نور
05-03-2009, 03:24 PM
الــزواج كشــراكة
تأملات عن الحب والزواج والدين
صفية الجفري
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?blobcol=urldata&blobheader=image%2Fjpeg&blobkey=id&blobtable=MungoBlobs&blobwhere=1236085959117&ssbinary=true
للحب قواعد كما الشطرنج
كان حوارا طويلا دار بيني وبين إحدى الصديقات، كنا نتحدث عن (الاحتياج للشريك)، الإحساس بهذا الاحتياج، وكيف يتم التعامل معه، وكيف يتم تفعيله بحيث يكون حافزا للحصول عليه، لاحظت أننا في حديثنا ابتعدنا غالبا عن وصف (الزوج) واستبدلناه بوصف (الشريك). حسنا لم ألاحظ ذلك أثناء الحوار الممتد لثلاث ساعات تقريبا، لكن اليوم وبعد استرجاعي لأجزاء من الحوار لاحظت ذلك، ووجدتني أقول: يبدو أن كلمة (الزوج) أصبحت ملتبسة -في واقعنا السعودي على الأقل- بمعان لا تغلب عليها الشراكة، بل الحصول على مساحة أكبر من الاختيار بشكل ما، من حيث تسلم إدارة الشئون المنزلية، والحصول على فرصة أكبر للسفر والخروج.. ناهيك عن ظلال القوامة بما تعنيه في واقع الحال من تسلط بشكل أو بآخر.
كنت أفكر لماذا ترغب إحدانا في الزواج؟ ألأجل المساحات الأوسع التي تحصل عليها بشكل ما؟ وجدت أن فكرتي عن الزواج ملتبسة فعلا كما كثيرات، فكم منا حرصت على تحريرها بداخلها، واكتشاف حاجتها الحقيقية؟
المساحات الأوسع يمكن الحصول عليها بمزيد من الاستقلال المادي، ومزيد من الحكمة في إدارة العلاقة مع الأهل.. بعضهن لا يقبلن أن يكون الزواج هو وسيلتهن لتحقيقها دون التفات لجوهر فكرة الزواج.
وأرى أن من تقرر أن الزواج هو وسيلتها لذلك، هذا خيارها، وهو خيار غير معيب إذا لم يترتب عليه إضرار بالزوج وبناء الأسرة، ونظرة الناس إلى ترتيب شئون حياتهم وخياراتهم المختلفة.
فكرة الزواج بعد تحريرها من الأهداف التي لا ترتبط بجوهرها تصب في مسألة (الشراكة)، هل كل طرف مستعد لاقتسام حياته ومكانه واحتياجاته وشئونه مع شخص آخر؟
هذا هو السؤال الأساسي بالنسبة لكل من تريد علاقة ترتبط بجوهر فكرة الزواج، وتقول الدكتورة شيري كارتر سكوت في كتابها الذي أجده قيما: "إذا كان الحب لعبة فهذه هي قوانينها": إن الصدق مع النفس في إجابة سؤال كهذا مهم جدا لضمان نجاح الزواج.
رافقني كتاب د. سكوت لأيام، ورغم أني قد قرأته قبلا، فإن القراءة الجديدة له هذه الأيام، أمدتني بمعان مختلفة، من الكتب ما يكون في تكرار قراءتها مزيد من الاكتشاف لمعان جديدة، أو فهم معان قديمة لديك بطريقة مختلفة ومؤثرة، ولعل هذا مرتبط تماما بجهد الكاتب، وعمق تحضيره لمادة الكتاب، بحيث لا تكفيها قراءة واحدة.
لا بد أن تحب ذاتك أولا
القانون الأول التي تتحدث عنه د. سكوت هو أنك لتستطيع أن تحصل على حب شخص آخر لابد أن تحب ذاتك أولا، حب الذات يكون بتقديرها بحيث تعطيها ما تستحقه من وقت ومال واهتمام، إذا اهتممت بذاتك بشكل كاف فستجد شريكا يهتم بها، لأننا نعطي الآخرين النموذج الذي يتعاملون به معنا من خلال تعاملنا مع ذاتنا.. مزيد من الوقت والاهتمام والمال بشكل متوازن، لا يجنح نحو التضخم، هذه إضافة صديقتي أروى الدرويش.. لو تعاملنا مع تقصيرنا في جو مليء بالاتهام، فسيعاملنا الآخرون كذلك، ولو لم نحترم رسائلنا الداخلية ونقدرها فلن يحترمنا الطرف الآخر.
تتحدث د. سكوت عن أن الحب ينجذب لأولئك الذين يرغبونه لا إلى الذين يحتاجونه، الاحتياج التي تعنيه د. سكوت هنا هو أن يحتاج المرء شريكا يعطيه ما تقاعس هو أن يعطيه لذاته من اهتمام وعناية وتقدير واحترام، الحب المقدم من الشريك لا يمكن أبدا أن يحل محل حب المرء لذاته وعنايته بها.
الكتاب ثري.. وما حدثتكم عنه هو صفحات قليلة من صفحاته البالغة (253) صفحة من القطع المتوسط.. وأرى أن اسمه قد ظلمه بشكل ما، لأنه أكثر ما يكون ابتعادا عن ابتذال فكرة ( الحب) أو احترام قداستها في حياة الإنسان.
قالت لي صديقتي: المشاعر أقدس من الجسد.. أفكر الآن في كلمتها التي لم أناقشها فيها في حينها.. المشاعر أقدس من الجسد لأن تقديسها وعدم بذلها إلا بعد وعي تام بكونها صادقة، وبكونها لا تتعارض مع احترام المرء لذاته، وبكون الطرف الآخر يستحقها حقا.. عدم بذلها إلا بعد التأكد من ذلك كله سيقود تبعا إلى التعامل مع الجسد بقداسة..
قالت صديقتي بعد أن قرأت سطوري عن قداسة المشاعر: المشاعر أكثر قداسة من الجسد لأن التربية السائدة كانت تتجاهل التأكيد على احترامها.. احترام مشاعرنا، والحفاظ عليها من الوهن، والألم، والانكسار، والهوان ومن ثم ظلت تطغى علينا فكرة قداسة الجسد دون الالتفات إلى قداسة المشاعر التي يفترض أن يكون الحفاظ على قداسة الجسد تبعا لها لا مستقلا عنها.
الدين والحب
الكلام عن الحب قد يكون جريمة وتفسخاً عند بعض الناس أو كثير منهم، وأرى ذلك في عصر كعصرنا هو مجافاة للغة فرضت نفسها، وبات الاحتشام عن الخوض فيها بما تستحقه من فكر ونظر واحترام، هو احتشام في غير موضعه، هو ظلم للدين، وتكريس للانقسام بين طبيعة الحياة في هذا العصر وبين الدين.
أشعر حقيقة بالمسئولية التي تجعل تخصصي الشرعي حملا ثقيلا أنطلق منه تحديدا للحديث عن موضوعات معجونة بهموم الناس وحياتهم، ويتغاضى عنها الخطاب الديني أو يتحدث عنها بطريقة خجلة أو متحفظة، وأتساءل: مما نخاف؟ هل نخاف من الناس الذين يرفضون أن يصدر الحديث في مثل هذا الأمر من منبع له ارتباط بالدين؟ أليس الخوف يؤكد بعد الناس عن الدين، ونظرتهم إليه كأنه يتسامى عن احتياجاتهم، وهل جاء الدين إلا بمراعاتها واحترامها؟ ولهذا حديث آخر قد أعود إليه يوما.
************************************************** ***********
كاتبة وباحثة شرعية بالمملكة العربية السعودية، ويمكنك مطالعة مدونتها
تأملات عن الحب والزواج والدين
صفية الجفري
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?blobcol=urldata&blobheader=image%2Fjpeg&blobkey=id&blobtable=MungoBlobs&blobwhere=1236085959117&ssbinary=true
للحب قواعد كما الشطرنج
كان حوارا طويلا دار بيني وبين إحدى الصديقات، كنا نتحدث عن (الاحتياج للشريك)، الإحساس بهذا الاحتياج، وكيف يتم التعامل معه، وكيف يتم تفعيله بحيث يكون حافزا للحصول عليه، لاحظت أننا في حديثنا ابتعدنا غالبا عن وصف (الزوج) واستبدلناه بوصف (الشريك). حسنا لم ألاحظ ذلك أثناء الحوار الممتد لثلاث ساعات تقريبا، لكن اليوم وبعد استرجاعي لأجزاء من الحوار لاحظت ذلك، ووجدتني أقول: يبدو أن كلمة (الزوج) أصبحت ملتبسة -في واقعنا السعودي على الأقل- بمعان لا تغلب عليها الشراكة، بل الحصول على مساحة أكبر من الاختيار بشكل ما، من حيث تسلم إدارة الشئون المنزلية، والحصول على فرصة أكبر للسفر والخروج.. ناهيك عن ظلال القوامة بما تعنيه في واقع الحال من تسلط بشكل أو بآخر.
كنت أفكر لماذا ترغب إحدانا في الزواج؟ ألأجل المساحات الأوسع التي تحصل عليها بشكل ما؟ وجدت أن فكرتي عن الزواج ملتبسة فعلا كما كثيرات، فكم منا حرصت على تحريرها بداخلها، واكتشاف حاجتها الحقيقية؟
المساحات الأوسع يمكن الحصول عليها بمزيد من الاستقلال المادي، ومزيد من الحكمة في إدارة العلاقة مع الأهل.. بعضهن لا يقبلن أن يكون الزواج هو وسيلتهن لتحقيقها دون التفات لجوهر فكرة الزواج.
وأرى أن من تقرر أن الزواج هو وسيلتها لذلك، هذا خيارها، وهو خيار غير معيب إذا لم يترتب عليه إضرار بالزوج وبناء الأسرة، ونظرة الناس إلى ترتيب شئون حياتهم وخياراتهم المختلفة.
فكرة الزواج بعد تحريرها من الأهداف التي لا ترتبط بجوهرها تصب في مسألة (الشراكة)، هل كل طرف مستعد لاقتسام حياته ومكانه واحتياجاته وشئونه مع شخص آخر؟
هذا هو السؤال الأساسي بالنسبة لكل من تريد علاقة ترتبط بجوهر فكرة الزواج، وتقول الدكتورة شيري كارتر سكوت في كتابها الذي أجده قيما: "إذا كان الحب لعبة فهذه هي قوانينها": إن الصدق مع النفس في إجابة سؤال كهذا مهم جدا لضمان نجاح الزواج.
رافقني كتاب د. سكوت لأيام، ورغم أني قد قرأته قبلا، فإن القراءة الجديدة له هذه الأيام، أمدتني بمعان مختلفة، من الكتب ما يكون في تكرار قراءتها مزيد من الاكتشاف لمعان جديدة، أو فهم معان قديمة لديك بطريقة مختلفة ومؤثرة، ولعل هذا مرتبط تماما بجهد الكاتب، وعمق تحضيره لمادة الكتاب، بحيث لا تكفيها قراءة واحدة.
لا بد أن تحب ذاتك أولا
القانون الأول التي تتحدث عنه د. سكوت هو أنك لتستطيع أن تحصل على حب شخص آخر لابد أن تحب ذاتك أولا، حب الذات يكون بتقديرها بحيث تعطيها ما تستحقه من وقت ومال واهتمام، إذا اهتممت بذاتك بشكل كاف فستجد شريكا يهتم بها، لأننا نعطي الآخرين النموذج الذي يتعاملون به معنا من خلال تعاملنا مع ذاتنا.. مزيد من الوقت والاهتمام والمال بشكل متوازن، لا يجنح نحو التضخم، هذه إضافة صديقتي أروى الدرويش.. لو تعاملنا مع تقصيرنا في جو مليء بالاتهام، فسيعاملنا الآخرون كذلك، ولو لم نحترم رسائلنا الداخلية ونقدرها فلن يحترمنا الطرف الآخر.
تتحدث د. سكوت عن أن الحب ينجذب لأولئك الذين يرغبونه لا إلى الذين يحتاجونه، الاحتياج التي تعنيه د. سكوت هنا هو أن يحتاج المرء شريكا يعطيه ما تقاعس هو أن يعطيه لذاته من اهتمام وعناية وتقدير واحترام، الحب المقدم من الشريك لا يمكن أبدا أن يحل محل حب المرء لذاته وعنايته بها.
الكتاب ثري.. وما حدثتكم عنه هو صفحات قليلة من صفحاته البالغة (253) صفحة من القطع المتوسط.. وأرى أن اسمه قد ظلمه بشكل ما، لأنه أكثر ما يكون ابتعادا عن ابتذال فكرة ( الحب) أو احترام قداستها في حياة الإنسان.
قالت لي صديقتي: المشاعر أقدس من الجسد.. أفكر الآن في كلمتها التي لم أناقشها فيها في حينها.. المشاعر أقدس من الجسد لأن تقديسها وعدم بذلها إلا بعد وعي تام بكونها صادقة، وبكونها لا تتعارض مع احترام المرء لذاته، وبكون الطرف الآخر يستحقها حقا.. عدم بذلها إلا بعد التأكد من ذلك كله سيقود تبعا إلى التعامل مع الجسد بقداسة..
قالت صديقتي بعد أن قرأت سطوري عن قداسة المشاعر: المشاعر أكثر قداسة من الجسد لأن التربية السائدة كانت تتجاهل التأكيد على احترامها.. احترام مشاعرنا، والحفاظ عليها من الوهن، والألم، والانكسار، والهوان ومن ثم ظلت تطغى علينا فكرة قداسة الجسد دون الالتفات إلى قداسة المشاعر التي يفترض أن يكون الحفاظ على قداسة الجسد تبعا لها لا مستقلا عنها.
الدين والحب
الكلام عن الحب قد يكون جريمة وتفسخاً عند بعض الناس أو كثير منهم، وأرى ذلك في عصر كعصرنا هو مجافاة للغة فرضت نفسها، وبات الاحتشام عن الخوض فيها بما تستحقه من فكر ونظر واحترام، هو احتشام في غير موضعه، هو ظلم للدين، وتكريس للانقسام بين طبيعة الحياة في هذا العصر وبين الدين.
أشعر حقيقة بالمسئولية التي تجعل تخصصي الشرعي حملا ثقيلا أنطلق منه تحديدا للحديث عن موضوعات معجونة بهموم الناس وحياتهم، ويتغاضى عنها الخطاب الديني أو يتحدث عنها بطريقة خجلة أو متحفظة، وأتساءل: مما نخاف؟ هل نخاف من الناس الذين يرفضون أن يصدر الحديث في مثل هذا الأمر من منبع له ارتباط بالدين؟ أليس الخوف يؤكد بعد الناس عن الدين، ونظرتهم إليه كأنه يتسامى عن احتياجاتهم، وهل جاء الدين إلا بمراعاتها واحترامها؟ ولهذا حديث آخر قد أعود إليه يوما.
************************************************** ***********
كاتبة وباحثة شرعية بالمملكة العربية السعودية، ويمكنك مطالعة مدونتها