المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطورة الأشعة السينية



ابو ابراهيم
19-06-2009, 12:33 PM
مزيداً من الحذر
في نطاق الوقاية من الإشعاعات الذرية..!
خطورة الأشعة السينية بالمستشفيات وأثرها على الإصابة بالسرطان والتشوهات
المجلة العربية – العدد 113 – السنة 11 – جمادى الثانية 1407
للأستاذ الدكتور محمد بن إبراهيم الجار الله – جامعة الملك فهد للبترول والمعادن
رب ضارة نافعة ، فقد كان لحادثة مفاعل تشيرنوبل على مخاطرها جوانب إيجابية في تنبيه عموم الناس إلى مخاطر الإشعاعات المؤينة (والتي تسمى كذلك بالإشعاعات النووية والذرية) على الإنسان وعلى بيئته من حوله .
ولابد من استغلال هذه المناسبة للتنبيه على مخاطر إشعاعات مؤينة هي أقرب إلينا وأخطر من حادثة تشيرنوبل التي لا يزال الحديث عنها لم ينقطع ، بعد أن قيل فيها وكتب عنها وعن تأثيراتها المستقبلية الكثير .
وإذا كنا لا نستطيع عمل الكثير حيال درء مخاطر حادثة تشيرنوبل، فإن بمقدورنا التقليل من التعرض للإشعاعات المؤينة من المصدر الذي نحن بصدد الحديث عنه في مقالتنا هذه .
إن المصدر الرئيسي لهذه الإشعاعات المؤينة هي الأشعة المستخدمة في التشخيص الطبي ومن ضمنه طب الأسنان . فأنت القارئ عندما تذهب إلى مستشفى أو عيادة طبية وتؤخذ صورة لأحد أجزاء جسمك بالأشعة السينية فإنما يتم ذلك بتعرضك للأشعة المؤينة ، وهي بلا شك وسيلة ناجحة في تشخيص بعض الأمراض وفي معرفة حالة الجسم ، كما في حالة الكشف عن تدرن رئوي ، أو نخر في سن ، أو كسر في عظم ، أو لاستكشاف جسم غريب داخل جسم الإنسان .
ولكن الخوف من الإسراف في استخدام هذه الأشعة المؤينة من قبل بعض الأطباء مع تقصير في أخذ الاحتياطات للتقليل من التعرض لها عند أخذ الصور الإشعاعية ، حيث يأخذ بعض الأطباء أو يطالبوا المريض بأخذ صورة بالأشعة السينية لأحد أعضاء جسمه دون أن تكون هنالك ضرورة حقيقية لها .
وقد حدث ذلك معي مراراً وشهدته يحدث لغيري ممن يراجع العيادات والمستشفيات الطبية .
كانت إحدى هذه الحوادث عند زيارة عيادة لطب الأسنان فقد جاء مريض يشكو ألماً في أحد أسنانه ، فكان أن أمرت طبيبة الأسنان بأخذ صورة لكلا الفكين (بالأشعة السنية طبعاً)، وكان يكفي أخذ صورة سينية واحدة للسن المتألم وما جاوره مما يقلل الجرعة الإشعاعية التي تعرض لها المريض ، والتكلفة المالية إلى السدس تقريباً! وقد تكرر هذا الأمر مع آخرين راجعوا هذه العيادة لمعالجة أسنانهم ، وكأن الطبيبة تود استرداد كلفة جهاز توليد الأشعة السينية في فترة قياسية !
وفي حالة ثانية أخذت صورة صدر لأحد الأطفال، وبعد مدة وجيزة من أخذ الصورة السينية عاد فني الأشعة السينية ليطلب من والد الطفل أخذ صورة ثانية لصدر الطفل لأن الصورة الأولى لم تظهر كاملاً نظراً لخطأ في إيقاف الطفل في الموضع الصحيح . وعندما غضب والد الطفل من ذلك الإهمال وذهب شاكياً إلى الطبيب الذي طلب تلك الصورة فكان رد الطبيب : لا يهم ! ، مما يعني شعور اللامبالاة من تعرض الأطفال لهذه الأشعة مع العلم أنهم أكثر تأثراً بها من البالغين .
أما في الحالة الثالثة فقد أخذ الأب ابنته الرضيعة إلى غرفة الأشعة لأخذ صورة لصدرها بناء على أمر الطبيب المعاين . فطلب منه فني الأشعة حمل طفلته أثناء أخذ الصورة ، وعندما طالب الوالد يلبس السترة الرصاصية لتقيه من التعرض غير الضروري للأشعة السينية أثناء أخذ الصورة لابنته – وكان في غرفة الأشعة سترتان رصاصيتان معلقتان – أخبره فني الأشعة : أن لا حاجة لذلك !
ولابد أن مثل هذه الحوادث السالفة الذكر تحدث مع كثير من مراجعي المستشفيات والمستوصفات الطبية ، ولكن دون أن ينتبه المراجع أو يناقش الطبيب في ضرورة الأشعة السينية هذه ، وإذا كان بالإمكان الاستغناء عنها أو الاستعاضة بصورة سبق أخذها ، وإذا ما حاول المراجع مناقشة الطبيب في ضرورة صورة الأشعة السينية فسيجد رد الطبيب الجاهز لإفحام المريض : هل تعتقد أننا لا نعرف مهمتنا ؟! أو لا نعلم نحن الأطباء مخاطر الأشعة السينية ؟!
وللرد على ذلك يمكن القول إن من طبيعة الإنسان أن يألف الأشياء التي يعايشها المدة طويلة ، ولو كان فيها خطر – فلا يعد يستشعر خطرها الحقيقي كمعيشة الناس قريباً من البراكين النشطة ، وكذا الحال بالنسبة للإشعاعات المؤينة التي لا يستشعرها الإنسان بحواسه، كما أن آثارها بعيدة المدى ، لهذا يعمد المشرفون على المراكز النووية إلى عمل ندوات دورية للعاملين فيها من أجل تذكيرهم بمخاطرها وطرق التوقي منها . كما أنه ما الذي يدري المراجع أن هذا الطبيب واع لخطورة هذه الأشعة وحريص كل الحرص على سلامة المريض .
ومع أن خطورة إصابة الفرد بالسرطان أو ظهور تشوهات جينية في ذريته (وهذه من أهم التأثيرات المتأخرة للإشعاعات المؤينة) من إجراء أخذ صورة أو عدة صورة سينية تعتبر ضئيلة جداً، إلا أن الاحتمال يبقي وارداً فلم يعرض المريض لهذه الأخطار إذا لم تكن هناك مصلحة راجحة ؟ كما أنه إذا أحصينا عدد حالات السرطان القاتلة التي ستظهر في الأفراد نتيجة تعرض أفراده ككل للأشعة السينية في التشخيص ، ففي هذه الحالة يصبح الخطر واقعاً يستحق الاهتمام والمعالجة من أجل وقف تعرض المواطنين غير الضروري للأشعة السينية .
إن معالجة هذه المشكلة يتطلب أخذ عدة تدابير على أكثر من صعيد . فعلى مستوى الدولة ينبغي إنشاء هيئة تقوم بالإشراف على الاستخدامات السليمة المختلفة للإشعاعات المؤينة ومن ضمنها الأشعة السينية ، يكون من ضمن مهامها سن القوانين المنظمة لهذه الاستخدامات ، والإشراف على تطبيقها ، وتتولى كذلك مسؤولية فحص أجهزة توليد الأشعة المؤينة بصورة دورية للتأكد من صلاحيتها . كما أنه من المفيد تعريف المواطنين عموماً بالاستخدامات المفيدة لهذه الأشعة وبمخاطرها على حد سواء ليكونوا على وعي بذلك .
هذا وإن المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق الأطباء في التقليل من تعريض المرضى للأشعة السينية وخاصة الأطفال والحوامل (لأن الأطفال والأجنة أكثر تأثراً بالإشعاع من البالغين) إلا أن تكون هناك مصلحة راجحة. فيا أيها الأطباء رفقاً بالمرضى .