زار الشريف عبدالله ال حسين ربوع طرابلس
اليوم فاحببنا ان نعرف قراء المنتدى بهذا السيد الشريف ،ننقل لكم اخوتي وأخواتي أعضاء المنتدى الكرام المقابلة التي أجرتها جريدة الرأي العام الكويتية مع الشريف الحسيب النسيب النسابة عبدالله آل حسين الشريف حفظه الله في يوم الجمعة الموافق 1-4-2005 بديوان الأشراف.



الموضوع (مقدمه):

ضيف هذا الأسبوع عزيزي القارئ رجل تسلسل من العقب النبوي الشريف ونذر نفسه لخدمة تاريخ البيت العلوي : الحسني منه والحسيني .
فهو سليل الفرع الفاطمي الأول ، وابن فاضل تفقه من فقه الإمام احمد بن حنبل .
وإن أبا محمد لبقية من أولئك النسابين : أبن عنبة والطقطقي وابن طباطا وأبي نصر وآخرين .
أكرم وفادتنا كعادته ، وكان أول القرى مستمداً من بشاشته .
أخرج لنا كنوز الزوايا ، وما خبأت الأيام من خبايا .
فرأينا نوادر المخطوطات ونفائس المطبوعات ، والتي انتشق ضيفنا رياها وجلى عن محاها .
وأتحفنا ببعض ذلك في هذه الذكريات ، مع جوانب أخرى من حياته الحافلة سيجد فيها الكثير من أصدقائه هو أشياء يكتشفونها عنه وللمرة الأولى.
ولن نطيل نحن ، وحبذا لو أطال الأستاذ عبد الله آل حسين وطالت الصفحات مع أبي محمد الذي قال :




الانتقال من المفيجر للكويت:

في سنة 1917 انتقل الوالد محمد بن عبد الله آل حسين الحسني من نجد إلى الكويت وتحديداً من قرية المفيجر في وادي نعام بجوار منطقة الحريق من المنطقة الوسطى من المملكة العربية السعودية ، وهو وادي المجازة .
وصل وعمره عشر سنوات فقط واستقر في قرية الفنطاس ، وجدي والد أبي هو أبو سعود عبد الله بن محمد آل حسين ويرجع نسب أسرتنا إلى الإشراف الحسنيين من أهل قرية المفيجر المذكورة آنفا . وقد حضروا إليها من الحجاز سنة 1040هـ فاستقروا فيها ونحن من ذرية الشريف حسين بن ناصر وهذا ثابت في الأوراق والوثائق والثبوتيات وممن ذكر ذلك لوريمر في كتابه المهم والضخم ( دليل الخليج ) عندما زار تلك المنطقة ، فذكر أننا إشراف حسنيون . وأيضا هو أمر معروف بالشهرة والتسلسل والاستفاضة والتواتر يؤكد كل ذلك عودتنا إلى أمير المؤمنين أبي محمد الحسن بن أمير المؤمنين أبي الحسنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما .


الوالد - الشريف محمد:

لما أتى الوالد رحمه الله تعالى وغفر له سكن في الفنطاس ، ودرس على يد الشيخ الجليل عبد المحسن البابطين من الزبير ، والذي استلم القضاء فترة وكان الشيخ البابطين رحمه الله تعالى يزور أنسابه في تلك القرية الجميلة ، فيقيم فيها أربعة أشهر يسمونها ( المقيظ ) في فترة الصيف . فدرس عليه الوالد الذي كان يعرف وقتها بالملا محمد النجدي نسبة إلى البلاد التي أتى منها بالطبع . وممن استفاد ودرس على الشيخ أيضا مع والدي : ناصر المزيعل الحنيف ، فكان هو ووالدي يجتمعان مع الشيخ كلما أتى إلى الفنطاس فيدرسهما ، حتى اعتقد أن فيما لديهم الكفاية والغنيمة وقد اخذ الوالد منه فقه إمام السنة احمد بن حنبل رحمه الله وغفر له .
وفي بداية الخمسينات عين الوالد إماماً وخطيباً بمسجد الشتيان في منطقة الفروانية فانتقل إليها للسكنى والاستقرار . وقد كان يحرص على تعليم أهل المنطقة أمور دينهم ولما افتتحت المدارس انتظم الوالد في سلكها مدرسا ومعلما لمادة التربية الإسلامية والدين . وممن تتلمذ عليه : عباس حبيب مناور ومبارك الدويلة (أعضاء في مجبس الأمة الكويتي)وغيرهم . ومما يحسن إيراده من حديث الذكرى عن تلك الفترة ، أن الوالد أيضاً كان يقوم بأمور المدرسين القادمين إلى المنطقة ، فيرتب أمورهم ويباشر ما يحتاجون إليه . ومن المدرسين الذين كانوا يزورون الوالد اذكر الناظر أبا زياد والأستاذ عبد الفتاح رحم الله الجميع أحياء و أموتا وقد استمر الوالد في هذا الأمر حتى وفاته سنة 1963 .




زيارة الشريف حسين بن ناصر:

ومما أذكر من الذكريات المهمة خلال تلك الحقبة من العمر وأثناء حياة أبي عفا الله تعالى عنه والتي لا تزال عالقة في الذهن وحق لها ذلك ، أنه بعد سقوط الملكية في العراق أتى لزيارة الوالد سنة 1958 عمنا الشريف حسين بن ناصر الملقب بالشقراني ، جاءنا رحمه الله تعالى مع أولاده وبناته ، وكان بعض اولاده في تمثيل ملوك العراق الهاشميين في الولايات المتحدة الأميركية ، وكان منهم أناس في الخارج خلا زوجته وبناته ، فأذكر في صغري من أتاني وأنا ألهو مع صبية الحي وهو يقول : الشيوخ جوكم ، فذهبت إلى ديوان الوالد ، وفعلاً رأيت أمير الكويت الراحل عبد الله السالم رحمه الله تعالى ، يدعو الشريف حسين بن ناصر وأسرته للضيافة ، وفعلا كانت ضيافتهم مدة إقامتهم في الكويت عند الحكومة ثم ذهب الشريف إلى الأردن بعد ذلك وكانت وفاته رحمه الله فيها وتزوجت بناته هناك من أبناء العمومة من الأشراف .

تشعب الأسرة وانتشارها:
ومن أولاد الشريف حسين بن ناصر من استقرت به عصا الترحال في الولايات المتحدة الأميركية واكتسب الجواز الأميركي مثل الشريف خالد والشريف علي والشريف عبد المحسن فسبحان الله نحن أسرة متشعبة الفروع انتشرنا من جزيرة العرب وصولا إلى العالم الجديد (أميركا) فمنا في الكويت نحن آل حسين أنا وإخوتي إبراهيم وعلي واختنا سارة . ومنا في الإمارات الآن قريبة تجاوز عمرها الخامسة والستين مات زوجها بعد أبيها وأمها وتبنت بنتين أضحتا نعم العون لها مع شعب الإمارات الطيب الودود ، وقد تعرفنا عليها ولا زالت الصلات موجودة ولله الحمد وكذلك من الأسرة من انتقل من الأردن إلى أميركا كما أسلفنا ومنا من طابت له السكنى في مصر الحبيبة ردحا من الزمن ، وعادوا أخيرا إلى المملكة العربية السعودية موطننا الأصلي الذي انتشرنا منه إلى أصقاع الدنيا فالسعودية هي منبعنا ومنبتنا وحبي لها بعد الكويت وولاتي لآل صباح .



سر لقب الشقراني:

وقد كان لتلقب ابن عم والدي الشريف حسين بن ناصر بالشقراني قصة يحسن إيرادها ، فقد كان يجتمع عند الشريف الحسين بن علي شريف الحجاز وصاحب الثورة العربية الكبرى ، يجتمع لديه أحيانا ثلاثة من أبناء عمومته الأشراف كلهم يقال له : حسين بن ناصر ، وهؤلاء الثلاثة هم : الشريف حسين بن ناصر بن جميل ، والشريف حسين بن ناصر بن علي والشريف حسين بن ناصر آل حسين ،فقال الشريف لابن اخيه اما انت فلن أناديك بحسين بن علي لأنه اسمي وقال للثالث أما أنت فسأنعتك بالشقراني ، لأنك من أهل نجد وشقراء من أرض نجد بلدة معروفة.


زواج الشريف محمد والد الشريف عبدالله:

وقد تأخر زواج أبي كثيرا ، لأنه كان بعيدا عن رهطه الأقربين وقومه الدانين ولكن صديقه النوخذة صالح محمد الذويخ رحمه الله تعالى وجزاه خيرا ألح عليه في ذلك وأكثر عليه وقال له : سوف أخطب لك من أسرة الكوح وهم من شمر أيضا – يقول الذويخ له ومن المعروف أن أسرة الذويخ تعود إلى قبيلة شمر – من فخذ الحريرة من سنجارة – وأما أخوالي الكوح فمن الهبيرات من الأسلم . وفعلا تم الزواج وكل أبناء الوالد أنا وأخوتي من أم واحدة . ولنا أخت من أمنا تميمية النسب . وقد ولدت في الفروانية وتوفي أبي وعمري 8 سنين وقد ركب أبي البحر سنة واحدة ثم لم يرغب بالاستمرار فيه . ومازالت بعض أوراق أي لخاصة بالغوص وحساباته موجودة ولا أعرف النوخذة الذي ركب أبي البحر معه لصغر سني وذهول فكري عن السؤال والاهتمام وقتها بمثل هذه الأمور وامتلك رحمه الله بعض المزارع في الفنطاس وكان فيها أناس يعملون وكان له دكان فيها أيضا يبيع ويشتري من خلاله ،ولدينا صكوك لتلك المزارع وأذكر من جيراننا والأسر الفاضلة في الفنطاس : الحمدان والشيخ راشد الحقان الشيخ المعروف ولصغر القرية الجميلة الآمنة كان الجميع يعرف الآخر ، بتواد ومحبة شديدين ، افتقدهما المجتمع المعاصر . أما في الفروانية فكان للوالد ديوان يغشاه الزوار ويطرقه الضيوف والسمار وكانت قهوته بعد صلاة الفجر من كل يوم وكان يعتبر من وجهاء المنطقة وكبرائها ومن جيراننا أذكر محمد النمران رحمه الله تعالى وقد كانت قهوته بعد صلاة العصر حيث يجتمع الجيران وأهل المنطقة بهذه الدواوين فهي منتدياتهم ومتنفسهم . وبعد وفاة الوالد انتقلنا من الفروانية وكنا في حياتنا ومع أخوالنا أيضا . ولن أتوقف كثيراً عند سلك الوظائف ، ولكني أقول : قد عملت في أماكن عدة ، كالبلدية وفي الكيماويات البترولية والصناعات الوطنية وبيت التمويل الكويتي ووزارة الأوقاف وكنت رئيس قسم في بيت التمويل في مشتريات المخازن ، وقد تركت العمل بهذا المستوى .



الغزو الأليم:

أثناء الاحتلال الصدامي البغيض لبلادنا الكويت ، كان الناس الذين بقوا في الكويت ، في حالة من عدم معرفة القادم والتوجس مما هو آت ، مما جعل جزءا كبيرا منهم لا يخرج إلا نادرا . وقد لاحظت ذلك أثناء سكني في بيتي الذي في الروضة . فأضطررت لفتح بعض الأسواق والبسطات التي قدمنا بها الحاجيات الأساسية للناس ، من خلال بعض السيولة التي كانت متوافرة لدي فاشتريت من أسواق الجملة وكانت لا تزال مفتوحة كمية من العدس والسكر والماش وغيره . وعملنا سوقا بالقرب من المدرسة المقابلة لجمعية الإصلاح ، وممن كان فيه ولدي محمد وغيره وقد جرأ ذلك الكثير من الأخوة . وبقيت في يدي بعض السيولة مع بعض مردود السوق وكنا نسميه سوق أو أسواق عكاض . وكنا نمد فيها بعض أخوتنا من الموطنين والمقيمين ، وأذكر أن أحد المواطنين كبار السن وقف في المسجد بعد الصلاة شاكيا ، ويقول : ( يا جماعة أسألكم الله ، أنا صفيت وعيالي كلهم بره ) فهدأت من روعه وقلت له : ( شغلك مقضي ) ووديته لبيته في القادسية ، فناولته مئة دينار وقمت أزيد منها حتى وصلت إلى 1800 دينار فقال بصوت عالي : كافي كافي .
وبعد ثلاثة أشهر ألحت الوالدة باتصال خارجي وطلبت مني الخروج ، وكانت رحمها الله قد سافرت أثناء الصيف مع أختي وزوج أختي ، وكان أخواي إبراهيم وعلي يؤدون الامتحانات في الأردن فاجتمعوا هناك ، وقد قام أخي إبراهيم – وهو ما أقوله للتاريخ قام بتنظيم وتنسيق أول مظاهرة خارجية للدفاع عن الكويت هو والهيفي الرشيدي وذلك في ثاني أو ثالث أيام الغزو الأليم وقد كان مكان التظاهرة في حدود السفارة الكويتية وبالقرب منها بناء على نصيحة صديقي سلامة الحماد أحد كبار المسئولين الأردنيين وقتها وممن شهد تلك التظاهرة : أبو بدر المطوع وعباس حبيب منار .


المقاومة الكويتية:

وقد عدت إلى الكويت بعد خروجي فأهلي وأبنائي هنا . وقد استدعتني القوات العراقية المحتلة أثناء وجودي في البلد 3 مرات بعد أن كانت المقاومة تستخدم بيتي في الاتصال عن طريق جهاز مرتبط بالأقمار الصناعية عن طريق جهاز مرتبط بالأقمار الصناعية ، وقاموا أيضا بتفخيخ سيارات لعملياتهم الباسلهم . وكنت على صلة بهم يعرفها المسئولون ولله الحمد . وكثير من الأمور كانت تمر من أمامي من خلال هذا الجهاز ، الذي كنت مع مجموعة من الشباب ننقله من منطقة إلى أخرى أحيانا إذا أحسسنا بالخطر وكان معي خالد الدلالي وابن خالة خالد نقلناه من صباح السالم والعراقيون محاصرين المنطقة . وكان يتم من خلاله الاتصال بالنوخذة وهو الشيخ سالم الصباح حفظه الله ليتم إبلاغ القيادة السياسية بما يجري من أمور ومقاومة حتى إسقاط الطائرة الذي تم أثناء ذلك أبلغوا بها . ومن أبرز أبطال المقاومة كان محمود الدوسري . وبعد أشهر تركت بيتي للمقاومة والجهاز فيه ، وخرجت بعائلتي وأولادي .
وقد أصر الشيخ سلمان الحمود الصباح مسئول المكتب الخاص على ضيافتي على حساب المكتب وفي حي الأندلسية في الرياض ووجدنا كل طيب من حكومتنا ومن حكومة المملكة التي يشهد لفضلها القاصي والدني . وأذكر من تلك الذكريات أن الشيخ أحمد الفهد كان حريصاً جدا على أهل الكويت ، وكان يقول لي : يابو محمد أي واحد يجيك من أهل الكويت جيبه لي ، وفعلا كان ذلك يحدث كثيرا ، فقد فتح الشيخ احمد قلبه قبل بيته لأهل وشعب الكويت ، وقد أدى جهودا جبارة في ذلك .
وكان عبد الحميد الحجي محافظ حولي الآن يسأل أثناء ذلك عنا كثيرا فله الشكر .
وأخي إبراهيم له مواقف مشهودة في المقاومة ، وهو الذي ادخل كثيراً من الوثائق التي احتاجتها المقاومة أثناء الغزو ، وذلك عن طريق الأردن وكان في ذلك مخاطرة جسيمة وقد شهد له الشيخ عذبي الفهد بهذه المواقف وبشجاعته في مجلس حافل في أحد الدواوين بعد التحرير ، وذكر بعض مواقفه التي تدل على شجاعته وجرأته .
والشيخ احمد الفهد عندما أتيته لبعض أخوتنا من غير محددي الجنسية الذين كانوا ضمن المقاومة والذين تضايقوا من بعض الإجراءات بعد التحرير ما قصر الشيخ أبو فهد وكذلك الشيخ عذبي واعدوهم إلى وضايفهم وقاموا بواجبهم على أتم وجه وأعطوهم شهادات بذلك ، وهذا ليس غريبا عليهم وكان هؤلاء الشباب قد طلبوا مني إبلاغ من يبلغ القيادة السياسية أنهم على استعداد للموت والتضحية في سبيل الكويت .




جانب من مكتبة ديوان الأشراف


علم النسب:

لما توفي الوالد رحمه الله ، كان قد خلف لنا مكتبة دينية كبيرة حافلة ، وكان لهذه المكتبة التراثية دور كبير في تنمية هوايتي واتجاهي في حب القراءة والتاريخ وكنت حريصا على البحث والسؤال وكنت اسأل والدتي عن نسبنا وأقربائنا ؟ فتقول رحمها الله وبلا تحديد : أنتم أشراف ، ولكن من أين ؟ تقول : انتم مكانكم الحوطة ، روحوا لحوطة بني تميم وتلك الجهات . لم تكن رحمها الله تعرف المفيجر . ورأسا بعد أن أخرجت الجواز وكان عمري وقتها 18 سنة . ومباشرة سافرت إلى الحوطة في المملكة العربية السعودية للسؤال عن قومي وجماعتي آل حسين الأشراف ، وهو الأمر الذي كان يشغلني منذ الصغر وكنت أريد الزيادة فيه تبصرا وعلما . ولكن خوف الوالدة علينا وعدم رغبتها بابتعادنا عنها حال دون ذلك في أول الوقت . عموما وصلت إلى هنالك ودلفت عند قدومي إلى الحوطة إلى أحد المساجد للصلاة . ولم أرد أن أبين للناس اسم رهطي آل حسين في بادئ الأمر ، وخوفا من أن يكون خروج أبي من تلك الديار العزيزة قد حصل بسبب دم أو ثأر ، وربما كان لأقربائي خلاف مع أحد ، وكنت في حيرة من أمري كثيراً ، ولكن ولله الحمد سارت الأمور على ما يرام ، وبدأت أسمع الثناء والإطراء على جدي أبي سعود عبد الله الشريف ، وعلى مواقفه وطيبه . ولما أخبرتهم انه جدي وأنني أبن ولده محمد الذي انتقل إلى الكويت ، زاد فرحهم وتمسكهم بي لأجل ضيافتي وكرامتي خصوصا آل حسين التميميين ، الذين حصل اللبس في أول الأمر من سؤالي بينهم وبين أقربائي آل حسين الأشراف ، وكان بداية المعروف واتضاح الصورة لي فالاطمئنان ، وكان كرم أهل الحواطة رائعا وكبيرا ولما أن وصلت قرية المفيجر كانت فرحتي لا توصف ، فها هي ديار قومي ومنبت جذري وأهلي وقد وجدتها قرية زراعية وادعة بسيطة ، وما أن سمع بي أهل القرية حتى تجمعوا حولي بمشهد لم آلفه ، تخيل يجتمع عليك الناس وكأنك قد خرجت لهم من عالم أخر ، كان شعورا غريبا وجميلا في الوقت ذاته ، وما زلت أذكر هذا الموقف .
وكانت قربة المفيجر وأهلها في ذلك الوقت خلاف اليوم ، فمنهم الآن من يملك طائرات خاصة بعد النهضة الكبيرة التي حدثت في المملكة برعاية آل سعود وفقهم الله تعالى . وقد أقمت في ضيافتهم مدة طويلة تعرفت فيها عليهم ، ومنذ ذلك الوقت والصلات تزداد والوشائج تتجدد والعلاقات تعود . وبدأت الأفكار فيما يزيد من هذه الأمور ، فكانت البداية ومع مرور الوقت علمنا على تشكيل لجان ومجموعات تهتم بأنساب الأسرة للربط بين الحاضر والغائب والمتصل والمنقطع والبعيد والقريب وكنت أحد من عمل بتلك اللجان ، واتفقنا واختلفنا وتشاورنا وهكذا والخلاف لا يجب أن يفسد الود بين المتخالفين ، وهو ليس شرا كله ، فإنه دافع للبحث والتزيد وطلب الاستقصاء والتحقيق ، وربما كان سببا في انطلاقة أخرى . وأقول : فمنذ سنة 1973 ابتدأت في البحث في أنساب الأسر الشريفة ، فبدأت بجمع الكتب وقراءتها والإفادة منها والاتصال بالنسابين والاجتماع بالباحثين والاستفادة منهم . وقد سافرت كثيرا وتنقلت طويلا في سبيل ذلك . زرت الهند ورأيت الكثير من مخطوطات حيدر أباد الدكن هناك ، وهي مكتبة معروفة وأصيلة يعرفها كبار المحققين والعلماء . وزرت إيران والتقيت بالدكتور محمود المرعشي والذي كان قد زارنا في الديوان ، وتم تبادل الفوائد العلمية والكتب والمخطوطات فيما بيننا ، فاطلع على ما لدينا واطلعنا على ما عنده كذلك . واستفدنا من مكتبات وبحاثة ونسابي العراق لما كانت الأوضاع أفضل من الآن . وزرت تركيا ورأيت خزائنها وزواياها ، وكذلك مصر ودار الكتب فيها ، وغيرها . أما السعودية فمنها كان أصل العرب والثقافة الإسلامية وها هي الأيام تكشف كل يوم عن الجديد والقيم من مخطوطات الحجاز ونجد وجازان والقصيم وغيرها ، وأيضا الوثائق والمعلومات التي حصلنا على مجموعة ضخمة منها ، لا تخص آل حسين فقط ، بل تتعدى لغيرهم من أبناء السلالة النبوية الطاهرة والسلسلة العلوية الفاطمية الكريمة الزكية . وأننا نحمد الله على أن كثيرا من جهودنا التي أعاننا سبحانه عليها ، قد كتب لها التوفيق ، فأصبحت مرجعا للطلاب ومقصدا للزوار من كبار الباحثين مما حفزنا على بذل الجهد في خدمة هذا العلم وهذا الاتجاه ، حتى من خلال التطور العلمي الحديث ، ومن خلال إنفاقنا من حسابنا الخاص .
ومن كبار من زارنا بعض الشيوخ الفضلاء من هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية ، ومنهم الشيخ عبد الوهاب أبو سليمان أخونا الكبير وعالمنا وأستاذنا . وممن أفدت منه كثيراً من السادة الإشراف : الدكتور راشد بن راجح مدير جامعة أم القرى بمكة المكرمة الذي أطلعني مشكورا على ما لديه من مشجرات ومصادر قيمة . وقد زرت أيضا الولايات المتحدة لأقربائنا هناك . وقابلت بعض أشراف العراق في لندن ، وكذلك زرت المملكة الأردنية الهاشمية .




المشاريع القادمة:

ومن المشاريع القادمة في خدمة آل البيت خصوصا ذرية الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما ومنذ فترة تقدم الأستاذ محمد عيسى نمر العداون مدير مركز الوثائق الملكية الأردنية الهاشمية بعد أن رأى المخطوطات والمشجرات التي ظهرت في تلفزيون ( الرأي ) ، خصوصا المشجر الذي كان طوله 50 متراً ، وذلك مع الدكتور محمد العوضي ، تقدم بعد أن رأى هذه الأمور بآراء وأفكار ، فاتفقنا على القيام بعمل مشترك الكتروني وكتابي وفني يواكب العصر كالمشجرات والالكترونية والجداول النسبية . واتفقنا على التلاقي قريبا لبحث خطة العمل بين ديوان الأشراف لدينا والمركز المذكور . وإن شاء الله نعمل على الموسوعة المرتقبة والتي ينتظرها المسلمون بلهفة وستسد ثغرة في المكتبة العربية إن شاء الله عن آل البيت وتراجمهم وأنسابهم ومكانتهم وأخبارهم الطيبة وتاريخهم ، قال تعالى : (( قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى )) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : (( كل نسب وسبب مقطوع إلا نسبي وسببي )) فقربى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآله الموجودون اليوم وهم ذرية سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين . وسبب النبي صلى الله عليه وسلم هو العقيدة وهو الأساس وأما عقبة فهو ذرية ابنته فاطمة الزهراء عليها السلام من الحسن والحسين ، وهي العائلة الوحيدة التي تستطيع أن تسلسل نسبها وتذكر أسماءها إلى 3000 سنة وإلى عدنان جد النبي صلى الله عليه وسلم . وهو العرق الوحيد عرق صحيح النسب بما يرضي رب العالمين ، ولم يكن فيه سفاح أو زنا أو من أنكحة الجاهلية كزواج المقت وغيره .


كتب الأنساب:

وعن الكتب المهمة في أنساب الأشراف ، فلكل قرن مجموعة من الكتب لا يختلف عليها النسابون واعتمدنا مثلا في القرن الثالث على : صفي الدين الطقطقي وأبن عنبة في ( عمدة الطالب في انساب آل أبي طالب ) و ( سر السلسلة العلوية ) لأبي نصر البخاري حتى الوصول إلى ضامن بن شدقم ذلك الباحث الميداني الذي لم يكتف بالكتب بل حرص على زيارات مدنية مثل زيارته لبادية بني حسين من ذرية الحسين الشهيد رضي الله تعالى عنه . وكان بنو حسين قد أجلاهم شريف مكة ابن عمهم ، بعد تعرضهم للحاج الشامي ، أجلاهم الشريف ومعهم بعض القبائل المتحالفة معهم من أخوالهم وأحلافهم حتى أوصلهم إلى جبل شمر فانتشر بنو حسين في الأصقاع ودخل منهم أناس مع قبائل عدة كشمر وعتيبة وغيرهم ، وجل بني حسين مع قبيلة الظفير كما هو معروف . وبعد ابن شدقم ، حدثت فترة اضطراب انقطعت بها بعض الصلات ، فأندثرت هذه الحلقات المفقودة عن علم النسب ، فضاعت مشجرات وسلاسل ، فكثر الادعاء والانتساب إلى هذا البيت الشريف فهو شرف ما بعده شرف .


مبرة خاصة لآل البيت:

ومن المشاريع الأخرى أخبرك أننا تقدمنا بطلب إنشاء مبرة خاصة لأل البيت الكرام ، وأخذنا الموافقات المبدئية من وزارة الشؤون ، ووصلت إلى وزارة العدل وفتحنا لها حسابا ، والأمور الخيري والأدبية والدينية العامة . والمؤسسون لها أنا وأخوتي وبعض السادة الأشراف من الفرق والطوائف في الكويت ، ومن ضمن الأخوة أبو صلاح محمد الأحمد وغيره .

من نسابي العصر:

1- الأمير سلمان : يعتبر صاحب السمو الملكي الأمير سلمان ابن عبد العزيز أمير العاصمة السعودية الرياض ، من أهم من يشجع المؤرخين والأدباء . وهو جزاه الله خيراً بنفسه نسابة كما علمنا وسمعنا من النسابين . فهو حفظه الله تعالى من العارفين بأنساب القبائل والأسر . وندعو له بطول العمر ليكون كعادته سندا للباحثين والنسابين في المملكة والعالم العربي ، فهو عمدة النسابين في المنطقة العربية .
وقد أحسن الأمير سلمان برعاية تاريخ البلاد ودعم دارة الملك عبد العزيز ، تلك المرجعية التاريخية الضخمة والمهمة للباحثين ككل . وأمام القائمين عليها رسالة وأمانة عظيمة نتمنى لهم التوفيق فيها وفي أدائها ، بما تحت ايديهم من امكانات هائلة .
وقد قابلت مسؤوليها وعلى رأسهم الدكتور فهد السماري والدكتور الجهيمي الذي طلب إلى في بداية تعاون بيننا وبين هذا الصرح المهم ، طلب بحثاً عن دولة الاخيضريين في نجد ومن ثم خروجهم واختفاؤهم منها . ولم يكتب حسب علمي في تاريخهم إلا بحثان احدهما للدكتور عبد الله يوسف الشبل مدير جامعة الامام محمد بن سعود في السابق ، وبحث أخر لباحث اماراتي قدمه في المغرب . وقد استفدنا من كلا البحثين ولدينا ما لم يوارداه وزيادة مع تحقيق غير مسبوق في هذا الموضوع . ونحن نشكر للدارة جهودها وحسن استقبالها لنا وحرصهم على تاريخ المملكة العريق والعزيز على قلوبنا جميعا .
2- محمد الحسني : من عظماء النسابين الباحثين . له مؤلفات عدة وهو من أهل جدة من الأشراف الحسنيين من ذوي حسن أهل ( الليث ) . وهو مسؤول منتدى السادة الاشراف الذي تم انجازه ، وفيه اليوم 11 ألف مشاركة من 1700 مشترك جلهم من الأشراف .
3- احمد النعمي : الشريف احمد يحيى الباصم النعمي ،نسابة باحث جاد له مؤلفات عدة ، وقد طبعنا جزءا منها هنا في الكويت وستتوالى تباعا إن شاء الله تعالى .
4- فائز البدراني : الاستاذ والأخ أبو تركي فائز بن موسى البدراني الحربي ، من الأشخاص الذي نحبهم ، وهو قريب من القلب وأخ عزيز ، ولنا معه ذكريات كثيرة . وفي زياراتنا المتكررة له ، دائما ما تكون هناك الندوات الأدبية والتاريخية التي يحضرها المتخصصون والأدباء . وتتم من خلالها المناقشات الثرية في التاريخ والأنساب والأشعار، مما يثري هذه الجوانب . ونحن نتمنى لو انتقلت هذه الأجوانب . ونحن نتمنى لو انتقلت هذه الأجواء الجميلة عندنا هنا في الكويت . وأنا اعتبره أفضل مرجع لقبيلة حرب الكريمة . وقد فتح أبو تركي فتحا جديدا غير مسبوق في التوثيق ، وتبيان اهمية التوثيق .
5- راشد العساكر : الشاب الباحث راشد بن عساكر شاب طيب عليه جهد كبير ومسؤولية جليلة ملقاة على عائقة وهو أهل لها في البحث في تاريخ نجد وعاصمتها الرياض عاصمة المملكة ، ومنطقة وادي حنيفة ، فهو أبن لتلك المنطقة وللقبيلة الكريمة والكبيرة التي حمل اسمها ذلك الوادي . وقد التقيت به . ورأيت في تحقيقه البديع وجهده الجبار في الأنساب ، ما يدل على علمه وسعة اطلاعه . وكانت مصادره غزيرة وكثيرة بين المخطوط والمطبوع .
6- عبد العزيز الأحيدب : الاستاذ أبو سلطان ذو علم غزير ، وهو متخصص في قبيلة الدواسر . وله فيها وفي تاريخها الكريم ابحاث ومؤلفات لا تزال مخطوطة ، ونتمنى أن ترى النور قريبا . ولدى الاستاذ الأحيدب موقع جميل في الشبكة الدولية ( الانترنت ) .
5- وأذكر أيضا الأستاذ تركي القداح والأستاذ سعود الهاجري صاحبة المجلة المفيدة والشيقة ( مجلة المها ) التي نتمنى أن تأخذ حقها ووضعها الذي تستحقه فهي من أفضل المجلات التراثية . ونحن استفدنا كثيرا من هؤلاء الأخوة الباحثين ومنهم مخاطبنا الآن .