السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ,
إخواني و أخواتي , مع القسم الأخير لهذا الموضوع ... (( حتى نفهم رمضان )) .
بسم الله الرحمان الرحيم
* من محاسن رمضان : شهر الإنفاق
أيها الإخوة ، رمضان شهر الإنفاق ، رمضان شهر البر ، رمضان شهر الإحسان ، رمضان شهر الصدقة ، رمضان شهر الزكاة ، بل إن صيام رمضان لا يرفع إلى الواحد الديان إلا إذا أديت زكاة الفطر ، والإمام الشافعي يرجح أن تؤدى زكاة الفطر بدءاً من أول رمضان ، لأن زكاة الفطر طعمة للفقير ، وتكفير للذنب ،
لذلك أراد الله في رمضان أن يذوق كل إنسان طعم الإنفاق ، ولو كنت فقيراً ، أي أنه تجب زكاة الفطر على من يجد قوت يومه ، الذي عنده وجبت طعام واحد تجب عليه زكاة الفطر من أجل أن يذوق الفقير مرة في كل عام طعم الإنفاق ، إنفاق الطعام .
أيها الإخوة ، صيام رمضان معلق بين السماء والأرض ، ولا يرفع إلا بزكاة الفطر .
* أمثلة عن ارتباط العبادات التعاملية بالعلاقات الشرعية :
أيها الإخوة ، العبادات الشعائرية ، ومنها الصيام ، لا تصح ، ولا تقبل إلا إذا صحت العبادات التعاملية ، إذاً :
1 ـ الصوم وقول الزور :
(( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )) .
(( كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش )) .
[أخرجه النسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة ] .
لذلك صيام العوام ترك الطعام والشراب ، وصيام المؤمنين ترك المعاصي والآثام وصيام الأتقياء ترك ما سوى الله .
(( كل عمل ابن آدم له ، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به )) .
[ متفق عليه عن أبي هريرة ]
2 ـ الحج والمال الحرام :
لو انتقلنا إلى الحج :
(( من حج بمال حرام ، ووضع رجله في الركاب ، وقال : لبيك اللهم لبيك ينادى أن لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك )) .
[ ورد في الأثر ]
إذاً : لا الصلاة ، ولا الصيام ، ولا الحج تقبل أو تصح إذا لم يراعي الإنسان العبادات التعاملية ،
المؤمن صادق لا يكذب ، والمؤمن أمين لا يخون ، والمؤمن عفيف لا يقع في الفاحشة ،
فمن أجل أن تكون مؤمناً صادقاً كان الصيام ، قال تعالى :
يا أَيُّّّهَا الَّذين َ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيام ُ كَمَا كُتِب َ عَلَى الَّذِين َ مِن قَبْلِكُم ْ لَعَلَّكُم ْ تَتَّقُون َ ( 183 )
( سورة البقرة ) .
* و التقوى هي طاعة الله بمفهومها الواسع ، ولكن أنت حينما تصطلح مع الله وحينما تتوب إلى الله ، وحينما تعمل الصالحات تقبل على الله في صلاتك ، ما هي ثمار هذه الصلاة ؟
ثمار هذه الصلاة أن الله سبحانه وتعالى يلقي في قلبك نوراً يريك الحق حقاً والباطل باطلاً .
هذا النور ترى به الحق حقاً والباطل باطلاً هذا النور هو التقوى ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ .
والتقوى كما قال الإمام الغزال رحمه الله تعالى : " نور يقذفه الله في القلب " ، ترى به الخير خيراً والشر شراً ،
هؤلاء الذين يرتكبون المعاصي والآثام ماذا رأوا قبل أن يقدموا على هذه المعاصي ؟ رأوها مغانم رأوها متعة ، لذلك أي إنسان يعصي الله يرى رؤية خاطئة ، يملك عمى ...
فأنت لمجرد أن تنقطع عن الله تفقد النور ، فترى الخير شراً ، والشر خيراً ترى الإنفاق حمقاً ، والبخل عقلاً ، ترى انتهاز المتعة ذكاء ، والبعد عنها غباء .
لذلك من أجل أن ترى الحق حقاً ، والباطل باطلاً نصوم هذا الشهر ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ .
*** دعوة إلى الاجتهاد و اغتنام شهر رمضان :
إذاً : نحن في شهر الطاعة ، نحن في شهر القرب ، نحن في شهر الإنفاق ، نحن في شهر القرآن ، لأن القرآن أُنزل في رمضان ، نحن في شهر القرب من الله عز وجل وكأن الله سبحانه وتعالى سمح لك في هذا الشهر الكريم أن تفتح معه صفحة جديدة ، وأن يغفر لك ما كان منك قبل رمضان ...
اللهم بلغنا رمضان , و اجعلنا فيه من المقبولين , و اعتق رقابنا من النار .
اللهم آمين .
المصدر : مقتبس من موسوعة فضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي .
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .