النتائج 1 إلى 10 من 10
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    2,764

    افتراضي وفاة نصر حامد ابو زيد في القاهرة بعد صراع مع المرض

    توفي يوم الاثنين الكاتب المصري نصر حامد ابو زيد (67 عاما) في مستشفى بمدينة السادس من اكتوبر غرب القاهرة، بعد صراع مع مرض غريب فقد معه الذاكرة في الاونة الاخيرة.
    ولد ابو زيد في قرية قحافة القريبة من مدينة طنطا بمحافظة الغربية في العاشر من يوليو/تموز عام 1943 وحصل على دبلوم المدارس الثانوية الصناعية (قسم اللاسلكي) عام 1960 ثم التحق بكلية الاداب بجامعة القاهرة وتخرج في قسم اللغة العربية عام 1972.
    ونال الكاتب من كلية الاداب نفسها درجة الدكتوراه في الدراسات الاسلامية عام 1979 ثم عمل استاذا زائرا بجامعة اوساكا باليابان بين عامي 1985 و1989 واستاذا للدراسات الاسلامية بجامعة لايدن في هولندا منذ عام 1995 بعد صدور حكم قضائي بالتفريق بينه وبين زوجته ابتهال يونس استاذة اللغة الفرنسية بجامعة القاهرة.
    وتفجرت قضية ابو زيد عندما قدم ابحاثه للحصول على درجة "استاذ" لكن اعضاء في لجنة علمية شكلتها جامعة القاهرة اتهموه "بالكفر" بناء على ما جاء في الابحاث والكتب المقدمة للحصول على الدرجة ورفعت دعوى تفريق بينه وبين زوجته وصدر ضده الحكم فاضطر الى ترك البلاد الى هولندا منذ 1995.
    ونال ابو زيد اوسمة وجوائز في العالم العربي وخارجه واخرها جائزة (ابن رشد للفكر الحر) في برلين والتي تحمل اسم الفيلسوف العربي الشهير
    بِـرُوحـيَ مَـــنْ أتْـلَـفْـتُ رُوحـــي بحُـبِّـهـا،فَـحـانَ حِمـامـي ، قَـبْـلَ يـــومِ حِـمـامـي
    ومنْ أجلها طابَ افتضاحي ، ولذَّ لي اطِّراحـــي ، وذلِّـــي ، بــعــدَ عــــزِّ مَـقـامــي
    وفيها حـلا لـي ، بَعـدَ نُسْكـي ، تهتُّكـي،وخَــلْــعُ عِــــذاري ، وارْتِــكـــابُ أثــامـــي
    أُصَلِّـي ، فأشـدو ، حيـنَ أتلـو ، بذِكـرِهـا،وأطْـرَبُ فــي المِـحـرابِ ، وهــيَ إمـامـي

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    الإمارات العربية المتحدة
    المشاركات
    2,355

    افتراضي رد: وفاة نصر حامد ابو زيد في القاهرة بعد صراع مع المرض

    الراحل نصر حامد أبو زيد
    بقلم: د. خالد بن عبد الله المزيني

    توفي هذا اليوم الاثنين 23 رجب 1431هـ الكاتب المصري المعروف نصر حامد أبو زيد، وهو أستاذ جامعي له مكانته لدى قطاع كبير من مثقفي العصر، ولا تمنعنا مكانته هذه من مناقشة قصة أفكاره بروح (رياضية) موضوعية، ولولا أن بعض الإعلاميين العرب جعله من المجددين في هذا العصر لما تكلفت كتابه هذه المقالة، فالراحل أبو زيد يعد من دعاة الخروج على نهج الاستدلال الإسلامي الذي سار عليه أئمة الفقه والحديث منذ عصر صدر الإسلام، وقد كانت تسيطر عليه فكرة مركزية وجّهت أفكاره، وهي فكرة التاريخية الماركسية في دراسة أصول الشريعة وحقائق التاريخ، ويتكلف كثيراً في اقتناص الوقائع الإسلامية التي يؤيد بها فكرته، ولو بضرب من التأويل بعيد، وربما ساعده على ذلك ضيق العطن لدى (بعض) المعاصرين من الإسلاميين في التعاطي مع التراث واعتمادهم آليات الاسترجاع الأجوف وحشذ النصوص في غير موضعها، مما شجع قلم الراحل أبي زيد على إحداث اختراقات في جدار المنظومة الشرعية طارت بها الدوائر المعادية فرحاً.

    وقد كتب الراحل نصر أبو زيد يدعو إلى قراءة جديدة للقرآن الكريم على طريقة اليساريين العرب، زاعماً أن هذا الكتاب الكريم ما هو إلا " نص لغوي "، و" منتج ثقافي " يعني بِلغتنا "مجرد كلام"، وأن من يدعو إلى نهج القرآن والاحتكام إليه فهو لا يعدو أن يكون مؤدلجاً دوغمائياً، وأنه لا يمكن فهم القرآن إلا من خلال إخضاعه لقانون التطور الطبيعي، فنصوص القرآن والتفسيرات اللاحقة له خاضعة للصيرورة التاريخية، ولأجل نزع القدسية عنها لا بد من تفسيرها بطريقة تربطها بالأحداث السياسية، لنقول للناس إن مرجعياتكم الشرعية ما هي إلا كتلة مؤدلجة لتكريس سلطة الاستبداد المستتر وراء النصوص، وأن عباءة الزهد عند أئمتكم تتدثر وراءها براغماتية فجة. وأن مقررات القرآن قابلة للتطوير بحسب ما يبدو للعقل الحر من كل قيد إلا قيد الرغائب والأهواء الوقتية، يا لها من تهمة صلعاء تسربت إلينا فصارت فطوراً يومياً في صحفنا الغراء !. وقد أصدر الراحل نصر أبو زيد عدداً من الكتب التي تعد مرجعاً لكل باغ وعادٍ على مصدرية القرآن العزيز، ومنها: " الاتجاه العقلي في التفسير: دراسة في قضية المجاز في القرآن عند المعتزلة (1982م) "، و "نقد الخطاب الديني (1992م) "، و "الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية (1992م) "، و "مفهوم النص: دراسة في علوم القرآن (1993م) "، و "التفكير في زمن التكفير (1995م) "، وقد طبعت كتبه وانتشرت أيما انتشار، هذا وقد أصدرت محكمة النقض بالقاهرة عام (1416هـ) موافقتها على الحكم بالتفريق بين الراحل أبي زيد وزوجه بناءً على دعوى الحسبة التي رفعها المستشار صميدة عبد الصمد (اسم على مسمى)، لنشره أبحاثاً تثبت ردته عن الإسلام [انظر: المجتمع العربي المعاصر؛ د. حليم بركات، مركز دراسات الوحدة العربية (897)].

    إن خرافة العقل الحر من سلطة النص المقدس، وإن بدَت للبعض ذات جاذبية كونها تدغدغ النفوس الساخطة على الفساد، لا تعدو أن تكون أسطورة اخترعتها الماركسية الدهرية، وإلا فإنه لا وجود للعقل الحر كما يصوره بعض الأفلاطونيين العرب، خذ مثالاً الأنظمة الغربية التي ألغت سلطة النص المقدس، لقد استعاضت عنه بقيود القوانين التي كتبها رجال القانون وشرّاحه كما في النظام اللاتيني المدوّن، أو بالسوابق القضائية كما في النظام الانجلوسكسوني، وهؤلاء وأولئك مستعبدون لقواعد ملفقة من تراكمات قانونية تفتقر إلى التمنهج العقلي، فأين العقل الحر في هذا العالم !.

    ومن المغالطات المنهجية التي تورط فيها الراحل نصر أبو زيد في المجال الفقهي الهجوم الشرس الذي شنه على الإمام محمد بن إدريس الشافعي، متهماً إياه بالأدلجة !، وأنه أول ساعٍ في توسيع سلطة النصوص الشرعية، وتضييق دائرة العقل، بربط الاجتهاد والقياس بالنصوص، وادعى أن الشافعي بتوصيفه القياس على أنه كاشف للحكم، يسعى إلى " تكريس سلطة الماضي، بإضفاء طابع ديني أزلي " [الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية (146)، مكتبة مدبولي، القاهرة، ط ثالثة، 2003م] في خطابه، وهذا ما أدى في نظر الراحل أبي زيد إلى " تكبيل الإنسان، بإلغاء فعاليته وإهدار خبرته " [نفس المرجع].

    وهذا التجَنِّي المثير يروج دوماً على "التاريخانيين" من شباب اليوم، وعلى من يروم التطفل على أحكام الشريعة من كهوله، وعلى الضائقين بحدود الدين من متنفذيه، لأنَّ ما قامَ به الإمام الشافعي قطع به الطريق على كل متقوِّلٍ في الشرع بغير علم، واستنَّ منهجاً في البحث ينظِّم للناظر طرائق الاستنباط، ويزهق مسالك الحجاج الفاسد. وبما أنَّ الراحل نصر أبو زيد كان ينتمي إلى التيار اليساري [ظاهرة اليسار الإسلامي؛ لمحسن الميلي، دار النشر الدولي، الرياض، ط أولى، 1414هـ]، ويعتقد أنَّ القرآن الكريم ذاته نصٌّ تاريخي، فيقول: " إنَّ الخطاب الإلهي خطابٌ تاريخي، وبما هو تاريخي فإنَّ معناه لا يتحقق إلا من خلال التأويل الإنساني، إنه لا يتضمن معنىً مفارقاً جوهرياً ثابتاً، له إطلاقية المطلق، وقداسة الإله "اهـ، من: [النص، السلطة، الحقيقة؛ د. نصر أبو زيد (33)]، وهذا يفيد أن الراحل كان يروم إسقاط كثيرٍ من التكاليف القرآنية الشرعية بحجة الصيرورة التاريخية، وقد باحَ الدكتور في موضعٍ لاحقٍ من كتابه هذا بنحو ما ذكرته، كما في كتابه المذكور ص (139).

    لم يكن الراحل نصر أبو زيد يستنكف عن الدعوة إلى الثورة، لا على منهج الإمام الشافعي وإخوانه من أئمة الإسلام، بل على مصادر الشريعة نفسها، وكان يصرح بأنه " قد آنَ أوان المراجعة والانتقال إلى مرحلة التحرر ـ لا من سلطة النصوص وحدها ـ بل من كل سلطة تعوق مسيرة الإنسان في عالمنا، علينا أن نقوم بهذا الآن وفوراً، قبل أن يجرفنا الطوفان "[النص، السلطة، الحقيقة؛ د. نصر أبو زيد (33)]، بهذه الكلمات ختم الراحل نصر أبو زيد رسالته حول الإمام الشافعي، وقد أشبعها تحاملاً على المنهج المحكم الذي استوحاه الإمام الشافعي من مصادر الشريعة، في حين أن المنصفين يعلمون أن الإمام الشافعي قد قرر غير مرة مشروعية القياس الصحيح، ووسع القول فيه وجعله موازيا لمفهوم الاجتهاد !، ومنع القياس بمجرد الهوى والتشهي، لأنه يصبح حينئذ مصدراً غير موضوعي، فلا يوثق به، وهذا ما تقرره أصول القانون الوضعي، انظر مثلاً: الرسالة للإمام الشافعي (24،23).

    ولم يذكر لنا أبو زيد ما الطوفان الذي سيجرفه إذا هو لم يقم بالتحرر من النصوص الإلهية والنبوية المحكمة، أما هذه الأمة ـ بحمد الله تعالى ـ فهي تسير على هذا المنهج الراسخ منذ أربعة عشر قرناً من الزمان، ولم يجرفها طوفانٌ، ما عدا بعض الهنات التي وقعت فيها بعض أجيالها، لا بسبب استمساكها بالنصوص، بل بابتعادها عنها، فكلما كانت من النصوص ومعانيها ومقاصدها أبعد، كانت أقل وأذل، وكلما استمسكت بكتابها كانت أعزّ وأغلب، قال تعالى: ( أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَامًا وَرَحْمَةً أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ ) [هود (17)] ، وقال عزّ اسمه: ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) [الزخرف (43)] ، قال ابن كثير (4/129)في معنى الآية: " أي: خُذْ بالقرآن المنَزَّلِ على قلبك، فإنه هو الحق، وما يهدي إليه هو الحق، المفضي إلى صراط الله المستقيم، الموصل إلى جنات النعيم، والخير الدائم المقيم "اهـ.

    كما زعم الراحل نصر أبو زيد، أنَّ تصدي الإمام الشافعي لنقد الاستحسان الأصولي المبني على التشهي المجرد دون دليل، إنما هو موقفٌ " أيديلوجي" على حد قوله من هذا الإمام، " يعكس رؤيةً للعالَم والإنسان، تجعل الإنسان مغلولاً دائماً بمجموعة من الثوابت، التي إذا فارقها حَكَمَ على نفسه بالخروج من الإنسانية " [الإمام الشافعي وتأسيس الأيديلوجية الوسطية (139)]، هذه هي النتيجة التي حاول الراحل تقريرها في خاتمة كتابه الذي عنونَه ب"الإمام الشافعي وتأسيس الأيديلوجية الوسطية "، وقد حشا الكتاب بطائفة من التهم الموجهة إلى منهج هذا الإمام في التأصيل الفقهي، خصوصاً في كتابه الفذ "الرسالة". وفي اعتقادي أنه لم يجئ اختيار الراحل لرسالة الشافعي في الأصول عبثاً، خصوصاً حين نتذكر أنها اللبنة الأولى في التأليف في علم أصول الفقه، واستهدافها بالهجوم يوفِّر على خصوم السنة النبوية والفقه الإسلامي جهوداً جمة.

    إن اتهام الراحل أبو زيد للإمام الشافعي بأنه المؤسس لسلطة النص، وأنه هو الذي جعل لنصوص الكتاب والسنة المرجعية في مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية، إنها تهمة باردة لا تساعده عليها حقائق التاريخ وبدهياته، فمن المعلوم أن مدرستي الحديث والرأي كانتا جميعاً تحتكمان إلى (النصوص)، ولم يكن الخلاف بينهما في مدى حجية النص الشرعي، بقدر ما كان النزاع في مدى ثبوته لدى كل منهما، وإلا فالجميع متفقون على أنه إذا تعارض الرأي والنص الثابت؛ يقدم النص الشرعي حتماً. ولقد كان من أهم بواعث الخلاف بين المدرستين قلة الأحاديث التي بلغت أهل الرأي، مقارنةً بتلك التي اشتغل بها أهل الحديث حفظاً وتفقهاً، قال أبو العباس ابن تيمية: " قال أبو يوسف وهو أجل أصحاب أبى حنيفة، وأول من لقب قاضي القضاة لما اجتمع بمالك وسأله عن هذه المسائل - أي مسألة مقدار الصاع النبوي، وترك صدقة الخضروات، والأحباس، وقد أشار إليها المؤلف قبل ذلك -، وأجابه مالك بنقل أهل المدينة المتواتر، رجع أبو يوسف إلى قوله، وقال: " لو رأى صاحبي مثل ما رأيت؛ لرجع مثل ما رجعت "، فقد نقل أبو يوسف أن مثل هذا النقل حجة عندصاحبه أبي حنيفة، كما هو حجة عند غيره، لكنَّ أبا حنيفة لم يبلغه هذا النقل، كما لم يبلغه ولم يبلغ غيره من الأئمة كثير من الحديث، فلا لوم عليهم في ترك ما لم يبلغهم علمه، وكان رجوع أبي يوسف إلى هذا النقل كرجوعه إلى أحاديث كثيرة اتبعها هو وصاحبه محمد وتركا قول شيخهما، لعلمهما بأن شيخهما كان يقول: (إن هذه الأحاديث أيضاً حجةٌ إن صحت) أي إن بلغته صحيحة، لكنها لم تبلغه.

    ومن ظنَّ بالإمام أبي حنيفة أو غيره من أئمة المسلمين أنهم يتعمدون مخالفة الحديث الصحيح لقياس أو غيره فقد أخطأ عليهم، وتكلم بالظن أو بالهوى، فهذا أبو حنيفة يعمل بحديث الوضوء بالنبيذ في السفر، مخالفةً للقياس، وبحديث القهقهة في الصلاة مع مخالفته للقياس، لاعتقاده صحتهما وإن كان أئمةُ الحديث لم يصححوهما [مجموع الفتاوي؛ لابن تيمية (20/305،304)]، ثم قال ابن تيمية: " وقد بينا هذا في رسالة رفع الملام عن الأئمة الأعلام، وبينا أن أحداً من أئمة الإسلام لا يخالف حديثاً صحيحاً بغير عذر، بل لهم نحوٌ من عشرين عذراً، مثل أن يكون أحدهم لم يبلغه الحديث، أو بلغه من وجه لم يثق به، أو لم يعتقد دلالته على الحكم، أو اعتقد أن ذلك الدليل قد عارضه ما هو أقوى منه كالناسخ أو ما يدل على الناسخ وأمثال ذلك ". وكلا المدرستين تنتسب إلى طائفةٍ من علماء الصحابة رضي الله عنهم، فقد تفقه أهل العراق على ابن مسعود رضي الله عنه وأصحابه، وتفقه أهل المدينة على زيد بن ثابت وابن عمر رضي الله عنهما وأصحابهما، كما بسط القول فيه ابن القيم في فاتحة إعلام الموقعين.

    والإمام الشافعي لما كان قد تفقه على المدرستين حكى إجماعهم على الاحتكام إلى السنة، فقد قال: " أجمع الناس على أنَّ من استبانت له سنةٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعَها لقول أحدٍ من الناس " [إعلام الموقعين؛ لابن القيم (1/21)]، فزعم الراحل نصر أبو زيد أن الإمام الشافعي قد اخترع أصل الرجوع إلى النص الشرعي ترده هذه الحقائق الثابتة.

    ثم إن الإمام الشافعي لم يمنع العقل من دورِه الذي هو دورُه حقاً، وهو التفقه في النص، واستنباط الأحكام منه، بل لم يمنع الاستحسان بمعناه الصحيح كما تقدَّم، وإنما منع استبداد العقول بالأحكام دون الوحي، وهذا لو عَقَلَ الكاتبُ قسيمٌ للاستبداد السياسي. هذا في مجال الشرعيات، أما في مجال الدنيويات فلم يمنع الإمام الشافعي ولا غيره من الأئمة من العمل والإبداع فيها، بل إن النهج الذي رسمه لهو أقرب الطرق في حفز العقول على الابتكار، إذ قد كفاها مؤونة الفكر والتنقيب في الغيبيات والتعبدات وما اندرج تحتها، وفرَّغها للبحث فيما تحته عملٌ، مما ينفع الناس في دينهم ودنياهم، وفي هذا السياق تأتي مقولته المشهورة: " حكمي في أصحاب الكلام أن يضربوا بالجريد ويحملوا على الإبل ويطاف بهم فى العشائر والقبائل، يقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأخذ في الكلام "اهـ [مناقب الشافعي؛ للبيهقي (1/452)، الانتقاء؛ لابن عبدالبر (1/80)، البداية والنهاية؛ لابن كثير (10/254)].

    أخيراً لا يسعنا إلا أن نقول إن طريقة الراحل أبو زيد من جرى مجراه في تناول القرآن وعلومه على أنه درس لاهوتي أكاديمي لم تصنع منهجاً موضوعياً يصلح لمحاكمة الأفكار والتفسيرات، كما أنه لم يقنع القطاع العريض من أبناء الأمة سواء كانوا مشتغلين بالإسلاميات من شتى الأطياف الفكرية، أو عوام المثقفين من الجمهور المحايد، وعسى أن يكون رحيله فرصة لمراجعة الأفكار التي يطرحها هذا الفريق، ومحاكمتها إلى المحكمات الشرعية والقطعيات العقلية. والله تعالى أعلم، وصلوات الله وسلامه على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وأزواجه وذريته وأتباعه بإحسان، والحمد لله رب العالمين.

    (قلت لشجرة اللوز: "حدثيني يا أخت عن الله"
    فأزهرت شجرة اللوز...)
    الروائي اليوناني نيكوس كازنتزاكيس


  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    الإمارات العربية المتحدة
    المشاركات
    2,355

    افتراضي رد: وفاة نصر حامد ابو زيد في القاهرة بعد صراع مع المرض

    الملحدون العرب الجدد

    بقلم :د. مغازي البدراوي



    قرأت على هذه الصفحات يوم الاثنين الماضي، مقالا للكاتب اللبناني د. علي حرب تحت عنوان «النقد بين قول الممنوع وتفكيك الممتنع»، يتحدث فيه عن الكاتب المصري الراحل نصر حامد أبو زيد، والذي وافته المنية منذ أيام، وكتب البعض ينعونه بأوصاف عدة مثل «المفكر والتنويري والليبرالي والعلماني»، وغيرها من الأوصاف التي قد نتفق أو نختلف في وصفه بها.

    لكن ما أعجبني في مقال علي حرب، رغم أنني أرفض تماما توجهاته الفكرية هو والراحل أبو زيد، أنه توافرت لديه الجرأة ليصف صديقه أبو زيد على حقيقته التي كان أبو زيد نفسه لا يجرؤ أن يقولها في حياته، فقد كتب حرب يقول «لا أقول مع الكثيرين من المثقفين ان أبو زيد لم يسئ إلى الإسلام، بل حاول تطويره وتحديثه، فهذا تمويه للمشكلة، ذلك أن أبو زيد قد استهدف زعزعة أسس العقيدة الدينية ونسف مشروعيتها السلطوية».

    هذا ما قاله حرب بالحرف، وهو ما يخفيه الملحدون العرب الجدد على الفضائيات أو في المحاضرات العامة ويعلنون أنهم مسلمون، ويتعمدون أن يبدأوا حديثهم بالبسملة، ويُتبعون ذكر النبي محمد بالصلاة والسلام عليه، وهذا ما ذكره حرب في مقاله عن أبو زيد، عندما قال إنه حتى في هولندا التي هرب إليها من مصر، بدأ محاضرته الأولى هناك في جامعة ليدن بالبسملة.

    لكن حرب أكد رغم هذا، أن أبو زيد كان مسلما بالانتماء فقط وليس مسلما بالعقيدة، وفضله في ذلك على المفكر الفرنسي روجيه غارودي الذي ترك الإلحاد واعتنق الإسلام.. هكذا يرى علي حرب الانتماء اسما للإسلام أفضل من اعتناقه!

    حقيقة، لا أدري ما السبب وراء هذه الازدواجية الغريبة لدى الملحدين العرب الجدد، فهم ملحدون للنخاع في كتبهم وجلساتهم الخاصة، بينما يحاولون جاهدين إخفاء ذلك عند مواجهتهم للجمهور، وأنا أعرف الكثيرين منهم ودخلت في جدال معهم في جلسات خاصة مغلقة يجهرون فيها بإلحادهم، بينما أمام الجمهور وعلى الفضائيات يخفون ذلك!

    وهناك أمر آخر غريب يميز الملحدين العرب الجدد عن كافة الملحدين في العالم والتاريخ، فهم ملحدون في نصوص الدين الإسلامي بالتحديد، حيث إنهم لا يناقشون فكرة الكون والخلق مثلما اعتاد فلاسفة الإلحاد السابقون، بل يناقشون فقط بعض النصوص الدينية في القرآن والسنة، والتي يسمونها «نصوصاً تاريخية»، ويقولون إنهم يرفضون «سلطانها»، ولا يتعرضون من بعيد أو قريب للديانات الأخرى، اليهودية والمسيحية وغيرهما.

    هؤلاء الملحدون العرب الجدد لا يختلفون كثيرا عن إخوانهم من الليبراليين الجدد، وكل الجدد الذين ظهروا أخيرا، والذين لا همّ لهم الآن إلا الترويج لإسرائيل والسلام والتطبيع معها. ولا غرابة أن نجدهم على علاقات وطيدة بـ «جمعية المؤرخين الجدد»، التي ظهرت في إسرائيل منتصف الثمانينات بعد اتفاقية كامب ديفيد، وتغلغلت في الأوساط الثقافية العربية تحت خدعة مهاجمة الأساليب الصهيونية في احتلال فلسطين.

    بينما هي تسعى لتخليص إسرائيل من أعباء ماضيها البغيض حتى يقبل العرب التطبيع معها، وقد استعانوا بالملحدين العرب الجدد لطمس آيات الإدانة والعداء لليهود في القرآن، عن طريق التشكيك في العديد من آيات القرآن تحت مقولة انها فقدت سلطانها ونفوذها بمرور الزمن. وهذا في حد ذاته ضرب وطعن في صميم العقيدة الإسلامية، القائمة على خلود النص القرآني الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

    ولا غرابة أن بعض هؤلاء الملحدين العرب الجدد، لا ينكر صلته وعلاقاته بهذه الجمعية الإسرائيلية، ويجهر بذلك علنا في وسائل الإعلام العربية، مدعيا أنه داعي سلام يسعى ليضع يده في يد كل من يدعو للسلام!!

    (قلت لشجرة اللوز: "حدثيني يا أخت عن الله"
    فأزهرت شجرة اللوز...)
    الروائي اليوناني نيكوس كازنتزاكيس


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    2,340

    افتراضي رحيل عدو القرآن


    الخبر:
    توفي صباح الاثنين 5 يوليو المفكر المثير للجدل الدكتور نصر أبو زيد إثر إصابته بفيروس نادر أتلف مخه وأدي لوفاته .
    التعليق


    كتبه للمفكرة / شريف عبد العزيز


    من تاريخ أعداء القرآن


    كتب الإمام الذهبي رحمه الله في ترجمة أبو الحسن الرواندي يقول عنه : الملحد، عدو الدين صاحب التصانيف في الحط علي الملة، وكان يلازم الرافضة والملاحدة، وكان في أول أمره حسن السيرة، كثير الحياء، منعدم النظير في الذكاء وفهم المعقول، ثم انسلخ من هذا كله، وصار يؤلف المصنفات في ذم القرآن وإنكار النبوات والقول بقدم العالم، وكان يقول أن القرآن من صنع العرب، وأن كلام أكثم بن صيفي أحسن من سورة الكوثر، وكان يأخذ الأموال من اليهود والنصارى لتصنيف المؤلفات في ذم القرآن والحط من نبوة سيد البشر، وقد هلك ابن الرواندي وهو في أواسط الثلاثينيات سنة 298 هجرية، وقد ختم الذهبي ترجمة هذا الزنديق بكلمات معبرات عندما قال عن حاله وما انتهي إليه : لعن الله الذكاء بلا إيمان، ورضي الله عن البلادة مع التقوى . (السير ج 14 ص 59 ).

    ربما يعتبر الكثيرون ممن يعظمون مصيبة الموت أنه من غير المروءة أو اللياقة أن يتحدث عن شخص ما بعد رحيله، فالموت قد غيبه وأسكت لسانه، وبالتالي لن يستطيع أن يدفع عنه سهام النقد أو صارم القول، ولكن الحديث عن الدكتور نصر أبو زيد قد يختلف عن مثل هذا الاعتبار، إذ كان من الأجدر والأفضل ترك الحديث عنه وإهماله بالكلية هو وأمثاله، حال حياتهم، ولكن هذه الاحتفالية الواسعة والمرثية البكائية واللطمية المتصاعدة بين صفوف العلمانيين والكارهين للدين قد أخذت حيزا كبيرا من إعلامنا الموجه والمسخر لخدمة العلمنة والتغريب والتحريض في بلادنا، لذلك كان الوقت ملائما للحديث عنه وعن أفكاره وعن رحيله الدرامي بهذه الصورة التي تدعو للتأمل والتدبر .


    ذكاء بلا زكاة


    الدكتور نصر حامد أبو زيد شخصية كانت مجهولة تماما لغالبية المصريين، وبالتالي سائر المسلمين، بل كان مجهولا حتى بالنسبة للنخبة الثقافية في مصر، حتى أواسط التسعينيات عندما فجر قنبلة من العيار الثقيل بمجموعة من الأبحاث التي تقدم بها لنيل درجة الأستاذية في كلية الآداب جامعة القاهرة، وقد حوت هذه الأبحاث الكثير من الآراء الكفرية الإلحادية، مما حدا بالدكتور عبد الصبور شاهين وقتها لرفضه هذه الأبحاث وحرمه من الترقي لدرجة الأستاذية، فثارت ثورة نصر أبو زيد واستعان بكتيبة العلمانيين في الصحف المصرية لشن حملة ضد إدارة الجامعة عامة والدكتور عبد الصبور خاصة، مما أدي لتفجر القضية وتصاعدت وتيرة الجدل الدائر حولها حتى أقدم مجموعة من النشطين والمحامين علي رفع دعوي ردة ضد نصر أبو زيد للرجوع عن أفكاره، فرفض الرجوع عنها، وحكمت محكمة الأحوال الشخصية في القاهرة في نادرة قضائية لبلد لا يطبق أحكام الشريعة، حكمت عليه بالردة والتفريق بينه وبين زوجته، فما كان منه إلا أن هرب إلي هولندا حيث استقبلته جامعة ليدن بأمستردام وهي الجامعة المشهورة باستقبال وإيواء سائر المرتدين من المفكرين والأدباء والفنانين المسلمين بعد أن فروا من بلادهم، مثل سلمان رشدي الهندي والطاهر بن جلون المغربي، ونسرين تسليما البنغالية، وغيرهم كثير، وذلك منذ سنة 1995، ومن يومها طوي النسيان أخباره ولم يعد أحد يتكلم عنه أو عن أفكاره إلا نادرا

    وبعيدا عن أفكاره المنحرفة كان أبو زيد شخصية متميزة ذات عزيمة قوية، وأبو زيد المولود في قحافة، وهي إحدى قرى طنطا في العاشر من يوليو 1943، قد أنهى دراسته في قسم اللاسلكي عام 1960، وعمل بضعة سنوات حتى استطاع أن يوفر لنفسه فرصة الدراسة الجامعية، و حصل على الليسانس من قسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب جامعة القاهرة 1972 بتقدير ممتاز، ثم ماجستير في الدراسات الإسلامية عام 1976 بتقدير ممتاز، كما حصل على دكتوراه في الدراسات الإسلامية كذلك عام 1979 من الكلية ذاتها، أي أنه ارتقي من تعليم متوسط بسيط إلي درجة الدكتوراة وهو في أواسط الثلاثينيات من عمره، بدرجات متقدمة وبارزة، ولكنه كما يقال ذكاء بلا زكاة !!

    أفكار أبو زيد في الميزان

    الدكتور أبو زيد قام بتأليف العديد من الكتب التي تمثل في مجملها إعادة إنتاج الفكر المعتزلي في إطاره العصري العلماني، وتتركز كلها حول نقد القرآن الكريم وإبطال حجيته وسلطته التشريعية ، من أهمها : الاتجاه العقلي في التفسير (دراسة في قضية المجاز في القرآن عند المعتزلة) وكانت رسالته للماجستير، فلسفة التأويل (دراسة في تأويل القرآن عند محيى الدين بن عربي) وكانت رسالته للدكتوراه، في كلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغة العربية، مفهوم النص دراسة في علوم القرآن، إشكاليات القراءة وآليات التأويل (مجموعة دراساته المنشورة في مطبوعات متفرقة)، نقد الخطاب الديني، المرأة في خطاب الأزمة، الخلافة وسلطة الأمة، النص السلطة الحقيقية (مجموعة دراسات ومقالات نشرت خلال إقامته في منفاه بهولندا، دوائر الخوف قراءة في خطاب المرأة، الخطاب والتأويل، التفكير في زمن التكفير (جمع وتحرير وتقديم نصر أبو زيد عن قضية التفريق بينه وبين زوجته وردود الفعل نحوها)، هكذا تكلم ابن عربي (يعيد فيها الباحث مراجعة دراسته عن ابن عربي) الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية،

    وقد فاز الدكتور أبو زيد بجائزة مؤسسة ابن رشد للفكر الحر في سنة 2005 من معهد جوته برلين، من أجل إعادة قراءة معاني القرآن قراءة مستقلة عن التفسير التقليدي، وبالقطع لا تخفى دلالة أمثال هذه الجوائز وأبعادها الفكرية والعقدية .

    ومن خلال كتابات أبو زيد العديدة والتي تتركز علي نقد سلطة النص القرآني تتضح لنا خلاصة أفكار الدكتور الإلحادية والتي تعرض من أجلها لكل أنواع المعانات، وهذه الأفكار تتبلور في عدة محاور رئيسية منها :


    أولا: أبو زيد دعا إلى الثورة الفورية على القرآن والسنة، لأنها كما يدعي نصوص دينية تكبل الإنسان وتلغي فعاليته وتهدد خبرته، ويدعو إلى التحرر من سلطة النصوص، بل من كل سلطة تعوق مسيرة التنمية في عالمنا.

    ثانياً: يقول على القرآن إنه منتج ثقافي تشكل على مدى 23 عاماً، وإنه ينتمي إلى ثقافة البشر، وأن القرآن هو الذي سمى نفسه، وهو بهذا ينتسب إلى الثقافة التي تشكل منها.

    ثالثاً: قرر أبو زيد بتفكيره الخاص أن الإسلام دين عربي،
    وأنه كدين ليس له مفهوم موضوعي محدد.

    رابعاً: هاجم في أبحاثه علم الغيب،
    فجعل العقل المؤمن بالغيب هو عقل غارق بالخرافة والأسطورة، مع أن الغيب أساس الإيمان .


    أبو زيد ونظرية "الهرمنيوطيقا "


    الدكتور أبو زيد كان من أشد أنصار نظرية الهرمنيوطيقا، وهي نظرية غربية مادية تنكر الخالق وتؤول الوحي الإلهي على أنه إفراز بيئوي أسطوري، ناتج عن المعرفي التاريخي الغارق في الأسطورة، ومصطلح الهرمنيوطيقا، مصطلح قديم بدأ استعماله في دوائر الدراسات اللاهوتية ليشير إلى مجموعة القواعد والمعايير التي يجب أن يتبعها المفسر لفهم النص الديني « الكتاب المقدس » .. يشير المصطلح إلى « نظرية التفسير » ويعود قدم المصطلح للدلالة على هذا المعنى إلى عام 1654م وما زال مستمرًا حتى اليوم خاصة في الأوساط البروتستانتية، وقد اتسع مفهوم المصطلح في تطبيقاته الحديثة، وانتقل من مجال علم اللاهوت إلى دوائر أكثر اتسـاعًا تشمل كافة العلوم الإنسانية ؛ كالتاريخ وعلم الاجتماع والأنثروبولوجى وفلسفة الجمال والنقد الأدبي والفلوكلور.

    والقضية الأساسية التي تتناولها « الهرمنيوطيقا » بالدرس هي معضلة تفسير النص بشكل عام، سواء كان هذا النص نصًا تاريخيًا، أم نصـًا دينيًا، يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري عن "الهرمنيوطيقا" : هي مشتقة من الكلمة اليونانية "Hermeneuin" بمعني يُفسِّر أو يوضِّح - من علم اللاهوت - حيث كان يقصد بها ذلك الجزء من الدراسات اللاهوتية المعني بتأويل النصوص الدينية بطريقة خيالية ورمزية تبعد عن المعنى الحرفي المباشر، وتحاول اكتشاف المعاني الحقيقية والخفية وراء النصوص المقدسة !!

    لقد طالب أبو زيد بالتحرر من سلطـة النصوص وأولهـا القرآن الكريم الذي قال عنه : القرآن هو النص الأول والمركزي في الثقافة، لقد صار القرآن هو نص بألف ولام العهد، هو النص المهيمن والمسيطر في الثقافة، فالنص نفسه - القرآن - يؤسس ذاته دينًا وتراثًا في الوقت نفسه، وقال مطالبًا بالتحرر من هيمنة القرآن : « وقد آن أوان المراجعة والانتقال إلى مرحلة التحرر لا من سلطة النصوص وحدها، بل من كل سلطة تعوق مسيرة الإنسان في عالمنا، علينا أن نقوم بهذا الآن وفورًا قبل أن يجرفنا الطوفان »

    وما ينادي به أبو زيد وهو نفسه ما فعلته أوروبا مع « الوحي » و « الدين » باعتبارهما إنتاج مجتمعات قديمة وبيئات ثقافية متخلفة، وينقل أبو زيد المعركة مع « الوحي » إلى ساحة العالم الإسلامي فيقول : « بأن النص في حقيقته وجوهره منتج ثقافي » ، ويقول « إن القول بأن النص منتج ثقافي يكون في هذه الحالة قضية بديهية لا تحتاج إلى إثبات » .


    إن مشروع الدكتور أبو زيد، هو وضع التصورات الماركسية والمضامين المادية الجدلية وتفسيراتها للحياة والكون والإنسان والوحي والنبوة والغيب والعقيدة في المعنى القرآني فيصير القرآن ماركسيًا ينطق باسم ماركس وفلاسفة المادية الجدلية والهرمنيوطيقا، فيغير بذلك المفاهيم الرئيسة للقرآن، ويلغي المعاني الحقيقية للسور والآيات، ويطمس الحقائق الدينية التي رسخها القرآن وبينتها السنة .

    خاتمة تليق بأفكاره


    أبو زيد ظل علي أفكاره حتى آخر لحظة في حياته، ففي آخر مقابلاته الإعلامية، وكانت في قناة الحرة الأمريكية قال للمذيعة بثينة نصر : أن القرآن كتاب أدبي عربي غير قابل للتطبيق في الوقت الحالي، وهو بذلك يقطع الطريق علي من يزايد علي يصفه بشهيد الفكر، وضحية التعصب والتخلف والظلام، أو من يصر علي إعطائه لقب المفكر الإسلامي .

    فجأة وبدون مقدمات أو علامات أصيب الدكتور أبو زيد بفيروس نادر الحدوث حار الأطباء في الخارج والداخل في التعرف عليه، هذا الفيروس أصاب خلايا مخه، فأتلفها بسرعة كبيرة وعجيبة بحيث أنه دخل في مراحل متعاقبة من النسيان ثم الهذيان ثم التوهان ثم فقدان الذاكرة الجزئي ثم الكلي، ثم دخل بعد ذلك في غيبوبة تامة حتى هلك في صبيحة يوم الاثنين 5 يوليو، وذلك كله في بضعة أيام بحيث وقف الأطباء عاجزين في معرفة نوع المرض أو الفيروس الذي أصابه .

    وقد يندفع العلمانيون في دفاع مستميت عن هذه الميتة متهمين كل من يلتمس منها اعتبارا بأنه نوع من الشماتة في رجل قد أفضى إلي خالقه، ولكننا نقول أن ما أصاب الدكتور أبو زيد من مرض غامض غير مسبوق، وبفيروس لم تسجله الدوائر الطبية من قبل في الداخل والخارج، والذي أصاب عقل الدكتور، هذا العضو الذي كمان يقدسه ويرفع قدره فوق النصوص الشرعية، وقد اتخذه إلها وحكما من دون الله ورسوله، عقله الذي كان موصوفا بالذكاء والحدة، بحيث أطمعه في التجرؤ علي ثوابت، فرام هدمها، وآيات القرآن فأراد تعطيلها بمعول عقله، عقله هذا الذي كان يري فيه أنه فوق النصوص السماوية والأحاديث النبوية، وأنه يجب أن يكون المرجعية العليا للناس الآن، هذا العقل قد دمره الله عز و جل تدميرا شاملاً، بأدق مخلوقاته وأضعفها ؛ بفيروس أتي علي معبود أبو زيد في أيام قلائل، وتركه عبرة للشاهدين، ومثلا في الغابرين، تماما مثلما حدث من قبل مع ابن الرواندي الزنديق، وسبحان من جعل العقول تتشابه، كما تشابهت القلوب .

    وحقا إنها خاتمة تليق بأفكاره .
    اللهم احفظ لنا هذا العمل وسدد خطانا

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    2,764

    افتراضي رد: وفاة نصر حامد ابو زيد في القاهرة بعد صراع مع المرض

    أخ أيمن

    هل قرأت شيئاً لنصر حامد أبو زيد؟
    بِـرُوحـيَ مَـــنْ أتْـلَـفْـتُ رُوحـــي بحُـبِّـهـا،فَـحـانَ حِمـامـي ، قَـبْـلَ يـــومِ حِـمـامـي
    ومنْ أجلها طابَ افتضاحي ، ولذَّ لي اطِّراحـــي ، وذلِّـــي ، بــعــدَ عــــزِّ مَـقـامــي
    وفيها حـلا لـي ، بَعـدَ نُسْكـي ، تهتُّكـي،وخَــلْــعُ عِــــذاري ، وارْتِــكـــابُ أثــامـــي
    أُصَلِّـي ، فأشـدو ، حيـنَ أتلـو ، بذِكـرِهـا،وأطْـرَبُ فــي المِـحـرابِ ، وهــيَ إمـامـي

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    الإمارات العربية المتحدة
    المشاركات
    2,355

    افتراضي رد: وفاة نصر حامد ابو زيد في القاهرة بعد صراع مع المرض

    بحث موسع لمن لديه الوقت للقراءة:

    هلك نصر حامد أبو زيد وبقى عمله الأسود

    http://www.alukah.net/Sharia/0/23894

    (قلت لشجرة اللوز: "حدثيني يا أخت عن الله"
    فأزهرت شجرة اللوز...)
    الروائي اليوناني نيكوس كازنتزاكيس


  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    2,764

    افتراضي رد: وفاة نصر حامد ابو زيد في القاهرة بعد صراع مع المرض

    بعتقد إنو عناوين هكذا مقالات تمنع أي مناقشة منصفة حول هذا الرجل أو غيره.
    بِـرُوحـيَ مَـــنْ أتْـلَـفْـتُ رُوحـــي بحُـبِّـهـا،فَـحـانَ حِمـامـي ، قَـبْـلَ يـــومِ حِـمـامـي
    ومنْ أجلها طابَ افتضاحي ، ولذَّ لي اطِّراحـــي ، وذلِّـــي ، بــعــدَ عــــزِّ مَـقـامــي
    وفيها حـلا لـي ، بَعـدَ نُسْكـي ، تهتُّكـي،وخَــلْــعُ عِــــذاري ، وارْتِــكـــابُ أثــامـــي
    أُصَلِّـي ، فأشـدو ، حيـنَ أتلـو ، بذِكـرِهـا،وأطْـرَبُ فــي المِـحـرابِ ، وهــيَ إمـامـي

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    الإمارات العربية المتحدة
    المشاركات
    2,355

    افتراضي رد: وفاة نصر حامد ابو زيد في القاهرة بعد صراع مع المرض

    السؤال لك أخي وسيم:

    هل قرأت لنصر حامد أبو زيد ؟

    (قلت لشجرة اللوز: "حدثيني يا أخت عن الله"
    فأزهرت شجرة اللوز...)
    الروائي اليوناني نيكوس كازنتزاكيس


  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    2,764

    افتراضي رد: وفاة نصر حامد ابو زيد في القاهرة بعد صراع مع المرض

    قرأت له "نقد الخطاب الديني"

    وأنا إعتراضي على أسلوب الهجوم الشخصي من قبل منتقديه، وهذا الأسلوب هو نفسه الذي يعتمد عندما ينتقد أصحاب الفرق بعضهم بعضاً على إمتداد التاريخ الإسلامي.
    بِـرُوحـيَ مَـــنْ أتْـلَـفْـتُ رُوحـــي بحُـبِّـهـا،فَـحـانَ حِمـامـي ، قَـبْـلَ يـــومِ حِـمـامـي
    ومنْ أجلها طابَ افتضاحي ، ولذَّ لي اطِّراحـــي ، وذلِّـــي ، بــعــدَ عــــزِّ مَـقـامــي
    وفيها حـلا لـي ، بَعـدَ نُسْكـي ، تهتُّكـي،وخَــلْــعُ عِــــذاري ، وارْتِــكـــابُ أثــامـــي
    أُصَلِّـي ، فأشـدو ، حيـنَ أتلـو ، بذِكـرِهـا،وأطْـرَبُ فــي المِـحـرابِ ، وهــيَ إمـامـي

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    الدولة
    الإمارات العربية المتحدة
    المشاركات
    2,355

    افتراضي رد: وفاة نصر حامد ابو زيد في القاهرة بعد صراع مع المرض

    أنا أيضا أعترض على هذه العناوين... فالمقالة الأخيرة التي وضعتُ رابطها قد شوّهها عنوانها رغم أنها من أغنى المقالات، التي وقفت عليها، في عرض أفكار نصر حامد أبو زيد...

    على كل، من الجيد أنك اطلعت على هذا الكتاب بالذات، فهو يُجْمِل أفكار أبو زيد ويبين خطورة طروحاته التي، برأيي، تهدف إلى نزع هيبة القرآن وجلالته ككلام من الله إلى خلقه... حتى أنه يركز على قضية خلق القرآن، مستعيدا أدبيات المعتزلة بهذا الصدد، ليجرّد القرآن من أي صفة إلهية... وهنا مكمن خطورة أفكاره وتميزه عن غيره من "المفكرين" (إن صحّت التسمية)... ومن هنا نستطيع أن نفهم، ربما، الشدة التي يستخدمها البعض في الرد عليه...

    (قلت لشجرة اللوز: "حدثيني يا أخت عن الله"
    فأزهرت شجرة اللوز...)
    الروائي اليوناني نيكوس كازنتزاكيس


ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •