تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عندما لا يكون الإرهابي مسلماً!



ريمون حمية
15-06-2009, 03:39 PM
محمد السمّاك
المستقبل - الاثنين 15 حزيران 2009 - العدد 3334 - رأي و فكر - صفحة 19


وقع حادث قتل على بعد أمتار قليلة من البيت الأبيض في واشنطن. الحادث استهدف حارس متحف المحرقة اليهودية الهولوكوست، كما استهدف المتحف ذاته. مع ذلك لم يحظَ الخبر بأي اهتمام يذكر. فقد نشرته الصحف الأميركية في صفحاتها الداخلية، وبعناوين صغيرة ومن دون تعليق.
والسبب في ذلك هو ان القاتل لم يكن مسلماً، ولم يكن عربياً، ولم يكن أسمر أو أسود. كان أميركياً وكان مسيحياً انجيلياً، وكان أبيض.
لو كان عربياً لفتح من جديد ملف 11 أيلول وسلسلة حوادث التفجير الارهابية من بالي في أندونيسيا حتى لندن ومدريد.
ولو كان مسلماً لفتح الملف الجاهز دائماً باتهام الاسلام بأنه مصدر الارهاب الذي يعاني منه العالم.. ولاستُخدم الحادث كمادة جديدة لتبرير اعتبار الاسلام والارهاب وكأنهما وجهان لحالة واحدة..
ولو كان ملوناً لارتفع الصراخ العنصري الذي يلقي باللائمة عادة على الملونين بارتكاب الجرائم، أو معظمها.
ولكن لأن مرتكب الجريمة كان من أتباع الحركة العنصرية الوطنية التي تستهدف السود واليهود في الولايات المتحدة، ولأن الضحية كان شرطياً أسود، فقد مرّت تداعيات الحادث بأقل قدر من الاثارة والضجيج الاعلامي.
غير انه قبل اكتشاف حقيقة الحادث، كان مجرد الاعلان عن استهداف متحف المحرقة اليهودي في قلب العاصمة واشنطن مناسبة لتوجيه الاتهامات الى المسلمين والعرب. وقد شغلت هذه الاتهامات دوائر الأمن والمباحث (أف.بي.آي) كما شغلت البيت الأبيض ووزارة الخارجية تحسباً لتداعيات هذه الجريمة. وبدأ إعداد السيناريوهات لما بعدها..
الى ان جاء الخبر اليقين بأن المجرم هذه المرة ينتمي الى حركة أميركية عنصرية متشددة. تماماً كما حدث عندما وقعت جريمة تفجير المقر الحكومي في مدينة أوكلاهوما حيث قتل العشرات من الضحايا الأبرياء. يومها جرى توجيه الاتهام عشوائياً الى المسلمين، وبدأت عمليات انتقام عشوائية تستهدفهم في الشوارع وفي بيوتهم وأعمالهم ليكتشف التحقيق فيما بعد أن المجرم لم يكن يمتّ الى الاسلام بصلة، وانه كان أحد أنصار حركة عنصرية يمينية من الأميركيين الانجيليين البيض.
مع ذلك لم تعتذر أي صحيفة أو أي منبر اعلامي أميركي عن اتهام المسلمين ظلماً وعن الاساءة اليهم والى عقيدتهم الدينية. وكاد يحدث الأمر ذاته هذه المرة ايضاً لو لم يكتشف المعتدي على المتحف اليهودي بسرعة.. وقبل ان تتمكن الأجهزة الاعلامية المختصة من فبركة الاتهامات العشوائية ضد المسلمين.
اما متحف المحرقة، فهو واحد من ثلاثة متاحف أقيمت في القدس المحتلة، وفي برلين بألمانيا وفي واشنطن.. وذلك للتذكير الدائم بمعاناة اليهود، خصوصاً على يد النازية الألمانية.
لقد وجد مرتكب الجريمة ان بامكانه ان يحقق هدفين في وقت واحد. الأول أن يقتل رجلاً أسود وقد قتله بالفعل. والثاني ان يسيء الى اليهود من خلال استهداف المتحف.
يكشف هذا الحادث عن أمرين : الامر الأول هو ان انتخاب الرئيس باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة لا يعني ان المجتمع الأميركي قد شفي تماماً من عقدة كراهية السود.
اما الأمر الثاني، فهو ان الحضور اليهودي الطاغي مالياً وسياسياً واعلامياً في المجتمع الاميركي لا يعني ان هذا المجتمع يتقبّل هذا الطغيان برضى، أو انه موافق عليه أو مرتاح له.
لقد صدرت مواقف كثيرة تندد بالنفوذ الصهيوني خصوصاً في الكونغرس الأميركي. صحيح ان أصحاب هذه المواقف ومنهم سياسيون وأكاديميون - دفعوا ثمناً باهظاً بسبب جرأتهم في التعبير عن آرائهم الا ان دائرة التنديد تتسع باستمرار. ولكن من أسوأ مظاهر هذا التنديد هو حادث الاعتداء على المتحف. ذلك انه وراء هذا الاعتداء ثقافة عنصرية بغيضة وكراهية دينية ممقوتة. ومن المؤسف ان هذه الثقافة ببعديها العنصري البغيض والديني المقيت، غالباً ما يمارسها الاسرائيليون في فلسطين المحتلة، وخصوصاً في القدس الشريف. وكأن اليهودي الضحية العاجز عن الانتقام من جلاديه، يصنع لنفسه ضحاياه للانتقام منها.
وغداً عندما يقيم الفلسطينيون متحفاً للمحرقة التي يتعرّضون لها اليوم، ماذا سيفعل الاسرائيليون؟.

achakik
15-06-2009, 04:48 PM
كبدايه لك ، .........، جيد
تابع محاولاتك