تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نداء دولي إلى تعليق (موراتوريوم) العقوبات الجسدية، الرجم و الحكم بالإعدام



moughtareb
07-01-2007, 09:36 PM
http://www.tariqramadan.com/NAVPICS/rien.gif


- مدخــــــــــــــــــــــــل :


بصفة منتظمة، يواجه المسلمون في العالم و المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة مسألة تطبيق أحكام مرتبطة بالقوانين الجنائية الإسلامية. وسواء تمّ الرجوع في ذلك إلى مفهوم "الشريعة" أو تمّ الاقتصار على"الحدود" [1] فانَ مفردات النقاش تحدَدها اليوم مسألة مركزية في الجدال الدائر بين العلماء، و/أو بين المسلمين : ما هو أن يكون المرء مخلصا لرسالة الإسلام في الحقبة الزمنية المعاصرة؟ و فضلا عما هو واجب على كل واحد من المسلمين في حياته الشخصية، ما المطلوب من مجتمع قد يعرَف نفسه على أنَه "إسلامي"؟ . من المعلوم أنَ هناك عدة تيارات فكرية في العالم الإسلامي وأنَ الخلافات بينها متعدَدة، عميقة ومتكرَرة. من تلك التيارات، أقلية تطالب بالتطبيق الفوري والحرفي للحدود، لأنَ هذا التطبيق - حسب رأيها - شرط أوَلي لا محيد عنه بالنسبة لـ "مجتمع ذي أغلبية مسلمة" حتى يعتبر بالفعل مجتمعا "إسلاميا". وهناك تيارات أخرى تنطلق من عامل واقعي، هو أنَ الحدود موجودة فعلا في النصوص المرجعية [القرآن والسنة]، وترى أنَ تطبيق الحدود أمر مشروط بحالة المجتمع، الذي يجب أن يكون أوَلا عادلا، وبالنسبة للبعض "مثاليا". بالتالي فإنَ الأولوية تبقى للعمل على إقامة العدل الاجتماعي، ومحاربة الفقر والأمية، إلخ. وهناك في الأخير فئة، قليلة هي الأخرى، تعتبر النصوص المتعلقة بالحدود متجاوزة تماما، وترى أنَ هذه المرجعيات لم يعد لها مكان في المجتمعات المسلمة المعاصرة. وهكذا نرى أنَ الآراء مختلفة و أنَ المواقف تبدو في الغالب محسومة، دون أن يكون في الإمكان القول بأنَ أدلة هؤلاء وهؤلاء حول هذا الموضوع المحدَد، هي حقيقة واضحة وموَضَّحة. وفي الوقت الذي نكتب فيه هذه السطور، ومع أنَ النقاش الحقيقي داخل المجتمعات الإسلامية هو شبه غائب، والمواقف عائمة، بل في الغالب غامضة، فإنَ نساء ورجالا تطبَق عليهم هذه العقوبات دون أن يكون عليها إجماع بين المسلمين. بالنسبة للمسلمين، الإسلام هو رسالة مساواة وعدل. ووفاء منا لهذه الرسالة، نشعر بأنَ استمرارنا في صمت تجاه هذا التطبيق غير العادل لمرجعيتنا الدينية لم يعد ممكنا. و لهذا كذلك يجب أن تتحرَر الكلمة ويتحرَر النقاش، و أن لا يستمر الاكتفاء بأجوبة عامة، محرجة، وأحيانا ملتبسة. إنَ هذا الصمت وهذه التشنجات الفكرية ليست جديرة بوضوح رسالة الإسلام العادلة. فباسم مصادر الإسلام المقدَسة، وباسم التربية والتعليم الإسلامي، وأخيرا باسم الضمير المسلم المعاصر، هناك أمورا يجب أن تقال وقرارات يجب أن تتخذ.

- أقوال أغلبية العلماء :

يعترف جميع العلماء، في الماضي كما في الحاضر، وفي جميع التيارات الفقهية والفكرية، بوجود نصوص مقدَسة تشير إلى العقوبات الجسدية [القرآن والسنة] وإلى رجم الزناة رجالا ونساء [السنة]، وإلى عقوبة القتل [القرآن والسنة]. والأمر يتعلق هنا بالمضامين الموضوعية للنصوص التي لم يناقشها العلماء أبدا. والاختلافات بين العلماء وبين مختلف المذاهب [نصيين، إصلاحيين، إلخ.] هي اختلافات تتعلق أساسا بتفسير بعض هذه النصوص و/أو بشروط تطبيق العقوبات المتعلقة بالقانون الجنائي الإسلامي [طبيعة المخالفات والجرائم المرتكبة، الشهود، السياقات الاجتماعية والسياسية، إلخ.]، أو في الأخير - بصيغة أكثر شمولية وأكثر جوهرية - بمستوى التلاؤم مع الحقبة الزمنية المعاصرة. إنَ أغلب العلماء، عبر التاريخ وإلى يومنا هذا، متفقون على أنَ هذه الأحكام هي إسلامية بالفعل، ولكن "الشروط المطلوب توفَرها" من أجل تطبيقها هي تقريبا مستحيلة التجميع [خصوصا فيما يتعلق بالرجم]، وبالتالي فهي تكاد تكون "غير قابلة للتطبيق أبدا ". إنَ للحدود خصوصا "نزعة ردعية" هدفها هو التحسيس بخطورة الأفعال الموجبة لمثل تلك العقوبات في أذهان المؤمنين. إنَ من يقرأ كتب العلماء ويسمع محاضراتهم وخطبهم، و من يسافر داخل العالم الإسلامي أو يقارب الجاليات المسلمة في الغرب، سوف يسمع بدون شك وبدون تغيير، هذه الصيغة من طرف المراجع الدينية : "تكاد تكون غير قابلة للتطبيق أبدا ". هذه الصيغة تمكَن أغلب العلماء والمسلمين من تلافي التوغَل في قلب المسألة دون أن يعطي ذلك انطباعا بأنَهم غير مخلصين للمصادر الإسلامية المقدَسة. أمَا التعاطي الآخر مع المسألة فهو تجنَبها و/أو لزوم الصمت تجاهها. ما يجري على أرض الواقع ؟ : كنَا نود لو أن تفسَر هذه الصيغة : "تكاد تكون غير قابلة للتطبيق" على أنَها ضمانة لحماية النساء والرجال أمام عقوبات قامعة وظالمة؛ كنَا نتمنى لو أنَ تلك الشروط كانت دعوة إلى إقامة العدل بين البشر أمام القانون من طرف الحكومات والمشرَعين المنتسبين للإسلام. إلاَ أنَ شيئا من ذلك لا يحصل. فالواقع أنَه وراء خطاب إسلامي يقلَل و يعمل على تقليم الأظافر تحت غطاء هذه الـ "تكاد لا..."، هناك نساء ورجال يعاقبون، يجلدون، يرجمون، و يقتلون باسم تطبيق الحدود، من غير أن تتحرَك ضمائر مسلمي العالم أجمع، كما لو لم يكن أحد يعرف، و كما لو كان الأمر يتعلق بإخلالات بسيطة بتعاليم الإسلام. لكن هذه الأحكام - بإمعان، و في ظلم متفاقم- لا تطبَق إلاَ على النساء والفقراء، ليصبحوا بذلك ضحايا مزدوجين. ولا تطبَق أبدا على الأغنياء، أو على الحاكمين والطغاة. أضف إلى هذا أنَ بعض السجناء ليس لهم الحق في دفاع جدير بهذا الاسم : هناك أحكام بالإعدام تقرَر وتنفَذ في حق نساء و رجال، بل و حتى في حق أطفال [معارضين سياسيين، مروّجين، جانحين، إلخ.] دون حتى أن يتمكَنوا من لقاء أي محامِ. وهكذا، بعد أن كانت لنا علاقات ضبابية مع مصادرنا المقدَسة، ها نحن نستقيل أمام خيانة رسالة الإسلام العادلة. إنَ للمجتمع الدولي كذلك مسؤولية كبرى وواضحة أمام التعاطي مع مسألة الحدود في العالم الإسلامي. فالتنديد يتم بانتقائية ويتعامل على أساس حسابات و حماية المصالح الجيوستراتيجية والاقتصادية. فعندما تحاول دولة فقيرة من دول إفريقيا أو آسيا أن تطبَق الحدود أو الشريعة، تواجه حملات دولية، كما رأينا ذلك مؤخرا. لكن الأمر يختلف عندما يتعلق الأمر بالدول الغنية، بممالك البترول و/أو الدول التي تعتبر "حليفة"، حيث يتم شجبها بشكل خجول، أو لا تشجب إطلاقا، وذلك على الرغم من تطبيق كثيف ومعروف لهذه الأحكام في حق الفئات الأكثر فقرا وضعفا في المجتمع. وكثافة التنديدات تختلف لتتناسب مع المصالح المرتهنة. وهذا ظلم إضافي.

- عواطف الشعوب، تخوَف العلماء :


إنَ من يسافر في العالم الإسلامي ويخالط المسلمين يجد نفسه أمام استنتاج يفرض نفسه : في كل مكان تظهر الشعوب تتشبثا بالإسلام وبتعاليمه. هذه الحقيقة - وهي مهمة في حد ذاتها - يمكن أن تبدو مثيرة، وخطيرة تماما، وذلك عندما تكون طبيعة هذا التشبث قائمة على الانفعال، دون معرفة ولا فهم جديد للنصوص، بقليل من المسافة أو بدون أدنى مسافة نقدية تجاه مختلف تفاسير العلماء، ولا الوضع الضروري للأمور في سياقاتها، ولا تجاه طبيعة الشروط الواجب توفَرها، بل تجاه حماية حقوق الأفراد وإقامة العدل. فيما يخص مسألة الحدود، نشاهد أحيانا حالات شغف شعبية تتمنى أو تطالب بالتطبيق الحرفي والفوري لأنَ أصحاب هذه الحالات يعتقدون أنَ الحدود تضمن الصفة "الإسلامية" للمجتمع. والواقع أنَه ليس نادرا أن نسمع مسلمات ومسلمين من الشعب [متعلَمين أو غير متعلَمين، وفي الغالب فقراء ومحتاجين] يدعون إلى تطبيق شكلي وصارم لـ "الشريعة"، دون إدراك أنَهم قد يكونون أوَل ضحاياها. و عندما ندرس هذه الظاهرة نفهم أنَ هناك نوعين من التفكير وراء هذه المطالب : 1- التطبيق الحرفي والفوري للحدود يجعل المرجعية الإسلامية مرئية قانونيا واجتماعيا. إنَ التشريع، بصرامته، يعطي الانطباع بالإخلاص للأمر القرآني الذي يفرض امتثالا صارما للنص. وعلى المستوى الشعبي، رأينا في الدول الإفريقية والعربية والآسيوية، و حتى الغربية، أنَ القسوة، بل التصلب في التطبيق، هو الذي يمنح بعدا إسلاميا في الذهنية الشعبية. 2- بالمقابل، تغذَي انتقادات وإدانات الغرب شعورا بالإخلاص لتعاليم الإسلام تبعا لمنطق التقابل؛ الأمر بسيط وتبسيطي : معارضة الغرب الشرسة دليل كافٍ للخصوصية الإسلامية لتطبيق الحدود. وهناك من سيقتنعون وهم يؤكدَون أنَ الغرب قد فقد منذ مدة طويلة مرجعياته الأخلاقية وأصبح جد متساهل حتى أنَ القانون الجنائي الإسلامي، الذي يعاقب السلوكيات التي تعتبر غير أخلاقية، هو بالمقابل البديل الوحيد عن "الاندحار الغربي". هذه الأفكار الشكلانية والتقابلية خطيرة جدا، لأنَها تسعى إلى أن تضفي صفة إسلامية على تشريع ليس من أجل ما يدعو إليه، وليس لأنَه يحمي و يطبَق العدل، ولكن لأنَه يعاقب بقسوة، وظاهريا لأنَ هناك بعض السلوكيات المناقضة والمعارضة لقوانين الغرب التي تعتبر جد متساهلة أخلاقيا [3]. ونحن نرى أنَ هناك اليوم جاليات أو شعوبا مسلمة تكتفي أحيانا بهذا النوع من الشرعية لتدعم حكومة أو حزبا يدعو إلى تطبيق الشريعة في مفهومها كتطبيق حرفي وفوري للعقوبات الجسدية، مثل الرجم والقتل. ويمكن أن نلاحظ نوعا من الشغف الشعبي، خصوصيته الأولى هي الرغبة في الرد على مختلف أنواع الإحباط و الإهانة عن طريق تأكيد الهوية. يدرك هذا الشغف نفسه كإسلامي [معادٍ للغرب]، ولكنَه لا يتأسس على فهم أهداف ومقاصد الإسلام و مختلف التفاسير والشروط المرتبطة بتطبيق الحدود. و أمام هذا الشغف، يظل العديد من العلماء حذرين خوفا من فقدان مصداقيتهم لدى جموع الجماهير. كما نلاحظ أنَ ثمة عواطف شعبية تمارس نوعا من الضغط السيكولوجي على العمل التشريعي للعلماء، في حين أنَه من الطبيعي أن يظل هذا الأخير مستقلا حتى يتمكَن من تعليم الشعوب واقتراح البدائل. إنَ الظاهرة معكوسة اليوم : أغلب العلماء يخشون مواجهة المطالب الشعبية التي تكون أحيانا تبسيطية، ومفتقرة إلى رصيد معرفي كافي، ومندفعة، كل ذلك خوفا من فقدان وضعهم الاعتباري و خشية أن يعتبروا جد متساهلين، و أنَهم ليسوا جد صارمين ، و جد متغرَبين، و ليسوا إسلاميين بالقدر الكافي. إنَ واجب العلماء يفرض عليهم أن يكونوا الضامنين لقراءة معمَقة للنصوص، وللوفاء والإخلاص لأهداف العدل والمساواة، ولدراسة نقدية للشروط والسياقات الاجتماعية. عوض ذلك أ صبح العلماء منساقين إلى القبول بالشكلانية [تطبيق فوري وغير محيَن]، أو بالتفكير التقابلي التبسيطي [غرب أقل، يساوي إسلام أكثر]، أصبحوا يتخفَون وراء صيغ تحميهم، من دون العمل على الإتيان بحلول للظلم الذي يعانيه النساء والفقراء والضعاف : ["تكاد لا تطبَق"].

moughtareb
07-01-2007, 09:39 PM
http://www.tariqramadan.com/puce.gif الجمود المستحيل : مسؤوليتنا.


إنَ العالم الإسلامي يمر من أزمة عميقة، أسبابها و مظاهرها متعدَدة وأحيانا متناقضة. فالأنظمة السياسية في العالم العربي منغلقة في الغالب، و كثيرا ما تعتمد المرجعية الإسلامية وسيلة للاستغلال فقط. أمَا الرأي العام، هو إمَا مكتوم الأنفاس أو مندفع بشكل أعمى [إلى درجة الانخراط، بل وحتى المطالبة بالتطبيق الأكثر قمعا والأقل عدلا لـ "الشريعة الإسلامية" وللحدود]. أكثر تحديدا، في مجال الشأن الديني، يمكننا أن نلاحظ وجود أزمة سلطة مصحوبة بغياب النقاش الداخلي بين العلماء من مختلف المذاهب الفكرية، وداخل المجتمعات والجاليات المسلمة. ينتج عن ذلك تعدَد في الآراء. هذا التعدَد، إذا كان مقبولا في حد ذاته في الإسلام، فانَه يؤول اليوم إلى فوضى عامَة تتعايش داخلها الآراء الإسلامية الأكثر تعارضا والأكثر تناقضا، والتي يدَعي كل منها "صفته الإسلامية" دون الآخرين جميعا. وأمام هذه البلبلة التشريعية، فإنَ الأمر ينتهي بالشعوب و بعامة المسلمين إلى أن يصبحوا متحمسين بـ "الانطباع العاطفي" أكثر ممَا تدفعهم الآراء القائمة على المعرفة والفهم السليم للمبادئ و للقواعد الإسلامية [الأحكام]. يجب أن ننظر إلى الواقع بصراحة. إنَ الأزمة الرباعية المتمثلة في نظم سياسية منغلقة و قمعية، و في سلطة دينية متشتتة، و في مطالب متناقضة، و في شعوب محرومة من التعليم، مأخوذة بتشبث صادق بتعاليم الإسلام، تشبث عاطفي وانفعالي أكثر مما هو نابع عن تفكير عميق، هذه الأزمة لا يمكن أن تبرَر صمتنا المتواطئ والمذنب، في الوقت الذي يتعرَض فيه رجال ونساء لعقوبات الرجم والجلد باسم تطبيق شكلاني وانتهازي للأصول النصية المقدَسة للإسلام. إنَها مسؤولية المسلمين في العالم أجمع. فإليهم تعود مهمة رفع تحدي الإخلاص لرسالة الإسلام في الحقبة الزمنية المعاصرة؛ وهم الذين يجب أن يشجبوا أي نقص أو إخلال بتعاليم دينهم، حيثما ارتكبت ومهما كانت الجهة المسلمة أو الشخص المسلم الذي يخل بها. قال الرسول صلى الله عليه وسلَم : "انصر أخاك ظالما أو مظلوما". قال رجل : يا رسول الله، أنصره مظلوما، فكيف أنصره ظالما؟" قال [ص] : "تردَه عن ظلمه، فذلك نصر له" [4]. هذه هي مسؤولية كل عالم وكل ضمير وكل رجل و كل امرأة، حيثما وجدوا. إنَ مسلمي الغرب يتخفون أحيانا وراء ذريعة أنَ تطبيق الشريعة أو الحدود لا يعنيهم لأنَها غير مفروضة عليهم بحكم أنَهم "أقلية" [5]. و هكذا يلتزمون في هذا المجال صمتا مريبا وثقيلا، أو يصدرون شجبا وتنديدا من بعيد، دون السعي إلى تحسين الأوضاع والعقليات. لكن هؤلاء المسلمين والمسلمات، الذين يعيشون في فمضاءات من الحرية السياسية، والذين يتوفرون على إمكانية الولوج إلى التعليم وإلى المعرفة، عليهم - باسم تعاليم الإسلام نفسها - مسؤولية كبرى في السعي إلى تحسين الأوضاع، وفتح نقاش حقيقي، وإدانة الظلم الذي يمارس باسمهم، والعمل على إيقافه.


http://www.tariqramadan.com/puce.gif نداء و أســــئــــلـــــــــــــة :


بالنظر إلى كل هذه الاعتبارات، نطرح اليوم نداء دوليا من أجل تعليق فوري للعقوبات الجسدية، الرجم والحكم بالإعدام في جميع الدول ذات الأغلبية المسلمة. وعلى اعتبار أنَ آراء العلماء ليست صريحة ولا مجموع عليها [بل لا تتوفر على أغلبية واضحة] فيما يتعلق بفهم النصوص وتطبيق الحدود؛ و حيث أنَ الأنظمة السياسية وأوضاع المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة لا تضمن تعاطيا عادلا للأفراد أمام القانون، فإنَه من مسؤوليتنا الأخلاقية والدينية أن نطالب بأن يوضع فورا حد لتطبيق الحدود التي يتم إقرانها خطأ بـ "الشريعة الإسلامية". هذا النداء تصاحبه سلسلة من الأسئلة الأساسية موجَهة إلى السلطات الدينية الإسلامية في العالم، سواء كانت سنية أو شيعية، ومن أي مذهب كانت [حنفي أو مالكي أو شافعي أو حنبلي]، ومهما كانت مدارسها الفكرية [نصية أو سلفية أو إصلاحية، إلخ.] : 1- ما هي، بالتحديد في المصادر النصية المقدسة للإسلام، فيما يسمَيه المتخصصون بـ "الحدود"، النصوص [وما درجة صحة كل منها] التي تحيل على العقوبة الجسدية، على الرجم وعلى حكم الإعدام؟ ما هي الهوامش الممكنة في التأويل، وفي أي مجال كانت نقط الاختلاف عبر تاريخ التشريع الإسلامي إلى غاية الحقبة الزمنية المعاصرة؟ . 2- ما هي الشروط الموضوعة لكل حكم في النصوص الشرعية نفسها وفي إجماع العلماء أو من طرف علماء منفردين عبر تاريخ الفقه والتشريع الإسلامي؟ ما هي الاختلافات التي كانت مرتبطة بهذه الشروط، وما هي أنواع "ظروف التخفيف" التي سبق أن تمَ إقرارها من طرف هذه المرجعية الدينية أو تلك عبر التاريخ وفي مختلف المذاهب الفقهية؟ 3- لقد اعتبر دائما العلماء الواقع الملائم شرطا لتطبيق الحدود، نظرا لأهميته البالغة التي تقتضي معالجة خاصة [مشاركة المثقفين والمفكرين في النقاش، خصوصا المتخصصون منهم في العلوم الإنسانية]. في أي سياق إذن يمكن التفكير اليوم في تطبيق الحدود؟ ما هي الشروط الواجب توفَرها في ما يخص النظام السياسي وتطبيق التشريعات العامَة : حرية التعبير، المساواة أمام القانون، تعميم التعليم، حالات الفقر والعزلة الاجتماعية، إلخ؟ ما هي في هذا المجال نقط الخلاف بين المذاهب الفقهية وبين العلماء، و على ماذا تقوم هذه الاختلافات؟. إنَ دراسة هذه الأسئلة يجب أن تتم بما يؤدي إلى توضيح مفردات النقاش فيما يخص مناطق التأويل المسموح بها من طرف النصوص نفسها، مع الأخذ بالاعتبار ما يحدَد وضعية المجتمعات المعاصرة وتطوَرها. هذا التفكير الداخلي للأمة يتطلب جهدا فكريا مزدوجا على مستوى النصوص وعلى مستوى السياقات الواقعية، مع الحفاظ على الإخلاص لمقاصد رسالة الإسلام : يجب أساسا أن يمكَننا هذا التفكير من إيجاد الجواب لسؤال معرفة ما هو قابل للتطبيق [وعلى أي أساس] وما لم يعد قابلا للتطبيق [ اعتبارا للظروف المطلوبة التي أصبح توفَرها مستحيلا، واعتبارا لتطور المجتمعات التي ابتعدت كليا عن المثال المطلوب]. هذا المسعى، من الداخل، يتطلب جهدا كبيرا وجادا، ووقتا، كما يتطلب إقامة فضاءات للحوار والنقاش الوطني والدولي بين العلماء، والمثقفين والمفكرين المسلمين، ووسط الشعوب والمجتمعات الإسلامية، بما أن الأمر لا يتعلق فقط بما له علاقة بالنصوص، ولكن كذلك بالسياقات وبالواقع. وإلى أن يتم ذلك لا يمكن بحال أن يستمر العمل بتطبيق عقوبات ليس من شأنها إلاَ أن تمنح مصداقية لأحكام ظالمة كما يحدث الآن[4]. إنَ تعطيلا لهذه الأحكام أصبح يفرض نفسه من أجل فسح الطريق أمام نقاش حقيقي يجري في إطار من الرصانة والوضوح، دون أن يستغل أبدا كذريعة لتوظيف الإسلام. ويجب أن تتوقف فورا كل حالات الظلم التي تقترف باسم الإسلام.

moughtareb
07-01-2007, 09:44 PM
http://www.tariqramadan.com/puce.gif بين النص و المقاصد الإخلاص :


هناك من يفهم، وسيفهم هذا النداء على أنَه دعوة إلى عدم احترام المصادر النصية المقدسة للإسلام. وهذا يعني بالنسبة له أن المطالبة بالتعطيل هي أمر مناف للنصوص القطعية للكتاب والسنة. بينما الأمر يتعلق بعكس هذا تماما : جميع النصوص المتعلقة بمجال الحقوق تتطلب قراءة على ضوء الغايات التي تبرَرها [المقاصد]. و من الغايات الأساسية والسامية نجد الحفاظ على النفس وإقامة العدل. بينما التطبيق الحرفي للحدود، دون وضع النصوص التي شرعتها في سياق التطبيق، ودون احترام الشروط الصارمة والمتعددة المذكورة ليسسوى التزاماشكليا بتعاليم الإسلام، و هو خيانة في الحقيقة وإخلال بمقاصد الشرع، ذلك أنَه مؤهَل إلى أن ينتج - حسب سياق التطبيق - ظلما بيِّنا. لقد عطَل الخليفة عمر بن الخطاب بالفعل حد السرقة في عام الرمادة عندما عمَ الجوع بسبب القحط. هذا مع أن النص القرآني قطعي وواضح كل الوضوح في المسألة. ولكن الوضع الاجتماعي حال دون تطبيق هذا النص تطبيقا حرفيا، تطبيق غير عادل : فقد كان من شأن ذلك التطبيق أن يؤدي إلى عقاب فقراء اضطروا للسرقة بهدف وحيد هو سد الرمق لتجنَب الموت جوعا بسبب الفقر المدقع. و هكذا، فباسم مقصد العدل المفروض في الرسالة الشاملة للإسلام، قرَر عمر بن الخطاب إذن تعطيل تطبيق نص قرآني : إنَ الالتزام بوفاء تام لهذا النص كان سيترتب عنه إخلال بالوفاء لهذه القيمة السامية للإسلام التي هي العدل. إنَه باسم الإسلام إذن، و في إطار فهم حقيقي للنص، عطَل عمر بن الخطاب تطبيق هذا النص. وهكذا فالتعطيل الذي ندعو إليه يجد هنا سابقة تاريخية ذات أهمية بالغة. إنَ التفكير المتدبِّر والإصلاح الضروري في المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة لا يمكن أن يأتي إلاَ من داخل هذه المجتمعات. فعلى المسلمين والمسلمات أن يتحمَلوا مسؤوليتهم و أن ينطلقوا في هذه الحركة التي تفتح باب النقاش و الحوار داخل الأمَة، و أن يرفضوا أن تجد المظالم مشروعيتها و مبرَرات تطبيقها باسم الإسلام، أي باسم المسلمين و المسلمات أنفسهم. إنَ ثمة ديناميكية داخلية النمو أصبحت أمرا مطلقا. هذا لا يعني أنَه يجب تجاهل الأسئلة التي يضعها مثقفون أو مواطنون غير مسلمين، بل العكس هو الصحيح. يجب أن تكون كل الأطراف في الاستماع إلى الآخر و إلى نقط مرجعياته و إلى منطقه وإلى آماله. يجب أن يرحَب المسلمون بجميع الأسئلة التي ترد عليهم من طرف جميع إخوانهم في الدين أو من طرف الرجال والنساء الذين لا يشاركونهم قناعاتهم : بعد ذلك يعود إليهم وحدهم أن يقوموا بعملية تمحيص وإنضاج أفكارهم؛ من الداخل سيكون ذلك أكثر وفاء وإخلاصا لمطلب العدل في الإسلام، مع الأخذ بعين الاعتبار متطلبات الحقبة الزمنية المعاصرة.

moughtareb
07-01-2007, 09:45 PM
- الخاتمة :

هذا النداء الداعي إلى التعطيل الفوري للعقوبات الجسدية، الرجم والحكم بالإعدام، هو مطلوب بإلحاح على أكثر من مستوى. إنَنا ندعو من خلاله إلى إثارة وعي كل واحد حتى يحس بأنَه معني بما يجري من توظيف للإسلام ومن معاملة مهينة يتعرَض لها رجال ونساء في بعض المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة وسط صمت متواطئ وفوضى عامَة فيما يخص الآراء الفقهية في هذا المجال. وهذا الوعي يتطلب :
http://www.tariqramadan.com/puce.gif تعبئة عامَة المسلمين عبر العالم ليحثوا حكوماتهم على إقرار تعطيل فوري لتطبيق الحدود، وإلى فتح نقاش واسع بين الجميع [نقد عقلاني ومدعَم بأدلة]، وبين العلماء والمفكرين والقادة والشعوب.
http://www.tariqramadan.com/puce.gif مساءلة العلماء وحثهم على أن يجرؤوا على شجب الظلم وتوظيف الإسلام في مجال الحدود، وحتى ينادوا باسم نصوص الإسلام نفسها وإخلاصا لها إلى تعطيل فوري لتطبيق الحدود، سائرين في ذلك على أثر نموذج عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
http://www.tariqramadan.com/puce.gif الرقي بمستوى تعليم وتربية الشعوب حتى تتجاوز سراب الشكلانية والمظاهر. فتطبيق إجراءات زجرية قامعة، والتركيز على العقوبات، لا يمكن أن يجعل من شعب أكثر التزاما بتعاليم الإسلام : بل إنّ القدرة على إقامة العدالة الاجتماعية وحماية السلامة الشخصية لكل فرد، رجلا كان أو امرأة، غنيا أو فقيرا، هي التي تحدَد وفاء الدولة والمجتمع وإخلاصهما الحقيقي. إنَ المعيار في الإسلام هو الحقوق التي تتم حمايتها وليست العقوبات التي يتم إلحاقها (والتي لا يمكن أن تكون إلا استثناء جد مشروط).
http://www.tariqramadan.com/puce.gif إنَ هذا الإصلاح من الداخل، من طرف المسلمين وباسم رسالة الإسلام ونصوصه المرجعية، لا يجب أبدا أن يؤدي إلى التخلي عن الاستماع إلى العالم المحيط بنا وإلى الأسئلة التي يثيرها الإسلام في ذهنية غير المسلمين : ليس للاستسلام والخضوع لأجوبة "الآخر/"الغرب"، ولكن للبحث في مرآته عن سبل للبقاء أحسن وأكثر وفاء وإخلاصا للذات، بشكل بنَاء أكثر. إنَنا ندعو جميع الذين واللواتي سوف ينضمَون إلى هذا النداء، أن يلتحقوا بنا ويُسمعوا أصواتهم حتى يتوقف فورا تطبيق الحدود في العالم الإسلامي، وتتم إقامة حوار عميق حول المسألة. إنَه باسم الإسلام، وباسم نصوصه ورسالته العادلة، لا يمكننا أن نقبل أن يعاني رجال ونساء من عقوبات مميتة في صمت متحرَج ومتواطئ، وجبان في الأخير.
لقد أصبح من المستعجل على مسلمي ومسلمات العالم أن يرفضوا الشرعنة الشكلانية لتعاليم دينهم، وأن يتصالحوا مع عمق رسالة الإسلام التي تدعو إلى صفاء الروح وتتطلَب التربية واحترام التعددية. لن ينصلح حال المجتمعات بالإجراءات الزجرية القامعة وبالعقوبات، بل بالتزام كل واحد بالعمل على إقامة دولة الحق، والمجتمع المدني، واحترام الإرادة الشعبية، وإقامة تشريع عادل يضمن المساواة أمام القانون بين الرجال والنساء، بين الفقراء والأغنياء. لقد أصبح من المستعجل إطلاق حركة للدمقرطة تدفع إلى نقل الشعوب من حالة استحواذ ما يعاقب عليه القانون إلى المطالبة بما يجب أن يحميه القانون : ضمائرهم وآراؤهم، أنفسهم، حريتهم وحقوقهم.


جنيف في18 مارس 2005


طارق رمضان



[1] في الدول المسلمة نفسها فإن القوانين التي تعتبر "مستمدة من الغرب" غالبا ما يتم التعاطي معها كأدوات تستعمل من طرف الحكومات الدكتاتورية للمخادعة و إضفاء المشروعية على صفتهم الأوتوقراطية، وأكثر مخاتلة وتكتما من أجل العمل على التغريب الثقافي والأخلاقي للمجتمع.


[2] رواه البخاري ومسلم.


[3] هذه الحجَة ضعيفة وخطيرة لكونها تبرَر ضمنيا تطبيق الحدود في السياق الحالي لمجتمعات "أرض الإسلام".


[4] الشكوك يجب أن تكون في مصلحة المتهم دائما حسب قاعدة عالمية للحق.[وهذه قاعدة جوهرية، ومنذ الأصول الأولى، وتقوم على قاعدة مصادر النصوص المقدسة، للشريعة الإسلامية].

وسيم أحمد الفلو
09-01-2007, 12:17 AM
أخي المغترب
إن طرح هذه المواضيع سابق لأوانه، فلا الدولة الإسلامية قائمة والناس لم تعرف حقيقة الإسلام حتى تناقش تفاصيله.

العبد الفقير
09-01-2007, 11:26 AM
أخي الكريم المغترب :
من المعلوم بديننا أن الأوامر الشرعية الخاصة بالحدود ليست مطلوبة من المسلمين عامة بل الحد يقوم به خليفة المسلمين ، وراجع أقوال العلماء في الآيات .
وبما أنه لا دولة للاسلام اليوم فالأولية في الطرح و المناقشة تتوجه إلى التساؤل عن سبب غياب الخلافة الاسلامية حتى اليوم .
فقبل أن نسأل الناس عن رأييهم بالحدود اسألهم عن رأييهم بالخلافة . أخي أنا شبه متيقن أنه لو قامت خلافة اسلامية فأول من يحاربها هم المسلمون وعلماء السؤ باسم الدين . تصور قامت خلافة وقالت سنمنع التعامل الربوي أو نوقف بث الأغاني الخليعة كم من المسلمين يبقى مع الخلافة ؟ كم من الناس مستعد أن يتنازل عن هواه من أجل دينه ؟
والمسؤولية الكبرى في الوصول إلى هذا الحد من الجهل هي الدعاة أنفسهم ، لقد تمكن النبي صلى الله عليه وسلّم وهو شخص واحد من تجميع آلاف المسلمين حوله ، وهذه الخاصية ليست متعلقة بشخص النبي صلى الله عليه وسلّم فها هو الإمام حسن البنا رحمه الله تعالى يتجمع حوله في مدة قصيرة حوالي نصف مليون من الناس وهذا عدد لا يستهان به . فنسأل أنفسنا منا ما تأثيرنا على المجتمع ؟
ما هي ركائز دعوتنا ؟ إلى ماذا نخطط ؟ ماذا نريد من الناس أن يكونوا ؟ ما هو دور الشباب المسلم ؟ .........هناك عدة الأمور يجب أن توضع على طاولة الحوار قبل مسألة الحدود .
و أنصحك بالمشاركة بموضوع (إلى ماذا ندعو الناس ؟ وكيف ندعوهم إليه ؟) في المنتدى الاسلامي لأن هذه التساؤلات التي ذكرتها موجودة ضمنيا فيه .
كما أنصح جميع الإخوة الكرام بعدم طرح أي موضوع قبل النقاش من المواضيع المطروحة حاليا .

moughtareb
10-01-2007, 06:13 PM
أخي الوسيم، عذرا لكنني لم أعرف عن أي مواضيع تتكلم، هل بالامكان لو سمحت أن توضح أكثر؟ ثم إنني لا أوافقك الرأي في ما يخص السابق لأوانه، فلو كان صاحب المقال صاحب مواضيع سابقة لأوانها لما كان اليوم ممنوعا من الدخول إلى أمريكا،ممنوعا عليه إلقاء محاضرات في فرنس و غير مرحب به في السعودية حليفة أمريكا. لو كان كذلك، لربما رأيته يملأ برامج الفضائيات متنقلا من واحدة إلى أخرى...
هذا أولا، أما ثانيا، فسؤالي لك هو التالي: يعني إذا كانت دولة الاسلام لم تقم بعد، تلك الاحكام التي تنفذ باسم الاسلام اليست حاليا قائمة ؟ هل المطلوب أن نلازم الصمت إلى حين قيامها. لم أفهمك، هل تستطيع التوضيح هنا أيضا لو سمحت. مع الشكر الجزيل.

moughtareb
10-01-2007, 06:18 PM
أخي الكريم وسيم، جوابي لك هو نفس الجواب السابق. و اعذرني إن كان وقتي لا يسمح بالمشاركة في المداخلات الاخرى.

وسيم أحمد الفلو
11-01-2007, 01:21 AM
أخي الكريم
من أهم مشاكل المسلمين الآن (المشاكل الفكرية وليس المصائب السياسية) هي وقوع مفكريهم بين دعاة سلفية متزمتة (وهنا لا أقصد الدعوة السلفية لكي لا تكال لي الشتائم) وبين مفكرين مجددين (من أمثال الشيخ جمال البنا والأخ طارق رمضان الذي لم أكن أعرف عنه شيئاً) يطرحون من الإسلام مواضيع (على أهميتها) إلا أنها بعيدة عن التجديد الحقيقي.
أنا لا أزم السيد رمضان والحمد لله تعلمت من خلال سنواتي القليلة إحترام الرأي الآخر وأعتبر أن التجديد في الفكر الديني هو ضرورة قصوى. وأنا يهمني من التجديد الآن التجديد في سبل الدعوة، وتعريف الناس بالمولى عز وجل ذلك لكي تتحقق فينا مقولة ربعي بن عامر "جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله ومن جور الأديان إلى عدالة الإسلام".
ربما للإسلام في الغرب خصوصية معينة ولكن أعتقد أن هناك ازمات كبيرة في طريقة تفكيرنا كمسلمين هي التي يجب أن نبادر إلى علاجها أولاً.
من أهم هذه الأزمات هي أزمة حرية الرأي وأدب الإختلاف، وهي الآن مفقودة بيننا كمسلمين. وبعد ذلك ( وأصر على بعد ذلك لأن الوصول إلى الله لا يحدث إلا مع تحرير العقل من المفاهيم المسبقة ) يجب على كل مسلم إقامة دراسة مستفيضة في مقاصد الإسلام، والعلاقة مع الله، ومن ثم يتمثل هذا الإنسان هذه المفاهيم في حياته اليومية فيكون مثالاً لأهل بلده وللناس في الغرب (لا كما يحدث الآن من تشويه للدين من أخطائنا نحن ومن كيد أعدائنا).
أؤكد لك أخي الكريم أني لا أتعرض للأخ طارق رمضان وأشد ما أكرهه في النقاشات الدينية ما يدعيه بعض من يخوض فيها أن آراءه هي قطعية الدلالة ، ولكن ذلك لا يمنع أن أخالفه في الرأي أن هذا الموضوع سابق لأوانه.
وإذا أردت رأيي الخاص، فأنا أرى أنه الآن وفي الدول التي تطبق بها الأحكام الشرعية (وهذه الدول معروفة ولا داعي لذكرها) فإن في هذه الأحكام من الجور والظلم أكثر مما في الأحكام الوضعية. وأنا كنت في القديم قرأت للعلامة المودودي في مقابلة مع الإذاعة الباكستانية حول تطبيق الشريعة (أيام الجنرال ضياء الحق) فبين وبحق أن دولة الإسلام آخر ما تعني هي الأحكام الشرعية، ووضع شروطاً لتطبيق هذه الأحكام من عدم وجود فقير أو معدوم تأسياً بسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
القضية أني أختلف فقط مع الأخ رمضان في الأولويات، وجزاكم الله خيراً.

samy
11-01-2007, 02:20 AM
je veux juste passer le bonjours a Dr. wassaim et je veux lui dire que je suis tout a fais daccord avec ce qui a dis a propos de la plus part de ces sujet mais le qoran est fais pour tout les temps et tout les place de monde alors on peut pas prendre un peu et laisser un peu
merci mon frere wassim

أبو محمد القلموني
13-01-2007, 02:44 PM
نشكر للأخ سامي حرصه و غيرته و لكنني ألفت نظره إلى ما قد يكون غاب عنه في فهمه لتعليقات الإخوة وأنه لا يتناقض مع ما ذكر به من صلاحية الإسلام لكل زمان و مكان.
فإنه من المعلوم أن لكثير من العبادات شروطا معينة قد تكون زمانية و قد تكون مكانية و قد تكون من تزاوج بينهما . فهل تستطيع مثلا أن تصوم رمضان في شهر شوال ؟ وهل تستطيع أن تصلي العصر بعد العشاء ؟ ! وهل تستطيع أن تحج في غير مكة المكرمة؟! هذا مما لا يقول به أحد ! و مع ذلك فهو لا يتعارض مع قولنا : الإسلام يصلح لكل زمان و مكان.

فقولنا أن تطبيق الحدود له شرائط معينة تدور معها وجودا و عدما ليس مما ينافي كونها صالحة لكل زمان و مكان .فإيقاع تلك الحدود لا يكون إلا في زمان و مكان و شروط معينة نصت عليها الشريعة وإلا فإن إيقاعها خارج تلك الشروط يتحول إلى إثم و مخالفة !

وهنا مسألة : هل قوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) يلزم من تغلب بالسيف مثلا أو بانقلاب عسكري في مجتمع غير إسلامي من حيث قيمه وفكره و مبادئه و تربيته ؟ وهل تعني هذه الآية وجوب تطبيق الحدود على الفور أم يسوغ فيها التراخي؟ وهل تنحصر مطالب الآية بتطبيق الحدود الجنائية فقط ؟

هذه مسألة نناقشها معا لو أحببتم.