روعة
17-03-2009, 12:45 AM
على أبواب المعابر المغلقة
أحـلام غـزة الصغيـرة تنتظـر المفتـاح
غزة-شيماء مصطفى
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?blobcol=urldata&blobheader=image%2Fjpeg&blobkey=id&blobtable=MungoBlobs&blobwhere=1236868743105&ssbinary=true
لعبةٌ جميلة.. كتابٌ ملون.. روايةٌ شيقة.. عناق أهل..اشتياق وحنين.. أحلامٌ قد تبدو صغيرة في عيون ملايين البشر.. لكنها في غزة كبيرة يحتضنها الصغار والكبار بحذر.. يخشون عليها من الضياع والتبخر في الهواء.. هي أحلامهم مهما بلغت درجة بساطتها.. في كل مساء يدسونها تحت وسائدهم وفي الصباح يقذفون بها للسماء لعلها تنهمر مطرا.. وحين يفقدون الأمل يضعونها في أدراج الواقع المؤلم.
بترقبٍ حالم ترحل عيون أهالي غزة صوب المجتمعين في القاهرة، والأمل يحدوهم بأن يخرجوا بابتسامة وقرار يسر قلوب المتلهفين، وبعناق يجلو الخلافات ويزف البشرى لقلوبهم المتعبة "توحدنا وذاب الانقسام".
اشتقت لدفء أمي
ما إن لاحت نسائم الوحدة وتوالت المؤتمرات وعلت الابتسامات بين هذا وذاك, حتى بدأت "أسماء أمين" وشقيقاتها بالتربص لوسائل الإعلام المختلفة.. يحلقون في سماء الفضائيات علهم ينشدون خبرا عاجلا يهديهم الحياة.
بحزنٍ ملأ صوتها قالت "أسماء" لـ"إسلام أون لاين": "خمس سنوات لم أر والديّ.. نحن محاصرون في غزة وهم في السعودية ومعبر رفح يضيق خناقه علينا.. إخواني كبروا ولم أعد أتذكر ملامحهم.. اشتقت لدفء أمي وحضن أبي ومشاكسة أشقائي".
وبعد سيل من دموعٍ حارة أضافت: "حلمنا أن نجلس على مائدة طعام واحدة ونشعر بحميمة الأسرة.. ولكن يبدو أن الفرح نسينا والسعادة غادرتنا بلا عودة.. والمجتمعون في القاهرة بيدهم العصا السحرية".
على الهاتف والإنترنت تحاول "منى" أن تخمد نيران شوقها وحنينها لخطيبها المقيم في الإمارات, تطمئنه أن الأمل يلوح في الأفق والأقفال ستكسر وسيصلون لاتفاق.
بمرارة وحزن تقول "منى": "قبل ثلاث سنوات تمت خطبتي لابن عمي وبعدها مباشرة سافر لقطر لإكمال دراسته وبقيت أنا في غزة حتى أنهي فصلي الأخير من الجامعة ثم أغلق المعبر ولم يفتح".
تنهيدة حارة انطلقت من منى وتابعت: "كل يوم يسألني أقاربي متى ستتزوجين ويكبر السؤال يوما بعد آخر.. حتى أصبح ثقيلا على قلبي، وباتت إجابتي اسألوا المعبر وأصحاب القرار".
مصباح سحري
"اشتقت لمصافحة رواية ممتعة شيقة.. أنسى نفسي في صفحاتها.. فأضيع بين السطور فتربكني الكلمات"، بصوتٍ أقرب إلى الهمس بدأت "سلمى إبراهيم" حديثها لـ"إسلام أون لاين", مضيفة: "عندما يفتح المعبر ستنهمر علينا الكتب والروايات كالمطر.. المعبر سيبقى مغلقا إذا لم يخرج علينا الفرقاء بكلمة توحدنا ولا نختلف بعد الآن".
"أحمد مشتهى" 14 عاما ينتظر فتح المعابر على أحر من الجمر لا ليحصل على لعبة فاخرة ولا ليقضي عطلة صيفية, بل ليحصل على آخر أعداد سلسة رجل المستحيل للكاتب "نبيل فاروق" فهو العاشق لروايات الجيب منذ نعومة أظافره، ويبكي الآن متحسرا على ما فاته من آخر الأعداد الشيقة.. معلقا أمله على فتح المعابر وإنهاء الحصار.
على أمل الوحدة يجلس طلاب الجامعات وأصحاب الدراسات العليا متلهفين على الجديد من عناوين الكتب وآخر الأبحاث العلمية ليكملوا دراستهم وإنهاء مشاريعهم, "محمد بعلوشة" التحق بإحدى كليات الأردن لنيل درجة الدكتوارة، اصطدم بحثه بكتب مفقودة وعناوين غائبة وبصوت الألم قال: "منذ عامين ورسالة الدكتوارة لم تكتمل, فكل الكتب التي تلزمني غير موجودة وآخر الأبحاث لم تصل بعد.. فدراستي تنتظر مفتاحا كبيرا لكسر الأبواب الموصدة اسمه الوفاق الوطني"، والمكتبات في غزة اعتذرت أرففها للقراء والمثقفين الذين جاءوا بحثا عن آخر إصدارات الكتب والروايات في أروقتها.. تعبت أقدامهم وملت عقولهم من البحث عن كتب تاقت أناملهم لمعانقتها.
أحلامنا صغيرة
"أدهم سليم" صاحب محل لبيع أجهزة الحاسوب ومستلزماته.. يستمع لنشرات الأخبار بكل تفاصيلها آملا أن يتم التوصل لاتفاق يدخل البسمة لأروقة محله الفارغ إلا من أجهزة معطلة لا يوجد لها قطع غيار.
بوجهٍ واجم وعيون كئيبة تحدث "أدهم" قائلا: "عامان ونصف لم يدخل جهاز جديد لمحلي.. الزبائن هربت وقطع الغيار نفدت.. حتى الألعاب والبرامج لم تعد تدخل لنا.. والحل ليس بيدي بل هناك في القاهرة".
وبألم غلف صوته أضاف: "كلنا أمل أن يتفق المتخاصمون, فهو الحل السحري لكل مشاكلنا وتعقيداتنا في غزة؛ فالمعابر ستفتح أبوابها, والحصار سيزول, والإعمار سيبدأ".
"هادي" صاحب الأعوام السبعة كان منسجما بمتابعة قناة "طيور الجنة" وأخذ يدندن على وقع نغماتها وألحانها وفجأة دمعت عيناه وأخذ يبكي بحرقة.. فكم حلم أن تعانق كتفيه حقيبة تعلوها صورة "عصوم ووليد" وأن تداعب يداه أبطال كرتون استوطنوا خياله.
"لينا نصر" عروس مع إيقاف التنفيذ.. منذ سنتين زواجها متوقف على معبر رفح.. فأبسط احتياجات تفاصيل بيتها الجديد غير متوفرة كغرفة النوم وأدوات المطبخ وكل مستلزماته الصغيرة.
بحروفٍ دامعة تساءلت "لينا": "كيف سأتزوج في بيت لا يوجد به أي شيء.. الأسواق فارغة وإذا توفر شيء فالأسعار مرتفعة جدا ولا نقوى على شرائها.. أنا لا أطلب مصباح علاء الدين أو شهر عسل في باريس فقط أحلامٌ صغيرة".
وبحرقةٍ علت صوتها تابعت قائلة: "ما ذنب عمرنا أن يضيع بانتظار معبر لا نعلم متى سيفتح.. لا يجوز أن تبقى أمانينا معلقة أمام سياسات وأجندات خارجية".
وكان معبر رفح الحدودي المنفذ البري الوحيد لسكان أهالي قطاع غزة البالغ عددهم مليون ونصف مليون قد أغلق منذ يونيو 2007 وتشترط مصر لفتحه أن يتم إدارته عبر عودة المراقبين الدوليين وإشراف الرئاسة الفلسطينية.
هذه الأحلام وغيرها من التفاصيل الصغيرة ستبقى معلقة بانتظار أن تفتح الأبواب.. وينهي المتخاصمون خلافاتهم فتعود العصافير لأعشاشها والأمنيات لأصحابها.
صحفية بمكتب الجيل للصحافة-غزة-فلسطين.
أحـلام غـزة الصغيـرة تنتظـر المفتـاح
غزة-شيماء مصطفى
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?blobcol=urldata&blobheader=image%2Fjpeg&blobkey=id&blobtable=MungoBlobs&blobwhere=1236868743105&ssbinary=true
لعبةٌ جميلة.. كتابٌ ملون.. روايةٌ شيقة.. عناق أهل..اشتياق وحنين.. أحلامٌ قد تبدو صغيرة في عيون ملايين البشر.. لكنها في غزة كبيرة يحتضنها الصغار والكبار بحذر.. يخشون عليها من الضياع والتبخر في الهواء.. هي أحلامهم مهما بلغت درجة بساطتها.. في كل مساء يدسونها تحت وسائدهم وفي الصباح يقذفون بها للسماء لعلها تنهمر مطرا.. وحين يفقدون الأمل يضعونها في أدراج الواقع المؤلم.
بترقبٍ حالم ترحل عيون أهالي غزة صوب المجتمعين في القاهرة، والأمل يحدوهم بأن يخرجوا بابتسامة وقرار يسر قلوب المتلهفين، وبعناق يجلو الخلافات ويزف البشرى لقلوبهم المتعبة "توحدنا وذاب الانقسام".
اشتقت لدفء أمي
ما إن لاحت نسائم الوحدة وتوالت المؤتمرات وعلت الابتسامات بين هذا وذاك, حتى بدأت "أسماء أمين" وشقيقاتها بالتربص لوسائل الإعلام المختلفة.. يحلقون في سماء الفضائيات علهم ينشدون خبرا عاجلا يهديهم الحياة.
بحزنٍ ملأ صوتها قالت "أسماء" لـ"إسلام أون لاين": "خمس سنوات لم أر والديّ.. نحن محاصرون في غزة وهم في السعودية ومعبر رفح يضيق خناقه علينا.. إخواني كبروا ولم أعد أتذكر ملامحهم.. اشتقت لدفء أمي وحضن أبي ومشاكسة أشقائي".
وبعد سيل من دموعٍ حارة أضافت: "حلمنا أن نجلس على مائدة طعام واحدة ونشعر بحميمة الأسرة.. ولكن يبدو أن الفرح نسينا والسعادة غادرتنا بلا عودة.. والمجتمعون في القاهرة بيدهم العصا السحرية".
على الهاتف والإنترنت تحاول "منى" أن تخمد نيران شوقها وحنينها لخطيبها المقيم في الإمارات, تطمئنه أن الأمل يلوح في الأفق والأقفال ستكسر وسيصلون لاتفاق.
بمرارة وحزن تقول "منى": "قبل ثلاث سنوات تمت خطبتي لابن عمي وبعدها مباشرة سافر لقطر لإكمال دراسته وبقيت أنا في غزة حتى أنهي فصلي الأخير من الجامعة ثم أغلق المعبر ولم يفتح".
تنهيدة حارة انطلقت من منى وتابعت: "كل يوم يسألني أقاربي متى ستتزوجين ويكبر السؤال يوما بعد آخر.. حتى أصبح ثقيلا على قلبي، وباتت إجابتي اسألوا المعبر وأصحاب القرار".
مصباح سحري
"اشتقت لمصافحة رواية ممتعة شيقة.. أنسى نفسي في صفحاتها.. فأضيع بين السطور فتربكني الكلمات"، بصوتٍ أقرب إلى الهمس بدأت "سلمى إبراهيم" حديثها لـ"إسلام أون لاين", مضيفة: "عندما يفتح المعبر ستنهمر علينا الكتب والروايات كالمطر.. المعبر سيبقى مغلقا إذا لم يخرج علينا الفرقاء بكلمة توحدنا ولا نختلف بعد الآن".
"أحمد مشتهى" 14 عاما ينتظر فتح المعابر على أحر من الجمر لا ليحصل على لعبة فاخرة ولا ليقضي عطلة صيفية, بل ليحصل على آخر أعداد سلسة رجل المستحيل للكاتب "نبيل فاروق" فهو العاشق لروايات الجيب منذ نعومة أظافره، ويبكي الآن متحسرا على ما فاته من آخر الأعداد الشيقة.. معلقا أمله على فتح المعابر وإنهاء الحصار.
على أمل الوحدة يجلس طلاب الجامعات وأصحاب الدراسات العليا متلهفين على الجديد من عناوين الكتب وآخر الأبحاث العلمية ليكملوا دراستهم وإنهاء مشاريعهم, "محمد بعلوشة" التحق بإحدى كليات الأردن لنيل درجة الدكتوارة، اصطدم بحثه بكتب مفقودة وعناوين غائبة وبصوت الألم قال: "منذ عامين ورسالة الدكتوارة لم تكتمل, فكل الكتب التي تلزمني غير موجودة وآخر الأبحاث لم تصل بعد.. فدراستي تنتظر مفتاحا كبيرا لكسر الأبواب الموصدة اسمه الوفاق الوطني"، والمكتبات في غزة اعتذرت أرففها للقراء والمثقفين الذين جاءوا بحثا عن آخر إصدارات الكتب والروايات في أروقتها.. تعبت أقدامهم وملت عقولهم من البحث عن كتب تاقت أناملهم لمعانقتها.
أحلامنا صغيرة
"أدهم سليم" صاحب محل لبيع أجهزة الحاسوب ومستلزماته.. يستمع لنشرات الأخبار بكل تفاصيلها آملا أن يتم التوصل لاتفاق يدخل البسمة لأروقة محله الفارغ إلا من أجهزة معطلة لا يوجد لها قطع غيار.
بوجهٍ واجم وعيون كئيبة تحدث "أدهم" قائلا: "عامان ونصف لم يدخل جهاز جديد لمحلي.. الزبائن هربت وقطع الغيار نفدت.. حتى الألعاب والبرامج لم تعد تدخل لنا.. والحل ليس بيدي بل هناك في القاهرة".
وبألم غلف صوته أضاف: "كلنا أمل أن يتفق المتخاصمون, فهو الحل السحري لكل مشاكلنا وتعقيداتنا في غزة؛ فالمعابر ستفتح أبوابها, والحصار سيزول, والإعمار سيبدأ".
"هادي" صاحب الأعوام السبعة كان منسجما بمتابعة قناة "طيور الجنة" وأخذ يدندن على وقع نغماتها وألحانها وفجأة دمعت عيناه وأخذ يبكي بحرقة.. فكم حلم أن تعانق كتفيه حقيبة تعلوها صورة "عصوم ووليد" وأن تداعب يداه أبطال كرتون استوطنوا خياله.
"لينا نصر" عروس مع إيقاف التنفيذ.. منذ سنتين زواجها متوقف على معبر رفح.. فأبسط احتياجات تفاصيل بيتها الجديد غير متوفرة كغرفة النوم وأدوات المطبخ وكل مستلزماته الصغيرة.
بحروفٍ دامعة تساءلت "لينا": "كيف سأتزوج في بيت لا يوجد به أي شيء.. الأسواق فارغة وإذا توفر شيء فالأسعار مرتفعة جدا ولا نقوى على شرائها.. أنا لا أطلب مصباح علاء الدين أو شهر عسل في باريس فقط أحلامٌ صغيرة".
وبحرقةٍ علت صوتها تابعت قائلة: "ما ذنب عمرنا أن يضيع بانتظار معبر لا نعلم متى سيفتح.. لا يجوز أن تبقى أمانينا معلقة أمام سياسات وأجندات خارجية".
وكان معبر رفح الحدودي المنفذ البري الوحيد لسكان أهالي قطاع غزة البالغ عددهم مليون ونصف مليون قد أغلق منذ يونيو 2007 وتشترط مصر لفتحه أن يتم إدارته عبر عودة المراقبين الدوليين وإشراف الرئاسة الفلسطينية.
هذه الأحلام وغيرها من التفاصيل الصغيرة ستبقى معلقة بانتظار أن تفتح الأبواب.. وينهي المتخاصمون خلافاتهم فتعود العصافير لأعشاشها والأمنيات لأصحابها.
صحفية بمكتب الجيل للصحافة-غزة-فلسطين.