصعب التعامل معهم، كما يصعب وضع حافز لهم، يعني مثلا "الفتى المرفه اللي أبوه بيجيب له (لاب توب) هدية بسبب ومن غير سبب.. " أي جائزة أضعها له لتكون حافزا له وتعجبه؟!.
ربع جنيه جائزة
فلم أكن أحاول التجريب مجددا مع أحد هؤلاء الأولاد بوضع حافز أو جائزة تدمر ميزانية الشهر لينظر إليها بعد ذلك بقرف، وربما لا تعني له شيئا، وربما يكون رحيما بي منذ البداية وعندما أخبره أن له جائزة إذا فعل كذا فيقول: "إيه يعني.. ما بابا جاب لي!!".
لكن -وعلى غير موعد- أتت "آية" الصغيرة لتدمر لي هذه القاعدة وتنسفها تماما، وقد بنت الصغيرة مكان هذه القاعدة القديمة البالية قاعدة جديدة، فقد لفتت نظري إلى ما كنت أجهله.. أو أتجاهله، وسأخبركم بالقاعدة الجديدة.
كانت أصابعي تنقر بتوتر وكأنني أستحث القطار على الإسراع وأنا أتابع أسماء محطات المترو وأراقب الساعات المعلقة بها، فلم أكن أريد أن أتأخر عن الموعد الذي أعطيته لأحدهم، ولم تكد محطة "الدقي" (إحدى محطات المترو في مصر) يظهر اسمها أمامي حتى خرجت مسرعا، لم أحتمل الانتظار على السلم المتحرك فجعلت أتنقل على درجاته، خرجت مسرعا من البوابات، قصدت باب الخروج، وما إن رأيتها حتى توقفت...
فمن بين أكثر الأشياء التي تجعلني أتوقف متناسيا العالم رؤية طفل يبكي وحيدا.. خاصة بين زحام المدينة وقسوته، اقتربت منها وابتسمت لها وأنا أمسح عينيها..
لا تبكي يا صغيرتي.. (وبنظرة سريعة على هيئتها، كان البذخ واضحا في ملابسها) فسألتها عما توقعت أن يمكن أن يكون سبب بكائها..
- أنت مش لاقية بابا؟
- لأ أنا كنت جاية لوحدي
- طيب أنت اسمك إيه؟
- آية
- آية إيه؟
- آية محمود
- طيب يا آية أنت رايحة فين؟
- المدرسة
- أمال واقفة هنا ليه؟ نزلتي في محطة غلط؟
- لأ هيا دي محطتي
- زعلانة ليه طيب
- أصل فيه ربع جنيه وقع مني هنا (وأشارت إلى منطقة ضيقة بجوار السلم)
- طيب يا آية .. بس كده .. خدي جنيه يا ستي مش ربع بس ما تزعليش
- لأ أنا معايا.. وعاوزة الربع جنيه بتاعي.. أصل أنا أخذته جايزة، وهو وقع مني هنا!!
طبعا تفهمت الصغيرة، ونجحت المحاولات بانتشال الربع جنيه الغارق بإصابات طفيفة في يدي، والذي ما إن خرج حتى أخذته متهللة.. وبعد عدة خطوات وهي تحدق في الربع جنيه التفتت وقالت: "شكرا أوي يا عمو"، ومضت آية إلى مدرستها.
ولكن آية الصغيرة أرتني بالفعل أنها لا تلتفت إلى القيمة المادية للجائزة ولكنها تلتفت إلى القيمة المعنوية لها.
تعلمت من آية الصغيرة أن كتابة اسم الشبل المتفوق على لوحة الشرف لمدة أسبوع قد يكون أغلى عنده من الـ"لاب توب" الذي يحصل عليه بدون سبب أحيانا.[/CENTER]
ما كانت الهدية التي لن تنسوها؟